8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

"أفضل ما قامت به الدولة لترجمة التزامها الديموقراطية وحقوق الإنسان"

أكد النائب بشارة مرهج ان أهم ما في قرار مجلس شُورى الدولة قَبول مراجعة طعن الرابطة المارونية انه ثبت شرعية المرسوم الصادر في 20 حزيران 1994 واعتبره مرسوماً صادراً عن مرجع صالح ومنسجماً مع الأحكام الدستورية النافذة.
وأشار إلى ان هذا العمل هو من أفضل أعمال الدولة اللبنانية لترجمة التزامها الديموقراطية وحقوق الإنسان.
ولفت إلى انه ينبغي لوزارة الداخلية ممارسة صلاحياتها بإعادة قراءة الملفات والرجوع عن القرارات التي منحت الجنسية إلى بعض الأشخاص من دون وجه حق، أو من اكتسبها بالغش والخداع والتزوير، أو أصحاب الملفات التي تعد مخالفة للدستور أو للقانون على نحو ثابت.
ووصف المرسوم بأنه شرعيّ وجريء، تخلّفت عن إصداره العهود السابقة، لكن يشوبه أخطاء يجب معالجتها، وليس كما أراد البعض ان ينسفه من أساسه.
وقال: "ان المعنى الأساسي للقرار هو استمرار العمل بالمرسوم وتنقيته من الشوائب"، داعياً وزارة الداخلية الى القيام بدراسة الملفات المشكوك في أمرها واتخاذ الإجراءات اللازمة متمنياً إعطاء الآخرين الذين نالوا حق الجنسية على نحو قانوني كل الحقوق التي تترتب على ذلك وفي طليعتها تسجيل أبنائهم الذين كانوا قاصرين عندما صدر المرسوم وإصدار جوازات السفر الخاصة بهم مكتملة بحيث تلحظ مكان الولادة".
ونفى مرهج الأرقام التي يتداولها بعض السياسيين عن عدد المجنسين، ويؤكد ان قرار مجلس الشورى حسم العدد بـ150 ألف مجنّس، وان عدد الذين صدرت اسماؤهم في الجريدة الرسمية هو 159 ألفاً.
ولفت إلى ان التفاوت بين أرقام المرسوم والواقع المنفّذ، ان بعض من نال الجنسية ليس من الضروري ان يكون قد نفذ المرسوم في دوائر الأحوال الشخصية.
وأكد مرهج حق رئيس الجمهورية بإعطاء الجنسية بموجب القرار الرقم 15 الصادر عام 1925 والذي يسمح له ان يصدر مرسوماً بمنح الجنسية، لافتاً إلى ان التعديل الدستوري اعتبر ان موضوع الجنسية هو من حق مجلس الوزراء ولم يتعرض لموضوع التجنيس.
وانتقد مرهج المبالغات التي صدرت بطريقة احتفالية مرحبة بقرار "الشورى" فثبت للعديد من الذين صرحوا وبالغوا ولم يقرأوا نص القرار كاملا بل أخذوا منه ناحية الشكل.
وأشار الى ان الكلام عن ان المرسوم لم يراع التوازن الوطني، فهو كلام مردود لأن التوازن الوطني بالمفهوم التقليدي والعددي لم يكن ممكناً، حيث إن ممارسات تلك العهود هي التي أدت إلى واقع الحال، إذ كانت تعطي فريقا الجنسية وتحجبها عن فريق آخر.
وأكد انه يجب التعاطي مع الذين نالوا الجنسية بعيداً من الأجواء السياسية المحمومة التي يريد البعض اثارتها بحيث ينتقص من حقوق الذين نالوا الجنسية بحق.
وأكد "ان وزارة الداخلية عام 1994 اتخذت الإجراءات اللازمة لمنع أي عمليات تزوير قد تحصل"، ولكنه لا ينفي حصولها.
وهنا نص الحوار.
استهل النائب مرهج بالقول: "إن أهم ما في القرار الذي اتخذه مجلس شورى الدولة انه اعتبر المرسوم 5247 الصادر في 20 تموز 1994، والذي وقّعه رئيس الجمهورية الياس الهراوي ورئيس الحكومة رفيق الحريري ووزير الداخلية بشارة مرهج، مرسوماً صادراً عن مرجع صالح، ومنسجماً مع الأحكام الدستورية النافذة، وبالتالي ردّ المطالبة الأساسية التي سعت إليها الرابطة المارونية في مراجعتها التي قُبلت شكلاً، فالرابطة كانت تريد إبطال هذا المرسوم من أساسه، فجاء حكم القضاء الحاسم والنهائي بتثبيت هذا المرسوم، وهذا أهم ما في القرار.
