8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

"المصالح اللبنانية ـ السورية تختص بلبنان وسوريا فقط"

أكد راعي أبرشية جبيل للطائفة المارونية المطران بشارة الراعي أن "المصالح اللبنانية ـ السورية تختص بلبنان وسوريا فقط، وعليهما تحديدها والعمل لتأمينها، وإذا اقتضى الأمر مساعدة الدول الكبرى فليكن على هذا الأساس من التفاهم بين البلدين برؤية مسؤولة ومنزهة عن المصالح الفردية والفئوية"، ولفت الى أنه ينتظر بعد حديث البطريرك الماروني مار نصر الله بطرس صفير الى وكالة الصحافة الفرنسية، "أن تستفيد دمشق بقيادة الرئيس بشار الأسد من الدور الذي تلعبه البطريركية المارونية في الشأن الوطني اللبناني وفي تأمين مصلحة سوريا، لأن ليس عند البطريركية المارونية أي مصلحة خاصة وفئوية وتاريخها شاهد".
وشدد على أن من حق لبنان أن ينعم، كأي دولة تنتمي الى منظمة الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، بالمقومات المعترف بها دولياً وهي سلامة الأرض والسيادة والاستقلال بموجب حياة سياسية قائمة على حكم المؤسسات الدستورية الديموقراطية، وتطرق الى موقف البطريرك صفير في الحرب على العراق قائلاً: "إنه موقف الكنيسة الثابت والرافض لكل حرب عدائية احتلالية ظالمة بسبب ما توقعه من ضحايا بريئة من المدنيين ومن خراب ودمار".
كلام المطران الراعي، جاء رداً على أسئلة وجهتها اليه "المستقبل" عن أبعاد حديث البطريرك صفير الى وكالة الصحافة الفرنسية الجمعة الفائت وكانت على الشكل الآتي:
يرى بعضهم أن في كلام البطريرك صفير الأخير تحولاً، ويرى آخرون أن كلام غبطته ترجم في شكل صريح مواقفه الثابتة، فكيف تقرأون كلام غبطته؟
ـ أنا مع الرأي الثاني القائل إن حديث غبطته الى وكالة الصحافة الفرنسية يترجم بشكل صريح مواقفه الثابتة، التي هي مواقف البطريركية الدائمة. وهي ثلاثة رئيسية:
أ ـ الدول الكبرى تتدخل عادة في شؤون الدول الصغرى الداخلية انطلاقاً من مصالحها، تحت ستار مصالح فئوية في البلدان الصغيرة. فتأتي النتيجة تصدعاً في الداخل وخلافات وحذراً وانقسامات واستقواء، وتتبخر المصالح الفئوية وتجرف معها الصالح العام. المطلوب وحدة داخلية في الرؤية والمطلب، على هذا الأساس يشترط تدخل الدول الكبرى.
ب ـ من حق لبنان، ككل دولة تنتمي الى منظمة الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، أن ينعم بالمقومات المعترف بها دولياً وهي: سلامة الأرض والسيادة والاستقلال، بموجب حياة سياسية قائمة على حكم المؤسسات الدستورية الديموقراطية. تأمين هذه المقومات كفيل وحدة بتسيير العجلة السياسية والاقتصادية، وبإعطاء جميع المواطنين، على اختلاف توجهاتهم السياسية إمكانياتهم الاقتصادية، إمكانية المشاركة في بناء الدولة والمجتمع.
ج ـ ضرورة تصحيح العلاقات بين لبنان وسوريا على الصعيد العسكري والسياسي والاجتماعي والاستراتيجي والاقتصادي، بموجب اتفاقات متكافئة ومتوازنة لجهة مصلحة كلا البلدين واستقرارهما وسيادتهما. فالمطلوب علاقات مميزة بين البلدين بحكم الجيرة والمصالح المشتركة، على أساس من الصداقة والاحترام والتعاضد والحماية المتبادلة والثقة.
اعتُبر حديث غبطته الأخير الموقف الثاني البارز له بعد موقفه من الحرب على العراق، فما هو تفسيركم لهذين الموقفين المتواليين؟
ـ موقف غبطته من الحرب على العراق هو اياه موقف الكنيسة الثابت والرافض لكل حرب عدائية احتلالية ظالمة، بسبب ما توقع من ضحايا بريئة بين المدنيين وخراب ودمار للأرض والمؤسسات والمنازل والبنى التحتية، وما تهدر من أموال على حساب الفقراء في العالم والجائعين، وما تخلف من كراهية وبغض في النفوس والقلوب. وفي كل حال، الانتصار العسكري لا يعني انتصاراً سياسياً وإنسانياً وحضارياً.
أما موقفه اليوم من الشأن المتعلق بتصريحات وزيري الخارجية الأميركي والفرنسي بشأن الانسحاب السوري من لبنان وتطبيق القرار 520 لمجلس الأمن والأمم المتحدة، فجديده هو أن يتفق اللبنانيون على هذا الأمر من دون الانخداع بتصريحات تخبئ مصالح للدول أولاً وآخراً، لئلا يقع اللبنانيون ضحية رخيصة وبريئة كما في ما مضى، ومن دون استقواء بأحد. فالمصالح اللبنانية ـ السورية تختص بلبنان وسوريا وعليهما تحديدها والعمل لتأمينها. وإذا اقتضى الأمر مساعدة الدول الكبرى، فليكن على هذا الأساس من التفاهم بين البلدين، برؤية مسؤولة ومنزهة عن المصالح الفردية والفئوية. مثل هذا القول لا يعني تسويفاً ومماطلة، بل يقتضي جرأة الشجعان.
ماذا تنتظرون بعد حديث غبطته، على مستوى علاقة البطريركية المارونية بدمشق، وعلى المستوى الداخلي؟
ـ أنا انتظر، كما ينتظر الكثيرون، بعد حديث غبطته الأخير، أن يباشر المسؤولون عندنا وفي سوريا الى طرح موضوع العلاقات في أبعادها المذكورة أعلاه، لعدم تفويت الفرصة التي يستفيد منها جميع البلدان العربية من جهة، والمسيحيون والمسلمون من جهة ثانية. فإذا أحسن لبنان وسوريا تنظيم العلاقات، كانا نموذجاً لوحدة البلدان العربية، وإذا وحّد المسيحيون والمسلمون في لبنان وسوريا نظرتهم ورؤيتهم في شأن العيش معاً والمشاركة المسؤولة في الحكم والإدارة، كانوا خير مثال في بناء حوار الحضارات والأديان، وفي توحيد أسس الوطن الواحد.
وانتظر أيضاً أن تستفيد دمشق بقيادة الرئيس بشار الأسد من الدور الذي تلعبه البطريركية في الشأن الوطني اللبناني وفي تأمين مصلحة سوريا، لأن ليس عند البطريركية المارونية أي مصلحة أخرى خاصة أو فئوية، وتاريخها شاهد.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00