8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

مخاض عسير ينتظر ولادة قيادة جديدة لـالشيعي الأعلى

تعيش الطائفة الإسلامية الشيعية في لبنان منذ فترة، مخاض ولادة عسيرة في ما يتصل بقيادتها على مستوى المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، وهو مخاض كبير يعود إلى المرحلة التي غُيِّبَ فيها رئيسه الإمام السيد موسى الصدر، ولكن تم تجاوزه مع وجود نائبه الشيخ الراحل محمد مهدي شمس الدين الذي ملأ الفراغ دينياً وسياسياً، وكان له حضوره البارز لبنانياً وعربياً وإسلامياً.
ويبدو أنّ هذا الفراغ الذي تركه الراحلان، لم تستطع الطائفة معالجته معالجة جذرية في ظل صعوبة المرحلة وتوزع الخيارات داخلها، على الرغم من الدور الذي حاول ان يلعبه الشيخ عبد الامير قبلان، والكلام يدور الآن حول المستقبل، مستقبل المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في رئاسته ونيابة الرئاسة، ومستقبل الشيعة في لبنان خصوصاً مع عودة الحديث المتداول في الكواليس عن سير الأمور والعمل لإيجاد خليفة للشيخ قبلان منذ الآن، أو تهيئة ظروف ولادة قيصرية معيّنة، قبل أن تدهم التطورات هذا الوضع، فتحدث أزمة حقيقية في البنيان الشيعي اللبناني الديني الرسمي.
ثمة مَن يتحدّث في الكواليس، ومن بين هؤلاء شخصيات شيعية بارزة، انّ المسلمين الشيعة في لبنان ليسوا في وضع يُحسدون عليه، فالقيادة التاريخية غير موجودة، بُعيد تغييب الإمام الصدر ووفاة الشيخ شمس الدين والعلاّمة السيد محمد حسين فضل الله الذي كان رفض في حياته ومنذ تأسيس المجلس الشيعي أن ينخرط فيه ساعياً إلى قيام مجلس إسلامي يجمع السنّة والشيعة في لبنان، ثم رفض كل التمنيات بقبول هذا الموقع بعد رحيل الشيخ شمس الدين.
وهذا الغياب للشخصيات الشيعية التاريخية يوازيه غياب آخر يتصل بالجانب العلمي أيضاً. فإذا كانت رئاسة المجلس الشيعي تحتاج إلى العالِم المجتهد، فهنا تبدو الأمور صعبة جداً، وإن كان البعض يشير إلى بروز شخصيات علمية في الشباب الشيعي على مستوى الحوزات في لبنان والخارج، إلاّ أنه يشير أيضاً إلى أنّ العلم يحتاج إلى الممارسة وإلى التجارب فضلاً عن متابعة الأحداث والتطورات الكثيرة والمعقّدة داخلياً وخارجياً.
وتشير بعض المصادر إلى أنّ القطبين الشيعيين الأساسيين حركة أمل وحزب الله غير متفقين على تسمية الرئيس ونائب الرئيس على الرغم من إلحاح نائب الرئيس الحالي الشيخ عبد الأمير قبلان على ضرورة التوصل إلى حل في هذا المجال، أو تهيئة الظروف له، لأنّ ما كان متداولاً في الماضي، وقبل حرب تموز 2006، عن التوافق على الشيخ قبلان رئيساً على أن يكون نائبه محسوباً على حزب الله، وأن يختاره الحزب، قد تلاشى مع التطورات، أو لم يعد قائماً الآن، حيث أشارت المصادر إلى توافق قديم على أن يكون الشيخ قبلان رئيساً، فيما يتولّى السيد عباس علي الموسوي نيابة الرئاسة.
ويبدو أنّه في ظل الوضع الصحّي للشيخ قبلان وإصراره على البحث عن حلول شيعية حاسمة لهذا الأمر، فإنّ أمل تعمل جاهدة لتأمين موقع الرئاسة، وأنّ الرئيس نبيه برّي يسعى إلى ذلك، وتتحدّث المصادر عن أنّ السعي يأخذ أبعاداً كثيرة، واستطلاعات للرأي داخل الأوساط الشيعية المتعدّدة.
ويشير البعض إلى أسماء باتت قيد التداول، منها ما يتصل بالشخصيات الدينية الشيعية الموجودة في مواقع رسمية وتشغل حيزاً من المشهد الرسمي والسياسي الشيعي، فيما يحسبها البعض على حزب الله وإيران، ويضعها البعض الآخر في خانة حركة أمل. ويتحدث هؤلاء عن ان الشرط الاول الذي وضعته أمل لا يزال قائماً وأنّ الرئيس برّي لا يمكن أن يوافق على أنّ تكون رئاسة الطائفة في يد حزبية، أو أن يكون رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى شخصية لها طابعها الحزبي، بل أن تكون جامعة موحّدة ولها احترامها في الأوساط الشيعية خصوصاً واللبنانية عموماً.
