8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

خفض الرسوم الجمركية وزيادة ضريبة القيمة المضافة يحدّان كثيراً من الفساد

مليون خلل في الإدارة اللبنانية، والمطلوب قبل كل شيء انجاز التعيينات الإدارية. هذا ما قاله وزير الدولة لشؤون التنمية الادارية نبيل دي فريج لـالمستقبل، الذي اعتبر الاّ اصلاح للإدارة في لبنان إلا بالتعاون مع القطاع الخاص، وفي وجود الارادة السياسية الصادقة، مشيرا الى وجود فائض في عدد الموظفين في بعض الوزارات، كما ان هناك بعض الموظفين لم يعد لوظائفهم اي حاجة.
واقترح في هذا السياق، حصر دور الدولة في ممارسة نوع من سلطة رقابة على القطاع الخاص، واعطاءه دورا كبيرا في إدارة الخدمات العامة مثل الكهرباء والاتصالات والضمان الاجتماعي والمستشفيات العامة، محددا دور الدولة بالتشريع والمراقبة، وتشجيع المنافسة ومنع الاحتكار، معتبرا قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص يبقى أهم الاصلاحات التي نبدأ بها.
وإذ شدد على ضرورة ضع هيكلية جديدة لكل الادارة اللبنانية من رأس الهرم حتى الكعب، تحدث عن رؤيته التي طرحها في مجلس الوزراء وهي تركز على التعاون بين الادارة العامة والقطاع الخاص، من خلال تلزيمه بعض الخدمات التي تقدم في اي وزارة من الوزارات، عبر ما يسمى Out Sourcing.
وعوّل دي فريج على مشروع الحكومة الالكترونية، عبر الموقع الالكتروني دولتي لتسهيل امور الناس عبر تمكينهم من الحصول على كل المعلومات المتعلقة بكل المعاملات في كل الوزارات، معلنا اطلاق المرحلة الثانية وهي التواصل الالكتروني قريباً من الامن العام، التي ستمكن المواطن من انجاز معاملاته عبر الانترنت من منزله مع الأمن العام. كما أطلقنا الآن وسندخل بالمرحلة التجريبية للمعاملات الالكترونية مع المغترب اللبناني بواسطة وزارة الداخلية ووزارة الخارجية، لتسهيل امور اللبنانيين في دول الاغتراب لا سيما في امور لها بقضايا الاحوال الشخصية.
ورأى دي فريج ان بخفض الرسوم الجمركية ورفع الضريبة على القيمة المضافة يحد انكثيرا من الفساد.
واجرت المستقبل حوارا شاملا مع الوزير دي فريج، حول وضع الادارة اللبنانية ومطلبات الاصلاح وقف الهدر والفساد، فضلا عن المشاريع التي تنفذها وزارة الدولة للشؤون الادارية، هذا نصه:

قبل الدخول في موضوع الإصلاح الاداري والعمل الذي قمتم به حتى الآن في الوزارة، برأيك أين هي مكامن الخلل في الإدارة اللبنانية؟ وما المطلوب في هذا الاطار؟
يوجد مليون خلل في الإدارة اللبنانية، والمطلوب قبل كل شيء انجاز التعيينات الإدارية، التي ندخل نحن أيضاً في صلبها بدءا بقبول الطلبات مرورا باجراء الفحوص الشفهية في مجلس الخدمة المدنية وصولا الى اصدار التعيينات.
[ ما هي حاجات تطوير الادارة في لبنان؟
- نحن بالتأكيد لدينا تصورنا في هذا الاطار، ونعتبر انه يوجد فائض في عدد الموظفين في بعض الوزارات، كما ان هناك بعض الموظفين لم يعد لوظائفهم اي حاجة. لذلك من الضروري وضع هيكلية جديدة لكل الادارة اللبنانية من رأس الهرم حتى كعب الهرم، تتضمن ايضا وضع توصيف وظيفي لكل وظيفة. وقد اطلقنا ورشة عمل في هذا السياق، لكن تحتاج الى الوقت لأن الادارة كبيرة جداً. كما انني طرحت رؤيتي على مجلس الوزراء ولم أجد اي رفض، وهي تركز على التعاون بين الادارة العامة والقطاع الخاص، عبر تلزيمه بعض الخدمات التي تقدم في اي وزارة من الوزارات. وهناك مشروع اطلقناه لهذه الغاية اسمه (Out Sourcing). مثلاً التنظيفات، يوجد شركات للتنظيف تأتي الى الوزارة وتعقد اتفاقا بناء على اتفاق نموذجي ودفتر شروط يكون قد تم وضعهما في هذا الاطار، بعد اجراء مناقصة عمومية لكي يرسو العقد على الشركة التي تعطي الخدمة الافضل والسعر الاقل، عندها تكون الشركة الملتزمة مسؤولة عن معاشات الموظفين والضمان الاجتماعي.
