8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

كلام فنيش والتساؤلات الشيعية المستقلة

توقفت مصادر شيعية مستقلة أمام الموقف الذي أعلنه وزير حزب الله محمد فنيش حول دور الشخصيات الشيعية المستقلة في لبنان، خلال ندوة حوارية الأسبوع الماضي. معتبرة أن هذا الكلام الجديد كان له صدى ليس في المكان الذي ألقي فيه فحسب، بل في الدائرة الإسلامية الشيعية الواسعة، ومن شخصيات متنوعة بعضها يتعاطف مع حزب الله، وبعضها له مآخذ عليه لجهة احتكاره مع حركة أمل للتمثيل الشيعي وعدم سماحهما للشخصيات والجهات الأخرى بأخذ الدور الذي تستحقه داخل الطائفة الشيعية وعلى المستوى اللبناني العام.
وتشير المصادر إلى أن تحالف أمل وحزب الله كان محل شبه إجماع داخل الطائفة في مراحل الصراع المباشر مع العدو الصهيوني أو المراحل السابقة، لكونه جاء بعد حرب دامية بين الطرفين شتتت الطائفة وقسمتها ومزقتها، وباتت فاعلياتها تنادي بالوحدة خشية على المقاومة وعلى الناس وعلى كل شيء.. ولكن هذا التحالف سرعان ما تحول إلى آلية من الآليات السياسية، وعلى طريقة المحادل الانتخابية، التي ألغت الآخرين، أو عملت على تهميشهم، أو استبعادهم من القرارات السياسية الصعبة، وكذلك من الانتخابات النيابية والبلدية، وعملت على تحجيمهم بكل ما أوتيت من قوة، ولو كان ذلك في منع هذا المختار أو ذاك من النجاح في الانتخابات الاختيارية حتى لا يكون مؤشراً إلى نشوء قوى أخرى داخل الطائفة.
قد يكون ذلك جزءاً من اللعبة الديمقراطية الطبيعية كما تقول المصادر، ولكن في الواقع، فإن الاصطفاف الشيعي لم يكن لجهة تأييد فريق على المستوى السياسي، بل لأنه فريق المقاومة ولكونه قدم الكثير من التضحيات.. ولكن تتابع المصادر: الكل ساهم في تقديم التضحيات بشكل مباشر أو غير مباشر. من أيام المقاومة الفلسطينية إلى الحركة الوطنية والقوات المشتركة والقوى الناصرية والعلمانية والمقاومة المدنية الشاملة، فلماذا يصادر الحزب في الإعلام وفي كل ما أنتجه من أفلام، تضحيات الآخرين وعطاءاتهم، ولماذا يرسم مراحل سابقة ويؤرخ لها على طريقته، ويعمل للاستفادة من ذلك على المستويات السياسية والانتخابية بطريقة غير عادلة، ولماذا تكون المساجد والحسينيات في قبضته بدلاً من أن تكون للجميع وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحداً كما في القرآن الكريم وليست لجماعة بعينها، ولماذا لا يفسح في المجال لسماع الآراء الأخرى داخل الأرياف وفي المدن، ولماذا تتحول البلديات إلى أمكنة تستفيد منها جهة سياسية في التجيير الانتخابي بدلاً من أن تكون للجميع، تحل قضايا الناس، وتساهم في تسوية أوضاعهم جميعاً بدلاً من تقاسمها على طريق الجبنة البلدية كما يتندر بذلك البعض؟
وعليه تطرح هذه المصادر جملة من التساؤلات تعقيباً على كلام الوزير فنيش، وعلى بعض ما قيل سابقاً من داخل حزب الله وخارجه من أن الحزب لا يصادر الأرض الشيعية في لبنان لحسابه ومنها:
أولاً, طالما أن الحزب ينادي بالنسبية كقانون للانتخابات النيابية المقبلة، وهي النظام الاكثر تمثيلاً للناس من حيث التوزيع العادل للمقاعد، فلماذا لا يبدأ ذاتياً بتطبيق هذا النموذج على المستوى الشيعي الداخلي بأن يسمح مع حركة أمل للشخصيات والتنوعات الشيعية بالحضور في البلديات وفي الدوائر الأخرى، ويفسح لها المجال للعمل السياسي بحرية تامة بعيداً عن الاتهامات الجاهزة من هنا وهناك؟
ثانياً, لماذا لا يأخذ كل مستحق حقه في الدولة إذا كان خارج حزب الله وحركة أمل، في الوظائف وفي الاماكن التي تستوعب اهل الكفاءة من اولئك الذين آلوا على انفسهم ان يبقوا خارج الدوائر الحزبية احتراما لقناعاتهم وتوجهاتهم والتزاماتهم؟
ثالثاً, لماذا لا يتوقف الحزب والحركة عن وضع الفيتو على أي مرشح من الشخصيات الشيعية للوزارة والنيابة من خارج الكوتا الحزبية، ولماذا تبقى الشخصيات ذات الكفاءة السياسية والادارية مستبعدة حتى اشعار آخر، أو يضطر بعضها إلى الممالأة في هذا الموقف أو ذاك حتى يكون مرشحاً على لائحة الحليفين الشيعيين في قادم من الأيام؟
رابعاً, من يتحمل مسؤولية الهجرة الشبابية الشيعية من الجنوب الى مجاهل أفريقيا والأميركتين وأوستراليا بعدما أقفلت في وجهها منافذ الحلم بالفوز بوظيفة متواضعة في الدولة وغيرها، نتيجة الاحتكار المستفحل؟
خامساً, لماذا لا تكون داخل الطائفة الشيعية هيئة عامة تضم كل التنوعات، يؤخذ برأيها أو يتم الاستماع إلى طروحاتها عنذ أخذ القرار في بعض الأمور الخطيرة والصعبة كما هو الحال في كل ما يتصل بالأزمة السورية وتفرعاتها... ولا يمكن الحديث هنا عن المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى لأن المجلس مكون من الفريقين بشكل أساسي ولا تبتعد قراراته عن توجهاتهما لعدم وجود أفرقاء آخرين لهم آراء وتوجهات مختلفة يمكن أن يقدموها داخل الاجتماعات وقبل صدور البيانات.
هذه الأسئلة وغيرها تترك المساحة ضيقة داخل الطائفة الشيعية، وتكثر التساؤلات حول كل ما قاله فنيش: هل هي قناعات ذاتية أم توجهات حزبية، أم أن حزب الله يجري مراجعة عامة لسياسته ومواقفه سواء داخل الطائفة الشيعية أم على الصعيد اللبناني العام في ظل الربيع العربي والتطورات السورية؟

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00