نظم مركز التنمية التشريعية في جامعة ولاية نيويورك في الباني بالتعاون مع الوكالة الاميركية للتنمية الدولية (USAID) رحلة عمل لعدد من رؤساء بلديات المدن الكبرى في لبنان الى الولايات المتحدة الاميركية في اطار تبادل الخبرات والاطلاع على احدث ما توصلت اليه التشريعات وآليات العمل البلدي على هذا المستوى. وضم الوفد رؤساء بلديات 4 مدن كبرى هي: بيروت عبد المنعم العريس، طرابلس رشيد جمالي، زحلة اسعد زغيب وصيدا عبدالرحمن البزري.
كما مثل جامعة ولاية نيويورك في الباني مدير مركز التنمية التشريعية في لبنان محمود بتلوني الذي ذكر "ان الجامعة تقدم مساعدة لـ850 من اصل 930 بلدية في الوقت الراهن"، مؤكدا "انها تهدف من خلال هذه البرامج الى المساهمة في عملية استنهاض المؤسسات الديموقراطية عبر تعزيز دور المجالس المحلية وتفعيل مشاركة المواطنين في صنع القرارات".
ومعلوم ان الزيارة تندرج في اطار مذكرة التفاهم التي تم توقيعها بين الحكومة اللبنانية ممثلة بوزارة الداخلية من جهة والوكالة الاميركية للتنمية الدولية (USAID) ومركزالتنمية التشريعية في جامعة ولاية نيويورك في الباني من جهة اخرى، في كانون الاول الماضي. وبموجبها، اتفق الجانبان على تنفيذ سلسلة برامج، بقيمة 17 مليون دولار، لتعزيز دورالمجالس المحلية في التنمية الاقتصادية. وشملت المذكرة تقديم الدعم لاتحادات البلديات وتفعيل قدرات المجالس البلدية عبر تحويلها مجالس الكترونية، وتطبيق نظام المعلومات الجغرافية (GIS) في البلديات الكبرى، اضافة الى توقيع اتفاقات توأمة بين مدن لبنانية واميركية لتبادل الخبرات.
وقد جال الوفد اللبناني على ولايات ومقاطعات اميركية عدة حيث التقى رؤساء بلدياتها ومسؤولين فيها. كما نظمت سلسلة اجتماعات عمل اطلع فيها الوفد على انظمة العمل البلدي والتحديث المتواصل في هذه المجالات، في العاصمة الاميركية واشنطن، ولاية فيرجينيا (الكسندريا، مقاطعة فيرفاكس)، ولاية ميريلاند (مونتغومري)، ولاية ماساشوستس (كمبريدج). وركزت المناقشات على ادارة الموارد المالية للبلديات، الحصول على مساعدات لتنفيذ مشاريع تهدف الى تحقيق التنمية الاقتصادية، دور الجمعيات التي تحمي حقوق المواطن مع الدولة، وضع استراتيجيات من شأنها تفعيل مشاركة المواطن في المجالس المحلية، اهمية التقنيات في تطوير الخدمات، اعداد برامج مهمتها تأمين انخراط المجموعات الثقافية المتعددة في عملية صنع القرارات، فضلا عن اهمية التوصل الى تنفيذ الحكومة الالكترونية.
رئيس بلدية طرابلس رشيد جمالي تحدث الى "المستقبل" عن نتائج الزيارة محاولا تحديد آلية افادة طرابلس من هذا التعاون وكيفية ترجمته من خلال مشاريع عملية تخدم اهداف التنمية المحلية وتعزيز الشفافية والديموقراطية والحكم الصالح. واذ دعا الى تطوير اللامركزية الادارية "كمدخل اساسي لمعالجة مشكلات الانماء غير المتوازن"، اكد ان الإجتماعات التي عقدت مع البنك الدولي في واشنطن "شكلت فرصة ممتازة لتبادل وجهات النظر في إمكانات تعاون البنك الدولي مع البلديات اللبنانية" معددا سلسلة برامج يمكن ان تعود بالنفع على عاصمة الشمال أبرزها مشروع الخطة الاستراتيجية لإنماء مدينة طرابلس، الذي قدمت بلدية طرابلس طلب مساعدة الى البنك الدولي من أجل إنجازه.
"كما شكلت الزيارة فرصة هامة لمناقشة تفاصيل مشروع الإرث الثقافي في مدينة طرابلس الذي يمثل أولوية إنمائية رئيسية. وكانت هناك جولة أفق عامة حول مشاريع أخرى ومن أبرزها مشروع الخطة الاستراتيجية لإنماء مدينة طرابلس، الذي قدمت بلدية طرابلس طلب مساعدة البنك الدولي من أجل إنجازه".
واضاف: "يشكل الوضع الإقتصادي ـ الإجتماعي المتأزم أحد أبرز مشكلات مدينة طرابلس حيث مستوى الدخل الفردي هو الأدنى في لبنان وحيث مستويات الأمية بين الرجال والنساء هي بين الأعلى في لبنان وحيث ألوف الشباب المتسربين من التعليم في الشوارع دون عمل ودون كفاءة. يضاف الى ذلك وضع إقتصادي متأزم وركود حاد في الدورة الإقتصادية".