هناك أمر هام، هو التقويم الوظيفي، فعام 1998 حين قدم الرئيس فؤاد السنيورة وحينها كان وزير دولة للشؤون المالية، مشروع الموازنة، تضمنت سلسلة الرتب والرواتب كانت مرفقة بمشاريع اصلاحية كبيرة، وقتها بسبب السياسة والتدخلات مررت السلسلة من دون اجراء أي اصلاح، والآن أين أصبحنا؟ ما زلنا نطرح الاصلاحات نفسها. فالتقويم الوظيفي معناه انه عندما يدخل اشخاص في الفئة الرابعة أو الثالثة هؤلاء لا يجب أن يتثبتوا في الدولة فهذه كارثة، لأنه متى تم تثبيتهم تصبح محاسبتهم صعبة جداً ومن الصعب أن يسرحوا. لذلك التقويم ضروري بعد ثلاث سنوات أو أربع سنوات للنظر بملف الموظف في حضوره وغيابه وانتاجيته وسلوكه في الوظيفة، وهذا التقويم له اسس ويوضع له علامات على اساسها يتم التثبيت. لكن للأسف الآن كل هذه الأمور ليست موجودة.هذا هو الاصلاح بالحد الأدنى الذي كان مطروحاً منذ الـ98 واليوم عادوا يطرحونه رحم الله الشهيد رفيق الحريري واطال بعمر السنيورة.
[ ما هي الشروط او الخطوات المطلوبة بالوقت الحالي لتحسين وضع ادارة لبنان؟
- وجود الارادة السياسية الصادقة اساسي، ولا تصليح للإدارة في لبنان إلا بالتعاون مع القطاع الخاص.
[هناك شكوى عارمة من البيروقراطية الادارية وتقصير الادارة في خدمة المواطن والاقتصاد، برأيك ما هو الملطوب لمعالجة هذا الجانب الهام؟
- لدينا مشروع كبير اسمه الحكومة الالكترونية، ماذا يعني؟ هناك موقع الكتروني يستطيع كل مواطن تنزيله على هاتفه الذكي اسمه دولتي وهو يمكّنه من الحصول على المعلومات المتعلقة بكل المعاملات في كل الوزارات. هذه المرحلة الأولى وحالياً تقتصر فقط على المعلومات في المرحلة الأولى.
الموضوع الآخر الذي نعمل عليه في المرحلة الثانية هو التواصل الالكتروني، حيث سينطلق قريباً من الامن العام، ومن خلاله سيتمكن المواطن من انجاز معاملاته عبر الانترنت من منزله مع الأمن العام. مثلاً معاملات العاملات الاجنبيات، فاذا كانت عاملة تريد ان تسافر موقتاً أو نهائياً يستطيع المواطن أن يدخل الى الانترنت يضع رقم الجواز السفر اجازة العمل والمعلومات من دون أن تذهب الى الامن العام واخترنا هذه العملية لأن تطبيقها بسيط ومنها سوف تنطلق معاملات عدة مع الأمن العام.
كذلك الأمر أطلقنا الآن وسندخل بالمرحلة التجريبية للمعاملات الالكترونية وهي ضرورية جداً مع المغترب اللبناني بواسطة وزارة الداخلية ووزارة الخارجية. فهناك أماكن كثيرة حول العالم يتواجد فيها مغتربون لبنانيون ولا يوجد فيها سفارات ولا قنصليات. ولتسهيل امورهم لا سيما في امور قضايا الاحوال الشخصية، فان هذا المشروع يخلق لنا علاقة ضرورية جداً بين البلد الأم والمغتربين، ونصل يوماً ما اذا كان صدقت النوايا الى مرحلة نستطيع فيها أن نصحح لوائح الشطب ونصحح الأحوال الشخصية ونصل الى مرحلة الاقتراع الالكتروني حينها يستطيع المغترب أن يشارك في الانتخابات وهو خارج البلد. علماً ان هذه المشاريع ممولة من الاتحاد الاوروبي والصندوق الكويتي والدولة اللبناني لا تتكلف شيئاً.
