كانت التظاهرة التي جمعت اقطاباً سياسيين وفكريين وروحيين من الدول العربية والعالم الاسلامي لتأكيد الدور البارز الذي ستلعبه الجماعة الاسلامية في لبنان مستقبلاً، بعدما جسد حضورالشخصيات من خارج لبنان انتماء الجماعة الى الحركة الام الاخوان المسلمون المنتشرة في عدد من الاقطار العربية والدولية.
والملاحظ في الرد الذي جاء بطريقة غير مباشرة من رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل في كلمته المتلفزة ان الجماعة تضع في سلم اولوياتها مشروع المقاومة ضد الاحتلال الصهيوني وتبينها بالكامل لهذا المشروع بعدما حيكت الالسن عن اتهامات بالتخلي عن هذا المشروع، وتراجع دورها مع انبلاج الربيع العربي والدور الكبير لـ الجماعة وبالتالي للاخوان المسلمين فيه.
واللافت في الاحتفال المؤتمر المهرجان كلام النائب اكرم شهيب الذي تحدث باسم رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عندما المح الى انالجماعة هي الفصيل اللبناني الاول الذي ايد ثورة الشعب السوري بقوة ومن بعدها كل الافرقاء.
وعلى الرغم من تأكيد قادةالجماعة ان المؤتمر ذو خلفية فكرية لا سياسية، فان الحشد الذي حضر الاحتفال يثبت حجمالجماعة في قوتها اللبنانية، ويعد هذا اختباراً اولياً حقيقياً للاستحقاقات غير البعيدة التي قد تشهدها الساحة اللبنانية في تفاعلاتها المقبلة.
وكانت التظاهرة الاحتفال التي نظمتهاالجماعة بحرفية واتقان وانضباط في قصر الاونيسكو الرد العملي الاولي على ان الساحة اللبنانية ليست لفريق سياسي واحد، وان لكل فريق جمهوره وكوادره وتنظيمه، فضلاً عن ان التحكم في انضباطية الحدث تعكس الصورة الحضارية للتنظيم العالمي، وتخرجه من شائعات درج عليها البعض من التخويف من الاسلاميين.
هذا بالاضافة الى اهمية العالم الكبير الشيخ فيصل المولوي الذي فقدته الساحة الاسلامية والعربية والدولية نظراً الى ما قدمه خلال مسيرته على المستويين الاسلامي والعربي.
واظهر الحفل دور الشيخ فيصل الذي كان واضحاً من خلال المتكلمين خصوصاً كلمة رئيس الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي الذي كان يلتقي معه في مكتب الارشاد العالمي للاخوان والذي يعتبر وجماعة الاخوان المسلمين ان الشيخ فيصل كان من مؤسسي المنهجية الفكرية والدعوية والحركية وعكسها في كتاباته ولقاءاته وتعاطيه في الوسطية والاعتدال والانفتاح، وكان من المرشدين الروحيين للحركة، ومن المرشحين الدائمين لشغل منصب المرشد الروحي على مستوى العالم.
