8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

سركيس لـ المستقبل: بدأنا نجني نتائج الإهمال

في معرض تعليقه على المرسوم السلامة العامة الذي اطلقه نائب رئيس الحكومة سمير مقبل ووزير النقل والاشغال العامة غازي العريضي، اكد رئيس الجمعية اللبنانية للتخفيف من اخطار الزلازل، المهندس راشد سركيس ان السلامة العامة تستحق من المشرع ان يصدرها بقانون في مجلس النواب ويلحق بها مراسيم تطبيقية تبدأ من السلامة في الابنية في مقاومة الزلازل والحماية من الحريق، مرورا بحماية نوعية لذوي الاحتياجات الخاصة، وسلامة المرور، والسلامة على الطرق، وسلامة المصاعد ومستخدميها، والاماكن العامة (خدمات مكتظة)، مرورا باستخدامات الكهرباء والمآخذ، والارصفة بما تتضمنه من منشآت، الشرفات والزجاج على الواجهات، وسلامة السيارات، وقطاع المصانع، وصولا الى كافة الانشاءات في طور التنفيذ، والى آخر السلسلة التي تزداد يوما فيوم مع التطور العلمي والتقني السريع... وهذه الطريقة تنتج حتما نصوصا اكثر انسجاما وتكاملا يمكن تطويرها ان هي ارتكزت على قانون عصري حقيقي يحتضن موضوع السلامة العامة بكل مكوناتها، الا ان العمل بقي خجولا بعض الشيء في ما آلت اليه الامور.
اضاف: بعد ان عالجت الدولة الامور عن طريق نصوص وردت مرتين قبل 1997 دون ان يتقيد بها احد، بل تفلت الجميع منها، وبدأنا نجني نتائج هذا الاهمال والهروب الى الامام فضائح وكوارث مبطنة بستار خارجي، قد يبدو سليما وهو مملوء بالاخطار على السلامة العامة نفسها. فبعد ان مر على انتهاء الحروب المختلفة اكثر من خمس عشرة سنة دون ان يكون في لبنان اي ضابط في موضوع السلامة العامة في الابنية، لا بد من كلمة مسؤولة في هذا السياق. واوضح ان هذا التخطي للانظمة توالى حتى مع صدور مرسوم السلامة العامة رقم 14293 في آذار 2005 وكأن الناس ليس لها قيمة البتة في نظر البعض ولا سيما منهم بعض المعنيين بقطاع البناء الذين يعتبرون عملهم تجاريا بحت. وهو امر ليس صحيحا على الاطلاق، وما كلام وزير الاشغال العامة والنقل غازي العريضي في افتتاح مؤتمر الاستدامة في قانون البناء في نقابة المهندسين في بيروت بداية الاسبوع الماضي الا برهان دامغ على خطر هذا التعاطي المسيء والمؤلم حيث كشف ان هناك مدرسة نفذت منذ مدة قريبة (أقل من عشر سنوات) اضحت غير صالحة للاستخدام الآن، والوزارة تهتم لايجاد مكان تستأجره لاستبدال هذا المبنى موقتا ريثما يتم هدمه لاعادة بنائه على الاسس والقواعد السليمة.
وهنا لا بد من الوقوف امام مشهد اوراقه مكشوفة ويمكن تطبيق المحاسبة فيه بكل دقة، ويجب متابعته حتى النهاية، ولو انه ليس الوحيد. وهكذا لا بد من محاسبة عريضة لكل مسؤول عن هذا التساهل في المال العام وحياة الناس والطلاب بالاخص.
وللتذكير، فان اياما قليلة تفصلنا عن الذكرى السنوية الاولى لسقوط مبنى فسوح في الاشرفية، دون اي زلزال، ولم تنته حتى اليوم فصوله ومعالجة ذيوله، فكم بالحري سيكون هول الكارثة اذا ما ضرب لبنان زلزال ومن سيستطيع الوقوف امام هذا الحجم من الهول الذي لم يتحضر له اي جهاز على الارض اللبنانية.
ويتابع: ان هذه الحال من عدم احترام القوانين والمراسيم التابعة لها، بسبب تعقيداتها من جهة، وعدم المحاسبة من جهة اخرى، دفعت نقابة المهندسين في بيروت في مرحلة سابقة الى تأليف لجنة عمل مهني تعنى حصرا بموضوع السلامة العامة فقامت بوضع الاصبع على الجرح، وعالجت النصوص التي وردت في المرسوم 14293 وشرحته وعالجت كافة التعقيدات والمواد التي تعطل حركته، وواكب هذا العمل من جهة ثانية التفاتة جدية من قبل الحكومة فشكلت لجنة خاصة لموضوع السلامة العامة. فكان التقاء المبادرتين منتجا لمرسوم جديد شكل فيه رأي نقابة المهندسين (حينها) الحجر الاساس ولا سيما في كل مفاصله العلمية والفنية والتقنية، كلله الجهد الذي تبوأه دولة نائب رئيس مجلس الوزراء فصدر المرسوم 7964 لكي يحدد مهمتين اساسيتين في السلامة العامة وتخصيص مقاومة الزلازل والحماية من الحريق بالحيز الكافي لهما، على ان يصار لاحقا الى اصدار مرسوم آخر في موضوع المصاعد تحديدا.