[ برأيك متى سيتم اقرار مشروع قانون التوقيع الالكتروني؟ ألم يتأخر كثيرا؟
- نعلم ان عملية من هذا النوع هي ثورة، ومجلس النواب يدرسه جيداً لانه قبل كل شيء يجب أن يفهمه النواب كي يفسروه للمواطن. في موازاة ذلك، وزارة المالية اطلقت مشروعا يستطيع الناس من خلاله دفع الضرائب من دون الذهاب الى المالية وأصبح باستطاعة الناس أن تصرح عن مدخولها الالكتروني.
[ برأيك أهمية الحكومة الالكترونية ؟
- مشروع الحكومة الالكترونية هو في وزارتنا، ووحدة المشروع يرأسها شخص كفوء، ويأتينا طلبات من عدة وزارات للانضمام اليه. الحكومة الالكترونية وجدت لتسهيل انجازات معاملات المواطن. اول مرحلة هي اعطاء المعلومات للمواطن عن المستندات التي يحتاجها، والمرحلة الثانية التي ستنفذ مع الأمن العام تسمح بانجاز المعاملات التي ذكرتها آنفاً. بالاضافة الى ذلك لدينا مشروع مهم وتمويله جاهز وهو مكننة أرشيف أو محفوظات الاحوال الشخصية من عام 1932 للحفاظ المحافظة عليها عبر الوسائل الالكترونية، وهذا الامر يحتاج الى عمل كبير وجبار، لنقل المعلومات من الدفاتر الكبيرة والتأكد من صحتها من قبل خبراء مختصين ووفضعها مايكروفيلم كي نحفظها الى أبد الآبدين. المشروع وقعناه مع وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، وعيّن منسق من قبله ونحن لدينا فريق العمل ويحتاج الى وقت. كما لدينا مشروع آخر ومهم جداً لكن يحتاج الى وقت لتنفيذه وهو مكننة المحاكم. والتمويل موجود وسنقوم بالتنسيق مع وزير العدل اللواء اشرف ريفي ورئيس مجلس القضاء الاعلى جان فهد من أجل اطلاق المكننة وهذا كله يتم بالاتفاق مع وزارة الاتصالات لتأمين خطوط انترنت سريعة وخطوط تواصل بين الوزارات وأوجيرو.
[هل يمكن أن تطوير الادارة من دون مكافحة الفساد؟
- مسؤولية وزارتنا تطبيق الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد. وقد قدمنا مشاريع قوانين سابقاً في هذا الاطار، الى مجلس الوزراء ووافق عليها وستذهب الى مجلس النواب من أجل مكافحة الفساد ومن اجل اعطاء امكانات للتفتيش وديوان المحاسبة ولكل السلطات الرقابية في لبنان. أول طريقة لمكافحة الفساد هو أن يأخذ مجلس الوزراء قرارا ينهي من خلاله ملف الابنية الحكومية، حيث تدفع الدولة ايجار هذه الأبنية بين 90 و100 مليون دولار سنوياً. لماذا لا تأخذ الدولة قطعة ارض وتشيد مباني للوزارات من ضمن مجمع واحد، مع تأمين مواقف تحت الأرض واماكن للأمن، وذلك بهدف توفير هذه المبالغ طائلة.
[ هل انت متفائل بامكانية وقف الفساد؟
- انا مع مكافحة الفساد. لكن قبل مكافحته يجب أن نعرف أين موجود. البعض يعتبر ان الفساد كبير في الجمارك والمرفأ. الدولة اللبنانية لا تستطيع وحدهها وقف الفساد انما بالتعاون مع كل الأطراف والأحزاب. وبرأيي ان الفساد يخف كثيرأ بخفض الرسوم الجمركية ورفع الـTVA حينها يتم الحد من الفساد.
[ برأيك يوجد عدم قدرة على مكافحة الفساد نسبة للوضع الراهن في البلد؟
- لكي نستطيع مكافحة الفساد خاصة في الدوائر العقارية، مثلا، يجب العمل كما يجب، وأن يكون لدينا آلية صحيحة للتعيينات وخاصة بالمناصب الدقيقة جداً، وتفعيل كل السلطات الرقابية، وفي الوقت نفسه يجب أن يستطيع الموظف العيش بكرامة وتأمين خدمات له ولعائلته مدارس وطبابة كي يشعر انه يعيش ويستطيع رعاية عائلته. يجب أن تكون الرواتب تحافظ على كرامة الانسان.