وفي نقطة ثانية، اعتبر القرار ان المرسوم تشوبه أخطاء أو عيوب ينبغي لوزارة الداخلية ان تعيد النظر فيها وتعالجها باعادة قراءة الملفات. وطلب من وزارة الداخلية الرجوع عن القرارات التي منحت الجنسية الى بعض الاشخاص بلا وجه حق، او الى من اكتسبها من طريق الغش والخداع والتزوير، او اصحاب الملفات التي تعتبر مخالفة للدستور او للقانون بشكل ثابت.
ومعنى ذلك انه ينبغي لوزارة الداخلية ممارسة صلاحياتها في هذا الشأن، بارشاد من مجلس شورى الدولة.
والنقطة الثالثة المهمة، انه اتضح للرأي العام، بعد ان كان عرضة لحملات تشكيك واسعة ومتواصلة، ان عدد الذين نالوا الجنسية لم يكن كما قال بعض السياسيين او الاعلاميين انه تجاوز 300 الف او 500 الف مجنس.
فقد اوضح مجلس الشورى في قراره ان عدد المجنسين هو نحو 150 الفا.
وحقيقة الامر، ان عدد الذين صدرت اسماؤهم في المرسوم وفي الجريدة الرسمية هو 159 الفا.
أما التفاوت بين ارقام المرسوم والواقع المنفذ، فيعزى الى انه ليس ضروريا ان يكون كل من نال حق الجنسية قد نفذ المرسوم في دوائر الاحوال الشخصية.
لماذا حصلت الشوائب والاخطاء، ولماذا عالجت وزارة الداخلية وحدها الموضوع وليس مجلس الوزراء.
ـ لأن المرسوم استند الى القرار الرقم 15 الصادر عام 1925 والذي يسمح لرئيس الجمهورية ان يُصدر مرسوما بمنح الجنسية منفردا، وهذه صلاحية بقيت موجودة لان التعديل الدستوري اعتبر ان موضوع الجنسية هو من حق مجلس الوزراء ولم يتعرض لموضوع التجنيس.
والمرسوم الذي وقعه رئيسا الجمهورية والحكومة ووزير الداخلية، ثبت شرعيته مجلس شورى الدولة المؤلف من عشرة قضاة ثبتوا جميعا انه يحق لرئيس الجمهورية ان يصدر مثل هذا المرسوم.
دعونا نقل ان القضاء قال كلمته في هذا الشأن وحسم الامر نهائيا، ولم يعد هذا الامر قابلا للمراجعة او الطعن.
لقد قالت الرابطة المارونية في مراجعتها انه لا يحق لرئيس الجمهورية بعد الطائف ان يوقع المرسوم، بل الامر من صلاحية مجلس الوزراء، ولكن، بعد مراجعة النصوص الدستورية والقانونية حُسم الموضوع ووافق الجميع على ان هذا المرسوم صادر وفقا لاحكام الدستور والقانون.
والواقع اني تعجبت كثيرا امس، من التصريحات والمبالغات التي رافقت صدور قرار مجلس الشورى، والتي صدرت بطريقة احتفالية مرحبة بهذا القرار وكأن ثمة نوعا من الانقلاب، ما اكد لي بعد ان قرأت نص القرار المذكور، ان العديد من الذين صرحوا واحتفلوا لم يقرأوا نص القرار كاملا بل اخذوا منه ناحية الشكل فحسب.
أما بالنسبة الى طلب مجلس الشورى من وزارة الداخلية ازالة الشوائب سواء كانت متعلقة بالغش والتزوير أو تلك المتعلقة بالناحيتين القانونية والدستورية، فهذا أمر يريده كل لبناني مخلص لأنه لا يجوز أن تبقى هذه الشوائب والعيوب في المرسوم.
