8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

] الروح في القيادة ضرورة لانتشال الاقتصاد من الغيبوبة ] المطلوب من الرئيس إعطاء الثقة للبنانيين كما فعل روزفلت بذهابه الى روسيا

يحدّد رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس أربعة مرتكزات أساسية لعمل رئيس الجمهورية العتيد على المستوى الاقتصادي، معتبراً أن الجهد الذي سيبذله الرئيس يجب أن ينصبّ على إعادة الأمل بالاقتصاد، وإعادة الثقة المفقودة بلبنان، وإعادة النمو الاقتصادي الغائب عن ربوعه، وتفعيل الحوار الاجتماعي، مؤكداً أنه من خلال هذه المعايير الأربعة يستطيع الرئيس انتشالنا من هذه الورطة، ونحن كهيئات نتعهد أن نساعده لبناء الأرضية الصلبة وأن نشهد بزوغ فجر اقتصادي جديد في لبنان.
وبعدما لفت الى عدم تحميل رئيس الجمهورية أكثر من طاقته لأن السلطة التنفيذية بعد الطائف باتت مناطة بمجلس الوزراء مجتمعاً، شدد في الوقت نفسه على ضرورة أن يكون الرئيس راعٍ للاقتصاد، الجامع لكل اللبنانيين، وأن تكون لديه رؤية اقتصادية.
ورسم شماس خارطة طريق لبعض الخطوات والإجراءات المطلوب من الرئيس العتيد التركيز عليها والتي من شأنها تحريك العجلة الاقتصادية وزيادة تنافسية الاقتصاد اللبناني وحماية اليد العاملة اللبنانية، مشدداً في هذا السياق على نقاط أساسية، أبرزها: الدفع باتجاه رفع الحظر عن مجيء الخليجيين الى لبنان، توفير مرونة إضافية من القطاع المصرفي تجاه المؤسسات لتيسير أمورها، عدم زيادة الضرائب بأي شكل من الأشكال وإعادة النظر بسلسلة الرتب والرواتب، إجراء الإصلاح الإداري الذي يشكل نقطة ارتكاز لأي عملية نهوض، إقرار الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتطوير البنية التحتية، السير بالإنماء المتوازن واللامركزية الإدارية، فضلاً عن احتواء انعكاسات النزوح السوري على سوق العمل اللبنانية.

