ما الذي بقي في جعبة اللبنانيين الميثاقية حتى يتم اللجوء في نهاية المطاف الى مشروع الفرزلي كبديل عن كل ما يطرح من قوانين انتخابية للذهاب الى الانتخابات، والتوافق على عدم تأجيلها، والخروج من دائرة التداعيات التي قد يفرزها الاختلاف المتواصل على تظهير قانون ينال الموافقة الاوسع، ويحظى بأصوات تقود الى اجراء الانتخابات وفق المواعيد الدستورية؟
الذي بقي حسب مرجع اسلامي شيعي هو الادبيات السياسية والاخلاقية الميثاقية التي تمنع او ينبغي ان تمنع لجوء اللبنانيين الى هذا الخيار الذي تنتخب فيه كل طائفة ممثليها في المجلس النيابي او ان ينتخب المسيحيون ممثليهم والمسلمون ممثليهم. بعيدا عن قراءة النتائج المدمرة على المستوى الوطني، او عن قراءة المشهد العام في المنطقة.
وفي رأي المرجع ان اللجوء الى الخيار الآنف الذكر قد يعني منذ البداية أن كل ما تتحدث به الطبقة السياسية عن وحدة وطنية وتعايش، وعن وحدة على اساس القيم الدينية التي تؤكدها المسيحية كما يؤكد عليها الاسلام، قد ذهبت ادراج الرياح. وأن على اللبنانيين استحضار خطاب آخر، يفوق كل ما يتم التداول به في هذه الايام من خطابات متشنجة يختلط فيها السياسي بالطائفي والمذهبي... مع العلم بأن الطبقات المسحوقة والاكثريات الشعبية من هنا وهناك لا يتم الاستماع الى رأيها في هذه المعمعة الانتخابية، ويعرف المعنيون بأن رأيها هو مع الوحدة وكل ما يجمع وليس مع التمزق او ما يفرق.
ويخشى المرجع من ان يقود هذا الخيار في حال تم اعتماده الى مخاطر اخرى على المستوى الوطني وخصوصا بين الطائفتين الكبيرتين السنية والشيعية. حيث قد يأتي في فترات لاحقة من يقول تعالوا لاعتماد قانون آخر يأخذ بالحسبان المسألة المذهبية في الدائرة الاسلامية، ما يقد يمثل ضربة للوحدة الاسلامية وكل دعاتها وكل الطروحات التي رأى فيها رموز هذه الوحدة بأن لبنان ينبغي ان يكون نموذجا لها وأن يصدر الوحدة الاسلامية الى المنطقة، لا ان يكون مصدر تثقيف مذهبي قاتل لها، وهذا ما كان يراه المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله.
وفي جانب آخر ترى مصادر شيعية اخرى أن ثمة خشية حقيقية من أن يتماشى مشروع اللقاء الارثوذكسي مع أوضاع خطيرة تطل على المنطقة ومنها التداعيات المذهبية في سوريا والعراق، والحديث عن التقسيم لهذه الدولة او تلك على اسس مذهبية وعرقية..حتى وان لم يلتفت اصحابه لذلك.
هذه يعني بحسب المصادر ان المشروع سوف يلتقي بطريقة واخرى مع بعض المشاريع الدولية الساعية الى تجزئة المجزّأ وتقسيم المقسّم اكثر، وقد يخدم مصلحة اسرائيل التي تطالب في هذه الايام الفلسطينيين بالاعتراف بها كدولة يهودية نقية حتى تقبل التفاوض مع السلطة الفلسطينية.
وترى المصادر في موافقة كل الذين يطرحون في خطابهم الوحدة الوطنية والوحدة الاسلامية على هكذا مشروع انتخابي تناقضاً خطيراً، ونسفا للاسس التي اعتمدوها سابقا لحماية بلدانهم وخصوصا لبنان من خلال حماية الوحدة الوطنية ولا سيما في هذه المرحلة التي تتصاعد فيها دعوات التفرقة وخطابات التمذهب في المنطقة.
يبقى في جعبة اللبنانيين حسب المرجع الشيعي أن تتداعى الشخصيات الحريصة على الوحدة، وطائفة العقلاء التي تمثل كل الطوائف، لعقد مؤتمر وطني يخلص الى تقديم رؤية حقيقية مبنية على التزام كامل بعناوين غير قابلة للسقوط والتداعي، وتكون هذه الرؤية هي المحفز للسياسيين حتى يلجأوا الى ركن وثيق في كل ما يتصل بالمرحلة المقبلة التي يختلط فيها الانتخابي بالسياسي. والتي يتم اللجوء فيها الى خيارات انتخابية على قاعدة تقاسم الجبنة لا وفق قواعد بناء الوطن ... فهل يكون اللجوء الى هكذا خطوة هو الحل لهذه العقدة التي عجزت عن معالجتها حكومات سابقة ولاحقة؟ وبقيت الدوامة التي تلاحق اللبنانيين قبل كل انتخابات وعند كل المنعطفات.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.