8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

عيد الفطر.. ربيع فقهي يستهدي منهج فضل الله

أعلن مكتب المرجع الديني الراحل السيد محمد حسين فضل الله قبل أيام أن نهار الأحد الواقع في 19/8/2012 هو أول أيام عيد الفطر المبارك، وذلك بناء على المبنى الفقهي لفضل الله بالاعتماد على الحسابات الفلكية الدقيقة واتماماً لعدة شهر رمضان.
الإعلان لم يكن مفاجئاً لأنه يأتي استكمالاً لمنهج كرّسه المرجع الراحل في حياته، بحيث كان يعلن بنفسه عن بداية شهر رمضان ويوم العيد قبل نحو أسبوع من وقته من على منبر مسجد الامامين الحسنين في حارة حريك في صلاة الجمعة التي كانت تسبق اعلان بداية الصوم، او إعلان الاول من شهر شوال.
وكانت الهيئة الشرعية في مكتب المرجع الراحل أعلنت قبل أسبوع من بداية شهر رمضان أن يوم الجمعة الواقع فيه 20 تموز هو أول ايام شهر رمضان، وتبعها معظم العالم الاسلامي في إعلان الصوم في هذا اليوم وإن تخلفت عن ذلك إيران وبعض الدول الإسلامية.
استمرار مكتب السيد فضل الله في ترسيخ هذا النهج جعل المحبين يطمئنون لكون اجتهادات مرجعهم لا تزال تفرض نفسها على الواقع الإسلامي، لا بل باتت تحظى بصدقية عالية في المواقف العلمية الشرعية على السواء.. وإن كان بعض المبغضين حرصوا على شن الهجمات مجدداً على مرجعية السيد فضل الله بقولهم: كيف يمكن لمكتب شرعي أن يكون مرجعية، أو يعلن نفسه على هذا النحو؟، وهو ما يرد عليه المعنيون في مكتب المرجع فضل الله بأن كل ما يقوم به المكتب هو اطلاع مقلدي السيد الراحل على القاعدة تماماً كما هي المسألة عندما يسأل المكلف عن حكم هذ المرجع المتوفى أو ذاك في قضية شرعية معينة.
ليس هذا فحسب، بل إن المصادر نفسها تقول بأنها تشعر بارتياح كبير، لا من الناحية الذاتية بل من الناحية الشرعية، لأن العالم الإسلامي بدأ يقر لهذا المرجع المجدد الكبير، بأحقية ما ذهب اليه من أن الرؤية بالنسبة الى الهلال ليست إلا مجرد طريق، وأن أملهم هو شهرية الشهر، والرؤية الحقيقية هي المعرفة بوجود الشيء، وأن هذا الأمر حسمته الحسابات الفلكية الدقيقة، ما يعني أننا على مستوى العالم الإسلامي نعيش في حالة تحول حقيقية ليس على مستوى الثورات الشعبية فحسب، بل على المستوى العلمي الشرعي الاجتهادي، وهو الامر الذي بات واضحاً في اعتماد الكثير من الدول والمرجعيات الاسلامية على الحسابات الفلكية من دون الاعلان الصريح عن ذلك، اضافة الى اعلان عدد من الفلكيين المسلمين (في اليمن ومصر والاردن على سبيل المثال) أن نهار الاحد هو أول ايام عيد الفطر المبارك.
وتشير هذه المصادر الى أن بعض الدول كإيران بدأ يأخذ بالحسابات الفلكية ولو على المستوى السلبي، بمعنى الاقلاع عن تأكيد رؤية الهلال وعدم الأخذ ببعض الشهادات في هذا المجال إذا كان علماء الفلك يؤكدون عدم إمكانية الرؤية، مضافاً الى ذلك الاعتماد على ما يسمى العين المسلحة في الرؤية، بما يعني اقترابها من الاخذ بالحسابات الفلكية بطريقة أو أخرى.
ولكن تبقى معضلة تعدد الآفاق التي تعمل بها إيران وفقاً لفتوى مرشدها السيد علي خامنئي، ما يعني أن إثبات العيد في إيران قد لا يعني إثباته في مواقع أخرى في العالم الاسلامي، وهي المواقع التي في شرق إيران، بخلاف فتوى السيد فضل الله التي تجزم بالإعلان عن بدايات شهر رمضان أو العيد عندما يخبرنا الفلكي بأن في القمر كمية من الضوء كافية لرؤيته في أي مكان متفق معه بجزء من الليل حتى ولو كان في أميركا اللاتينية او بعض أجزاء افريقيا كما هي الحال هذه الايام.
لكن المشكلة تبقى في تسييس العيد والتضييق على الاجتهاد إذا كان منطلقه عربياً أو إذا جاء من مدرسة كمدرسة المرجع الراحل فضل الله، فعلى الرغم من أن اجتهادات الرجل وفتاواه فرضت نفسها وباتت ديدن من تبعه كفتواه في تحريم التعرض للصحابة الكرام وأمهات المؤمنين تحت أي اعتبار، إلا أن المنهج المتبع في محاربته يتجلى في الأخذ بالفتاوى ورجم من أطلقها أو من كان السباق الى ترجمتها واقعاً معاشاً بين المسلمين السنة والشيعة، وفي تأمين عناصر الحماية الفقهية والشرعية للوسط الإسلامي لا عناصر الحماية السياسية فقط.
يكثر مقلدو السيد فضل الله وتتصاعد أرقامهم في لبنان والعالم العربي والإسلامي بطريقة لم نعهدها لمرجع بعد وفاته، وقد يعيد البعض ذلك الى مظلوميته وتعرضه لحملات تشويهية ظالمة منذ الإعلان عن مرجعيته أو على أبواب هذا الإعلان. ويعزو محبوه ذلك الى أن السيد ونهجه هو حاجة فعلية للعالم الإسلامي ليس في بدايات شهر رمضان ونهايته فحسب، بل في نهجه التوحيدي الذي لا خلاص للأمة من دونه. وإذا كان المسلمون قد اتفقوا على احترام هذا المرجع بعيداً من كل الحسابات المذهبية، فلماذا لا يبدأ العمل لهيئة شرعية علمية إسلامية تجمع السنة والشيعة والعلماء والواعدين من الفريقين للحاق بركب الوحدويين من الشعب الذين يحدثونك هنا وهناك عن الحاجة الماسة الى ذلك، ويسألون: هل نحتاج الى ربيع فقهي شرعي لذلك؟.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00