8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

سنَة بشعة يا.. نجيب

رداءة في الاداء... تعبير مختصر لما يعانيه قطاع الاتصالات اليوم رغم ارتفاع الطلب على هذه الخدمة، في وقت تستفحل التجاذبات في ظل مواقف الوزراء المتعاقبين على القطاع منذ العام 2008 وحتى اليوم.
فقطاع الخلوي في لبنان شهد تراجعا ملحوظا، اداءً وخدمة، بحيث لا يستطيع مشترك على الشبكة ان يكمل مكالمته من دون ان ينقطع الارسال اكثر من مرة في المخابرة الواحدة حتى ولو كانت لثوانٍ قليلة اي اقل من دقيقة.
اما خدمة الانترنت، فحدّث ولا حرج. فلبنان انعزل عن العالم مرتين هذا الاسبوع، فيما كان وزير الاتصالات، المعروف الانتماء، مشغولاً في الممارسات الكيدية، ففاته ان يضع خططا وقائية لمثل هذه التطورات.
وبحسب آخر التقارير الصادرة عن الاتحاد الدولي للاتصالات والمشغلات العالمية، ختمت الحكومة الحالية سنتها الاولى بمأساة تتعلق بقطاع الاتصالات عموما وبقطاع الخلوي خصوصا. فضلا عن مخالفة قرارات مجلس الوزراء وعدم تنفيذ القرارات الصادرة عن الهيئات الرقابية وتحديدا عن التفتيش المركزي.
فقد تم الكشف عن قرار صادر عن هيئة التفتيش المركزي في لبنان يتضمن مخالفات كبيرة لدفتر شروط تنفيذ مشروع إنشاء حلقات اتصال المراكز الهاتفية بواسطة شبكة ألياف ضوئية.
وأظهر القرار حجم الفساد والتواطؤ الذي تدار به وزارة الاتصالات في لبنان. حيث وضعت مديرية التفتيش الهندسي التابعة لهيئة التفتيش المركزي يدها على الفضيحة المذكورة التي تبلغ قيمتها مئة مليون دولار اميركي.
وأحال التفتيش المركزي تقرير المخالفات الى وزير الاتصالات قبل اشهر ولكنه لم يتخذ اية اجراءات عقابية او رادعة لا بل ارتفعت وتيرة العمل اكثر من السابق.
اما عن قطاع الخلوي، فان الشركتين اللتين تديران القطاع اي الفا و تاتش، (ام تي سي) سابقا، تلتزمان صمتا مطبقا في الاجابة عن اي اسئلة تتعلق بسوء الخدمة، والانقطاع المتكرر، وتكتفي ببيانات عبر وكلائها للعلاقات العامة تتمحور حول النشاطات والسهرات وتوزيع الهدايا واقامة الحفلات برعاية الوزير ومستشاريه، وسط غياب تام عن بيانات تطوير التقنية للخدمات الهاتفية والاتصالات المتكررة للمخابرة الواحدة، مما يجهد المشترك الذي تضاعفت فاتورته رغم الوعود العرقوبية التي وعد بها المعنيون لجهة خفض التعرفة وغيرها.
ويعزو خبراء تقنيون في قطاع الاتصالات تردي خدمة الاتصال الى عوامل عدة اهمها:
ـ عدم وضع الاستثمارات اللازمة من قبل الشركتين لتطوير التقنيات الموجودة وذلك للمحافظة على الربحية القائمة وعدم القبول بتناقص هذه الربحية لمصلحة تطوير الخدمة.
ـ تضاعف عدد المشتركين من مليون ونصف مليون مشترك لكلتا الشركتين في 2008 الى 3 ملايين و245 الف مشترك في أواخر العام 2011، ولم تتواكب هذه المضاعفة مع تقنيات جديدة او انشاء محطات ارسال توازي حجم المشتركين الجدد، بحيث اصبح عدد المشتركين يفوق مرتين العدد السابق ولم توضع المحطات اللازمة لذلك.
