جلسة لجنة الحوار الاجتماعي المستدام التي انعقدت أمس في وزارة العمل، انتهت من دون التوصل إلى أي إجراء عملي يريح العمال واصحاب الدخل المحدود في ظل أزمة اقتصادية واجتماعية أقل ما يقال عنها بأنها كارثية وغير مسبوقة.
وإذا كان الهدف من جلسة الأمس هو الحوار من أجل الحوار، كما عودنا أركان هذه الحكومة في مختلف المجالات، لتلميع صورتهم التي أكلها الصدأ لشدة الاخفاقات على مختلف المستويات: اجتماعياً، واقتصادياً، وأمنياً، وإدارياً وغيرها، والتي تكاد أن تودي بالبلاد، إلا أن المطلوب هو غير ذلك كلياً، ويتمثل باتخاذ قرارات فعلية وإجراءات عملية تعيد للدولة هيبتها وللاقتصاد حركته وللعامل كرامته، وهذا غير موجود لدى هذه الحكومة بكل أسف.
وفي هذا السياق، أكد رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس لـالمستقبل أن لا للحوار الاجتماعي في غياب الانقاذ الاقتصادي، معتبراً أن الوقائع الاقتصادية عنيدة وباستطاعتها أن تخلط كل الأوراق.
وأبدى تخوفه من زيادة صرف العمال بسبب رداءة الوضع الاقتصادي، مشدداً على ضرورة إعطاء الأولوية القصوى لاستعادة النمو الاقتصادي.
أما رئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن فقد كشف لـالمستقبل أن جو الاجتماع كان مشحوناً بالهواجس التي حملها أصحاب العمل بالنسبة لرداءة الوضع الاقتصادي ومخاطر تقلص النمو، مشيراً إلى أنهم التقوا معنا بضرورة تعزيز التقديمات الاجتماعية على اختلافها، وهذا واجب من واجبات الدولة الاساسية.
جريصاتي
وكان وزير العمل سليم جريصاتي رأس أمس في مكتبه اجتماع لجنة الحوار المستدام، حضره مدير عام الوزارة عبد الله رزوق ورئيس الديوان علي فياض، وعميد الصناعيين جاك صراف، ورئيس جمعية الصناعيين نعمت إفرام، وشماس، ونائب رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة محمد لمع، وغصن على رأس وفد من الاتحاد، وممثل وزارة المالية شربل شدراوي وممثل وزارة الاقتصاد والتجارة عماد يوسف.
بعد الاجتماع تحدث وزير العمل فقال: عقد اليوم (أمس) اجتماع للجنة الحوار المستدام حيث تم التداول بجدول أعمال مؤلف من البنود التالية: التقيد بمراسيم زيادة الأجور وتعويض النقل ومنح التعليم، وصرف العمال الفردي والجماعي، ومقاربة المسائل المثارة من الهيئات الاقتصادية لا سيما في بيانها الأخير، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي.
أضاف: كل ما استطيع أن أقوله اليوم إن شرايين الحوار تضخ دماً جديداً بين أصحاب العمل والعمال، مؤكداً أنه سنأخذ في الاعتبار ملاحظات الهيئات بموضوع سلسلة الرتب والرواتب، وكذلك ملاحظات الاتحاد العمالي العام. وقلت إن الدولة ما زالت وسيطاً نزيهاً ولن تكون طرفاً إلا عند المس بالأمن الاجتماعي، ونحن اليوم على مشارف ما يمكن تسميته بأزمة مالية واقتصادية واجتماعية حادة لا بل دخلنا أطرافها. لذلك الوعي كامل والمسؤولية فيها مشاركة كاملة فالاتحاد العمالي العام شريك أساسي بين أطراف الانتاج وكذلك الهيئات الاقتصادية شريك أساسي أيضاً.
وأكد جريصاتي أن ما سنتخذه من تدابير عاجلة سواء على صعيد الضمان الاجتماعي أو سلسلة الرتب والرواتب، وأي موضوع اجتماعي واقتصادي ومالي آخر، سوف يكون عن طريق الحوار وليس عن طريق الفرض.
شماس
وقال شماس: جيد أن نتداول بالأمور الاجتماعية، لكن لا يمكننا إغفال الحقائق الاقتصادية لأن الوقائع الاقتصادية عنيدة وباستطاعتها أن تخلط كل الأوراق. وأضاف: إن لجنة الحوار الاجتماعي المستدام لا يمكنها أن تنظر بعين الاجتماع فقط، إنما من زاوية الاقتصاد أيضاً، مؤكداً أنه لا يمكن النظر في توزيع المداخيل في ظل غيابها.
وشرح شماس خلال الاجتماع الوضع الاقتصادي الصعب الذي تمر به البلاد وانعكاس ذلك على المؤسسات الخاصة، قائلاً: سنة 2012 كانت كارثية على الاقتصاد الوطني، والوضع التجاري يزداد سوءاً شهراً بعد شهر، واعتبر أن الأولوية القصوى هي لاستعادة النمو الاقتصادي، وعند ذلك يصبح معالجة الشأن الاجتماعي تلقائياً، مشيراً في هذا الإطار إلى عمليات صرف العمال القصرية التي تقوم بها المؤسسات جراء تراجع مداخيلها وزيادة أعبائها، سائلاً كيف الحال إذا ما تمت زيادة الأعباء من جديد؟ وقال: من المؤكد أن أي زيادة أعباء لتحسين الوضع المعيشي للعمال سيكون على حساب آخرين سيتم صرفهم انطلاقاً من الواقع المذكور آنفاً، سائلاً: في هذا الحال هل نكون فعلياً نعالج الوضع المعيشي أم العكس؟ وأضاف: من هنا تشديدنا على ضرورة إعطاء الأولية لزيادة معدلات النمو.