كما أن الدولة عندما اتخذت ذلك القرار، في ضوء المصلحة العامة وتنفيذاً لوثيقة الوفاق الوطني واستجابة لمطالب عشرات الألوف من اللبنانيين المحرومين جنسيتهم في الدرجة الأولى، كانت تريد أن تصحح عدم التوازن القائم في المجتمع اللبناني حيث حُرم كثيرون جنسيتهم لأسباب سياسية وخلافاً لشرعة حقوق الانسان والمبادئ الانسانية التي تقوم عليها الدول الحديثة.
فكان قراراً جريئاً تخلفت عن القيام به العهود السابقة، فتراكمت المشكلة وتفاقمت، حتى أصبحت مشكلة مستعصية تؤثر في العلاقات داخل المجتمع اللبناني تأثيراً بالغاً، حيث اعتبرت بنداً في كل البرامج والمشاريع السياسية التي طرحت في الفترة الماضية.
أما بالنسبة الى القول ان المرسوم الجديد 5247 لم يراع التوازن الوطني، فهذا كلام مردود لأن التوازن الوطني بالمفهوم التقليدي والعددي لم يكن ممكناً. حيث ان ممارسات العهود السابقة هي التي أدت الى واقع الحال حيث كانت تعطي الجنسية لفريق وتحجبها عن فريق آخر، مما أوجد هذه الحالة التي عالجها المرسوم.
كيف كانت النسبة بين الطوائف؟
ـ 35% من المسيحيين و65% من المسلمين.
عمليات التجنيس التي حصلت في العهود السابقة، خصوصاً في عهد الرئيس الراحل كميل شمعون كانت بأعداد قليلة نسبة الى المرسوم الأخير، كيف تفسرون ذلك؟
ـ المراجع المختصة يمكنها ان تعطي جواباً دقيقاً عن الارقام اذا كانت بالعشرات أو بالمئات أو بالألوف.
أنا أقول انها كانت بالآلاف. لكن النقطة الأساسية انها لم تعالج مشكلة الأكثرية وهذا خطأ آخر.
وهنا أسأل: من هي الفئات التي حُرمت الجنسية؟ لِمَ حُرم أهالي وادي خالد طيلة هذه السنين؟
اذا كانت بسبب اخطاء سلطة الانتداب فكان يجب تصحيحها، واذا كانت لتخلف الاهالي عن تقديم المستندات فكان الواجب مساعدتهم ورفع الحيف عنهم. وكانت المطالبة بشأنهم مدرجة في جدول اعمال الكتل السياسية الموجودة في الشمال وسواه من المناطق، فلماذا لم يعطوا الجنسية؟
أبناء القرى السبع هم لبنانيون، وكان يجب ان تعاد لهم الجنسية، هذا يختلف عن التجنيس.
ولكن بسبب تفاقم هذه المشكلة، وتحولها مشكلة معقدة ومستعصية تتصل بالعلاقات السياسية والاجتماعية، رأت الدولة أنه يجب شملهم بالمرسوم العام تجنباً لردود فعل كان يمكن أن تطرأ وتعرقل العمل برمّته. فحُمّل أهل القرى السبع عبئاً اضافياً حتى أمكن اصدار المرسوم بشكل كامل ومتكامل.
الفئة الثالثة هي فئة "قيد الدرس". وهؤلاء لديهم بطاقات صادرة عن الأمن العام اللبناني، وقد اصدرت هذه البطاقات بقرار وزير الداخلية وبتوجيه الحكومة اللبنانية في الستينيات. كانت تجدد سنوياً بمراقبة ومتابعة الأمن العام. وظلوا حتى العام 1994 للاعتراف بحقوقهم في المرسوم.
الفئة الرابعة هي فئة "مكتومي القيد" اضافة الى عائلات لبنانية رفض اجدادها الخدمة العسكرية في الجيش الفرنسي وبذلك رفضوا الجنسية من الانتداب الفرنسي، زد عليهم فئة من الذين خافوا ان يكون الاحصاء في مناطق الأطراف مقدمة لفرض ضرائب عليهم فرفضوا الجنسية ايضاً، كما ان فريقاً رفض الجنسية لأسباب قومية وسياسية. يضاف الى هؤلاء جميعاً المجموعات غير اللبنانية التي عاشت على الأراضي اللبنانية طويلا واندمجت في المجتمع اللبناني بمصالحها ومعيشتها ومدارسها وجامعاتها ولم ينظر احد في أمرها.
