8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

دورات التدريب المناطقية ضاعفت الجباية وسهّلت معاملات المواطنين

كانت الجباية تناهز المليار ليرة سنويا في بلدية صيدا. الا ان الشروع في خطة التطويرالتي تخللها ادخال المكننة وتنظيم الواردات وتوسيع قاعدة المكلفين ادى الى "رفع الغلة" من الرسوم المباشرة، العام الماضي، الى مليارين.
تبدو زيادة الايرادات وجباية الضرائب والرسوم من اصعب المهمات التي تواجه المجالس البلدية. ويشكل تنظيم هذه العملية وادارتها، تحديا يسمح لهذه المجالس بالشروع في برامج تنموية وصولا الى الغاية الاساسية وهي تحسين الخدمة المقدمة الى المواطن.
انطلاقا من سعيها الى تفعيل دورالمجالس المحلية، الركن الاساسي في بناء الديموقراطية وصولا الى تعزيز اللامركزية الادارية والحكم الصالح، اولت "الوكالة الاميركية للتنمية الدولية" )DIASU( بالتعاون مع مركز دراسات التنمية التشريعية في جامعة ولاية نيويورك في الباني هذه المشاريع اهمية خاصة. لذا عملت على تطوير اساليب العمل المالي في البلديات، من خلال مجموعة مشاريع شكلت "تكملة للمساعدات التي تقدمها الوكالة عموما في مجال التنمية السياحية والزراعة الصناعية وتطويرالمعلوماتية" على قول مدير مكتب الوكالة الاميركية للتنمية الدولية في لبنان رؤوف يوسف، "على ان يبدأ تنفيذ هذه المساعدات القيمة من قبل شركات ومنظمات غير حكومية، مطلع ايلول المقبل(سبتمبر)".
على المستوى البلدي، بدأت "ورشة" درس القوانين المتعلقة بالعمل الاداري والمالي وتزامنت مع اعادة نظر في هيكلية الموازنات وتوحيدها، بعدما شكلت هذه العوامل عقبة حالت دون تعاون المجالس في وقت سابق. وفي ظل غياب انظمة لجباية العائدات وادارتها، شرع المركز في توحيد الاجراءات المتبعة على هذا المستوى. فانطلقت على "قدم وساق" مشاريع تصميم استمارات خاصة للرسوم واعداد نماذج مبسطة للتقارير المالية ووضع ادلة للمواطنين تتضمن نماذج عن الطلبات وشرح مفصل للمستندات والرسوم المطلوب تسديدها ومعاملاتها.
الا ان هذه الخطوات، على اهميتها، لم تحجب الانجاز الاهم والمتمثل في تصميم انظمة مالية تشمل اعداد برنامج للموازنة البلدية وتنفيذها ونظام آخر لادارة الواردات. وترافقت مع اخضاع الموظفين المعنيين الى دورات تدريب تؤهلهم استخدامها.
ماذا كانت النتيجة؟
زيادة الواردات
منح نظام الواردات، المجالس البلدية قدرة على تقدير الواردات والتخطيط لها من خلال معالجة دقيقة للرسوم المحصلة عبر اصدار جداول التكليف وملاحقة اوامر الدفع وذلك بعد مكننة الرسوم العائدة للمكلفين. واتاح النظام اعداد تقارير تساعد رئيس البلدية والاعضاء، على الاطلاع على المعطيات الدقيقة ليفسح بذلك المجال امام صانعي القرار بالاعتماد على معلومات واضحة عند رسم السياسات. وبالنسبة الى المواطنين، سوف يمكنهم النظام في وقت لاحق، من الاطلاع على الرسوم المتوجبة عليهم عبر شبكة الانترنت، ليصار الى دفعها الكترونيا، بعد اقرار القوانين المتعلقة بالتوقيع والتبادل الالكتروني.