إفتتحتالجماعة في لبنان مؤتمر الشيخ فيصل مولوي فقيه الدعوة وحكيم الدعاة، في قصر الأونيسكو في بيروت بحضور شخصيات رسمية وسياسية وعلمائية وفكرية من لبنان والخارج، تقدمهم رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، رئيس مجلس النواب نبيه بري ممثلاً بالنائب محمد قباني، رئيس كتلة المستقبل النيابية الرئيس فؤاد السنيورة، النائب عمار حوري ممثلاً رئيس تيار المستقبل الرئيس سعد الحريري، نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين في مصر جمعة أمين، الامين العام لجبهة العمل الإسلامي في الأردن حمزة منصور، رئيس الكتلة البرلمانية لحزب حركة النهضة التونسية الصحبي عتيق، النائب أكرم شهيّب ممثلاً رئيس جبهة النضال الوطني وليد جنبلاط، المشرف العام على مؤسسات المرجع السيد محمد حسين فضل الله، السيد العلامة علي فضل الله، الأمين العام لهيئة الحوار الاسلامي المسيحي الأب أنطوان ضو، ممثل رئيس الحكومة الفلسطينية في غزة محمد عصفور، نائبالجماعة الاسلامية عماد الحوت، ممثل قائد الجيش اللبناني العقيد الركن سيمون خوري، ممثل مدير عام قوى الأمن الداخلي العميد عبد الرحمن غلاييني، ممثل مدير عام الأمن العام المقدم ربيع قصب، ممثل مدير عام مخابرات الجيش العميد خالد جارودي، ممثل شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز، الشيخ سامي أبو المنى، مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار، مفتي جبل لبنان الشيخ محمد علي الجوزو، مفتي صيدا وأقضيتها الشيخ سليم سوسان، سفير دولة السودان في لبنان أدريس سليمان، سفير دولة العراق عمر البرزنجي، سفير سلطنة عمان محمد الجزمي، مسؤول العلاقات الدولية في حركة حماس اسامة حمدان، وممثل الحركة في لبنان علي بركة، ممثل حركة الجهاد الاسلامي في لبنان أبو عماد الرفاعي، الوزير السابق حسن منيمنة، الوزير السابق بشارة مرهج، منسق عام تيار المستقبل في بيروت العميد محمود الجمل، منسق عام تجمع اللجان والروابط الشعبية معن بشور، رئيس رابطة علماء فلسطين في لبنان الشيخ بسام كايد، وممثلو الأحزاب والفصائل الفلسطينية والأحزاب اللبنانية، وشخصيات، إضافة إلى قيادة الجماعة يتقدمها الأمين العام ابراهيم المصري، ونائب الأمين العام الشيخ محمد الشيخ عمار، ورئيس المكتب السياسي عزام الأيوبي، وقد غصّت قاعة قصر الأونيسكو بالحشود.
بدأ المؤتمر بتلاوة آي من الذكر الحكيم، ثم النشيد الوطني، ثم بث فيلم عن حياة الراحل وإنجازاته.
ميقاتي
ثم القى ميقاتي كلمة قال فيها: لم يكن القاضي الفقيه المستشار الشيخ فيصل مولوي، رحمه الله، من الرجال الذين تحدهم حدود المكان، فرسالته وجدت طريقها إلى كل مكان استطاع الوصول إليه، من طرابلس الفيحاء انطلق ليشمل بنشاطه وهمته مختلف أنحاء لبنان، مؤسساً مع أخوته في الجماعة الإسلامية مسيرة متميزة، ومساراً في العمل المؤسساتي والتربوي راسخاً في أصالته وارتباطه بما ينفع الناس.
اضاف: آمن بوحدة لبنان في أصعب الظروف، رافضاً دعوات التقسيم الطائفية والعصبيات المذهبية التي تفرق ولا تجمع، متمسكاً بالعيش المشترك، معتمداً فكر المناصحة لا المغالبة بين أبناء الأمة والوطن، نابذاً العنف والإقصاء بكل أشكاله.
وتابع: لم تكن قناعاته مبنية على مقولات ظرفية، بل كانت تنطلق من ثوابت راسخة، كان يريد رحمه الله أن ينشر بأسلوبه الفريد وسطية الإسلام بدعوته إلى الانفتاح على الآخر وإلى المواطنة كسبيل إلى المساواة بين أبناء الوطن الواحد، وما احوجنا اليوم في ظل المتغيرات الهائلة التي تعصف بعالمنا العربي الى مثل هذا العقل المنفتح والرؤى النيرة.
أمين
والقى أمين كلمة المرشد العام لـالاخوان المسلمين أشاد فيها بمزايا الراحل وإنجازاته، وقال: حمل الراحل كل هموم الامة الاسلامية وشارك فيها، اهتم بدولته وشعبه ولكنه لم ينس امته وفلسطين.
ودعا شبابالجماعة الى درس سيرة الراحل بمواقفه وعلمه الغزير وقيادته الحكيمة وان يروا الوسطية في الاسلام، وقال: لم يميز الراحل بين ابيض وأسود، ولم يفرق بين مسلم ومسيحي.
القرضاوي
ثم ألقى رئيس الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي كلمة متلفزة عبر الشاشة قال فيها: لقد عرفت الراحل منذ 47 عاما، وكان يعمل في حقل الدعوة مع الراحل الشيخ فتحي يكن وابراهيم المصري وآخرين، عرفته في بيروت ثم في بلاد شتى، وعرفته في حقل الدعوة، حيث كان عضوا في جمعية الاخوان المسلمين، وكان في مقدمة العاملين والمناقشين للامور بالحكمة.