وفي هذا الاطار، اوضح سركيس ان العمل يختلف هذه المرة، فقد تمت تسمية لجنة الاعتماد التي ترعى مكاتب التدقيق الفني بدءا من الاعتماد مرورا بالمتابعة وصولا الى اتخاذ التدابير في حال المخالفة، واخذت باطلاق عملها .وكانت النتائج الاولى اعتماد مكتبين للتدقيق الفني في لبنان من الدرجة الاولى، في حين يتم العمل حاليا على وضع روزنامة العمل لتحديد ساعة الصفر للبدء بالتنفيذ والتقيد بمضمون هذا المرسوم الذي يضع اول مدماك في عالم السلامة العامة في لبنان بشكل ملزم وجدي يؤسس لمرحلة اخرى في الترتيبات والتصنيفات التي تتوالى حتى بلوغ يوم نطمئن فيه الى ان البناء في لبنان ينضبط تحت مواصفات نوعية تؤمن استقرارا اجتماعيا واقتصاديا هاما بعيدا عن كل هدر في مجال التهاون والتساهل والبناء العشوائي.
وقال اما ان تفتخر الحكومة بهذا الانجاز فهو امر يدعو للتأكيد ان التشريع المشغول على يد مهندسين من اصحاب الاختصاص يجعل للعمل ثمرا مختلفا لانه يرتكز على النواحي العلمية والتقنية للموضوع دون مسايرة احد، وبالتالي تأتي النتائج واضحة وصريحة في اتجاه الخير العام ليس الا.
اضاف اما بالعودة الى المرسوم السابق ذي الرقم 14293/2005 والمتعلق بالسلامة العامة فقد بدأ العمل الجدي فيه منذ صدوره، وبالتالي لا يمكن تغافل المسؤوليات السابقة التي نتجت منذ العام 2005 على كل من بنى او شيد دون احترام مضمونه، مما يرتب مسؤولية كبيرة على الحكومات المتتالية فرض ما يجب، لان كل بناء شيد منذ صدور المرسوم المذكور آنفا ملزم بتطبيق شروط السلامة العامة اقامت الدولة بواجباتها في استكمال عناصر المرسوم او لم تقم، وبالتالي يتهم المعنيون به بمخالفة الاصول الى ان يبينوا العكس.
واشار الى ان المهندس الذي يعرف الاسس السليمة للعمل، والذي يمر امام الورش في كل انحاء البلاد، هو الذي يعرف جيدا مستوى الاداء ونسبة التطبيق التي حصلت والالتزام بالنص خلال 7 سنوات من نفاد المرسوم حيث تم بناء اكثر من مئة مليون متر مربع لم يتم التدقيق الا في نسبة ضئيلة جدا قد لا تتخطى 10 في المئة. وعليه فان الواقع العمراني هذا يشكل مسؤولية كبيرة على الدولة تلقفها ومعالجتها بشكل موضوعي واساسي تلافيا لوقوع كارثة وطنية في حال وقوع اي زلزال في البلاد. ومن هذا المنظار لا بد من تحميل مسؤولية كبيرة الى الدولة بكل مكوناتها والحكومة بشكل خاص ووزارة الاشغال العامة والنقل بشكل اكثر تحديدا للقيام بمهمة عاجلة وطارئة وتكليف مهندسين استشاريين متخصصين للكشف على المدارس الرسمية والخاصة واخراج جداول كاملة بها وتحديد مواطن الضعف، واعلان النتائج الى العلن مرفقة باسماء المتعهدين الذين نفذوا الاشغال ومستوى السلامة التي تتوفر في كل منها، لاخذ العبر والمحاسبة، علما ان المدارس تشكل اهم ملجأ للناس في حال وقوع زلزال لايواء كل من يصاب بيته او منزله باضرار لا تسمح له باستخدامه. اما المستشفيات فهي المكان الذي يجب تحفيزه لانه المتخصص في اعالة ومعالجة كل من يصاب من جراء الزلزال وهما يشكلان مستويين اساسيين في عملية الحماية والاحتياط في موضوع الحماية من الزلازل لجهة التدابير الواقية التي ترادف التشييد الخاضع لمعايير السلامة العامة لجهة متانة البناء ومقاومته للزلازل.
وشدد سركيس على ان وضع مرسوم يعنى بالسلامة العامة فيما يعود الى الزلازل والحريق امر مهم جدا، الا ان له عناصر مكملة ان لم تنفذ يبقى مبتورا ولا يكون موضع افتخار، انما باكتماله يمكن لكل معني ان يعتبر اننا نخطو الى الامام.
ولفت الى ان البناء المقاوم للزلازل يهدف في اولوياته الى حماية الاشخاص من الاذى وتخفيف قدر الامكان الاصابات الجسدية، الا انه ايضا يساعد على تقليص حجم الاضرار المادية التي تنجم عن الزلزال.
ويختم بالقول: كلام مسؤول في مجاهل فوضى العمران، فليتحول الجميع الى العمل الجاد لان الوقت ليس لمصلحة احد، وبالتالي لا يمكن لاي كان تحمل عبء مسؤولية بهذا الحجم ـ وقوع زلزال فلنقم ونعمل ونحمي بلادنا واجيالنا لكي نستطيع ان نفتخر بانجاز عظيم.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00