8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

إعلان الدوحة يترجم نشاطاً اقتصادياً وتفاؤلاً بالمستقبل

لم تنتظر الاسواق طويلا للتجاوب مع اعلان الدوحة، فمع ساعات الصباح الاولى ومع شيوع خبر توصل الافرقاء اللبنانيين الى اتفاق حول الازمة السياسية، ساد جو من الارتياح لدى جميع الفعاليات الاقتصادية وتفاؤل بامكانية الاستفادة من الاستقرار الذي سيشهده لبنان في المستقبل لاطلاق عجلة الاقتصاد وتحقيق نمو كبير في جميع القطاعات والاستفادة من موسم الاصطياف المقبل. وما عزز هذه الاجواء التفاؤلية البدء فورا بفك الاعتصام من وسط بيروت ما احدث صدمة ايجابية اضافية، لما للوسط التجاري من ثقل اقتصادي على المستويات كافة.
فلم يكد قرار إزالة خيم الاعتصام في وسط بيروت التجاري يعلن من مؤتمر الحوار في الدوحة، حتى شرع أصحاب المؤسسات والمحال التجارية في المنطقة، بفتح أبواب المطاعم والمقاهي والمؤسسات التي أقفلت على مدى 18 شهراً، تكبد خلالها الاقتصاد الوطني مليارات الدولارات، فيما هاجر الآلاف من العمال والموظفين الى أصقاع الخليج العربي، وهاجرت معهم الاستثمارات والكثير من رؤوس الأموال بحثاً عن موطن للاستقرار والانتاج والطمأنينة التي انتهت مع اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، لتتكرر بعدها الأزمات السياسية بعناوينها المختلفة، وليكون الاقتصاد اللبناني معها أول الضحايا التي أمعن الجلاد السياسي في حز عنقها.
فتح المحلات
وسط بيروت منذ 18 شهراً، غيره أمس، فوقع الأقدام عاد ضجيجاً في هذه البقعة التي امتلأت صمتاً وسكوناً تنتظر العاصفة التي تأخذ ليس الوسط فحسب بل البلد بأكمله الى المجهول، وإذ فضل المتسوقون والرواد والفضوليون عدم التحدث في هذه اللحظة المفصلية "لأننا ممنوعون من التحدث في السياسة"، فإن اللهفة لزيارة الوسط تبدو في أعين الكثيرين، فأمس شهد الوسط التجاري ولادة جديدة، وكانت لهفة أصحاب المتاجر والمقاهي والمطاعم لإعادة استقبال الرواد من اللبنانيين والعرب. أمس كان عيداً للبنانيين الذين بددوا سريعاً السحابة السوداء التي خيمت فوق الوسط التجاري، وفوق الاقتصاد اللبناني، ما إن تسألهم عن رأيهم حتى يبادروا بكلمات مقتضبة "مبروك، لا نريد أن نتكلم في السياسة، الشعب اللبناني هو الذي ربح المعركة".
في شارع المعرض عادت ورش التنظيفات سريعاً، الى داخل المحال المقفلة لإزالة الغبار وإخراج ما أمكن من الكراسي خارجها لاستقبال الرواد، وقالت آسية وهي صاحبة محل للارتيزانا "مبروك، نحن طموحنا العيش بسلام، شكراً للعرب الذين أنجزوا حواراً ناجحاً، وكما هي العادة نحن نستعد لاستقبال السياح العرب والأجانب، الذين افتقدناهم منذ بدء الاعتصام".
أما ريم سعد الله وهي موظفة في أحد المقاهي، فأعربت عن تفاؤلها ونحن نبارك لجميع اللبنانيين بهذا الاتفاق.
وفي حين أخذت الترتيبات والتجهيزات جزءاً من اهتمام مدير محل (efac titep) محمد فارس، فإنه لم يتوانَ عن إعطاء رأيه في فك الاعتصام وعودة الحياة الطبيعية الى الوسط، وقال "المبادرة العربية إيجابية بالنسبة لجميع القادة السياسيين في البلد، وفور سماعنا بالاتفاق بينهم وقرار فك الاعتصام نزلنا فوراً الى مؤسستنا التي كانت قد أقفلت منذ لحظة الاعتصام الى اليوم، وكما ترى الورشة قائمة ونأمل خيراً".
وتوقع أن تنشط الحركة في الوسط خلال الأيام المقبلة، مع قدوم السياح العرب والأجانب، ووصولها الى نسبة 90% في مدة زمنية قياسية، نظراً لتشوق اللبنانيين والسياح لزيارة هذه المنطقة، التي سيجتها السياسة فحرمتهم منها.
