بدأت ظاهرة المصارف الإسلامية تأخذ مكانها في عالم الصيرفة خلال السنوات الأخيرة وأصبح الغرب ينظر بإيجابية الى هذه المصارف التي ترتكز على العديد من القوانين والضوابط الشرعية التي تحكم عملها وتجعلها تتمتع بالشفافية التي هي الأساس لكسب ثقة المودع الذي بات يبحث عن ملاذ آمن للاقتراض وللاستثمار في ظل التخبط الاقتصادي الذي يعيشه العالم.
وبيت التمويل العربي مصرف أثبت نجاح هذه الظاهرة بدليل الفروع الجديدة التي افتتحها خلال السنتين الأخيرتين وأرباحه التي زادت على50 في المئة خلال العام 2008، بالإضافة الى الفروع الجديدة قيد الإنجاز خلال الفترة المقبلة في البقاع والضاحية.
وما كان هذا النجاح ليعلو لولا العمل الجدي الذي يقوم به المدير العام للمصرف الدكتور فؤاد مطرجي الناشط في تعميم ثقافة العمل المصرفي الإسلامي في لبنان وعلى مستوى العالم العربي والإسلامي، الذي يتطلع الى هذه الصناعة التي آمن بها وكرّس كل جهدٍ على أنها صناعة مصرفية ومالية وهو الذي يتميز بديناميكية عالية وتقنية متطورة.
ويلفت مطرجي، الحائز وسام الأرز الوطني من رتبة ضابط في حديث مع المستقبل الى أن النمو جيد وهو وصل الى نحو 35 في المئة، كما أن بيت التمويل يملك ما يفوق الخمسين في المئة من سوق الصيرفة الإسلامية في لبنان.
ويقول هناك إقبال من الأموال المهاجرة (العائدة من المغتربين في الخارج) الى لبنان عبر المصرف وذلك نظراً للشفافية العالية التي يتمتع بها والتي ترجمت بحصول المصرف على جائزة أفضل مؤسسة إسلامية في لبنان وأكثر المصارف الإسلامية نمواً، بالإضافة الى احتلاله المرتبة 40 من أصل 480 مؤسسة مالية إسلامية.
ويشير الى أن ذلك مرده الى وجود 5 هيئات رقابية داخل المصرف، فبالإضافة الى هيئات الرقابة الخارجية والداخلية ولجنة الرقابة على المصارف، يوجد في بيت التمويل هيئتان إضافيتان وهما هيئة الرقابة الشرعية ومراقب شرعي داخلي ما يعني ضوابط أكبر وشفافية أكثر وخبرة أفضل.
ويؤكد مطرجي أن البنك الإسلامي ليس فقط للمسلمين بل هو لكل الناس على اختلاف طوائفهم، وهناك عدة محاضرات لإيضاح هذه الفكرة ولإبراز أن المصرف هو مصرف أخلاقي لا يتعاطى مع كل ما يُضر الإنسان ولا يتعامل بالفائدة التي هي محرمة في كل الأديان.
ويلفت الى أن الربحية عالية وقد وزع المصرف 5,8 في المئة من الإبداعات الاستثمارية هذه السنة وتقاسم الربحية بينه وبين المودعين.
ويتمنى مطرجي أن يكون هناك حركة استيعاب أكبر للمصارف الإسلامية من قبل المصارف العادية التي بدأت تفتح نوافذ إسلامية داخلها، الأمر الذي يثبت نجاح تجربة المصرف الإسلامي.
ويقول باختصار نحن لسنا جمعية خيرية بل نحن مصرف يبتغي التجارة والربح ضمن حفظ الأموال وفق الشريعة.
ويعتبر مطرجي أن المصارف الإسلامية قيد النمو وهي بدأت تأخذ حجمها وبدأ الغرب ينظر إليها بإيجابية باعتبار أنها يمكن أن تكون الملاذ الآمن للعديد من الدول الأوروبية التي بدأت تستوحي من هذه المصارف العديد من القوانين والضوابط التي يمكن أن تحكم عمل مصارفها.
