يتجه القطاع العقاري في لبنان، منذ مطلع العقد الحالي، نحو استعادة تألقه وحيويته، بعدما احدثت فيه الحرب اختلالات وتقلبات شتى. والملاحظ ان الطلب الجديد على العقار يتركز بعودة اساسية على "العقار اللوكس"الذي ترجم مشاريع لوكس، سواء اكانت فندقية او تجارية، او ترفيهية، او سكنية.
ومن المنتظر ان يتواصل تحسّن القطاع العقاري حتى نهاية السنة الحالية على الاقل وذلك وفق ارقام رخص البناء، لكونها المؤشر المهم في نشاط هذا القطاع. وتشير احصاءات نقابة المهندسين الى ان مساحات رخص البناء زادت بنسبة 6.3 في المئة من 4 ملايين متر مربع في النصف الاول من عام 2003 الى 4.3 ملايين في النصف الاول من عام 2004، وبذلك سجلت مستوى لم تعرفه منذ سنوات الفترة المتعلقة بمرحلة الاعمار بعد الحرب.
ويظهر التوزيع الجغرافي ان منطقة جبل لبنان استأثرت بنسبة 46.4 في المئة من مجموع رخص البناء، مقابل 47.1 بالمئة في الفترة المماثلة من العام الماضي، تليها منطقة لبنان الشمالي بحصة 20.2 في المئة متراجعة بنسبة 2.5 في المئة مقارنة مع عام 2003 ثم لبنان الجنوبي بحصة 14.8في المئة وبيروت 12.8 في المئة. فالبقاع 5.7 في المئة.
اما تسليمات الاسمنت، فقد بلغت 1.23 مليون طن في النصف الاول من العام 2004 بزيادتها 6.2 في المئة مقارنة مع النصف الاول من العام 2003.
وهناك عاملان ساهما بهذه الزيادة: اولاً: نجاح الموسم السياحي وخصوصاً بقدوم عدد كبير من الخليجيين العرب، وقد جرى التحضير لاستيعابهم في مساكن وشقق مفروشة، وحتى فنادق كانت قيد الترميم او الانشاء.
ثانياً: طلب اقليمي متزايد على الاسمنت وخصوصاً من قبل العراق لتلبية الحاجات الاعمارية.
وعلى الرغم من الطابع الموقت لهذه الحاجات، فإن تحديث تكنولوجيا الانتاج، وارتفاع اسعار الاسمنت الدولية، وجودة الانتاج المحلي، اضافة الى الشراكة مع ابرز منتجي الاسمنت العالميين، تندرج كلها في اطار الفرص المتاحة امام هذا القطاع تعويضاً من المخاطر العائدة الى المنافسة الاقليمية والدولية.
ولكن لوحظ في الوقت نفسه ان تكلفة البناء سجلت ارتفاعاً بلغت نسبته 5% بين حزيران 2003 وحزيران 2004 وذلك وفق نشرة المؤشرات، ويعود هذا التطور بوجه خاص الى اهمية تكاليف المواد التي تشكل خمس مكونات المؤشر، والتي ارتفعت بنسبة 24.5 في المئة مقارنة مع النصف الاول من عام 2003، علما ان اسعار الصلب والرمال سجلت ارتفاعا مهما بنسبة 57 في المئة على التوالي.
اما بالنسبة لحركة العمليات العقارية، فقد كانت جيدة وارتفعت قيمتها 1.7 مليار ليرة، أي بنسبة 27 في المئة في النصف الاول من العام 2004، مقارنة مع النصف الاول من العام 2003. ويظهر التوزيع الجغرافي ان بيروت حافظت على تقدمها مستأثرة بنسبة 35.2 في المئة من المجموع، تليها بعبدا 22.2 في المئة ثم المتن 15.8 في المئة وكسروان 9.4 في المئة. لبنان الشمالي 7 في المئة، والبقاع 5.1 في المئة، ولبنان الجنوبي 4.2 في المئة، والنبطية 1.1 في المئة، وموازاة ذلك بلغ عدد هذه العمليات 51899 صفقة اي بزيادة 7.2 في المئة مقارنة مع النصف الاول من عام 2003.
ويبرز من خلال التفاوت الكبير بين إزدياد قيمة الصفقات وإزدياد عددها، ميل واضح نحو العقارات الكبيرة والعالية الثمن، والتي يفضلها المستثمرون الخليجيون، ومن جراء ذلك ارتفع متوسط قيمة الصفقة العقارية بحوالي 18.2 في المئة مقارنة مع النصف الاول من العام الماضي. كذلك سجلت الرسوم العقارية نموا كبيرا ومماثلا بنسبة 37.2 في المئة وزادت قيمتها الى 129.7 مليار ليرة منذ بداية العام الجاري.
لقد تميزت السنوات الماضية بقيام مجموعات سكنية صخمة، تتخذ شكل ابراج بدلا من الوحدات الصغيرة المتفرقة، وابرز هذه المجمعات مجمع "مارينا تاور" الذي قامت مجموعة "ستو" البريطانية بوضع تصاميمه، وتنفذه مجموعة النائب محمد الصفدي بتكلفة تناهز 150 مليون دولار، ومجمع بيروت تاور، الذي وضع حجر الاساس له في نهاية العام الماضي، والذي تنفذه الشركة الاهلية الكويتية للاستثمار بتكلفة 135 مليون دولار، ويتوقع انجازه في العام 2006، ومجمع بلاتينيوم تاور الذي سيقوم على مساحة 5600 متر مربع، ومجمع "افينيو بالازا" الذي تموله مجموعة كابيتال تراست الاستثمارية وتنفذه شركة "كتانة اللبنانية للمقاولات"، ومجمع "بارك فيو" "ومجمع "بلوك 24" اللذان انجزا العام الماضي، بالاضافة الى مجمعات اخرى في طريقها الى التنفيذ على ارض نادي "اسكايب" وعلى ارض النادي الفرنسي قبالة السفارة السعودية (وهذان المجمعان لمجموعة جميل ابراهيم)، ومجمعان في منطقة الروشة.
فضلا عن مشاريع فندقية، ومشاريع ترفيهية ومجمعات سكنية، ومخازن كبرى، مثل سلسلة فنادق الخمس نجوم (موفنبيك، رويال بلازا، جفينور روتانا، كراون بلازا، متروبوليتان بالاس، السفير هيليوبوليتان التي بلغ عدد غرفها 1035 غرفة، بالاضافة الى فنادق الاربع نجوم مونرو، بلس سويت، الشيخ، بيلاريف)، التي بلغ عدد غرفها 417 غرفة. كما شهدت المناطق قيام فنادق الخمس نجوم مثل "رويال ضبيه" و"غراند هيلز" في برمانا وفنادق الاربع نجوم مثل "روتانا سويت" في الحازمية.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.