زحفت بيروت بشيبها وشبابها الى ساحة الشهداء للمشاركة في عيد شهداء لبنان واحياء لذكرى 7 ايار الاليمة، يوم استبيحت بيروت في العام 2008، ويوم تعطلت لغة الكلام والحوار وعلا صوت السلاح على كل الاصوات. ويأتي إحياء هذه المناسبة لتثبيت المبادئ التي تبني الغد والتي ترفض الفتنة وترفض هيمنة السلاح واي هيمنة خارجية، وكانت مناسبة أيضاً للدعوة الى الحوار الصادق انطلاقا من قناعة لا من مناورة، كما اكد رئيس تيار المستقبل سعد الحريري في كلمته.
واعلن الحريري في اطلالته عبر شاشتين عملاقتين، وضعتا خلف تمثال الشهداء ووسط تصفيق الحاضرين سلسلة مواقف رأى فيها انه ليس صدفة ان يشكل السابع من ايار محطة رديفة لعيد الشهداء وقد شهد فيه لبنان مجزرة اخلاقية بحق بيروت وابنائها وكرامتها.
وأكد ان يوم 7 أيار لم يكن يوما مجيدا بل هو يوم مشين اتخذ من السلاح وسيلة لبت الخلافات السياسية وتسبب في إفساد الحياة المشتركة بين الأهل والإخوة، وجدد الدعوة الى حوار صادق انطلاقا من قناعة لا من مناورة بأن السلاح خارج سلطة الدولة، مشددا على ان خيارنا هو رفض العنف ورفض السلاح وخيارنا الدولة الواحدة الجامعة والعيش الواحد بين جميع المذاهب والطوائف تحت سقف الطائف والدستور.
واذ جدد رفض تيار المستقبل الاستقواء بالسلاح والتلاعب بالعيش المشترك وإرهاب بيروت وأهلها، رأى ان البعض في لبنان يريد إنتخابات وقوانين انتخاب تخضع لإرهاب السلاح كما الانتخابات في سوريا غدا (أمس) والتي وصفها الحريري بالمسرحية والمزورة بامتياز.
وتوجه الرئيس الى اللبنانيين بالقول ستقولون في كل يوم وصولا إلى يوم الانتخابات النيابية: الشعب يريد اسقاط النظام، منتقدا الحكومة التي نأت بنفسها عن مساعدة آلاف النازحين السوريين في البقاع وإيصالها بالقطارة إلى آلاف أخرى في الشمال والتفرج على خطف المعارضين في لبنان وتسليمهم إلى جزار دمشق.
كلام الحريري جاء خلال رعايته احتفالا أقامه تيار المستقبل أول من أمس، في ذكرى عيد الشهداء في ساحة الشهداء في وسط بيروت، حضر المناسبة التي نظمها تيار المستقبل تحت عنوان احياء لشهداء 7 ايار مقابل ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري في ساحة الشهداء، رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة والامين العام للتيار احمد الحريري والنواب: مروان حمادة، فؤاد السعد، تمام سلام، ميشال فرعون، جان اوغاسبيان، محمد قباني، نهاد المشنوق، احمد فتفت، عماد الحوت،عاصم عراجي، نبيل دو فريج، خالد زهرمان، منذر المرعبي، عمار حوري، محمد حجار، قاسم عبد العزيز، جمال الجراح، خالد الضاهر، احمد كبارة، امين وهبة، سيرج طور سركيسيان، سيبوه كلبكيان، زياد القادري، بدر ونوس، خضر حبيب، معين المرعبي، رياض رحال ونضال طعمة.
والوزراء السابقون: محمد شطح، حسن منيمنة، وريا الحسن، النائب السابق فارس سعيد وممثلون عن الرؤساء الروحيين في لبنان ونقيب الصحافة محمد البعلبكي ورئيس بلدية بيروت بلال حمد ونقيب المهندسين السابق سمير ضومط ورئيس حركة الناصريين الاحرار زياد العجوز ومنسق عام تيار المستقبل في بيروت العميد محمود الجمل واعضاء المكتب السياسي والمكتب التنفيذي ومنسقو الدوائر والقطاعات في التيار وحشد من المواطنين قدّر بالآلاف.
بداية النشيد الوطني اللبناني، ثم وضع كل من الرئيس فؤاد السنيورة والامين العام للتيار احمد الحريري اكيلا من الزهور على ضريح الشهداء باسم الرئيس سعد رفيق الحريري، عرض بعدها فيلم وثائقي يختصر مسيرة الشهادة والشهداء.
