في الثالث من ايلول الجاري، اطلق رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مشروع منطقة بيروت الرقمية (Beirut digital district)، خلال إحتفال أقيم في منطقة الباشورة بعد توقيع مذكرة تفاهم ابرمتها وزارة الاتصالات مع شركة ZRE وصندوق Berytech لانشاء وادارة واستثمار هذه المنطقة.
اطلاق هذا المشروع تزامن مع فضيحة قانونية وادارية تتعلق بعملية التلزيم. وهو ما بدأت الاجهزة الرقابية تحقق فيه. ففي معلومات خاصة لـالمستقبل، ان الاجهزة الرقابية بدأت درس الملفات المتعلقة بعملية التلزيم بعدما تبين لها ان موافقة وزارة الاتصالات بموجب القرار الرقم 705/1 على اختيار شركة ZRE لانشاء وادارة واستثمار هذه المنطقة، مخالف للاصول والقوانين مرعية الاجراء، وذلك لعدم خضوعها لشروط المدن الرقمية وعدم اطلاق دعوة علنية للراغبين بالتقدم لانشاء هذه المنطقة، ومن دون اجراءات تتيح تقدم شركات لمنافسة الشركة المذكورة. فضلا عن عدم وضع جدول زمني يحدد فترات الاعلان عن تلزيم المشروع وتقدم الشركات المهتمة لسحب دفتر الشروط وتقديم العروض وفضها ودراستها وتبليغ الشركة الفائزة وتوقيع العقود اللازمة.
مصدر قانوني متابع لملف التلزيم يبدي ملاحظاته على مذكرة التفاهم التي ابرمتها وزارة الاتصالات مع شركة ZRE و Berytech ، فيشير الى اسقاط واغفال كامل لاحكام قانون الاتصالات الرقم 431/2002 ومخالفة المادة 5 من قانون الاتصالات واغفال كل احكامها المتعلقة بتحديد وصلاحيات الهيئة الناظمة للاتصالات التي يدخل من ضمن صلاحياتها ابرام مثل هذه المذكرات واعتبارها غير موجودة.
وكشف المصدر ان الحق الحصري الذي اعطته المذكرة سيمنح المستثمر، اي شركة ZRE، امكان الافادة من البنى التحتية والخدمات التي توفرها الدولة بأسعار خاصة ومخفضة، واقامة المباني الاساسية للمشروع، وادارته، واستثمارة طيلة المدة الزمنية للتشغيل - وحتى بعد انقضاء مدة التشغيل - بحيث يكون للمستثمر حق حصري في استثمار المنطقة الخدمية النموذجية في الباشورة وفقا لنوع من انواع الشراكة بين القطاعين العام والخاص، خصوصا ان هذه المناطق محدودة وتوفر ارباحا طائلة للشركات التي تقوم بانشائها واستثمارها على المديين المتوسط والبعيد.
ولفت المرجع القانوني الى انه في معظم دول العالم تعمل الحكومات على انشاء هذه المناطق من خلال عقود بناء وتشغيل وتحويل (BOT)، او بناء وتشغيل وتملك (BOO) لفترة زمنية طويلة.
واذ اعتبر ان ما حصل هو نوع من انواع الاحتكار، فان ذلك يفضي الى الاستنتاج بانه بات مخالفة واضحة للمادة 89 من الدستور التي نصت على انه لا يجوز منح اي التزام او امتياز لاستغلال مورد من موارد ثروة البلاد الطبيعية ام مصلحة ذات منفعة عامة او اي احتكار الا بموجب قانون الى زمن محدود.
وسأل المرجع: اين هو القانون الصادر عن مجلس النواب بهذا الخصوص؟ واين المناقصة المفتوحة ضمن مهل زمنية وافية فيما كل الاجراءات الصادرة عن وزارة الاتصالات باصدار القرار الرقم 642/ذ1 تاريخ 24/7/2012 تعد خارجة عن الاصول والقوانين المرعية الاجراء؟.
ورأى مصدر فني متابع ان فكرة انشاء مناطق رقمية يهدف في جزء منه الى استقطاب عدد من الشركات وتوفير فرص العمل. كما ان تنمية المساحة الجغرافية هو احد اسباب انشاء هذه المناطق الرقمية، مستغربا انشاء هذه المناطق الرقمية في منطقة الباشورة في بيروت، والقريبة جدا من منطقة سوليدير حيث تتوافر شروط انشاء منطقة رقمية ضمن نطاقها الجغرافي. وفي حال انشاء المدينة الرقمية في الباشورة، فان ذلك قد يؤثر سلبا على فرص العمل والاستثمار المالي في المنطقتين المذكورتين.
ورأى المصدر ان التباعد الجغرافي بين العقارات المقترحة للمنطقة الرقمية لا يتلاءم مع فكرة انشاء منطقة رقمية ذات تواصل جغرافي، حيث ان التوجه العالمي هو لانشاء منطقة رقمية في اماكن بعيدة عن المدن بهدف تأهيلها وتنميتها لتأمين فرص عمل وسكن جديدة وتخفيف الضغط البيئي والخدماتي عن المدن الرئيسية.
وسأل المصدر المراجع المسؤولة في الدولة اللبنانية ما اذا كانت شركة ZRE تقدمت بطلب انشاء منطقة رقمية في بيروت خلال هذه الفترة الزمنية القصيرة جدا؟ وهل تم تحديد التكلفة الاجمالية لانشاء المنطقة وادارتها واستثمارها وصيانتها وتطويرها؟ وما هي عائدات المنطقة المرتقبة؟ ومن هي الجهة التي سوف تراقب عملها؟ وما هي طريقة اعادة استثمارها؟.
ويبقى السؤال: الم يكن اجدر برئيس الحكومة نجيب ميقاتي الاطلاع على كل تفاصيل وحيثيات مذكرة التفاهم وما للدولة اللبنانية (المكلف اللبناني) وما عليها، قبل تبني المشروع بالكامل ورعايته والقاء الخطب فيه؟
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.