توقفت الأوساط السياسية والنقابية عند الانتصار الكبير الذي حقّقه تحالف 14 آذار والحزب التقدمي الاشتراكي في الانتخابات الفرعية لمجلسي النقابتين في بيروت والشمال بكثير من الاهتمام.
وفي قراءة أولية لنتائج هذه الانتخابات رأت مصادر في نقابة المهندسين في بيروت أن تغييرات عدة حدثت في الانتخابات الأخيرة وجب التوقف عندها لما لها من أهمية على الصعد السياسية والمهنية، إذ إن هذا الاستحقاق دل على مدى التشرذم داخل قوى الثامن من آذار، رغم مضي أكثر من 8 سنوات على تحالفهم. فبيّنت النتائج أن الصراع على أوجه بين مرشحي البيت الواحد.
ففي تسلسل أحداث الانتخابات تبين أن القوى الهندسية التابعة لـ8 آذار كانت مؤهلة للفوز بمقعد في مجلس النقابة عن الفرع الثالث، وهذا المقعد كان من المقرر ان يشغله مرشح حركة أمل حسين مشيك الذي نال (1521 صوتاً), لكن الخلاف الذي نشأ بين أطراف قوى 8 آذار وعدم التفاعل مع التحالفات، استدعت تصويت حزب الله والتيار العوني لمرشح حزب الله طالب الفقيه الذي نال 1815 صوتا، وفاز في الفرع الثالث، ويعزو مسؤولو الحزب السبب إلى أن لا مرشح لهم في مجلس النقابة بعد خروج أمين السر علي حطيط الذي كان آخر الممثلين للحزب في مجلس نقابة المهندسين في بيروت، الأمر الذي انعكس سلباً بين الطرفين، ويؤكد البعض أن ذلك قد ينسحب على استحقاقات أخرى خصوصاً بين حركة أمل والتيار العوني. والبعض الآخر رأى في هذا الخلاف اسقاط نقابي للتباين السياسي الاخير في العلاقات فيما بين افرقاء 8 آذار.
أما ما توقف عنده المسؤولون في النقابة وخارجها والمراقبون السياسيون، هو حجم فارق الأصوات بين 14 و8 آذار، إذ كان النجاح السنة الماضية لمصلحة 14 آذار بفارق خمسة أصوات بين مرشحة تيار المستقبل و14 آذار جاهدة عيتاني وبين شوقي الحاج مرشح 8 آذار عن الفرع السادس ( موظفي القطاع العام)، وكانت نسبة التصويت متقاربة جداً، إن لم تكن هي عينها. أما فارق نتائج الانتخابات الأخيرة فكان 527 صوتاً بين مرشح 14 آذار بيار جعارة ومرشح 8 آذار والتيار العوني جورج أسطا. و300 صوت بين مرشحي 14 آذار عن الهيئة العامة ومرشحي 8 آذار. فمن أين أتت هذه الأصوات؟
مصدر في ماكينة نقابة المهندسين المركزية قال: لـالمستقبل إن الأصوات الشيعية عكست التحولات هذه المرة، ذلك أن الأصوات المسيحية والدرزية بقيت على ما هي عليه تقريباً، إذ اقترع مسيحياً السنة الماضية 3500 مهندس وهذه السنة 3800. واقترع السنة الماضية وهذه السنة 450 مهندس تقريبا، من دون فوارق تذكر في التصويت.
أما على الصعيد السني فقد اقترع السنة الماضية 3100 مهندس أما هذه السنة فتراجع الى 3001 فقط، أي بفارق لا يذكر. هذا بالإضافة إلى أن الجماعة الإسلامية لم تكن من ضمن تحالف 14آذار، وصوتت لمرشحها محمود إسماعيل مستقلاً، تماما كما فعلت المقاصد الإسلامية التي دعمت المرشح مروان شعبان ولم يصوّت مقترعوها لمصلحة 14 آذار. وانفرد الحزب الشيوعي بالتصويت لمصلحة مرشحه فقط كما في العام الماضي، فيما كان مقترعو الحزب التقدمي الاشتراكي مع تحالف 14 آذار كما العام الماضي من دون تغيير يذكر في عدد الأصوات. هذا يؤكد ان تيار المستقبل لا يزال يحظى بدعم شبه كامل من الصوت السني. كذلك يؤكد أن التصويت الشيعي لم يأت كالمرات السابقة لمصلحة حركة أمل وحزب الله، بل انقسم بين الطرفين إذ إن هناك شيئاً ما يحدث في القاعدة التي يتّكل عليها الطرفان، وهناك تحرّر وتفلّت من الثنائية الشيعية يصل الى حدود لل 20%، ذهب جزء منهم الى المرشح الشيوعي الآخر على لائحة 14 آذار. وهو ما بدأت تشهده نقابات المهن الحرة في لبنان على اختلافها وخصوصا نقابتي الاطباء والمحامين.
كما واصبح واضحا الآن ان نسبة مقدرة من التصويت الشيعي بدأ يتفلت من الثنائية الشيعية وهو ينتظر ان يشعر بالتماهي مع قوى 14 آذار اذا احسنت هذه القوى الوصول اليه.
وختم المصدر أن هذه المحطة لها دلالاتها السياسية والمهنية على حد سواء، إذ إن حجم التصويت الذي جاوز 9 آلاف و900 مهندس هو حجم كبير لمعركة فرعية، ما يدل على أن الجسم الهندسي بكل أطيافه أراد التغيير، بعد البلاء السيء الذي حظيت به النقابة على مدى السنتين المنصرمتين، فضلاً عن أن حالة التغيير تعطي دفعاً مباشراً للعمل النقابي الهندسي في إطار ديناميكية جديدة، تؤثر على الأداء القائم وتحسن من وضعه وترفع من مستواه.
ولا تخفي الأوساط أن المؤشر البارز الذي بان في نتائج انتخابات مجلسي نقابتي المهندسين في بيروت والشمال، هو التأسيس لمرحلة الانتخابات النيابية المقبلة، بعدما صب ثلثا الجسم الهندسي لمصلحة قوى 14 آذار والثلث المتبقي لبقية القوى، ما يعني أن المزاج الشعبي اللبناني لا ينفك في تأييد المسلمات الأساسية لقوى 14 آذار، كما تعكس النتيجة المزاج الحقيقي لتوجّهات اللبنانيين لكون 14 آذار تمثّل القناعات الأساسية لهذه القوى، وهو ما يؤشر إيجاباً للانتخابات النيابية المقبلة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.