8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

لاحتواء تداعيات 11 أيلول ورد الهجوم السياسي والثقافي

كان لافتاً في غمرة التطورات التي تعصف بالمنطقة والعالم ولا سيما مع حديث الساحة الاسلامية عن غزو اميركي مقبل إلى المنطقة ان يتحدث احد المراجع الاسلامية السيد محمد حسين فضل الله عن علاقة "اخرى" مع الغرب على مستوى بعض شرائحه الثقافية، حتى على مستوى الاندماج في الاحزاب السياسية الغربية والانخراط فيها دون ان يعني ذلك ذوبانا سياسيا مطلقا.
هذه الدعوة انطلقت في مرحلة يعدّها الكثيرون مرحلة سياسية مفصلية وتاريخية لكون الهجوم الاميركي على المنطقة العربية والاسلامية لا يستهدف الثروات والارض والنفط والقرار السياسي فحسب بل الهوية السياسية وربما التراث العقيدي الاسلامي والشرقي.
الدعوة التي انطلقت، في موسم الحج خصوصا، ومن المرجع الديني السيد فضل الله في معرض استقباله لحجاج مسلمين قادمين من بلدان غربية عدة ولا سيما من الولايات المتحدة وفرنسا والدول الاسكندنافية التي اجاز فيها بشروط الدخول في الاحزاب الغربية وفي عمق الحركة السياسية الغربية تعتبرها بعض الاوساط المقربة من السيد فضل الله انها منخرطة في اجواء رد الهجوم السياسي والثقافي على المسلمين والذي ينطلق من دوائر غربية متعددة خاصة في اميركا.
وترفض الاوساط ان تصنف هذه الفتوى وهذا الموقف في دائرة التراجع او الانكماش امام الهجوم الاعلامي الذي تشنه هذه الدوائر والتي يتصل بعضها "باللوبي اليهودي" في اميركا.
وتذكّر هذه الاوساط بمجموعة الملاحظات والارشادات التي ارسلها وبعث بها "السيد "الى الجاليات الاسلامية في الغرب، وضمنها الى احد المؤتمرات والتي دعا فيها مسلمين هناك لان ينخرطوا في الحياة السياسية الاميركية لا من جهة اثارة القضايا السياسية الاسلامية والعربية فحسب بل على مستوى التحرك كمواطنين اميركيين بالطريقة التي يؤكدون فيها للامركيين الباقين انهم جزء لا ينفصل عن المجتمع الاميركي والغربي حتى على مستوى انخراطهم في الانتخابات النيابية والرئاسية ولكن ضمن خطة ترمي في نهاية المطاف الى فك الحصار السياسي والثقافي والاعلامي الذي رسم بعد هجمات 11 ايلول 2001 والذي تصاعد تصاعدا جنونيا ضد الامتين العربية والاسلامية.
وترى الاوساط ان اشعار الاميركيين ان العرب والمسلمين في اميركا هم مواطنون اميركيون تهمهم المصلحة الداخلية في عناوينها السياسية والاقتصادية حتى على مستوى مناقشة امور كالميزانية والانتخابات وغيرها يؤدي الى كسب الثقة اكثر من الشعب الاميركي الذي لا يمثل في نهاية المطاف "العدو المفترض للمسلمين" لان المشكلة القائمة مع الرموز السياسية الاميركية وليست مع هذا الشعب الذي لا بد ان يتحرك السعي باتجاهه لكسب وده وصداقته لانه ليس طبيعيا ان يحصل اليهود في اميركا على اصوات الملايين من هذا الشعب ويجندوهم تاليا في عملية التكوين السياسي للمسيحية المتصهينة ولايستطيع العرب والمسلمون ان يكسبوا هؤلاء على الرغم من أحقية قضيتهم السياسية والدينية على السواء، وامتلاكهم هذا الكم من التراث الديني الذي يتسع لكل البشر ويستطيع ان يحتضن حتى الحضارة الغربية في كثير من ابداعاتها.
ربما يثير بعضهم ان هذه الدعوة ليست منسلخة عن عمق التفكير الاسلامي للمرجع فضل الله الذي يفضل التعاطي مع الساحة العربية بالحوار الثقافي والفكري والعلمي بعيدا من لغة العنف والارهاب، وخصوصا انه اصدر جملة من الفتاوى لمقلديه في الغرب يحرّم فيها التعرض للامن الاجتماعي والسياسي للغربيين ولنظام النقل والنظام العام في هذه الدول بأي شكل من الاشكال.
ولكن السؤال هنا هو: هل نحن امام مدرستين اسلاميتين في قضية العلاقة بالغرب. مدرسة العنف التي تغلب عليها نظريات القهر ورد الفعل. ام مدرسة الدعوة الى الحوار لكسب الشرائح المستقلة والواعية في الغرب تمهيدا لكسب هذه الساحة ولو على المستوى البعيد .

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00