أجمع اللبنانيون بكل توجهاتهم على نجاح زيارة الرئيس الإيراني محمد خاتمي للبنان، وعكس ذلك ارتياحاً في الأوساط السياسية والروحية، وأراح اللبنانيين وضوح الرئيس خاتمي في التعبير عن مواقفه، على ما ذكرت مصادر مواكبة للوفد الإيراني المرافق لخاتمي، لجهة دقّة وصراحة ووضوح مواقف عدة كان يكتنفها بعض الغموض في الآونة الأخيرة، خصوصاً موضوع نزع سلاح "حزب الله" وشرعية المقاومة. إذ حسم خاتمي الجدل المتعلق بهذا الخصوص بوضوح تام بقوله ان إيران تدعم المقاومة و"حزب الله"، ووصفه "الحزب" بأنه "يستحق الاحترام".
وتشير أوساط مرافقة للرئيس خاتمي إلى ان اللبنانيين بكل فئاتهم وأطيافهم سمعوا ما يرضيهم من الرئيس خاتمي، وخصوصاً الجانب المسيحي الذي كان له ملاحظات على الاداء الإيراني في لبنان بعد انتصار الثورة الإسلامية عام 1979 من حيث تصديرها إلى الخارج واعتبار لبنان أرضية خصبة ذلك، ولاعتبارات عدة. فجاء خاتمي ليريح الجسم المسيحي اللبناني بلقاء رأس الهرم المسيحي البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير وزيارته جامعة القديس يوسف في الأشرفية المعقل المسيحي الأبرز، وأراح المسيحيين بخطاب انفتاحي جديد ألفوا سماعه من رئيس جمهورية دينية مؤثرة في لبنان.
وحرص خاتمي، بحسب الأوساط المرافقة، على زيارة المسؤولين الرسميين وهو أرضى الدولة بكل أركانها، إذ لم يكن بروتوكول الزيارة يلحظ زيارة السرايا الحكومية، لكن خاتمي أصرّ على زيارة السرايا ولقاء الرئيس الحريري، وبلفتة مميزة انتقل خاتمي برفقة الرئيس الحريري وبسيارته الخاصة إلى دارته في قريطم، لأن الرئيس خاتمي والإيرانيين يقدّرون للرئيس الحريري انه أول رئيس وزراء لبناني وثّق في عهده العلاقات اللبنانية ـ الإيرانية التي ترجمت في اتفاقات التعاون التي كان يرعاها ويشرف عليها، ولا سيما أن الرئيس الحريري زار طهران أربع مرات منذ العام 1997، حيث زارها للمرة الأولى في زيارة رسمية ثم رافق الرئيس الهراوي إلى مؤتمر القمة الإسلامية وزارها في المرة الثالثة يرافقه الوزير وليد جنبلاط، ثم في زيارة رسمية رابعة إذ تتابعت البروتوكولات الموقعة ويتم الآن تنفيذها.
وتذهب الأوساط إلى اعتبار ان هذه الزيارة هي الأنجح للرئيس خاتمي على الاطلاق منذ تسلمه الرئاسة خصوصاً انها امتزجت باستقبال شعبي ورسمي، إضافة إلى انه خاطب الجميع بمودّة واحترام شديدين، خاطبهم بنديّة، أي انه تطلع إلى لبنان بوصفه بلداً مستقلاً وبلداً فيه حضارة تاريخية عريقة وفيه جمع ثقافي روحي كبير. وينطلق خاتمي، بكلامه الجامع لدحض كل المواقف التي كانت تغمز من قناة الدعم الايراني المادي والعسكري لحزب الله. فجاء كلامه لابراز حق لبنان في المعاملة كدولة مستقلة وكشعب ناضج، وهو تعمّد في خطابه المميز استخدام المنبر اللبناني لترجمة خطابه الذي انطلق به في إيران منذ سنوات عدة، إذ استطاع نقل السياسة الايرانية نقلة نوعية، حيث انتقلت من دولة مصدّرة للثورة وتلتزم الخط الجهادي النضالي، إلى صورة دولة منفتحة على كل الشرائح في لبنان والمنطقة، على الرغم من العلاقة الوثيقة بحزب الله أو بالشيعة لاعتبارات دينية روحية.
في المقابل، يؤكد قطب روحي مسيحي ان خاتمي أراح المسيحيين بخطابه عندما دعا حزب الله إلى تنويع خياراته، عندما ألمح إليه بتوخي الحذر في تقديم الذرائع لإسرائيل، التي تسعى لاجتذاب القوة الأميركية الموجودة في المنطقة، فهذه الرسالة غير مباشرة وعلنية كي لا يحصر "حزب الله" نفسه بالخيار العسكري لأنه يملك رصيداً ثقافياً وسياسياً وشعبياً كبيراً، فهو مدعو إلى أن يطغى خياره الثاني على الأول وهذا ما ألمح إليه خاتمي بطريقة غير مباشرة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.