السنيورة
واوضح رئيس كتلة المستقبل الرئيس فؤاد السنيورة ان الراحل عرف بالحكمة والعمق في الفكر مؤكداً ان الشيخ فيصل رفض الانجرار إلى الفتن الداخلية، وأصر على ابقاء السلاح مشرعاً في وجه العدو الصهيوني فقط.
وقال: عرفنا الشيخ المولوي أولَ ما عرفناه في القضاء الشرعي في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي. ومنذ تلك الفترة، اشتهر رحمه الله علماً ونزاهةً وأخلاقاً ساميةً داخلَ قاعة المحاكم وخارجها. ونقل لي من كان حاضراً أنّ الشهيدَين المفتي الشيخ حسن خالد والدكتور صبحي الصالح ذكرا في مجلسٍ تحدث فيه الشيخ فيصل مولوي ثم غادر- ذكرا عنه أنّه صالحٌ وطيّبٌ وحكيمٌ ومن أصولٍ طيّبةٍ، فأسرته معروفةٌ في طرابلس منذ أجيالٍ بالدعوة وعمل الخير والصَلاح والوَرَع. وهو خير ممثل لتاريخ اسرته ومجتمعه وبيئته الاسلامية والايمانية المتأصلة والاصيلة. وروى المفتي الشهيد حسن خالد إنه عندما عَرَضَ عليه القضاءَ أواخرَ الستينات من القرن الماضي، تردَّد وتورَّع ولم يقبل الا بعد الحاح وتمن شديد. وقد كان بالفعل كسْباً للقضاء الشرعي، ولتسديد العمل وترقيته في حفظ مقاصد الشريعة، ومصالح الناس.
اضاف: نعم، لقد أَسهم الشيخ فيصل المولوي من موقعه في طليعة علماء المسلمين، في إعانة الجمهور على الصمود في وجه الفتنة والاضطراب، وفي الإصرار على أخلاق السِلْم والأمن والرحمة. ولا شكَّ أنه كان كذلك في التزامه من خلال الجماعة الإسلامية.
وقال: بين الوداعة والشجاعة- وما أحْوجَ الوداعة إلى شجاعة في زمن الراديكاليات هذا- بين الوداعة والشجاعة إذن تقع شخصيةُ الراحل الشيخ فيصل مولوي. وقد دخل العالم العربيُّ في زمنٍ جديدٍ نحن أحوجُ ما نكونُ فيه إلى الأمرين: الوداعة والرحمة والتضامُن والسلمية من جهة، من أجل إحداث التغيير دونما تشقُقاتٍ وطنيةٍ أو عربية أو دينية- والشجاعة والجرأة والنزاهة في تحمُّل المسؤولية، لكي لا ينجحَ الطُغاةُ في التخويف بالبطش والقتْل الذريع من جديد، ولكي لا نخضع للراديكاليات الانتصارية أز الثأرية. لقد وقع التغيير، ودخلْنا في زمنٍ جديدٍ فيه مشكلاتٌ وإشكالياتٌ كثيرة، لكنه زمنٌ جديدٌ، ولا تُفيدُ في مواجهة إشكالياته العودةُ للماضي المُقْبض، ولا الخوفُ من المستقبل الغامض. فالذين قاموا بالثورات أو بدأوها هم في الأغلب من الفئات الشابة، وقد رفعوا شعارات الحرية والكرامة والتداول على السلطة والديمقراطية. وهذان الأمران: الفئات المشاركة، والشعارات المرفوعة، كلاهما يفتحان آفاقاً مستقبليةً لا بد من العمل عليها بكلّ ما نستطيع، وبأكثر مما نستطيع إذا صحَّ التعبير.
وقال: ما هذا الهول الذي يحدث في سوريا اليوم، وكيف يمكن تصوُّرُهُ فضلاً عن قَبوله. فليسقُطْ هؤلاء الطُغاةُ، ولتنتصر إرادةُ الشعب السوري وشهادتُهُ ونضالاتهُ. ونضاله من اجل النظام الديمقراطي التعددي الذي يعترف بالجميع ويفسح الطريق للجميع مسلمين ومسيحيين.
