لاقت دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في القمة الاستثنائية لمنظمة التعاون الاسلامي التي عقدت في مكة المكرمة، الى تأسيس مركز للحوار بين المذاهب الاسلامية، ترحيباً بارزاً من بعض القيادات الاسلامية الشيعية وعلى رأسها العلامة السيد علي فضل الله، الذي سارع الى اعتبارها دعوة حكيمة ويمكن ان تكون خشبة الخلاص للخروج من حال الفتن المذهبية التي تضرب في الواقع الاسلامي.
ورأت بعض الاوساط الاسلامية ان هذه الدعوة لا تختلف في مضمونها عما كان أطلقه المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله من دعوة الى حوار شيعي ـ سلفي، هذه الدعوة التي ما لبثت أن تحولت الى واقع عبر أكثر من جهة سلفية سارعت الى زيارة المرجع فضل الله في ذلك الحين في دارته في حارة حريك، وأنشأت معه حواراً لم يكتمل لعدم المتابعة في السعي الى تشكيل لجان تبحث في كل ما يختلف عليه المسلمون وتعمل لمعالجته حتى لا يتحول الى فتنة مدمرة في العالم الاسلامي.
وأكدت الأوساط ان من ثمرات دعوة المرجع الراحل في هذا الحوار بين المسلمين الشيعة والسلفيين المراجعات التي حاور فيها الدكتور السعودي عبد العزيز قاسم المرجع الراحل الذي قال له في ذلك الوقت: لديك كل الحرية أن تحاورني في كل شيء حتى في ما يعتبر من المقدسات.
غير ان هذه الأوساط أعربت عن اعتقادها ان الحاجة باتت ملحة أكثر في هذه الايام الى ترجمة هذه الدعوات من واقع معاش خصوصاً في ظل ما تعيشه المواقع العربية والازمات وحروب بدأت تأخذ طابعاً مذهبياً مختلفاً ما يهدد النسيج الاسلامي كله، وقد يفضي الى ذهاب الريح كما اشار الى ذلك القرآن الكريم: ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم.
وأوضحت بعض المصادر ان مدرسة المرجع فضل الله من خلال نجله السيد علي عملت على ترجمة وصاياه في الوحدة الاسلامية الى واقع، سواء بنشر فتاويه التي جمعت ولا سيما تلك التي طرحت تحريماً قاطعاً والاساءة الى أمهات المؤمنين والصحابة الكرام تحت أي اعتبار، او بإقامة العلاقات الوطيدة مع الجهات الاسلامية السنية عبر لقاءات متواصلة في جميع المناطق اللبنانية اضافة الى التحضيرات للقاءات خارجية خصوصاً في مصر وتونس وبلدان اسلامية اخرى.
ولاحظت الجهات التي تابعت المواقف المرحبة بدعوة خادم الحرمين الشريفين وجود مناخ عام لدى الكثير من المسلمين الشيعة حول كيفية التعاطي مع المرحلة المقبلة لجهة السعي الى تمتين العلاقات السنية ـ الشيعية بدلاً من الاستغراق في الانقسامات الناشئة في الجدال العقيم في قضايا ليست أصيلة عند المسلمين على المستويين الشرعي والسياسي.
وفي بيان امس، دعا العلامة علي فضل الله، المرجعيات الإسلامية السنية والشيعية والدول الإسلامية، إلى تلقف الدعوة الحكيمة للملك عبدالله بن عبد العزيز لتأسيس مركز للحوار بين المذاهب الإسلامية، ووصفها بأنها دعوة حكيمة، وينبغي أن تلقى الصدى الإيجابي والمناسب والسريع في مختلف أقطار العرب والمسلمين، مؤكداً أن هذه الدعوة هي خشبة الخلاص التي تصل بالأمة إلى شاطئ النجاة إذا ما توافرت النيات الصادقة بعيداً من الحسابات الضيقة.
وقال: إن الواقع الصعب والخطير الذي يعيشه العرب والمسلمون في كثير من مواقعهم التي باتت عرضة للفتن المذهبية والانقسامات الطائفية، والتي اختلطت فيها المطالب الإصلاحية وحركية الثورات بأعمال العنف الوحشية والتفجيرات الدامية التي تستهدف فئة هنا أو فئة هناك تحت عناوين مذهبية أو بسبب الغلو، أو من خلال انحراف بعض الفئات عن الوجهة الحقيقية للاسلام وعن الوسطية والسماح والرحمة التي هي سمات أساسية لديننا الحنيف، إضافة إلى ما تتعرض له القضية الفلسطينية والمسجد الأقصى من محاولات تهويد وتدمير كامل؛ إن ذلك كله يستدعي الترحيب بهذه الدعوة الكريمة التي يمكن أن تكون خشبة الخلاص والجسر الذي تعبر من خلاله الأمة إلى شاطئ النجاة إذا ما توافرت النيات الصادقة وانطلقت مسيرة الحوار والمكاشفة بشكل جدي وبعيداً من المجاملات الرسمية والحسابات السياسية الضيقة.
أضاف: إننا نؤكد على المرجعيات الإسلامية السنية والشيعية والمواقع السياسية والدول المعنية العمل لتلقف هذه الدعوة والسعي الى ترجمتها، ليس على مستوى ما تقرره منظمة التعاون الإسلامي، أو داخل هذا الإطار فحسب، بل على مستوى الحوارات الصريحة والمنفتحة التي نريدها أن تنطلق في الميادين الإسلامية كافة، وفي الساحات الشعبية لتطوق الفتن المرسومة، وتعزل دعاة الحقد والانتقام، وتعيد اللحمة إلى الساحة الإسلامية الواسعة التي باتت في أمسّ الحاجة إليها في هذا البركان المذهبي المتفجر الذي لا يزيده الإعلام الموجه والكثير من الفضائيات إلا اشتعالاً والتهاباً.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.