8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

قراءة عقارية للخطة الشاملة لترتيب الأراضي في لبنان

وضعت المديرية العامة للتنظيم المدني الخطة الشاملة لترتيب الاراضي في لبنان. ورأى المدير العام السابق للتنظيم المدني الدكتور جوزف عبد الاحد أن الخطة الشاملة هي انجاز مهم بتوجيهاتها ولمساهمتها في تسهيل مهام الادارات المختلفة وتنشيط عملها كما والتنسيق فيما بينها وإشراكها فيها، مما يؤدي في الخلاصة الى أداء سليم يختصر الجهد والوقت والمال.
واشار الى انها تشكل جزءا من الخطة الشاملة للانماء على المستوى الوطني ومدى تأثيرها الايجابي المرتقب عند تنفيذها في كل القطاعات الانتاجية والانمائية، ومردودها على المدى المتوسط والبعيد في استنهاض دور لبنان على الصعيد الوطني والصعيد الاقليمي وبالتالي على الصعيد العالمي.
ويقول عبد الأحد لـ "المستقبل" لا شك في أن ترتيب الأراضي واستعمالاتها وتوجيه أنماط النموط يؤمن أطراً عامة للتنمية المستدامة من خلال وضع التصاميم وتحديد القواعد والاتجاهات الرئيسية لتنظيم المناطق وذلك يتم على كافة المستويات ومن ضمن مفهوم التنمية المتكاملة لكافة الأراضي اللبنانية ومن خلال تحديد امتداد المناطق السكنية الذي يأخذ بالإعتبار العلاقة بين التجمعات السكنية الذي يأخذ بالأعتبار العلاقة بين التجمعات السكنية والمناطق المجاورة وبالتالي تأمين التوازن الذي يتوجب ما بين تطور مناطق امتداد العمران البيئي هذه من جهة والمحافظة على المواقع والموارد الطبيعية والنشاطات الزراعية والمناطق الحرجية من جهة ثانية. وكما يحدد التصميم التوجيهي وجهة استعمال الأراضي بصورة اجمالية ومن خلال رؤية تنموية شاملة مستندة بذلك على مواقع الخدمات العامة والبنية الأساسية والتنظيم العام للنقل داخل المنطقة وارتباطها بالمناطق المحيطة ومواقع النشاطات الإنتاجية وبالتالي يتم تحديد مناطق امتداد السكن المناسبة ومن ضمنها الأحياء النسيجية القديمة التي يتوجب توجيه محيطها أو تصحيحه وفقاً لنمط يتناسب ومميزاتها، وتضع هذه التصاميم أطراً توجيهية تؤمن التنسيق بين كافة المشاريع الموضوعة من قبل الإدارات والمؤسسات العامة والبلديات وتحديد الأولويات لهذه المشاريع.
ويتابع: "لا شك أنه في ظل غياب المخطط الشامل للأراضي اللبنانية، وفي ظل أحكام المادة 17 من المرسوم الإشتراعي رقم 148/83 انتشر العمران بشكل عشوائي وفوضوي، كما برزت كتل حجمية للأبنية لا تنسجم مع الطبيعة الطوبوغرافية للمواقع التي انشئة فيها، ومن ناحية أخرى لم يتم احترام وجهة استعمال الأراضي وخاصة الأراضي الزراعية والمواقع الطبيعية والأحراج والمراكز الأثرية، مما أوجد واقعاً عدائياً لكل من الطبيعة البيئية والنسيج العمراني التقليدي في كثير من هذه المناطق.
وقد استوجب هذا الأمر معالجة ملحة، قامت على أثرها المديرية العامة للتنظيم المدني بوضع المخططات التوجيهية والأنظمة التفصيلية للعديد من المدن و البلدات والمواقع الحساسة التي غزاها العمران بشكل عشوائي وبأنماط سريعة بدأت تهدد الثروات الطبيعية بل قضت على جزء مهم منها".
