نشطت القوى السياسية التابعة لـ8 آذار في وضع شروطها التعجيزية أمام تأليف الحكومة، وهي كما سبق وسرّبت للإعلام عن عدم قبولها بأقل من تسع حقائب لقواها مجتمعة من التيار الوطني الحرّ الى حزب الله وحركة أمل والسوري القومي الاجتماعي والبعث والحزب الديمقراطي اللبناني، منطلقة بذلك من حجم تمثيلها النيابي، في سابقة لم يشهدها لبنان منذ أيام وضع الدستور اللبناني وقيام الجمهورية اللبنانية.
ولكن المعركة ستبدأ، بحسب مصدر سياسي متابع، في مرحلة توزيع الحقائب، لأن قوى 8 آذار تسعى الى الفوز بوزارات تساهم في دعم رؤيتها الاستراتيجية المستقبلية. وليس شرطاً أن تكون من الحقائب الأساسية أو ما يُعرف بالحقائب السيادية، وأنها ستركز صراعها على محوري الطاقة والاتصالات في مناورة للفوز بالأولى على حساب الثانية لاعتبارات استراتيجية وسياسية خاصة.
ولوحظ أن هذه القوى تضع في أولوياتها المطالبة بتسلم الطاقة والاتصالات اللتين تخدمان خطتها الاستراتيجية السياسية، ولم تعد متحمسة لخوض معارك لتسلم حقائب أخرى لأنها ستكون من حصتها في عملية التوزيع الطائفي.
وفي توصيف لمصدر سياسي بارز عن واقع الحقائب ووزاراتها، يرى أن وزارة المال مثلاً لم تعد الشهد الذي يسعى إليه كل راغب في التوزير، بعدما أنهكها واقع الصراعات والحروب من أجلها في المراحل السابقة، وهي دخلت التاريخ عبر الإبراء والافتراء، مروراً بـالخارجية التي قارب وزيرها أن يحترق بنار السياسة نتيجة المواقف التي يطلقها في دعم النظام السوري عبر المحافل العربية والدولية، وبالتالي سعي الجميع الى تجنب الإحراجات الناجمة عن المواقف الدولية، خصوصاً بعد الرسائل السورية برفض سياسة النأي بالنفس. أما الداخلية التي لا تُحسد على واقعها، حيث لا تستطيع أجهزتها إزالة مخالفة في حي السلم مثلاً، بل تركّز على مناطق أخرى كوادي نحلة في البداوي والشمال، ما ولّد لدى اللبنانيين جميعاً أن نظرتها للأمور تكون بعين واحدة، والقانون يطبق جزئياً. وكذلك حال الزراعة والصناعة في الشكاوى المتواصلة من أهل القطاع عبر صعوبة التصريف والتصدير وعدم التطوير، وصولاً الى السياحة المعدومة نتيجة الأوضاع في لبنان وسوريا. أما وزارة الإعلام فحدّث ولا حرج لا سيما مع سعي فاشل لمجلس المرئي والمسموع الاستحصال على قروض مصرفية نتيجة تعثرات وإخفاقات، بعدما رفضت المصارف إقراضه لعدم ثقتها بإمكانية السداد، وصولاً الى وزارة الأشغال التي أضحت عرضة للمشاكل، وما كلام الصحف عن صفقات وقبلها إقالات إلا الدليل الكافي، وانتهاء بوزارة العمل التي تكدست في أدراجها دعاوى العمال ضد أرباب العمل على الصرف التعسفي وغيره، وما استنهاض مستخدمي القطاع الخاص وموظفي القطاع العام في ثورة مطالب إلا صورة عن الواقع الحقيقي لصعوبة ملفات هذه الوزارة.
وفي خضم هذه المعمعة تستعد قوى 8 آذار وعلى رأسها التيار العوني وحزب الله للبدء بمناورة مع الرئيس المكلف من خلال إصرارهم على إبقاء حقيبتي الطاقة والاتصالات ضمن حصة فريقهما السياسي، في عملية شد حبال قوية لإحراجه، خصوصاً أن الجميع يعلم علم اليقين أن قوى 14 آذار لن تقبل بتكرار وضعية توزيع الحقائب على النحو الذي هي عليه اليوم، خصوصاً بعد متابعتها لسير أعمال هاتين الوزارتين تحديداً، وما كشفته على لسان نوابها ومسؤوليها في بيانات وتصاريح ومؤتمرات صحافية عن سياسة كيدية وصفقات واسعة في كليهما.
وفي رأي سياسي متابع أن قوى 8 آذار ستطالب بالحقيبتين المذكورتين للفوز بحقيبة واحدة منهما على أقل تقدير، بعدما استكملت كل ملفاتها المتعلقة بوزارة الاتصالات، وهي ستصر على إبقاء الطاقة في حوزتها، وهو ما أشارت إليه عبر تسريباتها الأسبوع الماضي عن أنها مستعدة للتنازل عن حقيبة والإبقاء على أخرى من هاتين الوزارتين المركزيتين، لقطف ثمار ما سينتج عن ملف النفط الذي يتهافت عليه المسؤولون حتى في داخل أفرقائها للفوز بجنة نعيمه، أو لخدمة مصالحه السياسية والاستراتيجية.
ويعزو المصدر سبب هذه المناورة الى أن قوى 8 آذار حققت غاياتها المرجوة من وزارة الاتصالات عبر تأمين شبكة حزب الله الخاصة، واستكمال البنية التحتية لهذه الشبكة التي تُعد جزءاً من المنظومة الدفاعية المتطورة في سلاح الإشارة، الى غيرها من أمور الداتا والمعلوماتية والانترنت المتصلة بالشبكة الدولية. فضلاً عن الريع المالي الذي تحقق من خلال سلسلة التراخيص التي منحها وزراء التيار لشركات تابعة للحزب ولقريبين منهم على مدى السنوات الخمس الماضية والتي من شأنها أن تحقق السيولة العالية من خلال الشبكتين الثابتة والخلوية.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.