سعى الرئيس الشهيد رفيق الحريري الى ايصال الهاتف الى كل بيت في لبنان عبرخطة مبرمجة ومتطورة. وسعى لها مع المستشارين والخبراء الكبار، بعدما قضت عليه الحرب وافرازاتها.
يعد قطاع الهاتف من القطاعات الخدماتية الحيوية الاكثر التصاقا بمصالح المواطنين اليومية. ففضلا عن توفيره كل خدمات التخابر الداخلية والخارجية للمواطنين والمقيمين، فهو احدى البنى التحتية الاساسية الضرورية لتطور النشاط الاقتصادي بمختلف اوجهه. لذا فإن إنشاء شبكات التخابر الوطنية والدولية يؤمن اتصال لبنان بالخارج على نحو متطور، وان يوفر الهدر الوطني الذي كان قائما على صعيد مشقة الانتقال او تكبد النفقات اوإضاعة الوقت، وكلها كانت تضر بالناتج الوطني.
الى ذلك فإن خدمات الهاتف وتقديماتها، لاتقف عند حدود المصالح المهنية البحتة، بل تأخذ ابعادا اجتماعية وتثقيفية وتعليمية وسواها... فهي تسهم في إقامة تواصل يومي بين كل افراد المجتمع، وتؤمن على سبيل المثال لا الحصر إيصال المعلومات على اختلافها للمهتمين، كما توفر سبل تواصل المؤسات التربوية والمهنية بعضها ببعض مع الداخل والخارج على السواء.
عند نهاية الحرب كانت سعة الشبكة الهاتفية نحو 420 الف خط، وبلغ عدد الخطوط العاملة اكثر من 200 الف خط، وهذه الاخيرة لم تكن تعمل بصورة مستمرة او مرضية. وقد سبب هذا الوضع أضرارا مباشرة لحقت بمراكز الهاتف وبالشبكة على السواء خلال الحرب فضلا عن عدم القدرة على اجراء الصيانة او اصلاح المنشآت او تجديد التجهيزات. وكان معدل السكان المستفيدين من خدمات الهاتف لا يتجاوز 8%، علما ان هذه الخدمات اقتصرت يومذاك على المدن والبلدات الرئيسية. ومعلوم ان تعذر وصول خدمة الهاتف الى المناطق النائية والريفية يرجع الى ان تكلفة ايصال الخطوط الى هذه المناطق كانت مرتفعة وتصل في بعض الاحيان الى عشرة اضعاف تكلفة ايصال الخطوط في المدن والمناطق القريبة.
لقد تضررت بشكل خاص الخطوط المحلية واصبحت بالكامل بحاجة الى اعادة بناء من جديد، إضافة الى ذلك فإن ظروف الحرب وتقلص موارد وزارة الاتصالات اثّر سلبا في نوعية الخدمات المقدمة للمشتركين، وانخفضت هذه النوعية ولم تعد تلبي المواصفات الدولية المتعارف عليها. كما ان معظم المعدات والتجهيزات التي كانت قيد الاستعمال اصبحت قديمة وتجاوزتها التقنيات الحديثة خاصة ان اي تجديد لم يحصل على المنشآت منذ سنوات طويلة.
فور انتهاء الحرب كان ضروريا اتخاذ الخطوات الكفيلة بتحسين الخدمات وزيادة عدد الخطوط واعادة تنظيم شاملة لوزارة الاتصالات ولما لم يكن مجديا الاعتماد على تقنيات قديمة العهد ومن اجل الوصول الى مصاف الدول المتقدمة على صعيد هذا القطاع كان لابد من اعتماد احدث التقنيات ولا سيما ان هذا القطاع يتطور بوتيرة متسارعة.
لذا اعطيت الاولوية في خطة الرئيس الشهيد الى إعادة تأهيل وتوسيع شبكات الهاتف الثابت بعد اعتماد الانظمة الرقمية الحديثة. فتم تأهيل جميع ابنية المراكز الهاتفية ، وبناء مراكز جديدة في جميع المناطق التي كانت تفتقر اليها، وتم تجهيز هذه المراكز بتجهيزات حديثة مع اجراء التوصيلات اللازمة بين المراكز بعضها ببعض، وبينها وبين المشتركين.