أما طوني ألتون وهو أيضاً موظف في المحل نفسه، فأكد أن منطقة الوسط التجاري حيوية، إلا أنه منذ حرب تموز (يوليو) 2006 وبدء الاعتصام، فإن الوسط أصبح منطقة مقفلة، وأصبح من الصعب ارتيادها مع انعدام مواقف السيارات التي أصبحت مخيمات متفرقة، ويضاف الى ذلك حالة القلق والخوف التي سيطرت على الناس بسبب الاضطرابات الأمنية والسياسية، وهو ما جعل المنطقة الحيوية "مقفرة" 18 شهراً.
ولفت ألتون الى أن أصحاب المؤسسات والتجار، كانوا ينتظرون خيراً من مؤتمر الدوحة، وبعد الاتفاق فإنهم يتوقعون مجيء الوفود السياحية من داخل وخارج لبنان وخصوصاً من دول الخليج العربي، وهو ما سيساعد في تحسن الوضع بشكل سريع.
أما صاحب محل (OUD) فإنه اكتفى بكلمة "مبروك" في إشارة الى أن الوقت لا يحتمل كلاماً بل الى المسارعة في العمل، والقفز من فوق الأزمة التي آلمت أصحاب محال ومؤسسات الوسط.
أما في الشارع الذي يحاذي مقر بلدية بيروت، فشبح الفراغ الذي كان يحط على كراسي المحال والمطاعم، وفي الشوارع التي تفصل بينها، فقد حل مكانها أمس الزبائن والحركة النشطة من ورش وعمال، كأنما يريدون "كنس" الفراغ مع الغبار.
وقال مدير سلسلة مقاهي ومطاعم (EFAC DNARG) جابر منذر "نحن مسرورون جداً بعودة الحياة الطبيعية الى الوسط، مثل كل العالم، لقد كانت الفترة الماضية بالنسبة إلينا "عدم شرعي"، والخسائر كانت تتلاحق وتتراكم وتزيد، لكن نحن من ضمن المؤسسات التي قررت الصمود والتحدي رغم المعوقات وفداحة الخسائر، لأن الأمل لم نفقده بعودة الحياة الطبيعية، وها هي قد عادت".
وتوقع أن تعود ذروة الحركة الاثنين المقبل، أي عقب انتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، وبعد انتهاء أصحاب المؤسسات والمحال من ورش التصليح والتجهيز والترتيب والتنظيف.
ولفت منذر الى أن عودة الحياة الطبيعية الى الوسط، سيواكبها أيضاً عودة العمال والموظفين الذين هاجروا الى الخليج طلباً للعمل، بعد أن تركوا قسراً بلدهم بسبب تردي الأوضاع، موضحاً أنه ستكون هناك أزمة يد عاملة مع استمرار غيابهم عن بلدهم، إلا أنهم سيعودون قريباً لأن لبنان يبقى دائماً نقطة جذب سواء لليد العاملة وتحديداً اللبنانية منها.
وإذ شرح الخسائر التي تكبدتها مؤسسات الوسط ومحاله، اعتبر أن لبنان يمكن النهوض مجدداً مثل طائر الفينيق من الرماد، وبالتالي فإن المطلوب هو الإيجابية للحفاظ على هذا البلد وشعبه.
قريطم
وفي هذا الاطار قال رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنان غازي قريطم لـ"المستقبل" "ان الاتفاق الذي توصل اليه الزعماء اللبنانيون في الدوحة شكل مفصلا مصيريا للبنان وشعبه واقتصاده، لاسيما ان الاقتصاد اللبناني كان ينتظر طويلا للوصول الى حل الازمة، قبل حصول المزيد من التراجع والنكسات والخروج من الدوامة التي وقع فيها في السنوات الثلاث الماضية، اي منذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
ورأى قريطم ان ازالة الاعتصام من وسط بيروت، تنفيذا لاعلان الدوحة يشكل دافعا كبيرا لاطلاق الدورة الاقتصادية، لما يمثله الوسط التجاري لبيروت من ثقل اقتصادي على المستويات كافة.
وقال قريطم "من المؤكد ان الهيئات الاقتصادية ستلعب دورا كبيرا في عملية اعادة النهوض، خصوصا ان الهيئات الاقتصادية كانت منذ اللحظة الاولى السباقة في الدعوة الى التهدئة والحوار وتمكين المؤسسات من ممارسة اعمالها بشكل طبيعي".
باسيل
اما رئيس جمعية مصارف لبنان فرانسوا باسيل، فقال لـ"المستقبل" "هذه الخطوة ستجعل الاقتصاد اللبناني في وضعية لم يشهد مثيلا لها في حياته، وستمكنه من الاستفادة من الفورة النفطية فضلا عن الاستثمارات بكل القطاعات والنشاط السياحي الذي سيعود افضل من السابق".
