صرخة جديدة تطلقها الهيئات الاقتصادية للمرة الرابعة في أقل من سنة ونصف السنة، الثلاثاء المقبل من البيال، تحت شعار صرخة الغضب التحذيرية ليبقى بلد واقتصاد. إنه رقم قياسي تسجله الهيئات عبر تصميمها على عدم السكوت على التدهور الاقتصادي المستمر منذ منتصف العام 2011، بإطلاق الصرخات، الواحدة تلو الأخرى، لمواجهة تداعيات الأحداث المحلية المختلفة والتطورات المتسارعة لا سيما على المستوى الإقليمي وأبرزها مشاركة حزب الله علناً في الحرب الدائرة في سوريا وتالياً اعتبار دول مجلس التعاون الخليجي حزب الله منظمة إرهابية.
لكن في المحصلة هل هناك من يسمع؟ رد رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنان رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان محمد شقير معلقاً آماله على بعض أصحاب الضمائر الحية، علهم يرحمون الشعب.
شقير الذي يتحسس خطورة الانهيار الاقتصادي الذي يدق الأبواب وتالياً الانفجار الاجتماعي، حرص طوال يوم أمس على التواصل مع مختلف القيادات والفعاليات الاقتصادية، من تجارية وسياحية وصناعية ومصرفية وغيرها، للتشاور معها من أجل إنجاح تحرك الهيئات الاقتصادية، كي يأتي على حجم التحدي والمخاطر.
وسأل شقير: ماذا يمكن ان يحدث أكثر مما يحصل كي تتحمل كل القيادات السياسية مسؤولياتها الوطنية؟ فمؤسسات الدولة تنهار وهي الآن تعيش حال الفراغ، بدءاً بمجلس الوزراء مروراً بوزارات الدولة وصولاً الى المؤسسات الأمنية، والفلتان الأمني مستشرٍ، والفوضى حدث ولا حرج، والانقسام السياسي على أشده، وأوضاع الدولة الاقتصادية والمالية في أدنى مستوياتها، وحال القطاع الخاص ليس أفضل مع تفشي ظاهرة إقفال المؤسسات والإفلاسات، فيما الوضع الاجتماعي يزداد خطورة مع ازدياد عمليات الصرف من العمل وارتفاع معدلات البطالة. أما الحدث الأكبر فهو ضياع موسم الصيف الذي يشكل أكثر من 50 في المئة من الناتج الوطني قبل حلوله لا سيما بعد طلب دول مجلس التعاون الخليجي من رعاياها مجدداً عدم المجيء الى لبنان، فيما الخوف الكبير من الخسائر التي ستحصل من تداعيات اعتبار هذه الدول حزب الله منظمة إرهابية على الاقتصاد الوطني برمته.
اضاف: لا اعتقد بأن أي مسؤول لديه حس وطني، يبقى متفرجاً، ولا يعمل المستطاع لإنقاذ ليس فقط الاقتصاد، إنما البلد الذي بات اليوم مهدداً بمستقبله أكثر من أي وقت مضى. وتابع: نحن نحاول أن نحمي ما تبقى من مقومات اقتصادية. كما نحاول الاستفادة ولو بالحد الأدنى من موسم الصيف، فالمؤسسات الخاصة بكل أنواعها عطشى وهي بحاجة ولو لقطرة ماء للبقاء على قيد الحياة. وأكد أن هذا الواقع حقيقة، ففي السابق وفي ظل وجود حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، كان يمكن أن يقال إن أي ملتقى من هذا النوع موجه سياسياً ضد الحكومة، لكن اليوم، وبعد استقالة حكومة ميقاتي لا أعتقد بأن أحداً يمكنه قول هذا الكلام، فنحن في كل مرة كنا نتحدث فيها عن صعوبة الأوضاع ومخاطرها كنا نقول الحقيقة، وها نحن اليوم وصلنا الى مشهد سوداوي بات ينذر اقتصادنا ويهدد مستقبل أولادنا.
وكانت الهيئات الاقتصادية عقدت اجتماعاً أول من أمس بحثت خلاله التطورات السياسية والأمنية الحاصلة في البلاد وتداعياتها الخطيرة على الاقتصاد الوطني بقطاعيه العام والخاص.
يذكر أن الهيئات، التي كانت خلال المرحلة الماضية تدرس سبل التحرك لمواجهة المخاطر الاقتصادية المحدقة في لبنان بعد استمرار مسلسل الأزمات الأمنية والسياسية، وخصوصاً عدم التمكن بعد أكثر من شهرين على تكليف الرئيس تمام سلام من تشكيل الحكومة، قررت تنظيم هذا الملتقى. وقالت الهيئات في الدعوة التي وجهتها: نظراً لتردي الوضع الاقتصادي والاجتماعي والمعيشي، ولان المخاطر لم تعد تهدد موسم الاصطياف فحسب، بل الواقع الاقتصادي برمته، تنظم الهيئات الاقتصادية اللبنانية لقاء موسعاً، تحت عنوان صرخة الغضب التحذيرية ليبقى بلد واقتصاد....
وعن اعتماد الهيئات الاقتصادية للمرة الرابعة على التوالي الأسلوب ذاته لمواجهة التحديات الاقتصادية، قال شقير: إن الهيئات لا تؤمن بالتحركات السلبية، وهي متمسكة بالكلمة والتعبير الذي ينسجم مع دورة الإنتاج، والذي يعطي صورة حضارية عن لبنان. فنحن ننتقد كل المظاهر السلبية الهدامة، فلا يمكننا أن ننجر الى مثل هذه التصرفات مهما حصل، سنبقى متمسكين بقيمنا وحضارتنا.
وأكد شقير: اليوم لم يبق في الساحة سوى الهيئات الاقتصادية، فهي أم الصبي والمدافع الأول والأخير عن مستقبل اقتصاد الوطن وشبابه.
وإذ تمنى أن تلقى صرخة الهيئات الصدى المطلوب لدى أهل السياسة، أبدى تخوفاً شديداً من سقوط لبنان في الهاوية الاقتصادية في حال بقيت الأمور على حالها. وقال: إذا وصلنا الى هذه الوضعية، فإنه يلزمنا ما لا يقل عن 20 عاماً للخروج من الأزمة. واعتبر أن لبنان اليوم في قلب العاصفة، وهناك فريق سياسي لا يهمه معيشة المواطن وهموم الناس، فالاقتصاد يلفظ أنفاسه الأخيرة والخوف من إفلاس الدولة لم يعد مجرد كلام إنما بات حقيقة.
ودعا شقير كل التجار والصناعيين وأصحاب المؤسسات الخاصة على اختلافها الى المشاركة في لقاء الـبيال الثلاثاء المقبل، لأن الظرف الاستثنائي والمصيري الذي يمر فيه بلدنا يتطلب منا جميعاً تحمل المسؤولية كاملة، فالقضية قضية مستقبل وطن.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.