نحو 600 بلدية، تستخدم هذا النظام اليوم. ولعل ثمرة العمل الابرز جاءت في التطور المستمر للواردات البلدية، نتيجة توسيع قاعدة المكلفين والارتفاع المطرد في الجبايات. وفي قراءة للارقام التي تم اختيارها وفقا لتاريخ اطلاق العمل في كل بلدية، يمكن تبيان، في شكل واضح، الانعكاسات الايجابية لهذا النظام. ففي بلدية العاصمة مثلا، تشهد جباية رسوم القيمة التأجيرية تطورا مستمرا قارب 27 في المئة بين عامي 2001 و2002 وبلغ 12.79 في المئة في السنة اللاحقة وناهز الـ7 في المئة وفقا لجداول 2004، علماً ان توقعات جداول 2005 ترجح ارتفاعا وفقا للمنحى عينه.
صيدا
وفي صيدا، احدى اكبر البلديات جنوبا، ترجم ادخال المعلومات المتعلقة بالرسوم على القيمة التأجيرية منذ 1992، ارتفاعاً في عدد المكلفين من 8 آلاف الى 16 الفاً، وذلك بعد اعتماد احصاء جديد للمدينة. فانعكس تالياً زيادة في قيمة الجداول السنوية التي قاربت اربعة مليارات، لترتفع بذلك الجباية بنسبة 58 في المئة اي من مليار و385 مليون ليرة (عام 2003) الى مليارين و198 مليونا(عام 2004).
وقد لاقت الخطوة اشادة من رئيس البلدية عبد الرحمن البزري، الذي يصر على ان يترافق التحديث على مستوى المكننة، بآخر على مستوى التشريعات. اما في صور فقد كشفت الارقام ان جباية الرسوم على القيمة التأجيرية تضاعفت بنسبة 74 في المئة بين 2002 و2003.
زحلة
تغيير نوعي على الصعيد المالي تحقق في بلدية زحلة ­ المعلقة. تكفي المقارنة بين نتائج عامي 2003 و2004، على قول المسؤولين فيها، لملاحظة التطورالذي يربطه البعض بعوامل اخرى مواكبة مثل انشاء مكتب للاستقبال، اعتماد المكننة وتطبيق البرامج المخصصة لتحصيل الرسوم التي ساهمت في تجميع المعلومات بهدف زيادة نسبة المكلفين.
وقد تولت البلدية نشر جداول التكليف مطلع 2001، بعد طول انقطاع، ما ادى الى زيادة في قيمتها، وخصوصاً عقب مبادرة الاهالي الى تسديد ما يتوجب عليهم سريعاً. كل هذه الخطوات تزامنت مع تعيين جباة وكتاب جدد للتحقق والتسديد، لتترجم خلاصة هذه "النفضة"، وبالارقام، ارتفاعا في جباية الرسوم المباشرة قدر مثلا بنسبة 75 في المئة بين2003 و2004 وآخر في رسوم القيمة التأجيرية بلغ نحو282 في المئة.
يشيد رئيس البلدية اسعد زغيب بهذه الخطوة التي "كشفت النقاب عن ضرائب ورسوم كنا نجهلها، ما ساعدنا على اعطاء معلومات دقيقة للمواطنين". ويقول ان البلدية ما زالت في مرحلة تصحيح القيود والارقام "وهي مرحلة لمسنا فيها الزيادة في الواردات الا ان الفرصة لم تسنح لنا بعد استثمارها في مشاريع. قد يتطلب ذلك سنة يتخللها اقرار الموازنة الجديدة".
جبل لبنان
عاشت بلدية جونية التجربة نفسها. احصى صندوق البلدية ارتفاعا في الرسوم على القيمة التأجيرية المجباة بين 2000 و2001 ناهزت 117 في المئة بعدما زادت "الغلة" من 851 مليوناً الى مليار و846 مليونا و842 الفاً. واستمر المؤشر صعودا بين 2001 و2002 مع زيادة قدرت بـ10 في المئة، لتحدد بـ49 في المئة بين 2002 و2003 لدى بلوغ مجموع الرسوم 3 مليارات.