ويتحدّث شماس عن الرؤية الاقتصادية التي يُفترض أن يتبنّاها رئيس الجمهورية العتيد، فيؤكد أن مطلب أهل الاقتصاد ورجال الأعمال هو مطلب جميع اللبنانيين: أنا كرئيس جمعية تجار بيروت أعرف أن في مرحلة ما بعد الطائف، السلطة التنفيذية مناطة بمجلس الوزراء مجتمعاً، لذلك يجب عدم تحميل رئيس الجمهورية أكثر من طاقاته، خصوصاً أن الحكم هو في السلطة التنفيذية.
ويأمل في أن يكون الرئيس العتيد راعياً للاقتصاد الجامع لكل اللبنانيين، وأن تكون لديه رؤية اقتصادية تنطلق من أربعة مرتكزات أساسية.
غالبية اللبنانيين مصابون بالضياع واليأس والاستسلام. لذا نحن بحاجة لرجاء جديد في الاقتصاد اللبناني، أي إعادة الأمل بإمكانية نمو الاقتصاد وتقدّمه، حتى لا يعمل من في الداخل على الذهاب الى الخارج والعكس، مشيراً الى نموذج مثالي في هذا الإطار هو ونستون تشرشل الذي استنهض كل طاقات الانكليز على قاعدة أن الروح في القيادة ضرورة لانتشال الاقتصاد من الغيبوبة.
أما المرتكز الثاني فهو حسب شماس إعادة الثقة المفقودة في لبنان، إن كان من ناحية اللبنانيين تجاه بعضهم البعض، أو المواطن تجاه الدولة وحتى لبنان إزاء الخارج. ومن دون هذه الثقة لا يمكن للاقتصاد أن يتعافى.
الاقتصاد يقوم على مجموعتين من المعايير الحسّية والموضوعية، إنما بالقدر ذاته هناك المعايير النفسية والثقة التي تشجّع المستثمر على الاستثمار، والمستهلك على الاستهلاك، والمبدع على الإبداع والمبادر على المبادرة. لذا المطلوب من الرئيس إعطاء الثقة للبنانيين تماماً كما فعل فرنكلين ديلانو روزفيلت الذي أتى الى روسيا في أعقاب أصعب مرحلة اقتصادية ونجح في التشريعات والحوكمة.
أما المرتكز الثالث، فهو النمو الاقتصادي الغائب عن ربوع لبنان منذ فترة، والذي ينعكس سلباً على الدولة بخزينتها، والمؤسسات بماليتها والأسر بميزانيتها. القلّة تولّد الشجار بين اللبنانيين، وحده النمو قادر على حل المشاكل ويلبّي الطموحات الاجتماعية.
أما المرتكز الرابع، يضيف شماس فهو الحوار الاجتماعي، وقد وضعت الهيئات الاقتصادية في وجه النقابات العمالية بسبب تقاعس وتخاذل الحكومة السابقة. الرئيس الجديد يجب أن يكون أباً صالحاً لجميع اللبنانيين وأن لا يفرّط في أبنائه وفي الوقت نفسه أن يعرف كيف يلجمهم. والنموذج على ذلك هو النظام الاقتصادي في ألمانيا الذي وفّق بين العدالة الاجتماعية والفعالية الاقتصادية.
من خلال هذه المعايير الأربعة يستطيع الرئيس انتشالنا من هذه الورطة ونحن كهيئات نتعهّد بمساعدته لبناء الأرضية الصلبة وبزوغ فجر اقتصادي جديد في لبنان.
وفي السياق نفسه، عدّد شماس بعض الخطوط الرئيسية التي يجب أن تتضمّنها رؤية الرئيس الاقتصادية وفي مقدمها الدفع باتجاه رفع الحظر عن مجيء الخليجيين الى لبنان، خصوصاً أن الضربة الأولى التي تلقاها الاقتصاد الوطني نتجت عن قرار الحظر في تموز 2011. في هذا السياق، نبني على النتائج الايجابية للخطة الأمنية في طرابلس والبقاع وقريباً في بيروت، التي تسهم في عودة السياحة والحركة الى الأسواق، مشيراً الى أن الاقتصاد اللبناني سريع العطب وسريع الانتعاش في آن.
ويضيف المطلوب الدفع باتجاه معالجة فقدان السيولة والصعوبات التمويلية التي تعانيها المؤسسات، ومن الضروري توفير مرونة إضافية من القطاع المصرفي تجاه المؤسسات لتيسير أمورها، مشدّداً على ضرورة عدم زيادة الضرائب بأي شكل من الأشكال وإعادة النظر في سلسلة الرتب والرواتب لما لها من عواقب وخيمة على المالية العامة والخزينة العامة ومالية المؤسسات، وعلى ضرورة منح القطاعات الانتاجية القروض المدعومة لا سيما القطاع التجاري لأنه بحاجة لإعادة هيكلة بنية قروضه بفوائد منخفضة.
ويؤكّد شماس أن الإصلاح الإداري يشكلّ نقطة ارتكاز لأي عملية نهوض، وفي هذا الإطار، لا بد من الأخذ في الاعتبار ضرورة إجراء التعيينات الإدارية على أساس الكفاءة والحاجة، لتفعيل الإدارة وتحديثها وعصرنتها بما يتلاءم مع متطلبات العمل الاقتصادي وتسهيل إنجاز المعاملات.
ويقول إن إقرار قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص وإصدار المراسيم التطبيقية لهذا القانون على جناح السرعة يجب أن يكون من الأمور الأساسية التي يعمل عليها الرئيس، خصوصاً أن البنية التحتية مترهلة، لأنه لم يتم أي عمل على هذا المستوى منذ أيام الرئيس الشهيد رفيق الحريري، أي منذ نحو 20 عاماً، وهذه البنية استهلكت ويجب إعادة ترميمها وتطويرها. كما أن قطاع الكهرباء يرتّب على الخزينة العامة عبئاً سنوياً يفوق الملياري دولار وأعباء هائلة على المؤسسات والأسر. كما أن البنية التحتية تخفّض تكاليف الانتاج وتزيد تنافسية الاقتصاد اللبناني، مشيراً في هذا الإطار، الى أن لدى المصارف حوالى 15 مليار دولار جاهزة للاستثمار في القطاعات الانتاجية إذا توافرت الجدوى الاقتصادية فيها.
ويركّز شماس على موضوع الإنماء المتوازن بين المناطق اللبنانية، الذي يشكّل حلاًّ اجتماعياً قبل أن يكون حاجة اقتصادية، والدليل على ذلك أن الفقر المدقع يؤدي الى إشعال الاحتقان والنزاعات في هذه المناطق. ويذكّر بأن مجلس الوزراء السابق أقرّ 100 مليون دولار لتنفيذ مشاريع إنمائية لطرابلس نتمنى أن توضع موضع التنفيذ.
أما اللامركزية الإدارية التي تم لحظها في وثيقة الوفاق الوطني في الطائف فتكتسب برأي شمّاس أهمية قصوى لأن من شأنها توفير اللامركزية الاقتصادية والإنمائية، ما يُسهم في إبقاء الناس في أراضيهم ومنع التصحّر بالريف والاكتظاظ في المدن، مشدداً على ضرورة اهتمام الرئيس بشكل مركز على احتواء انعكاسات النزوح السوري على سوق العمل اللبنانية من خلال تقليص مروحة المهن التي يسمح مزاولتها لغير اللبنانيين، وإلا ستكون نتائج النزوح كاسحة بالنسبة الى العمالة اللبنانية نظراً للتفاوت في منظومة الأجور بين اللبنانيين وسواهم.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00