"طرابلس تحتاج وبشكل عاجل الى التنمية، والسياحة الثقافية والعائلية صناعة رئيسية. ويمكن أن تحتل طرابلس موقعا هاما في إطارها بالإضافة الى العديد من المشاريع الإنمائية الأخرى.
"وعلى ضوء الإمكانات المالية المحدودة للبلديات والدولة اللبنانية فإن التعاون الدولي لمواجهة التحديات القائمة يبقى ميدانا أساسيا، ومن هنا حرصنا على التواصل والتعاون مع بلديات متقدمة ومنها بلديات أميركية ويمكن أن نتوصل الى توأمة مع إحدى بلديات المدن الأميركية الكبرى للإستفادة من خبراتهم وإمكاناتهم".
كما قوم رئيس بلدية زحلة معلقة اسعد زغيب نتائج الزيارة وآلية افادة عاصمة البقاع من هذا التعاون. فأكد ان الزيارة للولايات المتحدة، تتركز في مجالين اثنين: الأول: هو الصلاحيات والامكانات الواسعة جدا7-7- التي تملكها البلديات في الولايات المتحدة وهي صلاحيات وامكانات ساهمت الى حد كبير في نمو المجتمع الاميركي بشكل متوازن وكبير وفي كل المجالات.
وقال : "اللامركزية الإدارية الأميركية متقدمة بشكل واضح عما هو قائم في دول العالم الثالث وهذا عامل اساسي من عوامل تقدم مجتمعها.الثاني: قدرة البلديات، عبر صلاحياتها وإمكاناتها، وعبر نظام الحريات العامة والديموقراطية، على ادارة التنوع الأميركي بكفاءة عالية، وعلى إدخال عنصر العدل والتوازن في التعاطي مع كل المواطنين الأميركيين على مختلف أصولهم.
وقال: "الزيارة للولايات المتحدة عززت قناعتنا بأهمية تطوير اللامركزية الإدارية في لبنان التي تبدو اليوم شديدة التخلف مقارنة مع دول العالم المتقدم والمزدهر".
"لقد أعربنا دائما عن قناعتنا بأن تعزيز اللامركزية اللبنانية وتطويرها هو مدخل رئيسي لمعالجة مشكلات الإنماء غير المتوازن في وطننا. وطرابلس التي تعاني من صعوبات استثنائية على المستويين الإقتصادي والإجتماعي قادرة على معالجة بعض من مشكلاتها إذا توفر للبلدية الصلاحيات والإمكانيات".
ولفت الى ان اللامركزية الإدارية على الرغم من قدم عهدها في لبنان، إلا أنها لا تشكل جزءا من تراث المنطقة. وقد تأثر لبنان بمفاهيم المنطقة وأدى هذا الى تراجع كبير في ممارسة اللامركزية الإدارية في لبنان والإنعكاسات السلبية لهذا التراجع.
التجربتان الإميركية والأوروبية في ميدان اللامركزية الإدارية يمكن أن تكون حافزا لنظامنا اللبناني لتطوير هذه اللامركزية بعد أن ثبت أن اللامركزية الإدارية الحقيقية هي رافعة نهوض إنمائي يحقق التوازن الإجتماعي والإقتصادي الوطني.
واشار الى انه على الرغم من أن قانون البلديات اللبناني الصادر في العام 1977 كان في حينها قانونا متقدما إلا أن القرارات الحكومية والوزارية المختلفة بعد ذلك بالإضافة الى قرارت سلطات الرقابة المتعددة قد أفرغت هذا القانون من مضمونه وميزاته، بحيث أضحى قانون البلديات هيكلا بلا روح.
"إن تعديلات جذرية أضحت اليوم مطلوبة على مستوى هذا القانون بحيث تولى البلدية صلاحيات واسعة في ميداني التنمية المحلية والخدمات العامة مترافقا مع تعزيز موارد البلديات المالية التي جرى إقتطاع أجزاء هامة منها بموجب قوانين الموازنة المتتالية.
يضاف الى ذلك قضية الملاكات البشرية في البلديات والتي أضحت شاغرة بنسب كبيرة نتيجة منع التعيين بموجب قرارات مجلس الوزراء المتتالية والتي فرج عنها مؤخرا ليصبح بالإمكان ملء الشواغر بعناصر شابة ومؤهلة، تتقن استخدام التقنيات الحديثة التي أضحت جزءا أساسيا من العمل البلدي اليوم".
وقال: "شكلت الإجتماعات التي عقدت مع البنك الدولي في مقر البنك في واشنطن فرصة ممتازة لتبادل وجهات النظر في إمكانات تعاون البنك الدولي مع البلديات اللبنانية في مشاريعها الإنمائية وقد شرح الوفد اللبناني مشكلات المدن اللبنانية والصعوبات التي تواجهها واضطلع من المسؤولين في البنك على الأنظمة والقواعد التي تحكم التعاون المباشر بين البنك الدولي من جهة والبلديات من جهة أخرى".
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.