نقطة جديدة سجلها الرئيس المدير العام لهيئة أوجيرو المدير العام للاستثمار والصيانة في وزارة الاتصالات الدكتور عبد المنعم يوسف في قطاع الاتصالات لمصلحة الدولة اللبنانية، بعد الكتاب الذي وجهه وزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال نقولا صحناوي اليه طالباً تأمين خطوط دولية E1 لشركتي الخلوي مباشرة ومن دون وسيط. وهو الأمر الذي كان يوسف طلبه على مدى سنتين لأنه يدر على الخزينة اللبنانية مبالغ تقدر بملايين الدولارات، باعتبار أن شركات الانترنت كانت تستلم الخط من الدولة بـ400 دولار شهرياً وتبيعه بـ850 دولاراً، محققة أرباحاً كبيرة ومخالفة شروط التراخيص الممنوحة لها.
وفي مطالعة ليوسف حول الأطر القانونية والتنظيمية التي يجب اتباعها لتأجير السعات الدولية للشركات العاملة في قطاع الاتصالات يذكر ما يلي:
بعدما تبين أن شركات مقدمي خدمات الانترنت تتقدم الى وزارة الاتصالات بطلبات لاستئجار خطوط E1 دولية بهدف إعادة تأجيرها لشركتي الخلوي المملوكتين من الدولة اللبنانية،
وكون مجرد تأمين هذه الطلبات لشركات مقدمي خدمات الانترنت يؤمن لها الربح الوفير من دون وجود أكلاف حقيقية ومن دون تقديم خدمة إضافية، بل فقط تقوم هذه الشركات بعملية وساطة بين الدولة اللبنانية ممثلة بوزارة الاتصالات من جهة والدولة اللبنانية ممثلة بشركتي الخلوي من جهة أخرى. فالأرباح التي تحققها الشركات من هذه الأعمال هي أشبه بعمولة أو كوميسون من تطبيق عملية الوساطة هذه،
ولكون شركات مقدمي خدمات الانترنت تسعى بشتى الطرق لتحقيق طلباتها هذه، بما في ذلك إتّباع أسلوب الضغط Lobbying تجاه المسؤولين في لبنان، وعلى أعلى المستويات، وتسويق طلباتها على أنها لخدمة وتطور سوق الاتصالات اللبناني، والادعاء أن عدم تلبية هذه الطلبات سوف يؤدي حكماً الى تراجع لبنان في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات،
ولكون قانون تنظيم قطاع الاتصالات رقم 431/2002 تمّ توقيف العمل بموجبه من قبل وزراء الاتصالات المتعاقبين في السنوات الأربع الأخيرة (الوزراء السادة جبران باسيل وشربل نحاس ونقولا صحناوي) وذلك خلافاً لإرادة المشّرِع اللبناني،
ولكون الطلبات المشار اليها لشركات مقدمي خدمات الانترنت تخالف جميع الأصول والقوانين والمراسيم والقرارات المرعية الإجراء كما سنبين أدناه،
لا بد في البداية من الإشارة الى أن تخلّي وزارة الاتصالات عن صلاحياتها للقطاع الخاص والتنازل عن بيع الخدمات مباشرةً من وزارة الاتصالات الى شركتي الخلوي ليصار الى بيع هذه الخدمات من قبل فريق ثالث الى شركتي الخلوي، وإدخال وسيط يتقاضى عمولة من جراء بيع وزارة الاتصالات نفسها لنفسها خدمة ما، ذلك سوف يؤدي حكماً الى نقل الاحتكار من القطاع العام الى القطاع الخاص لغياب الإطار التنظيمي وتعطيله، وتصبح شركات مقدمي خدمات الانترنت في موقع استغلالي احتكاري فاضح يسيطر على موارد أساسية للدولة اللبنانية ويستغلها في عملية تجارية صورية يزيد من خلالها أكلاف الخدمات على المستهلك اللبناني من دون تقديم أي خدمة فعلية أو قيمة مضافة على الخدمة التي تقدمها وزارة الاتصالات مباشرةً. وهنا لا بد من التذكير، بأن جميع الدول التي اعتمدت تحرير قطاع الاتصالات اعتمدت بالتزامن مع ذلك إلزامية تنظيم القطاع. إذ وفقاً للمعايير المعتمدة دولياً، إن أي تحرير لخدمات الاتصالات أو نقل بعض هذه الخدمات الى القطاع الخاص من دون وجود إطار تنظيمي فاعل سوف يؤدي حكماً إلى انتقال الاحتكار من القطاع العام إلى القطاع الخاص لغياب الأطر الضابطة للمنافسة الحقيقية والرقابة على التعرفات والأسعار المرتكزة على الكلفة الصحيحة والرقابة الفاعلة لجودة الخدمات وغيرها من الأمور التنظيمية.