الحافي
تحدث بعد ذلك عريف الاحتفال الزميل منير الحافي متناولاً الذكرى من كل معانيها. فقال: بسم الله الذي خلقنا وكوّننا وجعلنا لبنانيين عرباً، باسم لبنان، الوطن الذي جمَعنا كائناً ما كان دينُنا، وباسم بيروت، مدينتنا، التي حضَنتنا، لا فرقَ بين طوائفنا ومذاهبنا، وأنا في هذا المكان المقدس يعتريني، شعورٌ برهبة، لأنني على بُعد أمتار عن مرقد الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
أضاف: نجتمع اليوم في عيد الشهداء، شهداء الصحافة، في ذكرى جمع غفير من أهل الوطن، بذلوا أغلى ما عندهم من أجلنا، ماتوا لنحيا، نجتمع بالقرب من نصب سياسيين وصحافيين وأهل قلم ورجال دين وغيرهم، قتلوهم لأنهم قالو لا، واختاروا عرضهم أمواتا في الساحة، ليكونوا عبرة لأهل البلد، وألا يتجرأوا على رفض الظلم ورفض الخنوع ورفض السكوت، فهل كان للظالمِ ما أراد؟.
ولفت الى أنه مع كل خلاف في بيروت وعلى بيروت، يذهب من أساء الى قارعة التاريخ، ويبقى البِناء وإن احتاج الى ترميم أو حتى إلى إعادة بناء من جديد، بعد كل سلاح تنهض، يذهب السلاح وتبقى بيروت، بعد 6 أيار و7 أيار و14 شباط و12 كانون الأول و12 حزيران و13 نيسان وكل مواعيد الاغتيالات والحروب، تبقى عظمة بيروت كما عهدها العالم، مدينة منفتحة، محبة، حاضنة لكل أهلها اللبنانيين، ولكل العرب، عيونها مفتوحة في الليل كما في النهار، وقلبها على شقيقتها دمشق العروبة، وعلى حمص وحلب وحماة وادلب، على قاهرة المعز وميدان العباسية والتحرير، وكل الميادين، القاهرة أم العرب وأم الدنيا، وإذا كانت القاهرة بخير، كان العربُ بخير، شهداؤهم شهداؤنا، كراماتهم كراماتنا، حريتهم حريتنا، انتصارهم انتصارنا.
الحريري
ثم القى الرئيس الحريري كلمة عبر شاشتين عملاقتين، أشار فيها الى أنه قبل سنوات، وقف الرئيس الشهيد رفيق الحريري في هذه الساحة، ليعلن أمام حشد كبير من اللبنانيين إحياء ذكرى عيد الشهداء، لم يقع في خاطر الرئيس الشهيد أنه سيصبح علماً من أعلام شهداء لبنان، وأن ضريحه سيقام في هذه الساحة، وأن اللبنانيين الذين اجتمعوا حول شهادته، سيجعلون من هذا المكان رمزاً للحرية والاستقلال، حيث نلتقي اليوم، روح رفيق الحريري بيننا، روح العدالة والاستقامة والتحرر والصبر، نلتقي على اسمه وعلى أسماء كل شهداء لبنان من دون استثناء.
وقال: إن 6 أيار هو عيد الشهادة، وعيد الحرية، لأنه عيد شهداء صحافة لبنان والأحرار، الذين سطروا بدمائهم أمجاد لبنان الوطنية، هناك على مقربة منكم، صرح من صروح الحرية، شارك في معركة الاستقلال، وشكل بصوت الشهيد جبران تويني والشهيد سمير قصير منبراً مميزاً من منابر ثورة الأرز والانتفاضة في وجه النظام الأمني، وربما ليست مصادفة، أن يكون اليوم أيضاً ذكرى الليلة السوداء التي تَقرر فيها إعتداء السلاح على بيروت، عاصمتنا الحبيبة، وأهلها الشرفاء، في 7 أيار 2008، وليست صدفة أن يشكل السابع من أيار محطة رديفة لعيد الشهداء، وقد شهد فيه لبنان مجزرة أخلاقية بحق بيروت وأبنائها وكرامتها، 7 أيار، الذي لم يكن يوماً مجيداً، بل هو يوم مشين، تسبب في إفساد وتسميم الحياة المشتركة بين الأهل والإخوة، واتخذ من السلاح وسيلةً لِبت الخلافات السياسية، موضحا أن هذا اللقاء هو مناسبة للإعلان مجدداً عن رفض هذا اليوم، ورفض سياسات التسلط والهيمنة، ورفض الاستقواء بالسلاح، والتلاعب بالعيش المشترك وإرهاب بيروت وأهل بيروت، قد لا تكون مصادفة، لأن خيطاً رفيعاً يربط بين الحدثين، في الأول قدم كبار من لبنان أرواحهم فداءً لاستقلاله، من ساحة البرج في أيار 1916 إلى ساحة السان جورج في شباط 2005، وفي أيار 2008 قدم أهالي بيروت أرواحهم وجراحهم وكراماتهم المنتهكة فداءً لمنع الفتنة، واختاروا المقاومة السلمية الديموقراطية المدنية، لمنع عودة شبح الحرب الأهلية، حمايةً للبنان واستقلاله.