ولفت شماس إلى أنه تم التداول أيضاً في موضوع عدم التزام بعض المؤسسات بملحقات الأجر أي بدل النقل أو بدل التعليم، وقال: أكدنا أن هذا الأمر مؤسف، لكنه كان متوقعاً من قبل الهيئات الاقتصادية بسبب تدهور مالية المؤسسات، وكذلك الصرف من العمل الفردي والجماعي كان أيضاً متوقعاً، واليوم لدينا خوف كبير من ازدياده بسبب رداءة الوضع.
وأوضح أن الحديث تناول أيضاً الضمان الاجتماعي، وقال: إن أصحاب العمل يعتبرون أنهم مغبونون، فإدارة الضمان تتذكرهم عند زيادة الاشتراكات، في حين أنها تتناسى متابعة المطالب التي سبق للهيئات الاقتصادية لا سيما الكتاب الذي سلمته للمدير العام من أجل الحصول على كشوفات مالية واجتماعية واقتصادية، وهي لم تلق أي صدى بعد ستة أشهر، مشدداً في هذا السياق على ضرورة أن يكون الضمان الاجتماعي في موقع الوسط، أو في منتصف الطريق بين فريقي الانتاج. وقال: ذكرنا هنا أن الضمان يدفع مستحقات التقديمات للعمال بعد سنوات، وهذا أمر غير مقبول. فصاحب العمل يقوم بتمويل هذه التقديمات للعامل على أمل أن يعيده الضمان سريعاً، إلا أن ذلك لا يحصل قبل سنوات، ويعاد من دون الفوائد. أما صاحب العمل إذا تأخر يوماً واحداً في دفع متوجباته للضمان تترتب عليه فوائد باهظة.
وبالنسبة لتأكيد وزير العمل أن اتخاذ أي تدبير اجتماعي لن يتم إلا بموافقة جميع الأطراف، قال شماس نتمنى الالتزام بهذا الأمر، حيث أبدينا عتباً شديداً خلال الاجتماع حول إقرار زيادة الحد الأقصى للأجر الخاضع لاشتراكات الضمان من دون الأخذ في الاعتبار موقف الهيئات الاقتصادية التي كانت تطالب بزيادته إلى مليوني ليرة، في حين تمت زيادته الى مليونين ونصف المليون ليرة. وقال: هذه سابقة لا يجوز أن تتكرر لأنها تؤثر سلباً في العلاقات الاجتماعية، مشدداً على أن الهيئات تتصرف انطلاقاً من موقف الحريص على السلم الاجتماعي والأمن الاقتصادي.
وكشف شماس أن اجتماع لجنة مؤشر الغلاء تم ترحيله إلى العام المقبل.
غصن
وقال غصن: تمت مناقشة النقاط الأربع الواردة في جدول عمل الاجتماع بالتفصيل لا سيما تفعيل الضمان الاجتماعي وتعزيز التقديمات الاجتماعية، في ظل هذه المرحلة الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، لأهمية ذلك في التخفيف عن أجور العمال وذوي الدخل المحدود.
وأضاف: أكدنا أهمية إقرار تعديل التعرفات الاستشفائية والطبية وزيادة الحد الأقصى للأجر الخاضع لاشتراكات الضمان، الذي من شأنه تفعيل التقديمات الصحية في الضمان وإنهاء معاناة المضمونين مع المستشفيات، مشيراً إلى أن معالجة المعاملات المتراكمة لدى الضمان لتمكين المضمونين من الحصول على الأموال العائدة لهم في ذمة الضمان. وقد اتفق على متابعة هذا الأمر في ظل النقص الحاد بموظفي الصندوق.
ولفت إلى أنه تم الاتفاق على تفعيل مجلس إدارة الضمان بتسمية ممثلي العمال وأصحاب العمل في المجلس، على أن يطلب وزير العمل في وقت لاحق هذا الأمر من الهيئات المعنية.
وأوضح غصن أن موضوع الأجور كان من ضمن المواضيع التي تم التركيز عليها، لا سيما أن التفاهم الذي حصل بين الاتحاد العمالي والهيئات الاقتصادية يقضي بإعادة النظر بالأجور سنوياً استناداً إلى أرقام الإحصاء المركزي حول التضخم وغلاء الأسعار، وذلك بهدف حماية الأجور من التآكل وكذلك القدرة الشرائية للعمال، فضلاً على تفعيل المراقبة وضبط الأسعار، معتبراً أن هذه الآلية تجعل أصحاب العمل يدركون جيداً أن أي زيادة في أسعار السلع والخدمات بشكل غير منطقي سيؤدي فوراً إلى زيادة الأجور، وهذا بحد ذاته يحد من فلتان الأسعار.
ولفت إلى أننا أكدنا خلال الاجتماع رفضنا لأي زيادة في الضرائب مباشرة أو غير مباشرة التي ستقع في النهاية على العامل وصاحب الدخل المحدود.
وكشف غصن أن جو الاجتماع كان مشحوناً بالهواجس التي حملها أصحاب العمل بالنسبة لرداءة الوضع الاقتصادي ومخاطر تقلص النمو، مشيراً إلى أنهم التقوا معنا بضرورة تعزيز التقديمات الاجتماعية على اختلافها، وهذا واجب من واجبات الدولة الأساسية.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.