وأضاف "كما ان ذلك سيعيد المؤسسات الدستورية الى وضعها الطبيعي ما يمكن مجلس النواب من اقرار كل القوانين العالقة التي لها علاقة مباشرة بالاقتصاد الوطني، لاسيما ما يمكن من الاستفادة من اموال باريس ـ3، وانجاز الخصخصة خصوصا بالنسبة لمؤسسة كهرباء لبنان لرفع العبء المالي عن خزينة الدولة".
وأكد باسيل "ان الوضع الحالي سيثبت الوضع المالي والنقدي للبنان، وسيشجع الناس على الاستثمار بالبنوك والمشاريع، وان يساهم اللبنايون في الخارج بتوظيف اموالهم في لبنان"، وقال "أهم شيء في هذا كله هو تشجيع الكفاءات اللبنانية في الخارج على العودة واموالها والعمل في لبنان".
ورأى باسيل ان تشكيل حكومة وحدة وطنية ستساعد على اقرار مشاريع حيوية وانمائية، فضلا عن تنفيذ بنود مؤتمر باريس 3 لاسيما الشق المتعلق بالاصلاحات.
البزري
من جهته رأى رئيس الغرف الدولية للتجارة وجيه البزري لـ"المستقبل" ان اتفاق الدوحة وبدء تنفيذه أمس بازالة الاعتصام من وسط بيروت قد احدث صدمة كبيرة وايجابية للاقتصاد اللبناني". وأضاف "لقد رأينا اثر ذلك في الاسواق والبورصة حيث شهدت اسهم المصارف وسوليدير ارتفاعا كبيرا لم تشهده منذ زمن".
وأكد البزري ان الاقتصاد اللبناني سيتلقى بكثير من الايجابية الوضع الجديد، خصوصا ان جميع القطاعات كانت تنتظر الوصول الى مثل هذا الحل للبدء بورشة كبيرة للنهوض بها بعد النكسات والنكبات المتلاحقة التي اصابتها في السنوات الثلاث الماضية". وأمل البزري ان يترسخ الاستقرار والثقة بين الجميع، لأن بذلك وحده يمكننا النهوض وترسيخ قاعدة ثابتة لإطلاق العجلة الاقتصادية.
عبود
ورحب رئيس جمعية الصناعيين اللبنانيين فادي عبود في بيان أمس بنجاح الحوار الوطني في الدوحة، وقال "ان من شأن ذلك أن يترك ارتياحا كبيرا لدى اللبنانيين عموما والقطاعات الاقتصادية خصوصا. كما أنه سيكون حافزا قويا لدفع العجلة الانتاجية في البلاد الى الأمام، خصوصا بعد استتباب الأمن وتكريس الاستقرار.المطلوب خاصة بعد انتخاب العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية وتشكيل حكومة وحدة وطنية ووضع قانون انتخابي عادل، مما يعيد الحياة الى المؤسسات الدستورية".
الحريري
وأعرب رئيس جمعية تجار لبنان الشمالي أسعد الحريري عن ارتياحه الشديد لما توصل اليه جميع الفرقاء اللبنانيين في الدوحة، شاكرا الجهود العربية التي شاركت في انجاز هذا المؤتمر، معبرا عن ثقته في عودة الحياة التجارية والاقتصادية الى بيروت والشمال وسائر المناطق.
ورحب الحريري بالقرارات المتخذة في مؤتمر الدوحة، وأكد أن لبنان يدخل مرحلة تاريخية جديدة في ظل الجهود التي قام بها زعيم تيار المستقبل النائب سعد الحريري، ونوه بفك الاعتصام من وسط بيروت.
عربيد
وبدوره قال نائب رئيس جمعية الصناعيين شارل عربيد لـ"المستقبل" "في المرحلة المقبلة يجب ان نلتف جميعا حول رئيس الجمهورية العتيد، كما يجب ان يسود روح التعاون بين جميع الناس".
وأضاف "نحن برسم مرحلة جديدة رسمها اعلان الدوحة ، ونتمنى ان يسودها حد ادنى من الاستقرار بعيدا عن التشنج، لاننا بأمس الحاجة الى الثقة بالبلد والاستقرار، ونحن نقول اعطونا هذين الامرين واتركوا الباقي علينا".
وأكد عربيد قدرة الاقتصاد اللبناني على النهوض من جديد لاسيما ان في لبنان قطاعات اقتصادية تتمتع بكل المزايا العالمية".

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00