لم يكن مفاجئا تعيين الدكتور عبد المنعم يوسف مديرا عاما للاستثمار والصيانة ورئيسا لهيئة اوجيرو ، بل المفاجئ تلك الخطوة النوعية للحكومة اللبنانية، بإقدامها على "اعادة الاعتبار" الى مسؤول مظلوم.
خطوة لا سابقة لها في لبنان، تؤسس لمستقبل واعد في بلد تاق الى "اعادة الاعتبار"، بعدما دجنته الممارسات "اللاعتبارية" على مدى عقود من الزمن، احبطت النفوس، وقضت على الامال. وحدّت من الاطماح.
أعادت الدولة الحق الى نصابه بإعادته الى اصحابه . رجل ظلم، سجن، شرد وعائلته، لكنه ابى ان يستسلم. سجن سنة كاملة، خرج بعدها ليناضل في تفكيك دعاويه الاثنتين والعشرين التي تلقاها من "المواطن الصالح".
عبد المنعم يوسف نموذج الموظف المظلوم في الدولة اللبنانية الذي دفع ثمن علمه وتفانيه وقدراته وعمله واقتناعته قهرا، دفع ثمن عدم سماعه لما يحب الا يسمعه اهانة، أهين بسبب مواقفه والحفاظ على حق الدولة، كان يرفض التسويات في قطاع هو مليء بذلك، كان يرفض السمسرات في مكان تبرم فيه اكبر الصفقات وأعلاها مع كبريات الشركات والمشغلات.
من أعلم من عبد المنعم يوسف في قطاع الاتصالات في لبنان؟ الصديق الصدوق للعالم اللبناني في "الناسا" شارل العشي، وكان سيغدو زميلا له هناك لولا أن حسم خياره بالمجيء الى لبنان في اواخر العام 1995.
من اللبنانيين المتفوقين في المعهد التكنولوجي العالي في فرنسا. رفع اسم لبنان في كبريات المشغلات الاميركية واليابانية وفي الاتحاد الدولي للاتصالات، أُعجب به ميشال بون كبير خبراء قطاع الاتصالات في فرنسا ورئيس اكبر مشغل فرنسي "فرانس تيليكوم" التي تضم اكثر من 150 الف موظف. كان من اهم العشرة الكبار في عالم الاتصالات في اوروبا.
مشكلته انه يحب بلده، فدخله من بابه الواسع اي من باب العلم والكفاية، لكنه رفض الانجراف في عالم المحسوبية والتبعية والاستزلام وتنفيذ الاوامر. فدفع الثمن.. يقول "من يناقشني في قطاع الاتصالات احترمه واقدره واناقشه".
فوّض اليه الرئيس الشهيد رفيق الحريري صلاحياته عندما شغل حقيبة وزارة الاتصالات في اواخر العام 1996، نظرا لخبراته وقدراته، واعتبره من الجيل المؤسس للدولة العصرية التي لطالما كانت حلم الرئيس الشهيد.
شهدت له جولات مفاوضات الخلوية في مراحلها الاولى وكان على يقين من ان الدولة ستصل الى النتيجة التي وصلت اليها مع الشركتين المشغلتين السابقتين (ليبانسل وسيلس) نتيجة السياسات الخاطئة المبنية على الحقد والكيدية في القطاع.
حسنا فعل مجلس الوزراء والرئيس فؤاد السنيورة والوزير مروان حمادة خاصة، إذ اعربوا عن رغبتهم في تطوير قطاع الاتصالات ليصبح في مصاف الدول العصرية والمتطورة. حسنا فعلوا في "إعطاء الخبز للخباز ونفسه شبعانه".
وان اعادة تعيين عبد المنعم يوسف في منصبه من جديد يعني اعادة تطوير القطاع وتحريره وبالتالي تخصيصه، بعدما تجمّد وتراجع لاكثر من ثماني سنوات. ومن ادرى من المدير العام المعينَّ بخفايا الوزارة واوجيرو وتركيبتها البشرية واللوجستية الممتدة والمتشعبة في شرايين البلد وزواريبه.
إن دل هذا التعيين إلى شيء فإلى ان الدولة برئاسة الرئيس السنيورة ووزارة الاتصالات بشخص وزيرها مروان حماده ستنهج نهج العلم والتطوير والولاء للوطن وللوطن وحده، وانصاف الاكفياء ومحاسبة المقصّرين وليس العكس.
وبهذا التعيين تثبيت للمقولة الشهيرة "ان الحق يعلو ولا يعلى عليه".
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.