هل تتوقع سحب الجنسية من بعض من شملهم المرسوم؟
ـ القرار واضح باسترجاع الجنسية من كل من نالها بطريقة غير قانونية او غير دستورية، وهذا يشمل أصحاب الجنسية الفلسطينية لأن الدستور يحرّم إعطاءهم الجنسية، كذلك قرار الجامعة العربية الذي يؤكد الحفاظ على الهوية الفلسطينية.
كيف تم تجنيس بعض الفلسطينيين ومن يتحمل المسؤولية؟
ـ لقد فتحت وزارة الداخلية مراكز لتقديم طلبات التجنيس في كافة المناطق اللبنانية، تجنباً لعملية الازدحام لئلا تؤخذ سبيلاً للابتزاز والتمييز.
وحددنا المواعيد بحسب الأحرف الابجدية لتسهيل تقديم المعاملات وبرمجتها. وأعددنا حينئذ كل الترتيبات الإدارية واللوجستية لإراحة مقدمي الطلبات ولشفافية العملية.
وفي كل مركز من المراكز يتواجد موظف من الأحوال الشخصية وآخر من الأمن العام للتدقيق في المستندات المقدمة، فضلاً عن توقيع المختار في كل المراحل، سيما ان الأوراق الثبوتية صادرة عن الهيئات الرسمية او عن مؤسسات لها وضعية قانونية في البلد. وهناك استمارة خاصة بطلب التجنيس يجب ملؤها بهذه المستندات القانونية الرسمية والأوراق الثبوتية. فكل هذه المستندات المطلوبة خاضعة للرقابة من الهيئات الرسمية التابعة لها كالأمن العام والأحوال الشخصية ووزارة العمل والدوائر العقارية التابعة لوزارة المالية (إذا كان ملاّكاً).
فأتصور ان الموظف الرسمي يجيد قراءتها.
فهل يمكن تزوير كل هذه المستندات الموقعة من المراجع المختصة والمصدقة من الدوائر الرسمية المعنية.
من المستبعد جداً، حسب الإجراءات المتخذة والمستندات المطلوبة المقدمة والطلبات التي ينوي المتقدم للجنسية تقديمها، حصول تزوير والذي لا أنفي حصوله في المطلق، لكون البلد مرّ بفترة احداث طويلة وكان من إفرازاتها عدد من عمليات التزوير للهُوية وغيرها.
لكن قرار مجلس شورى الدولة جاء ليصحح الخلل إذا كان موجوداً، وهي مهمة يفرضها القانون أصلاً على وزارة الداخلية ويجب ان تمارسها دوماً وبصورة مستمرة.
وقال "إن هذا المرسوم شرعي تشوبه اخطاء يجب معالجتها هذا كل ما في الأمر، وليس كما أراد البعض ان ينسف هذا المشروع من الأساس".
هل تتوقع سحب الجنسية من بعض المجنسين؟
ـ أتوقع إذا تم التدقيق بكل الملفات ان تظهر ملفات لا تستوفي الشروط القانونية.
أقر الرئيس الهراوي انه اخطأ في توقيعه مرسوم التجنيس.
ـ لم يقل الرئيس الهراوي هذا الكلام ما قاله انه لم يدرس الملف بدقة.
ولفت الى ان الرابطة المارونية كانت تطالب مجلس شورى بوقف تنفيذ المرسوم وكان دوماً يرد طلب وقف التنفيذ.
وأشار الى ان المعنى الأساسي للقرار هو استمرار العمل بالمرسوم وتنقيته من الشوائب، وهذا يرتب على وزارة الداخلية ان تقوم فوراً بدراسة هذه الملفات المشكوك في أمرها واتخاذ الإجراءات اللازمة حيالها وإعطاء الآخرين الذين نالوا حق الجنسية قانونيا كل الحقوق التي تترتب على ذلك وفي طليعتها تسجيل ابنائهم الذين كانوا قاصرين عندما صدر المرسوم وإصدار جوازات السفر الخاصة بهم مكتملة بحيث تلحظ مكان الولادة.
وختم قائلاً: يجب التعاطي مع الذين نالوا الجنسية بعيداً من الأجواء السياسية المحمومة التي يريد البعض اثارتها بحيث ينتقص من حقوق الذين نالوا الجنسية بوجه حق.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00