أضاف: منذ أيار 2008، والشرفاء في بيروت وكل لبنان يقدمون التضحية تلو الأخرى، صامدين دفاعاً عن لبنان واستقراره واستقلاله، في رفضهم للعنف والسلاح والانزلاق نحو الفتنة، وتمسكهم بالديموقراطية وسيلةً وحيدةً للتعبير عن رأيهم وقرارهم، ونحن قلناها معاً في انتخابات 2009، بعد عامٍ تماماً من أيار الأسود، وسنقولها معاً مرةً جديدة في صناديق الاقتراع بعد عامٍ من اليوم بإذن الله، خيارنا رفض العنف، ورفض السلاح، خيارنا الدولة الواحدة الجامعة المسؤولة عن الجميع، وقرارنا العيش الواحد في لبنان، بين جميع المذاهب والطوائف، تحت سقف الطائف والدستور، وكما كان خيارنا بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ورفاقه شهداء ثورة الأرز، نكرر ونؤكد، أن خيارنا هو سلوك طريق العدالة لا الثأر، طريق الحقيقة لا الدم، وهو بعد إقحام السلاح في لعبة الدم الداخلية، وتزوير قرار الناس، كان وما يزال سلوك طريق الديموقراطية، لا الفتنة، وطريق صناديق الاقتراع، لا صناديق الموت، لأننا لا نحمّل طائفةً أو مجموعة أو فئة من إخواننا اللبنانيين مسؤولية دماء رفيق الحريري، الذي نعتبره شهيد كل لبنان، ولا نحمل طائفة أو مجموعة أو فئة بعينها مسؤولية 7 أيار 2008، الذي رأينا في فتنته، إن اكتملت لا سمح الله، خطراً على كل لبنان وكل اللبنانيين من كل الطوائف والفئات والمناطق.
ولفت الى أن استذكارنا لشهدائنا اليوم، ولبيروت الشهيدة في 7 ايار 2008، هو مناسبة لنكرر رفضنا للفتنة بكل أشكالها، وللفتنة بين السُّنة والشيعة بشكلٍ خاص، ولندعو إلى حوارٍ صادق انطلاقاً من قناعة لا من مناورة، بأن السلاح خارج سلطة الدولة، ولو نجحنا بحمد الله في منعه من زج لبنان واللبنانيين في حربٍ أهلية، فهو يبقى سلاحاً لا وظيفة له سوى إضعاف الدولة، وتزوير إرادة الناخبين الديمقراطية عبر ترهيب الناس، ما يؤدي إلى النتيجة التي نراها من إنهيار في القيم والأمن والمعيشة، يعاني منه أهلنا في الجنوب والضاحية الجنوبية، بقدر ما يعانون منه في بيروت والجبل والبقاع والشمال وكل لبنان، وعندما قرر اللبنانيون أن يطردوا النظام السوري من لبنان، لم يفعلوا ذلك ليأتي في ما بعد، من يتولى عن هذا النظام ترهيب اللبنانيين والاستقواء على حياتهم السياسية بسلطة السلاح والمسلحين، لأنهم يريدون انتخابات نيابية على قياس السلطات الحزبية المسلحة، ويعملون على تسويق قوانين للانتخابات، تريد إعادة إنتاج أنظمة الوصاية والتسلط، بأدواتٍ محلية هذه المرة، وهذا الموضوع لن يمر، ولن نقدم للمتلاعبين بأسس العيش المشترك فرصة الإنقضاض على النظام الديموقراطي.