ويشير الى انه تم عقد عدة اجتماعات مع مسؤولين اجانب لاطلاعهم على طريقة تحمل هذه المصارف وتعاملها مع الأزمة المالية، ويقوم بعض الاقتصاديين والاساتذة الجامعيين بدراسة طريقة تحملها للاستفادة منها.
ويتحدث مطرجي عن الأزمة المالي التي بدأت تظهر في الولايات المتحدة الأميركية منذ 2002، فيقول ان اميركا وعلى الرغم من امتلاكها قوة كبيرة وهي طباعة العملة، هو إضافة الى قوتها السياسية والعسكرية، ارتفعت نسبة البطالة فيها، وهي لن تتجاوزها قبل سنة ونصف على الأقل رغم الاقتراحات التي يتم تداولها لمواجهتها وتخطيها.
ويضيف عندما وقفت التجارة الالكترونية، طلب من دول الخليج تخفيض انتاج البترول ما ادى الى كارثة جراء نزول الاسعار وذلك بحد ذاته كان مؤشراً خطيراً.
ويشير الى ان بعض الناس خصوصاً في الامارات العربية وضمن الفورة المالية وسهولة الاقتراض، زاد الاقبال على الاشتراك في اسهم البورصة دون دراسة مسبقة، ويتابع: عندما حصلت الازمة وزاد الضغط على سحب الأموال، طلبت المصارف من المقترضين منها تسديد ما عليهم حتى تستطيع المصارف دفع الأموال الى اصحابها، واصبح المشتركون في البورصة مضطرين لبيع الأسهم حتى يسددوا التزاماتهم ويرى انه عندما يكون المعروض اكثر من المطلوب، تهبط الأسعار بغض النظر عن قوة ومكانة الشرعات.
بعض المصارف الموجودة تحقق ارباحا خيالية ولكن سعر اسهمها ينزل على الرغم من ان لا ديون لديها ووضعها ممتاز وارباحها عظيمة والسبب ان السهم يطرح لتسديد بعض الالتزامات، موضحا ان الفورة العقارية التي شهدتها دبي تأثرت بالازمة العالمية لأن الفرد الواحد بدأ يقترض من 4 او 5 بنوك وراح يشتري شققا بمبالغ بسيطة ويبيعها بمبلغ بسيط ويسدد للمصارف، ما جعل اسعار العقارات تهبط لأنه لم يعد هناك قيمة للعقار ولأن المعروض اكثر من المطلوب.
ويرى ان لبنان لم يتأثر لأن الطلب اكثر من العرض ولأن الطلب على الشقق هو للسكن وليس للمضاربة، ما جعل اسعار العقارات مستقرة ولم تتأثر بما حصل عالمياً من اضطرابات مالية.
ويوضح ان المدرسة الاقتصادية الاميركية اثبتت فشلها لأنها مدرسة تتوخى الربح دون النظر الى الوضع الاقتصادي العام وحاجة المواطن اي لا توجد ضوابط لها يقابلها الاقتصاد الاسلامي المتمثل بالمصارف الاسلامية التي ترتكز على ضوابط في السوق وهي تعمل على التداول بالاموال حسب ما يرضى الله وعلى عمارة الارض وليس تجارة الارض، وكذلك على الكفاية وحماية الملكية، ذلك كله يعني ان المصارف الاسلامية لا تبيع ما تملكه ولا تتاجر بالديون (اي لا تفترض لتعيد الافتراض) فهي تتاجر مباشرة بالسلع وهي لم تتأثر بالأزمة العالمية لانها استعملت الاموال في هذه السلع التي هي موجودة.
ويشدد مطرجي على ان الاخلاق هي التي تحكم عمل المصارف الاسلامية التي لا تتعاطى الا بالمواضيع الشرعية اي تقدم قروض الى الزبائن لاستثمارها بأعمال لا تخالف مبادئ الشرع.
ويرى ان الشفافية مهمة جدا في تعامل هذه المصارف التي تمنع المضاربات لكنها تتيح للزبون الحرية في البيع والشراء، ولكن مراعاة الضوابط الشرعية (اي مثلا يقترض 100 الف، عليه ان يشتري بـ100 الف وليس اكثر).
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.