بعد نحو السنة على آخر اجتماع لها، تعود لجنة مؤشر الغلاء الى الانعقاد مجدداً غداً برئاسة وزير العمل سجعان قزي وحضور ممثلين عن العمال واصحاب العمل، في اشارة واضحة الى تصميم قزي على اعادة عمل كل مؤسسات وزارته والاعمال التي تقوم بها الى مسارها الطبيعي، واستغلال عمر الحكومة القصير لتحقيق المستطاع خدمة للاقتصاد الوطني لا سيما تحسين وضع العمال.
وفي هذه الحال، من الطبيعي الربط بين انعقاد اللجنة والنظر في موضوع الاجور لجهة تصحيحه، لا سيما ان قزي كان اعلن وفي قت سابق لـالمستقبل ان موضوع الاجور سيكون من ضمن الملفات المهمة التي سيعمل عليها، اضافة لسلسلة الرتب والرواتب.
لكن بين الرغبة في تحقيق هذا الهدف النبيل والوقائع على الارض، يقول أحد المصادر المتابعة لهذا الملف لـالمستقبل ان الفرق شاسع، خصوصاً في خضم ما يسجل من تردٍ اقتصادي وازمات خانقة تعيشها مؤسسات الاعمال. ولفت الى ان كل الاطراف تعي دقة الوضع الاقتصادي، ومن هنا شهدنا خلال الفترة الماضية التقارب الحاصل بين الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي العام، وذلك نتيجة تداعيات الازمات السياسية والاحداث الامنية فضلاً عن النزوح السوري على الشأنين الاقتصادي والاجتماعي. وقال: ان الطرفين اليوم في مركب واحد، لأن الاضرار تطالهما بشكل اساسي. فأي اقفال لمؤسسة يعني تسريحاً للعمال. فهذه المعادلة السيئة استوجبت اجتماعات بين الهيئات والاتحاد العمالي لم نشهد مثيلاً لها في تاريخ العمل النقابي.
وأكد المصدر ان كل الاطراف التي ستشارك في اجتماع لجنة المؤشر الاربعاء لا سيما الاتحاد العمالي العام، وكذلك الوزير قزي، على قناعة تامة بهذه العوامل التي لا يمكن تجاوزها.
وقال: من هنا سيكون الاجتماع ترسيخاً للحوار الدائم بين اطراف الانتاج الثلاثة، لا سيما في مجال تطور الاسعار وانعكاسها على الاجور، والوصول الى مقترحات للتخفيف من وطأتها على حياة المواطن لا سيما ذوي الدخل المحدود.
شقير
أما رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنان رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان محمد شقير فأكد التعاون التام مع قزي، الذي اثبت انه يحرص على مصلحة العمال واصحاب العمل بشكل متوازن.
واعتبر شقير انه من المفيد دعوة لجنة المؤشر للاجتماع لنكون على بينة من تطور الامور لا سيما على مستوى الاسعار وتأثيرها على الرواتب والاجور، لكن في الوقت نفسه يعلم الجميع ان الاوضاع الاقتصادية الضاغطة والاضرار التي لحقت بمؤسسات القطاع الخاص خلال السنوات الثلاث الماضية، التي ارغمت الكثير منها على الاقفال، فيما اعداد كبيرة منها وصلت الى الرمق الاخير.
وإذ اعتبر ان المؤسسات لم تستطع حتى الآن هضم الزيادة التي اقرت مطلع العام 2012، وهي أثرت كثيراً في قدرتها على الصمود نتيجة الاعباء التي فرضتها عليها، سأل هل من الحكمة زيادة الاعباء على مؤسسات تعاني وهي قاب قوسين أو ادنى من الانهيار؟ أو العمل في هذه الاوقات الحرجة التي يمر فيها الاقتصاد الوطني بقطاعيه العام والخاص، على تنشيط عجلة الاقتصاد في كل القطاعات لتمكين المؤسسات من اعادة تكوين مؤناتها المالية لمواجهة الاستحقاقات المقبلة أو تقوية قدراتها التنافسية؟.
