تأججت الخلافات داخل حكومة الممانعة ليقف المرء أمامها مذهولاً وخائباً، في سابقة لم تشهدها الحكومات اللبنانية منذ ولادة وطن الحرف وحتى اليوم، في منهاج جديد يتبع في قاموس السياسة اللبنانية. ينبهر أمامه المراقبون والمحللون المحليون والعرب والأجانب لتعلّم فن الأداء الجديد للسياسة في لبنان.
ففي الأسبوع الماضي انبرى أحد الوزراء وتقدم المعتصمين في وزارته، وتصدر الإعلام مصرحاً بأن هؤلاء الموظفين، المتعاقدين منهم والمياومون والمثبتون، لهم الحق في مطالبهم وعلى الدولة اللبنانية والحكومة تحديداً أن تستجيب لمطالبهم فوراً وتنفذها نظراً لاحقيتها.
أليس من المستغرب أن يتقدم الوزير الموظفين في اعتصامهم. وفي حال أراد التعاطف معهم، أليس من الأجدى رفع مطالبهم الى مجلس الوزراء كونه يشارك في اجتماعاته أسبوعياً وينبري بل يستميت بالدفاع عن مطالبهم لانتزاع قرار يكون لمصلحتهم، أم أن الخلافات وصلت الى حد التراشق عبر الإعلام لتسجيل مواقف ونقاط مع قرب الاستحقاق الانتخابي الذي ينتظره اللبنانيون بفارغ الصبر كونه سيحدد مصيرهم إن كانوا سيبقون في البلد أم سيهاجرون.
وبعيداً عن الخلاف الذي وصل الى كل أصقاع الأرض ولربما يناقش في أروقة الأمم المتحدة في القريب العاجل وهو موضوع المياومين في مؤسسة كهرباء لبنان، حيث استفحل بين أهل الفريق الواحد ليستدعي تدخل كبار المسؤولين السياسيين والأمنيين، وهو خلاف المصير الواحد أي خلاف الحلفاء المنبثقين من وحدة المسار والمصير ومن مذكرة التفاهم، والأحلاف السياسية والانتخابية، وحكومة المجابهة وقوى الممانعة.
أما ما يندى له الجبين فهو الصراع الأخلاقي داخل الحكومة، الذي وصل الى حد رمي الاتهامات بعدم اللياقة والبلطجة، وكل المفردات التي تليق بفتوة الأحياء بين وزيري المالية والسياحة على خلفية مقايضة الأول لعقار مع مصرف لبنان تملكه وزارة الثاني، ووصل الحال في البيانات الهجومية المضادة الى استحضار كتب الآداب في التعاطي مع هذا الملف. إذ ذكر بيان وزير السياحة إن اللياقة تتمثل في الأفعال قبل الكلام، وسأل هل راعت وزارة المالية أصول اللياقة حين ارتأت السير بمشروع مقايضة يتحضر منذ أكثر من سنة ويتضمن مبنى عائداً لوزارة السياحة منذ أكثر من 50 سنة من دون إبلاغ وزارة السياحة خطياً.
في حين كانت ذكرت مصادر وزير المالية أنّ وزارة المال بدأت بالمعاملة منذ ثمانية أشهر والوزير عبّود كان على علم بهذا الأمر، وسبب احتجاجه غير مفهوم لأنّ كلّ أملاك الدولة عائدة لوزارة المالية.
ويبقى القول هل ستحمل لنا الأيام المقبلة المزيد من الخلافات والتجاذبات؟ يبدو أن الجواب نعم! مع عدم سعي الأفرقاء لإعادة التموضع في ظل ما يشهده المحيط اللبناني من أحداث قد تطيح بالحكومة ومن عليها...
مصادر سياسية متابعة لـالمستقبل ذكرت أن ما يحصل داخل الحكومة ليس وليد ساعته إنما هو محاولة للتمايز بين أفرقائها وفك تحالفات اثر الأحداث التي تجري في سوريا وما يمكن أن ينعكس ذلك على التحالفات السياسية اللبنانية.
وتوقعت أن يتفاعل هذا الخلاف في الأيام المقبلة نظراً لحركة التجاذبات التي ستتولد عن الملفات الخلافية وتحديداً ملف المياومين وموظفي القطاع العام، وملف التعيينات القضائية والإدارية في المؤسسات والإدارات الرسمية.
وأشارت المصادر الى أن الناس استاءت من أداء الحكومة الحالية لجهة التضخم، وتآكل الزيادة التي نالها القطاع الخاص، فضلاً عن أن المسؤولين يتلهون بصراعات لا تنعكس على المواطنين إلا سلباً، في حين يتبارى الوزراء في سياسة مد اليد على وزارات بعضهم البعض، وكل ذلك تحت شعار الحرص على هيبة الدولة كما أجمع الوزراء ورئيسهم في آخر جلسة لمجلس الوزراء.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.