ويشير عبد الأحد الى أن الإمكانيات البشرية والمادية المتاحة للمديرية العامة للتنظيم المدني لم تجعل من الممكن تدارك المشاكل بشكل شامل وإنما أدت فقط الى تحديد الأولويات ضمن إطار تحديد أكثر المناطق حساسية وحاجة الى المعالجة في كافة المحافظات، وقد عملت المديرية على وضع الدراسات التنظيمية وفقاً لجدول الأولويات وضمن إطار يتم من خلاله معالجة وضع المناطق الأكثر إلحاحاً، آخذة بالاعتبار ضرورة أن يتم توزيع هذه الدراسات على مستوى عادل من المساواة بين كافة المحافظات وفي كافة المناطق، وبشكل متفرق، وهذا الأمر وإن كان لا يلبي الطموح المرجو، إلا أنه مما لا شك فيه أن النتائج الإيجابية لهذه الدراسات ساهمت في تفادي استمرار التدهور و تمادي العشوائية العمرانية، كما أعادت التوازن المرتجى على طريقه الصحيح بما يؤمن التنمية المرجوة للمناطق التي وضعت لها الدراسات.
ويقول: "إلا أنه وفي هذا السياق وفي ظل المعوقات المتمثلة بإمكانيات المديرية العامة للتنظيم المدني المحدودة لا يمكن إلا أن نشير الى التباين الذي نتج بين وضع البلدات التي وضع لها مخططات تنظيمية والبلدات المجاورة لها وبخاصة تلك التي بقيت خاضعة لنظام المناطق غير المنطقة حيث تأثرت بالعشوائية وبانتشار البناء وعدم توازن النشاطات السكانية المرافقة خلافاً لطبيعة المنطقة واستعمالات الأراضي، مما ولد، وفقاً للمفاهيم التنظيمية الملتبسة لديهم، حالة امتعاض وإحساس بالغبن لدى بلديات وأهالي المناطق المنظمة نتيجة غياب مفهوم التنمية المستدامة التي تنتج عن هذه المخططات وربطها فقط بمعدلات الإستثمار التي خسروها نتيجة ترتيب أراضيهم ومقارنتها مع المناطق غير المنظمة التي يعتبرونها تتمتع بمعدلات استثمار مرتفعة، وهذا ما يدفعهم الى رفض هذه المخططات والاعتراض عليها وبالتالي تأخير استصدار المراسيم لهذه المخططات".
إن وضع المخططات التنظيمية المتفرقة على مراحل زمنية قد أدى الى تنظيمم ما لا يقل عن الـ 40 بالمئة من الأراضي اللبنانية، إلا أنه وفي غياب المخطط التوجيهي أو الخطة الشاملة لترتيب كافة الأراضي اللبنانية، فإن هذا قد أدى الى بعض التباين والإرباك في هذه الدراسات من ناحية توزيع التوجهات الإقتصادية والاجتماعية والصناعية والإنتاجية على المستوى الوطني، أي أن توزيع هذه النشاطات قد تم على المستوى المحلي لكل منطقة على حدة وضمن المحيط القريب لها.
من هنا فإن المخطط التوجيهي الشامل كان أحد أهم هواجس وتطلعات المديرية العامة للتنظيم المدني، بيد أن العديد من المعوقات قد حالت دون المبادرة في وضع هذا المخطط وخاصة ما مر على لبنان من فترة أحداث أليمة تقلصت خلالها ا لإمكانيات البشرية والمالية.
وما إن استتب الأمن وتمت المباشرة بإعادة اعمار لبنان بادرنا سنة 1994 الى المطالبة بالمباشرة بوضع هذا المخطط نظراً لإدراكنا لما يشكله من أهمية قصوى كركيزة أساسية لإطلاق خطة تنموية شاملة تضع لبنان في المسار الصحيح لإعادة تكوين مقوماته بل وتعيد صياغة هذا الدور، لتمكينه من استخدام مقوماته الطبيعية والبشرية وبالتالي تحديد دوره الأساسي إقليمياً ودولياً.