وفي قراءة لتطور الواردات في بعبدا ـ اللويزة يظهر التحسن التدريجي عينه. بلغت الواردات المباشرة مليارا و663 مليوناً و189 الفاً، وفقا لجداول 2004، بعدما ناهزت ملياراً و123 مليوناً قبل عامين اي بزيادة بلغت 48 في المئة فيما تحققت زيادة في رسوم القيمة التأجيرية بنسبة 53 في المئة خلال الفترة نفسها. ويقول رئيس البلدية المحامي انطوان الخوري الحلو ان نظام المكننة المعتمد ساهم بقوة في تطوير اعمال الجباية مستشهداً بمجموعة ارقام توضح هذا التطور.
الامرعينه ينطبق على برج حمود. هناك، بلغ معدل مجموع الواردات المباشرة التي "جنتها" البلدية، انطلاقاً من جداول 2004، اكثر من ثلاثة مليارات. والجداول تظهر ايضا القفزة التي حققها المجلس، مالياً، مقارنة مع جبايات 2003، اذ ان الزيادة ناهزت 23 في المئة، علما ان نسبة ارتفاع رسوم القيمة التأجيرية قاربت وحدها 13 في المئة.
وينوه رئيس البلدية انترانيك مصرليان بمبادرة الجامعة "التي ساهمت في زيادة تحصيل الواردات في شكل ملحوظ" ووفرت "السهولة والوضوح، في اعداد الموازنة وتنفيذ كل العمليات المالية".
بدورها، لم تشذ بلدية الشويفات عن قاعدة التحديث. فيها، ارتفعت الجباية بنسبة 164 في المئة بين 1999 و2001 وتضاعفت رسوم القيمة التأجيرية عن الاملاك السكنية وتلك المشغولة غير السكنية. كما ازدادت رسوم الاعلانات من صفر الى 90 مليوناً عام 2001. وتواصلت الزيادة عام 2002، ليبلغ مجموع الواردات مليارين و923 مليوناً قبل ان يستقر على مليارين و526 مليونا عام 2003.
طرابلس
شمالا، حملت ارقام بلدية طرابلس دلالات ايضاً. ففي عاصمة المحافظة، شهدت جباية رسوم القيمة التأجيرية تطوراً ملحوظاً تمثل بزيادة بلغت 31.8 في المئة بين 2002 و2003 وصولاً الى 40 في المئة عام 2004.
ويصف رئيس البلدية رشيد الجمالي هذه الزيادة بـ"الملحوظة" مؤكداً "ان استكمال التنظيم المالي المعلوماتي سينعكس ايجاباً على العمل البلدي، سواء على مستوى ضبط الاوضاع المالية او زيادة العائدات. وكل هذه المعطيات تدفعنا على دعم هذا المشروع بقوة".
واللافت ان تطبيق نظام الواردات الجديد لم يقتصر على البلديات الكبرى وحسب، بل طاولت "حسناته" بلديات صغيرة في الاقضية والمحافظات. فيها، تضاعفت جباية رسوم القيمة التأجيرية بنسب تعدت المئة في المئة في بعض الحالات على غرار بلديات مراح السراج (المنية ـ الضنية)، كفرحلدا (البترون)، ارصون (بعبدا) وغيرها.
على لائحة مشاريع الوكالة الاميركية للتنمية الدولية ومركز التنمية التشريعية في جامعة ولاية نيويورك في الباني برامج اخرى على المدى القريب. كلها يصب في خانة الاهداف نفسها: تفعيل دور البلديات لتمكينها من استعادة دورها في مرحلة اعادة بناء الديموقراطية الجديدة، محلياً.
انطلاقاً من مذكرة التفاهم التي تم توقيعها مع الحكومة اللبنانية في كانون الاول (ديسمبر) الماضي، ينوي المركز، وفقا لمديره محمود البتلوني، مواصلة تقديم المساعدة التقنية، الادارية والمالية، الى المجالس البلدية واتحاداتها يتخللها اطلاق ورشة عمل تركز على تفعيل دور البلديات في التنمية المحلية والاعداد لزيارات يقوم بها رؤساء بلديات الى الولايات المتحدة الاميركية بهدف تبادل الخبرات بين مدن اميركية ولبنانية، ابتداء من الشهر المقبل.


يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00