قد يبدو للمراقب هنا، أن تعطيل العمل بالقانون التنظيمي لقطاع الاتصالات، القانون رقم 431/2002، وتعطيل عمل الهيئة المنظمة للاتصالات هو عمل مقصود وعن سابق تصور وتصميم بهدف نقل خدمات الاتصالات من القطاع العام الى القطاع الخاص بطرق ملتوية ومواربة ومجزأة ومتتالية بغياب أي رقابة حقيقية وغياب أي تنظيم فاعل مما يؤدي الى استغلال المستهلك اللبناني وموارد الدولة على حد سواء وتحقيق أرباح طائلة من دون وجه شرعي لبعض القطاع الخاص صاحب الحظوة بعيداً من الشفافية والقوانين والأنظمة والأصول المتبعة على الصعيدين المحلي والدولي في هذا الموضوع.
أما لجهة المخالفات التي سوف تنجم في حال تحقيق طلبات شركات مقدمي خدمات الانترنت فهي:
مخالفة المرسومين الاشتراعيين رقم 126 ورقم 127 الصادرين في 12/06/1959 واللذين ينصان على حصرية خدمة الاتصالات الدولية بوزارة الاتصالات دون لحظ أي امكانية لإجراء عمليات إعادة بيع من قبل القطاع الخاص لخدمات تقدمها وزارة الاتصالات. بالتالي إن تحقيق طلبات شركات مقدمي خدمات الانترنت لجهة إعادة تأجير الخطوط الدولية لشركتي الخلوي هو نوع من أنواع الخصخصة لخدمة حصرية تقدمها وزارة الاتصالات مما يعتبر مخالفة صريحة وواضحة لأحكام الدستور اللبناني ولا سيما المادة 89 منه والتي تنص حرفياً على ما يلي: لا يجوز منح أي التزام أو امتياز لاستغلال مورد من موارد ثروة البلاد الطبيعية أو مصلحة ذات منفعة عامة أو أي احتكار إلا بموجب قانون وإلى زمن محدود.
إذاً، وفي حال اعتبار قانون الاتصالات رقم 431/2002 قانوناً غير نافذ، يستوجب ذلك إصدار قانون جديد عن المجلس النيابي لتلبية طلب شركات مقدمي خدمات الانترنت وإلا يعتبر ذلك مخالفة دستورية جسيمة كما سبق وأشرنا أعلاه، كون هذه الخدمة هي احتكار أو خدمة حصرية تقدّمها الدولة اللبنانية ممثلة بوزارة الاتصالات. أما في حال اعتبار قانون الاتصالات نافذاً، فيتوجب صدور ترخيص عن الهيئة المنظمة للاتصالات بموجب المادة 19 من القانون لتقديم خدمة الخطوط التأجيرية من قبل القطاع الخاص.
مخالفة جميع القرارات الصادرة عن وزير الاتصالات نقولا صحناوي والتي يخصص بموجبها شركات الانترنت سعات دولية و/أو محلية، كون الوزير قد حدد في قراراته هذه أصول استخدام هذه السعات وكلّف المديرية العامة للاستثمار والصيانة ما حرفيته أعمال الرقابة المستمرة على طريقة استعمال هذه السعات وتوافقها مع الأنظمة وشروط الترخيص والتعهد وذلك بهدف التحقق من تنفيذ الشركة الشروط المطلوبة، كما تتولى اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير اللازمة في حال تبين أنها استخدمت هذه السعات أو جزءاً منها لتوفير خدمات غير مرخص بها. (القرار رقم 380/1 الصادر عن وزير الاتصالات في 06/06/2013 والقاضي بزيادة سعة شبكة GDS-DSP). كما حدّد الوزير في المادة الثانية من قراراته لسعات الخطوط الدولية شروطاً وموانع الاستعمال لهذه السعات وهي محدّدة حرفياً بما يلي: لا يحق للشركة، ما لم تستحصل على الترخيص المسبق اللازم من الجهة الصالحة: بيع أية خدمة تؤمنها الوزارة... أو بيع هذه السعات الدولية أو جزء منها الى أي موزعي خدمات الانترنت أو خدمات أخرى أو بيع هذه السعات واستثمارها بغير غايتها المخصصة لأصلها وهي بيع خدمات الانترنت المخصصة للأفراد. كذلك حدد الوزير في المادة الثالثة من قراراته هذه ما حرفيته: لقد تم تخصيص كامل هذه السعات الدولية، لتستعمل بشكل كامل ومتكامل ومن دون تجزئة من قبل الشركة بهدف تأمين توزيع وبيع خدمات الانترنت لمشتركيها الانتهائيين فقط End Users المتعاملين معها مباشرة من دون غيرها، والمستفيدين من اشتراكات هاتفية ثابتة على الشبكة الهاتفية الثابتة، ولا يحق للشركة استعمال أو بيع هذه السعات أو جزء منها لأي شركة أخرى لتوزيع وبيع خدمات الانترنت أو أية شركة