أكد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق أن الاعتدال هو وحده صمام أمان التجربة اللبنانية في العيش الواحد في الدولة التي يرأسها الرئيس العربي اللبناني المسيحي الوحيد في العالمين العربي والاسلامي، مشيراً الى أن في لبنان، أحراراً في الدولة وخارجها وهم يجاهدون سلماً في سبيل اعتدالهم واستقلالهم وسيادتهم ودفعوا الكثير من الشهداء وما بدلوا تبديلاً، وأن النصر للأحرار ولو طال الزمن، مشدداً على أن الاعتدال وحده صمام أمان لبنان والعيش الواحد.
نظمت السفارة اللبنانية في الامارات، بالتعاون مع مجلس العمل اللبناني في أبو ظبي عشاء تكريمياً للوزير المشنوق والوفد المرافق في مقر السفارة في أبو ظبي اول من امس، في حضور سفير لبنان في الامارات حسن سعد ورئيس مجلس العمل اللبناني في أبو ظبي سفيان الصالح والبير متى وحشد من أبناء الجالية اللبنانية ورجال الاعمال.
بعد النشيدين الاماراتي واللبناني وكلمة ترحيبية لسعد، تحدث الصالح منوهاً بـ دور الوزير المشنوق الذي يقود وزارة الداخلية بكثير من الحزم والجدية وبقدرة عالية على استيعاب هذه المرحلة الحساسة. وقال: تعلمنا كثيراً من هذا البلد المرحاب من مدرسة المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، تعلمنا أن ترعرع الاوطان ونجاحها يحتاج الى الرؤية الواحدة التي تنتهجها كل قيادات البلد في نمط مجتمعي فريد وتناغم كامل بين القيادة والشعب.
ثم تحدث المشنوق ناقلاً تحيات رئيس الجمهورية ميشال سليمان الذي وإن تأخر الوقت كثيراً، لديه الكثير من الاسباب الوطنية للتمديد، أولها وأهمها السقف الوطني الذي وضعه لمن يأتي بعده أياً كان، وتحيات رئيس الحكومة تمام سلام، وقبلاً وحاضراً وبعداً تحيات الرئيس سعد رفيق الحريري.
وقال: يشرفني أن أكون بينكم الليلة وكل واحد وواحدة منكم هو او هي حكاية نجاح وانجاز. حكاية اللبناني الذي يقاتل بشرف من أجل مستقبل أفضل للعائلة الصغيرة هنا في الامارات، كما للعائلة الاكبر في لبنان، أكانت أماً او أباً او أختاً او أخاً. فالمغتربون اللبنانيون ليسوا فقط قوة رقمية تحتسب مساهمتهم في اقتصاد البلاد، وهي مساهمة كبيرة بلا شك، بل أنتم قوة قيمية تكرسون من خلالها معاني الخير لبلادكم ولأهلكم، هنا كما في لبنان.
أضاف: في المقابل لا أذيع لكم سراً اذا نقلت لكم ما سمعته من كل المسؤولين الاماراتيين الذين التقيتهم وعلى رأسهم وزير الداخلية سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان الذي تحدث بامتنان واخلاص عن فضل اللبنانيين على نهضة الامارات العربية المتحدة في أيامها الاولى، قبل الاتحاد وبعده، ومشاركتهم في تأسيس وانجاح قطاعات رئيسية شكلت ركيزة لهذه التجربة التنموية والنهضوية الرائدة والتي نتمنى لها الدوام والخير. هذا ان دل على شيء فعلى شراكة متينة وصلبة بين الشعبين اللبناني والاماراتي، وهي شراكة قائمة ودائمة ومستمرة، محصنة بالود والاحترام والمحبة. والواقع أن هذا النمط من الشراكة ما كان لينجح لولا أنه وجد حاضنته الطبيعية في رحابة الاتحاد الاماراتي الذي رعاه صاحب السمو الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، الذي لا يتسع الوقت الليلة لانصاف تاريخ أفضاله على العرب جميعاً، وهو ما يتابعه بعناية ووفاء سلفه رئيس الدولة سمو الشيخ خليفة بن زايد.
وتابع: لكن الشراكة لا تقف هنا وحسب. لا شك أن وردة الامارات محاطة بأشواك كثيرة في حديقة الشرق الاوسط، ولا شك أنكم تقلقون من وخز هذه الاشواك أولاً كأصحاب أرزاق في هذه البلاد، وتقلقون ثانياً كإخوة عرب يعنيكم رخاء الامارتيين وأمنهم وسلامة بلادهم. لكن اسمحوا لي أن أقول هنا إن الثقة كبيرة وكبيرة جداً بالله أولاً ثم بالرؤية الاستراتيجية التي يتمتع بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، صاحب الدور الريادي في اعادة الاستقرار إلى أم الدنيا مصر الدولة العربية الاولى والنموذج العائد باذن الله وخط الدفاع الاول عن ثقافة الاعتدال ومواجهة التطرف والتكفير ومنصة الوقوف في وجه من يريدون ادخال الدين الى الدولة كأن الاسلام يخضع لمنطق الاكثرية والاقلية، بينما هو دين كل المسلمين.