ويضيف ان عملية البيع العشوائية للبطاقات المسبقة الدفع prepaid Card ادت الى ازدياد عدد المشتركين في السوق اللبنانية، وهو امر لا تقوى الشركتان على استيعابه ما لم تضع التقنيات الادارية والفنية لذلك، خصوصا مع تدفق عشرات الالاف من السوريين وغيرهم الى لبنان، وازدياد المنافسة بين الشركتين ليس لمصلحة الدولة، انما لمصلحتهما تحديدا، وسط غياب تام، وانعدام المراقبة من قبل وزارة الاتصالات. اضافة الى ذلك طرح خدمات الانترنت السريع DSL من دون تشبيعها بالدراسات المطلوبة، انما تلزيمها الى شركات خاصة لا هم لها سوى الربح الجشع، الامر الذي يؤثر تأثيرا كبيرا على ما يعرف بالقدرة الاستيعابية او الكاباسيتي وبالتالي على نوعية الاتصالات. فضلا عن ان الوزراء المتعاقبين منذ العام 2008 وحتى اليوم اصبحوا اسرى تصريحاتهم لجهة التطوير الذي تحدثوا عنه والذي اضحى عبئا وليس تطورا لمصلحة المشترك، اذ ان الفاتورة الثابتة والخلوية تضاعفت نتيجة سوء التقنيات وسوء الادارة.
ويؤكد الخبير ان تعرفة الدقيقة اللبنانية للهاتف الخلوي هي الاغلى في الشرق الاوسط، فلا يجوز ان تكون الخدمة على النحو الذي هي عليه، وبالتالي لا يمكن ان تبقى كذلك. فما يدفعه المشترك اي المكلف اللبناني
يتجاوز اضعاف مضاعفة ما يدفعه المواطن العربي، وحتى تجاوز الامر مدينة دبي التي كانت تعد من الاغلى في الشرق الاوسط مع تطورها الاقتصادي والمالي ووجود كل الشركات الكونية فيها لكن اوجه المقارنة ساقطة، لكون التقديمات من الشركات الاماراتية ادخلت منافسة جديدة على قطاعها لمصلحة المشترك في ظل الخدمات التقنية النوعية التي تمثلت بالجيل الرابع لخدمات الانترنت 4G وغيرها من خدمات تحسين الارسال على مستوى العالم العربي بل العالم ككل.
ويروي خبير آخر في قطاع الاتصالات خلفية وأهمية قرارات مجلس الوزراء المتعاقبة في الموافقة على عقود الادارة مع شركتي الخلوي. فالقرارات هذه، حسب ما قال، تشكل وحدها الاطار الرقابي لعمل وزارة الاتصالات في قطاع الخلوي، خلافا لعمل جميع الوزارات الاخرى. إذ ان الادارات في الدولة اللبنانية، من وزارات ومؤسسات عامة ومديريات عامة، تخضع بشكل مباشر لمراقبة الاجهزة الرقابية السابقة او اللاحقة من جهة، ويتحمل مسؤولية اداراتها موظفون رسميّون يخضعون لاصول المحاسبة والمراقبة من جهة أخرى. اما الاستثناء الوحيد في الدولة اللبنانية فهو قطاع الخلوي. اذ ان هذا القطاع ضمن وزارة الاتصالات، والذي يدرّ وحده ايرادات سنوية تقارب الملياري دولار اميركي، لا تخضع ادارته لاصول المراقبة والمحاسبة المعتمدة في الدولة اللبنانية، وتقع مسؤولية ادارته كاملة وحصريا على وزير الاتصالات ومجموعة صغيرة من الاشخاص غير الموظفين يسميهم الوزير من خارج الادارة، يطلق عليهم تسمية هيئة المالكين، وهؤلاء لا يخضعون بأعمالهم لأي جهة رقابية رسمية. فالمديريات العامة في وزارة الاتصالات هي خارج نطاق ادارة قطاع الخلوي كليا. هذا الوضع الشاذ مستمر منذ العام 2002 حين اقترحه في تلك الفترة، ولمدة محدودة، وزير الاتصالات السابق جان لوي قرداحي بعد صدور القانون الرقم 393/2002 الذي ينص على انتقال ملكية الخلوي كاملة الى الدولة اللبنانية بتاريخ 31/08/2002 في حال لم تنجح المزايدة العلنية لخصخصة القطاع.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00