وتلفت المصادر إلى أنّ المخاض لا يزال على حاله، والكل يتحدث عن دور إيراني خفي وعلني في ذلك، بعد تراجع الدور السوري في هذا الشأن وغيره، كما أنّ الحديث يدور أيضاً عن الأطراف الشيعية الأخرى، سواء الصوت الصامت والخافت الذي هو صوت الأكثرية الصامتة، أو صوت المثقفين الشيعة الذي بدأت تعبّر عنه جهات متعدّدة لم تبلور موقفها إلى الآن، خصوصاً بعدما أثبتت أنه تيّار كبير وهو يتمتّع بالاستقلالية والاحترام داخل الطائفة الإسلامية الشيعية وخارجها، على الرغم من محاولات النيل منه والتي اتسعت دائرتها في الآونة الاخيرة، فضلاً عن بعض الأصوات التي تقدّمت بدعاوى ضدّ القابضين على المجلس الشيعي.
وتختم المصادر ان المخاض الشيعي اللبناني مستمر على مستوى المجلس الشيعي، وربما على مستوى البحث عن وضع الطائفة في ظل التطوّرات التي تعصف بالمنطقة، وحيث تصل أصداء الربيع العربي إلى كل الساحات، فهل نشهد دخاناً أبيض يطلع من المدخنة الشيعية في القريب العاجل، وهل يولد التوافق ام يستمر المخاض وتستمر الأزمة؟!
وكانت الهيئة المستقلة لمتابعة شؤون المجلس الشيعي قد أسفت لما آلت إليه أمور المجلس موضحة أنّه بات يشكّل إهانة للطائفة ولكل الساكتين عليه، ومشيرة إلى أنّ نائب رئيس المجلس الإمام محمد مهدي شمس الدين توفي منذ أحد عشر عاماً وحتى الساعة لم تتم المبادرة إلى انتخاب خليفة له.
ودعت إلى إعادة النظر في القرارات الصادرة عن الشيخ عبد الأمير قبلان، كنائب أول للرئيس، قائمّقامه، أي القرارت المتخذة باسم المجلس منذ انتهاء الولاية القانونية للشيخ قبلان، بما فيها قرارات تعيين المفتين والموظفين، وعقود التصرف بالأوقاف، واستصدار قانون ينص على منع توظيف أقارب المسؤولين في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، حتى الدرجة الرابعة، نظيرَ المعمول به في دار الفتوى، وإعادة النظر بقانونية الوضع الوظيفي لأبناء الشيخ عبد الأمير قبلان ومَن قد يعنيهم الأمر من أقاربه.
وكانت رئاسة مجلس الوزراء قد تبلّغت رسمياً دعوى من قِبَل ثلاث شخصيات شيعية بينها مدير حوزة الإمام السجاد وإمام مسجد البوشرية الشيخ محمد علي الحاج، والمفكر الدكتور لقمان سليم، اللذين يعدّان من الفعاليات الدينية والمدنية الشيعية، ينسجان علاقات مميّزة بالفعاليات المسيحية والإسلامية خارج الساحة الشيعية، وتعتبر الشخصيات الثلاث وجود الشيخ قبلان في منصبه غير قانوني وباطلاً، استناداً إلى القانون رقم 72/67. والقرار رقم 15/69 وتطلب في دعوى من رئاسة مجلس الوزراء صاحبة السلطة اتخاذ التدابير اللازمة لمنع قبلان من الاستمرار في القيام بأي مهام كرئيس أو نائب رئيس للمجلس، لكون ذلك يشكّل مخالفة جسيمة للقانون والقرار، عبر قيامه بهذه المهام ليُصار إلى انتخاب رئيس للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى ونائب أول له والهيئتين الشرعية والتنفيذية.
ويستند أصحاب الدعوى إلى أنّه كان يجب عند وفاة نائب رئيس المجلس الإمام محمد مهدي شمس الدين عام 2001، الاجتماع خلال شهرين وانتخاب رئيس، وهذا الأمر لم يتم، بل جرى تكليف الشيخ قبلان بمهام الرئاسة، ولاحقاً التمديد له مدة ست سنوات من تاريخ انتهاء ولايته حتى 71 عاماً، وهو اليوم بعمر 77 عاما، ثم وفاة نائب الرئيس الثاني د.عدنان حيدر قبل 3 سنوات ولم يُنتخب أحد مكانه، وصولاً إلى أنّ آخر انتخابات جرت في العام 1975 للهيئة الشرعية ولم تحصل انتخابات جديدة.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00