وقال شقير: ان ابرز مظاهر تراجع النشاط الاقتصادي الذي وصل الى حد الانكماش، هو اقفال المؤسسات أو تخفيض عملها الى الحدود الدنيا، وكذلك تسريح العمال وارتفاع معدلات البطالة وعدم قدرة الاقتصاد الوطني على خلق فرص عمل كافية للشباب الوافد الى سوق العمل. اضاف: نحن في كل هذه المؤشرات وضعنا أسوأ من السيئ، وإذا نظرنا الى المؤشرات التي لها علاقة بالعمال، نرى ان عدد المصروفين من العمل كبير جداً، وهناك ملفات كثيرة في هذا الاطار لشركات كبيرة في وزارة العمل، أما موضوع البطالة فوصل الى معدلات قياسية، وبحسب البنك الدولي فان معدل البطالة لدى الشباب تجاوز الـ35 في المئة، وبالنسبة لخلق فرص العمل من قبل مؤسسات القطاع الخاص، فان الاقتصاد الوطني يوفر خلال هذه الفترة اقل من 4 آلاف فرصة عمل سنوياً فيما حاجتنا الآن تفوق العشرين الف فرصة عمل سنوياً على اقل تقدير.
وأكد شقير انه بناء على هذه المعطيات، فان الاهتمام يجب أن يتركز على الحفاظ على ديمومة عمل العمال، وتنشيط الاقتصاد.
ولفت الى انه في الوقت الذي نسعى الى حصر اضرار النزوح السوري على اليد العاملة، من خلال وقف عمليات استبدال العمال اللبنانيين بالنازحين السوريين عبر مطالبة الحكومة بالعمل على اقرار قانون لتحديد كوتا للعمالة السورية في كل مؤسسة لا تتجاوز الـ10 في المئة، فان زيادة الاجور من جديد ستدفع المؤسسات مرغمة على التخفيف من مصاريفها، اما بتخفيض عدد عمالها واعمالها، او عبر الاستبدال.
وناشد شقير الجميع قائلاً: كلنا في مركب واحد، فهذا الزمن ليس زمن تحقيق مكاسب في ظل الخسائر الكبيرة التي تقع على الجميع، بقدر ما هو وقت لتضافر اصحاب عمل وعمال والدولة لتمرير هذه المرحلة الصعبة والدقيقة باقل خسائر ممكنة.
ودعا شقير الى اقرار مشاريع تدعم الاوضاع الاجتماعية، ومنها اقرار مشروع الضمان الصحي للمضمونين المتقاعدين. وقال: هذا الموضوع بحثته اليوم (أمس) مع وزير العمل وقد دعونا معاليه للقاء مع الهيئات الاقتصادية والمؤسسات الكبرى في مقر الغرفة الجمعة المقبل للبحث في ملف الضمان الاجتماعي. واكد الوقوف الى جانبه في موضوع الضمان لا سيما مكننة الصندوق، اذ لا يجوز ان نبقى نرفض الهبة الاوروبية المقدمة لنا منذ سنوات ولا نقوم بتوظيفها لمكننة الضمان الاجتماعي. وأضاف: ان ما يجري في الضمان حذرنا منه منذ مدة طويلة، وخوفنا من انهيار هذه المؤسسة، لأن ذلك سيؤدي الى كارثة اجتماعية.
غصن
أما رئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن فقال: ان الاجتماع الاول للجنة في ظل الحكومة الجديدة سينطلق من اسس عملها، لجهات تحديد تقلبات الاسعار والغلاء ونسبة التضخم وانعكاساته على الاجور، والتي من الضروري ان تذهب الى اعادة التوازن بين الاجور وكلفة المعيشة لتأمين التوازن الاقتصادي والتوازن الاجتماعي.
وشدد على ان زيادة الاجور لن تزيد الاعباء على المؤسسات بقدر ما ترفع القدرة الشرائية لدى المواطن وبالتالي زيادة الاستهلاك الذي ينشط الأسواق.
وقال: إذا اردنا ان نعمل توازناً يجب ضبط الاسعار. اضاف: الخيارات محدودة إما زيادة الاجور أو ضبط الاسعار. وطالب في هذا الاطار بضرورة تطبيق القرار رقم 177 الذي يحدد سقوف الارباح بالجملة ونصف الجملة والمفرق، مشيراً الى أن وظيفة لجنة المؤشر هي دراسة اسباب تقلبات الاسعار.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.