وقد انطلقت فكرة وضع المخطط ومن ثم أثمرت بتكليف أيوريف بالإشتراك مع دار الهندسة، وذلك بإشراف مجلس الإنماء والإعمار وبالتنسيق مع المديرية العامة للتنظيم المدني، وقد بوشر بوضع هذا المخطط في شهر نيسان 2002 وانجز منذ فترة وجيزة ونأمل ان يتم اصدار مرسوم تصديقه قريباً بعد أن اقترن بالموافقة عليه من قبل المجلس الأعلى للتنظيم المدني.
ويختم قائلاً: ومما لا شك فيه أن إنجاز هذا المخطط يساهم في جملة مكونات تؤمن بشكل أساسي وحدة الوطن، والتنمية المتوازنة لكافة المناطق اللبنانية، كما وترشيد استهلاك الموارد الطبيعية، ووضع اقتراحات ناجعة لوسائل تحسين الإنتاجية والنمو الاقتصادي، بالإضافة الى الحفاظ على البيئة والطبيعة، وحماية الشواطئ ومجاري الأنهر، وتأمين وسائل الصرف الصحي وأولويات محطات التكرير، حماية قمم الجبال، وحماية الطبقات الجوفية المائية، حماية المناطق الزراعية، كما وتحديد مناطق الخطر من مناطق انزلاقات وفياضانات ومناطق حساسة معرضة للتلوث من جراء تشققات الأرض الطبيعية، كما تضمنت الخطة حماية وتنمية المناطق الطبيعية وبالتالي تحريكك الاقتصاد المحلي المرتبط بديناميكية هذه المناطق كوادي قاديشا ووادي نهر الجوز وغيرها.
ويتضمن تحديد أولوية شبكات المواصلات وتحسين ارتباط المناطق ببعضها البعض من جهة وارتباط لبنان بمحيطه، كما يركز على تشجيع وتنشيط النقل المشترك.
كما يحدد من جهة أخرى تحديات المستقبل من ناحية الحاجات التربوية والمؤسسات الصحية وكافة الخدمات الضرورية.
وهذا كله باختصار يساعد على مجاراة التحديات الإقتصادية في واقع العولمة الذي يبدأ يفرض نفسه على العالم.
ويتابع: "إن الإدارة اللبنانية على كافة مستوياتها وفي كافة الوزارات والمؤسسات العامة المعنية بما فيها المصالح والإدارات العامة المستقلة والبلديات يمكنها اعتماد التوجيهات التي تتوافق مع هذه الخطة في كل شأن من شؤون أعمالها ذات العلاقة باستعمالات وتنظيم الأراضي.وفي حال تبين للإدارة عدم امكانية الإلتزام بتوجيهات الخطة الشاملة للبت فيها على أن يتولى المجلس الأعلى للتنظيم المدني الإشراف على تطبيق أحكام هذا المرسوم ضمن الصلاحيات المناطة به.
ويضيف: "أن الخطة الشاملة بحاجة الى متابعة وتقييم وتطوير وإعادة نظر ببعض معطياتها في ضوء المتغيرات الممكن أن تطرأ عليها فقد تم اقتراح تأليف لجنة إدارية برئاسة مدير التخطيط والبرمجة في مجلس الإنماء والإعمار وتضم مندوبين عن المدراء والعاملين لوزارة الأشغال العامة والنقل ووزارة البيئة والداخلية والبلديات والطاقة والمياه والزراعة والصناعة والإقتصاد الوطني والثقافة تكون مهمتها متابعة تنفيذ برنامج الخطة الشاملة لترتيب الأراضي اللبنانية. وتلتئم هذه اللجنة أربع مرات على الأقل في السنة وترفع تقريراً سنوياً الى رئاسة مجلس الإنماء والإعمار عن تقدم العمل بالخطة الشاملة لعرضها فيما بعد على مجلس الوزراء.
ويرى، كذلك، أن الخطة الشاملة هي إنجاز مهم بتوجيهاتها ولمساهمتها في تسهيل مهام الإدارات المختلفة وتنشيط عملها كما والتنسيق فيما بينها وإشراكها فيما بينها مما يؤدي في الخلاصة الى أداء سليم يختصر الجهد والوقت والمال.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00