وسأل: أين وجه الشراكة في هذه المعركة؟ وأنا أجيب بصراحة وصدق أن أهمية هذه المعركة أكبر للبنانيين من بقية العرب، معتبراً أن الاعتدال هو وحده صمام أمان التجربة اللبنانية في العيش الواحد في الدولة التي يرأسها الرئيس العربي اللبناني المسيحي الوحيد في العالمين العربي والاسلامي. وقال: هذه معركة أنتم معنيون بتفاصيلها ومعنيون كل من موقعكم بتغليب منطق الاعتدال على منطق التطرف. هناك من يقول، شرقاً وغرباً، ان في لبنان دولة مخطوفة ولا فائدة من الاعتماد عليها او الانفتاح عليها او الرهان عليها. نعم لبنان دولة متعبة ومتعبة، لكن في لبنان ايضاً، وانا اقول هذا الكلام من أبو ظبي، منبر العقل المعتدل.
وأشار الى أن في لبنان، أحراراً في الدولة وخارجها وهم يجاهدون سلماً في سبيل اعتدالهم واستقلالهم وسيادتهم ودفعوا الكثير من الشهداء وما بدلوا تبديلاً. هذا هو تاريخهم وحاضرهم ومستقبلهم في الانحياز الدائم الى قيم الحرية والاعتدال باعتبارها من شروط الحياة أولاً قبل أن تكون شروطاً للسياسة. إن مجافاة هذه الحقيقة هي مساهمة في دعم التطرف والتكفير والنصر للأحرار ولو طال الزمن، مؤكداً نحن نحب الامارات. نغار منها ونغار عليها. وكل واحد منكم يسأل نفسه مراراً كيف يمكن الاستفادة والمراكمة على هذه التجربة التنموية المذهلة التي إسمها الامارات العربية المتحدة من اجل استعادة لبنان الذي يستحقه كل واحد منكم. وانا باسم هذا الرجاء أعاهدكم بما أوتيت ألا أترك منبراً أو موقعاً أو عاصمة أو مدينة إلا وسأرفع الصوت من خلالها دفاعاً عن هذا اللبنان، أولاً قبل كل شيء وفاء لذكرى الشهيد رفيق الحريري وكل شهداء لبنان الذين سقطوا دفاعاً عن علم لبنان. سقط الكثير منا ولكن بقي لهذا العلم من يحمله وسيبقى مرفرفاً الى الابد.
ثم تحدث متى فأكد أن الإغتراب ينظر الى الوزير المشنوق بثقة كبيرة لأنه أعاد الثقة إلى الوطن وتعامل بمسؤولية راقية مع الملفات الامنية الدقيقة والشائكة ونشر السلام. وقال: اطلالتكم الامنية في فترة قياسية وقصيرة كرست مفهوم حضارة السلام وحق كل مواطن بالعيش الآمن الكريم في بلدنا. واسمحوا لي يا معالي الوزير ان أقدم لوطني لبنان من خلالكم مبلغ مئة ألف دولار اميركي اسهاماً لدعم السجون.
بعد ذلك، كرّم المشنوق كلاً من متى والصالح بدرعين تقديريتين على جهودهما. كما قدم سعد ميدالية الارز عربون وفاء وتقدير للشخصيات المميزة ومنها المشنوق.
وكان وزير الداخلية زار مسجد الشيخ زايد الكبير في أبو ظبي، واطلع على معالمه الباهرة المستقاة من التاريخ الاسلامي بلمسات عصرية فنية متطورة ومزيج بين القديم والجديد. وأبدى اعجابه بالمسجد والطريقة الفنية الراقية التي بني عليها والمساحات الواسعة التي يقع عليها وتبلغ 22 ألف متر مربع، وتتضمن زخرفات الابواب والبلاط النوعي والجدران المستوحاة من التاريخ الاسلامي والسقوف المنقوشة والمحفورة بيد فنانين اماراتيين وعرب وعالميين في ابداع فني رائع فضلاً عن التقنيات الحديثة التي تستعمل في فتح الابواب والاجهزة الصوتية وغيرها.
كما زار المشنوق والوفد المرافق ضريح الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وقرأوا الفاتحة عن روحه، ودوّن بعدها المشنوق كلمة في السجل داخل المسجد.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.