اتصالات أو أي مشغل اتصالات محلي أو دولي أو أية جهة أخرى، ولا يحق لها أن تضع هذه السعات أو جزءاً منه لا بشكل تجاري ولا بشكل مجاني، بتصرف أية شركة أخرى لتوزيع وبيع خدمات الانترنت أو أي مشغل اتصالات محلي أو دولي أو أية جهة أخرى. وتلتزم الشركة وتتعهد أن يكون المستفيد الوحيد من هذه السعات هو المشترك النهائي End User المتعامل معها بموجب اشتراك خطي مسجل لديها بحسب الأصول. إن عدم احترام الشركة لوجهة استعمال السعات الدولية المخصصة لها بموجب هذا القرار، كلياً أو جزئياً، بشكل متكامل أو على سبيل التجزئة، تجارياً أو مجانياً، والمحددة في الشروط أعلاه، يؤدي فوراً الى إلغاء قرار التخصيص هذا من دون أي تعويض مادي على الشركة. انتهى. هذا فضلاً عن مسؤولية المديرية العامة للاستثمار والصيانة والوحدات التابعة لها بمراقبة تنفيذ وقانونية استعمال هذه الخطوط كما ورد في قرارات الوزير ولا سيما في المادة الثامنة من هذه القرارات والتي تنص على إخضاع شروط استخدام هذه الخطوط لأحكام المرسوم رقم 377 تاريخ 15/09/1989، هذا المرسوم الذي ينص في المادة الأولى منه أن الإدارة المولجة تطبيقه هي المديرية العامة للاستثمار والصيانة في وزارة الاتصالات. (قرار الوزير رقم 1085/1، تاريخ 26/12/2012 القاضي بتخصيص سعات دولية لشركة IDM).
مخالفة التعاميم والتراخيص الصادرة عن الهيئة المنظمة للاتصالات في هذا الموضوع، ولا سيما التعميم رقم 2/2009، تاريخ 30/03/2009 والقاضي بوجوب تقيد جميع مقدمي خدمات الاتصالات المرخص لهم بنقل معلومات بعدم وصل أي مشترك جديد قبل التأكد بأن المشترك يستعمل الاتصالات لحاجاته الخاصة وليس لبيع أي خدمة لطرف ثالث إلا اذا كان مرخصاً له بذلك. كذلك مخالفة قرارات الهيئة المنظمة للاتصالات لجهة منح التراخيص لشركات مقدمي خدمات الانترنت. (قرارات الهيئة وعددها 21 قراراً بالترخيص للشركات من القرار رقم 5/2008 تاريخ 19/06/2008، الى القرار رقم 25/2008 تاريخ 19/06/2008).
مخالفة عقدي الخلوي القائمين لتشغيل وإدارة شركتي الخلوي MIC1 وMIC2 المملوكتين من الدولة اللبنانية، لأن العقدين ينصان صراحةً أن الدولة اللبنانية تتعامل مع الشركتين المتعاقدتين أوراسكوم وزين بطريقة تفاضلية وتسمح لهما باستعمال موارد الوزارة بصورة مجانية لأن الشبكتين مملوكتان من الدولة اللبنانية. (المادة 10 من عقدي الإدارة الموقعين بين الدولة اللبنانية ممثلة بوزارة الاتصالات وشركتي الخلوي). فكيف يمكن لشركتي الخلوي استخدام مواقع الوزارة وأبنية الوزارة لوضع سنترالات ومحطات شبكتي الخلوي واستخدام شبكة الوزارة المحلية لربط محطات شبكتي الخلوي، إضافةً الى أن نقاط الترابط المختلفة لشبكتي الخلوي تقع ضمن مباني الوزارة، كيف يتم كل ذلك ضمن وزارة الاتصالات وحين يتعلّق الأمر بالسعات الدولية تمتنع شركتا الخلوي عن استئجارها من وزارة الاتصالات مباشرةً؟
يتبين من خلال ما تقدم أنه لا يجوز إطلاقاً قيام شركات مقدمي خدمات الانترنت بتأجير شركتي الخلوي سعات دولية. وعليه، نرى ضرورة إبلاغ شركتي الخلوي التعاون التام والمباشر مع الإدارة ممثلةً بالمديرية العامة للاستثمار والصيانة كما ينص عليه المرسوم رقم 377/1989 في موضوع الخطوط التأجيرية والسعات الدولية ليصار إلى تأمين حاجة شركتي الخلوي في هذا الخصوص بالسرعة اللازمة. (جواب المديرية العامة للاستثمار والصيانة رقم 7952/أص تاريخ 22/05/2013 رداً على إحالة معالي وزير الاتصالات 4509/1/و تاريخ 21/05/2013). إضافة الى ضرورة تجاوب شركات مقدمي خدمات الانترنت مع توجيهات الإدارة ممثلةً بالمديرية العامة للاستثمار والصيانة والإجابة على جميع المراسلات الصادرة عن المديرية العامة في هذا الخصوص تطبيقاً للأصول والقوانين المرعية الإجراء.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.