وختم قائلا: بهذا المعنى للظروف العربية الجديدة فإنّ أمامنا فرصةً وتحديات. فلا ينبغي أن نعتبر الفُرَص غنائم، كما لا ينبغي أن نحوّل التحديات إلى عداواتٍ وخصومات، وإلاّ كنا شبيهين بالذين تقضي عليهم شعوبُنا الآن في التنكُّر لحق الأمة وحق الإنسان فيها.
الشعار
بدوره، عدد مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار عدّد مزايا الراحل التي اهّلته بحق ليكون فقيه الدعوة وحكيم الدعاة.
شهيب
من جهته، قال النائب شهيّب إن الجماعة الاسلامية لم تتخلّ يوماً عن الحوار والتواصل مع كافة القوى السياسية لمعالجة الأزمات الداخلية رفضاً لمنطق الانقسام. ولم تتلكأ يومياً عن تقديم المبادرات السياسية، ولم تغب فلسطين وقضيتها عن مشروعالجماعة في لبنان وهو ما أرساه الشيخ فيصل.
اضاف: لم تغب فلسطين، ولم تغب القدس من ذاكرة وعملالجماعة الإسلامية ولم تتأخر عن ممارسة سعيها وحقها في مواجهتها العدو الإسرائيلي ومشاريعه العدوانية بالوائل المتاحة، فكانت في لبنان نصيرة المقاومة وملتزمة خيارات الدولة ومؤسساتها مدافعة عن حرية الإنسان في لبنان وحق الشعوب العربية بالحرية والكرامة، وهي بالتأكيد تقف الى جانب الشعب السوري في ثورته ضد نظام القتل والحقد والإغتيال والقمع والإجرام، فالحرية لا تتجزأ والكرامة الإنسانية لا تتجزأ.
وقال مشعل في كلمة مسجلة إن همّ فلسطين كان دائماً في طليعة اهتمامات الشيخ فيصل، فكانت دائماً فلسطين حاضرة في عقله وقلبه وجهوده. وكان في طليعة مؤسسي مؤسسة القدس الدولية. كاشفاً أن للشيخ فيصل صفحات مشرقة سيذكرها التاريخ له في مسار حركة حماس.
منصور
وذكر الامين العام لجبهة العمل الاسلامي في الاردن حمزة منصور أن روح شيخنا الجليل قائلة إن وحدة لبنان وسيادته أمانة في أعناق اللبنانيين جميعأً، والقضية الفلسطينية هي القضية المركزية، ونصرة شعبها حق على كل عربي ومسلم.
فضل الله
بدوره، اكد المشرف العام على مؤسسات المرجع السيد محمد حسين فضل الله العلامة السيد علي فضل الله أن الراحل كان إسلامياً عاش الإسلام في كل عمقه وحركيته وأخلاقيته، فلم يشعر كل الذن عاشوا معه أنه اسير أية خصوصية قد تقيّده، كان حريصاً على التعايش الإسلامي المسيحي عندما كان يراد التلاعب به، وبناء القواعد المشتركة في كل الساحات، ولفت إلى التعاون الفكري والحركي بين سماحته وسماحة السيد محمد حسين فضل الله.
ضو
واكد الامين العام لهيئة الحوار الاسلامي - المسيحي الأب انطوان ضو انه لم يعرف الشيخ فيصل إلا رسول وحدة ومحبة، في كل الملتقيات والمؤتمرات.
وكانت كلمة الختام للامين العام للجماعة الاسلامية في لبنان ابراهيم المصري الذي اكد أن هناك دوائر عالمية تعمل ليكون الشباب المسلم بين خيارين، إما منطوي منزوي معزول، أو ان يكون إرهابياً، ولكن الشباب الذين رباهم الشيخ فيصل هم شباب يريد بناء المجتمع لا هدمه، ويريد إصلاح السياسة لا اغتيالها، مؤكداً في هذا السياق أن الثورات الشعبية العربية ماضية في تحقيق أهدافها وتطلعات شعوبها، كما عدد إسهامات الشيخ فيصل في إطار بناء المؤسسات.
وكانت كلمة لآل المولوي ألقاها نجل الراحل مالك مولوي شكر فيها الحضور والمحتفين مؤكداً الاستمرار على نهج الراحل.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.