لقد اصبحت الشبكة الحالية تستوعب نحو مليون مشترك بمعدل خط واحد لكل اربعة افراد مع امكان تقنية سريعة لرفع عدد الخطوط الى نحو 1.5مليون خط.. وتعاقدت الحكومة على تركيب 1.665 خط هاتفي وتم العمل لادخال نظام الهاتف الخلوي النقال عبر شركتين متنافستين لمدة محدودة تعود بعدها ملكية هذه المنشآت الى الدولة اللبنانية. ويشار الى ان هذا النظام لم يكلف الدولة اية مبالغ استثمارية بل انه أمّن للخزينة موارد جديدة منذ العام الاول للعقد.
اما مشروع تركيب السنترالات "سويتشينغ" فقد تضمن هذا المشروع تركيب 307 سنترالات موزعة على كل الاراضي اللبنانية وتم حتى الآن انجاز معظمها وتسلم 255 سنترالا منها سوف تسلم المراكز الباقية خلال العام. يهدف هذا المشروع الى تجهيز قطاع الاتصالات وشبكة الهاتف بمقسمات سنترالات رقمية متطورة وحديثة يمكن خلالها ادخال عدة خدمات اضافية، واضيف ملحق لهذا المشروع في نهاية 1998 لتأمين خدمات اضافية وماكينات للرد الآلي وتطوير 3 سنترالات للتوسط وتطوير وتوسيع المقسمات الدولية كما يتضمن ايضا تجهيزات لرؤوس الكوابل.
وسعى هذا المشروع الذي رعاه الرئيس الشهيد الى تسهيل التخابر بين جميع المناطق اللبنانية، وهو يتضمن دراسة وتصميم وتنفيذ شبكة هاتف بسعة 1.180 خط موزعة على المدن ومعظم البلدات الكبيرة وشبكة اخرى سعتها 550.000 خط موزعة على المناطق النائية والارياف في كل المناطق اللبنانية.
اما مشروع تحديث برامج المقسمات وتأمين خدمة طالب المكالمة، فقد انجز في سنترالات لبنان، وهي تؤمن التزام البرامج بالمطالبات الضرورية للانتقال لما بعد سنة 2005 وزيادة بعض التجهيزات الاضافية على المقسمات الحالية وخصوصا في ما يتعلق بذاكرة الحاسوب. وتبلغ قيمة هذا العقد 5.5 ملايين من الدولارات الاميركية، وانتهي العمل على هذا المشروع نهاية العام 1999.
وعن الاتصالات الدولية يرتبط لبنان بالخارج عبر وسائل متعددة وهي الكوابل البحرية المحورية، كوابل الالياف البصرية والوصلات الهوائية الرقمية والاقمار الاصطناعية. ويجري الان الحد من الاعتماد على الكوابل المحورية بسبب وصول تقنيات حديثة تسمح بطاقة استيعاب اكبر، فيتم التركيز على الوسائل الثلاث الاخرى. وفي هذا النطاق تم تنفيذ سلسلة من المشاريع لتسهيل الاتصالات الدولية من والى لبنان ابرزها: الخطوط البحرية الكابل البحري حيث تم تركيب وتشغيل واستلام الكابلات البحرية المكونة من الياف بصرية سريعة، وهي عبار عن خطين: الاول يصل صيدا مع بيروت فطرابلس وطرطوس حتى الاسكندرية بسعة 9000 مكالمة متزامنة. والثاني يصل لبنان بقبرص ثم بجزيرة كريت في اليونان ثم بفرنسا، وهو بسعة 7560 مكالمة متزامنة. وبلغت تكلفة هذا المشروع 12 مليون دولار اميركي.
ثم الخدمات البريدية في منتصف عام 1998 توقيع عقد مع المجموعة الكندية "بروفاك" تقوم بموجبه بتنفيذ الخدمات البريدية (نقل وتوزيع خدمة الشبابيك البريد السريع بريد الهواة) في جميع المناطق اللبنانية وقامت المجموعة المذكورة بترميم مراكز البريد وتجهيزها وترقيم الشوارع وتركيب علب بريدية داخل الابنية. وبلغت تكلفة المشروع 50 مليون دولار اميركي مولت عن طريق نظام حق الانتفاع TOB اي انه لم يكلف الخزينة اي مبلغ من المال.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.