وأشار الى أن غدا (أمس)، هو مسرحية النظام السوري تحت مسمى انتخابات تشريعية في سوريا، انتخابات مزورة بامتياز، حيث أعدوا النتائج سلفا، وملأوا صناديق الاقتراع بأسماء الفائزين وأصوات الشهداء، وما من أحد يعلم كيف يمكن أن تجري إنتخابات في حمص والرستن وحماه وحلب ودير الزور وجسر الشغور،
وفي درعا وإدلب والزبداني ودمشق وريف دمشق، وفي عشرات بل مئات المدن والقرى التي يحاصرها الخراب والدمار والقتل، انتخابات سوريا التي تتم تحت إرهاب السلاح، وفي لبنان يريدون أيضاً إنتخابات وقوانين انتخاب تخضع لإرهاب السلاح، وقرارنا هو أن نواجه هذه المؤامرة على النظام الديموقراطي، والمحاولات المتجددة لإلحاق لبنان بالنظام السوري وأدواته.
وذكّر بـيوم علقت فيه المشانق في ساحة البرج في 6 أيار 1916 للمطالبين بالاستقلال، علِّقت المشانق في اليوم نفسه وللسبب نفسه في ساحة المرجة في دمشق، ونحن اليوم كما في الأمس، وفي كل يوم، نختار هنا في لبنان درب النضال السلمي الديموقراطي، دفاعاً عن الاستقلال والسيادة والكرامة والحرية، ويسقط في سوريا إخوة لنا وأخوات، شهداء في سبيل الحرية والكرامة والديمقراطية، على يد آلة البطش والقتل العمياء التي يقودها نظام بشار الأسد، ويدمر فيها المدينة تلو المدينة والقرية تلو القرية، مشددا على أن الأمر لم يكن مصادفةً قبل 96 عاماً، وهو ليس مصادفةً اليوم، ونحن نعرف أن كفاحنا السلمي الديموقراطي دفاعاً عن لبنان وسيادته وحريته، هو نفسه كفاح الشعب السوري المطالب بالديموقراطية والحرية والكرامة، لذلك وقفنا منذ اللحظة الأولى، وأكدنا أن خيارنا هو الوقوف إلى جانب الشعب السوري وإرادته بالتحرر، من نظام القمع والبطش والفساد، نفسه الذي لفظ أنفاس وصايته على لبنان، في هذه الساحة بالذات في 14 آذار 2005، وهو يلفظ أنفاس استبداده في سوريا، أمام إرادة السوريين الأحرار الشرفاء في هذه الأيام.
وأشار الى أننا فهمنا، وفهم جميع اللبنانيين أن هذه حكومة النأي عن رغيف الخبز، وعن سلامة الغذاء، وعن أمن الناس وأمن الوطن، ولكن هناك أمور لا تحمل الكذب والاحتيال، هناك دماء الأبرياء، لا تحمل الكذب والاحتيال، والانتماء إلى العروبة لا يحمل الكذب والاحتيال، والإيمان بالانسان وبحقه في الحياة الحرة الكريمة لا يحمل الكذب والاحتيال، هذه أمور لا تحتمل إعلان النأي بالنفس، وتحويل ديبلوماسية لبنان إلى رديف لنظام القتل والفساد في المحافل العربية والدولية، ولا تحتمل إعلان النأي بالنفس، والتفرج على خطف المعارضين السوريين في لبنان، وتسليمهم إلى جزار دمشق، ولا تحتمل إعلان النأي بالنفس، ومنع المساعدة عن آلاف النازحين السوريين في البقاع، وإيصالها بالقطارة إلى آلاف أخرى في الشمال.
وختم: تفصلنا عن الانتخابات النيابية سنة مصيرية، وفي هذه الانتخابات سيقول اللبنانيون واللبنانيات بوضوح ما إذا كانوا يريدون الاستمرار في هذه الحال، في الانهيار الاقتصادي والأمني والمعيشي، في نظام الكذب العامل لدى جزار دمشق، الخارج عن العروبة والعرب وإرادتهم، مؤكدا أنكم في هذه السنة المصيرية، ستقولون في كل يوم، وصولاً إلى يوم الانتخابات، وخصوصاً في يوم الانتخابات، ستقولون بكل ديموقراطية، من خلال أصواتكم في صناديق الاقتراع، ستقولون بكل بساطة الشعب يريد اسقاط النظام، عشتم، عاش شهداؤنا، عاشت بيروت وعاش لبنان.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.