[ ماذا عن التشريعات التي تنظم عمل الادارة؟
المطلوب اليوم اطلاق ورشة اصلاح تشريعي في كل شيء اسمه عمل ادارة في لبنان. لكن هذه العملية لا تنجز بيوم.
[ ألم تتأخر هذه الورشة؟
- لم نتأخر، لأنه عندنا لجنة في مجلس النواب اسمها لجنة تحديث القوانين، من قضاة سابقين ومتقاعدين، ومن نواب سابقين كانوا رؤساء لجان، وهم يجتمعون دوريا مع الامانة العامة لمجلس النواب كي يقوموا بتحديث القوانين القديمة لتتماشى مع القرن الواحد والعشرين.
[ ادارة قوية تعني زيادة قدرة الاقتصاد التنافسية، متى سنصل الى هذه المرحلة؟
- الطريقة الوحيدة هي أن ينحصر دور الدولة في ممارسة نوع من سلطة رقابة على القطاع الخاص ، وأن يعطى له دور كبير في الإدارة مثل الكهرباء والاتصالات والضمان الاجتماعي أو في ادارة المستشفيات العامة. فيجب على الدولة ان تشرع وتراقب، وتشجع التنافسية وتمنع الاحتكار، حينها الاسعار تنخفض والنوعية تتحسن، وهذا الامر يجب ان يعمم على قطاعات الدولة التي ممكن أن تعطيها للقطاع الخاص. وفي هذا الاطار يبقى قانون المشاركة بين القطاعين العام والخاص هو من أهم الاصلاحات التي نبدأ بها.
[ هل انت راض عن الاصلاحات التي ضمنتها اللجنة النيابية لسلسلة الرتب والرواتب؟
- نعم، واعلم ان الكثير لا يعجبهم هذه الاجراءات، فالذين تعودوا على خدمات أكثر من غيرهم فلا يعجبهم. لكن في النهاية هذه الاجراءات تبقى اساسية في انتظام الادارة اللبنانية.
[ ما هي ابرز المشاريع التي تقومون بها؟
مشروع النفايات الصلبة في لبنان، نحن نهتم بكل البلديات في طرابلس الفيحاء، المنية، بعلبك، جب جنين وغيرها، نساعد البلديات على وضع دفاتر شروط لتلزيم التنظيفات ونقلها، كما نضع دراسات مع البلديات لانشاء معامل فرز ومعامل تسبيخ كي يستخرج السماد العضوي الذي يعطى للمزارعين بأسعار مخفضة، في حين يباع البلاستيك والحديد، وسوف نعمل اتفاقيات مع عدة مناطق مع مصانع ومعامل وخاصة معامل الاسمنت في سبلين لبيعها المواد الاخرى التي يمكن أن ينتج منها محروقات لا تلوث البيئة. يتيح ذلك ايضا انتاج الكهرباء نتيجة تخمير النفايات الصلبة، مثلاً مطمر الناعمة سوف ننشئ معمل يعطي طاقة من غاز الميتان بمقدار 6 ميغاوات بامكانه تأمين الكهرباء بأسعار مخفضة جداً لكل المنطقة. وأيضاً سوف يعمل مطمر في بعلبك وفي جب جنين كل هذه المشاريع وزارتنا تقوم بها بالاتفاق مع البلديات. كما لدينا مشروع اسمه أفكار والهدف منه مساعدة الجمعيات غير الحكومية بتنفيذ مشاريع للانماء الريفي، وهدف المشروع مساعدة لبنان في استيعاب اللاجئين السوريين. هذا المشروع انطلق، والتمويل من الاتحاد الأوروبي ولدينا فريق عمل يعمل عليه. وعندنا أيضاً مشاريع مع البلديات التي ترغب في انماء السياحة البيئية وتم العمل مع عدة بلديات ان كان في منطقة اقليم الخروب أو الشوف أو عكار وكسروان وهذا المشروع أنجز. وهذه المشاريع تمت بتمويل خارجي والتوقيع يتم مباشرة مع الواهب.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00