8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

طالب الهيئات بوضع خطة إنقاذية وبحكومة تكنوقراط للخروج من هذه الدوامة

لا يكفي ان تطلق الهيئات الاقتصادية صرخة ومن ثم تذهب لتنام.. عليها القيام بدور توجيهي للحكم غير المهتم بشؤون الدولة والشعب... الوضع في لبنان ذاهب نحو الانهيار... لا لتضمين مشروع الموازنة زيادة نفقات الدولة العادية وزيادة الضرائب خصوصا ضريبة الدخل على المصارف من 15 الى 20 في المئة.
هذا غيض من فيض من مواقف اطلقها الرئيس السابق لجمعية المصارف فرانسوا باسيل الذي خص المستقبل بحوار طويل اسهب فيه في عرض المطبات التي يواجهها الاقتصاد. وقد حمل باسيل مسؤولية اتجاه الاقتصاد نحو الانهيار بشكل اساسي الى اداء الطبقة السياسية، التي اتهمها بمحاولة تخريب القطاع المصرفي، بنهجها وطريقة ادارتها شؤون البلاد، غامزا في هذا الاطار من قناة مشروع الموازنة المقدم حديثا، الذي اعتبره انتخابيا وقال انه مدمر اقتصاديا ويهرب المستثمرين، ويجب الا يمشي. واكد عدم استعداد المصارف تمويل الدولة، لأنه من غير المعقول اعطاء المزيد من الاموال لزبون متعثر.
وإذ أكد ان معدل النمو المحقق في العام الماضي بلغ نحو 1 في المئة، ابدى تخوفه الا يكون لدينا اي نمو في العام الجاري. واعتبر ان القيام باصلاح جذري هو السبيل الوحيد لانقاذ البلاد، على ان يبدأ بتشكيل حكومة تكنوقراط مع صلاحيات تامة، واشار الى ان وضعنا يشبه الى حد كبير اليونان، معتبرا ان الذي اوصل اليونان الى هذا الحد لا مبالاة قياداتها السياسية.
وكشف ان فحوى الرسائل الاميركية الى المصارف اللبنانية واحدة، مفادها: انتبهوا، انتم بالمرصاد، لن نرضى بخرق العقوبات والحظر المفروض على سوريا، والا تجميد حساباتكم بالعملات الاجنبية في الخارج.
وأعلن باسيل ان وضع المصارف السورية التي تساهم فيها المصارف اللبنانية صعب جدا، واشار الى ان ميزانياتها انخفضت من نحو 7 مليارات دولار الى نحو 3،5 مليارات.
باسيل اسهب في المقابلة عن الحديث عن انعكاس الاداء السياسي في البلاد على الوضع الاقتصادي والمصرفي، وصرخة الهيئات الاقتصادية ودقة المرحلة ومتطلبات الانقاذ:
لا يرى باسيل في اجتماع الهيئات الاقتصادية وصرختها امرا كافيا وتذهب بعدها وتنام، ويحضها في المقابل على وضع مشروع انقاذي اقتصادي للبنان، في وقت نفتقد لسياسيين يهتمون للوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلد.
والمشروع الذي ينادي به باسيل يجب ان يكون متكاملا للقيام بدور توجيهي للحكم غير المتفرغ لشعبه، ولا يهمه سوى اتخاذ اجراءات تخدم محازبيه وطائفته ومناطقه.
ويواكب باسيل الهيئات الاقتصادية في توصيفها للوضع القائم، فينبه الى انه ذاهب نحو الانهيار، محملا المسؤولية بشكل اساسي الى الاداء السياسي للطبقة السياسية.
كما يتحسر باسيل على تفويت الفرص، قائلا العالم كله يتخبط على المستوى المالي، أما نحن فلدينا قطاع مصرفي مزدهر، لكن للأسف تسعى القيادات السياسية الى تخريبه بنهجها وطريقة ادارتها لشؤون البلاد، خصوصا من خلال مشاريع القوانين المالية التي يضعونها والتي تهجر المستثمرين، غامزا من قناة مشروع قانون موازنة العام 2012 المقدم أخيرا.
ولكن اين هي مكامن الخطر؟ يحددها باسيل بـشلل الدولة واداراتها ومؤسساتها واجهزتها، وعدم المبادرة الى اتخاذ الخطوات المناسبة، وعدم وجود اي رؤية اقتصادية اجتماعية لدى القيمين على ادارة البلد، محذرا من أنه في حال الاستمرار بهذه العقلية والطريقة التي تدار بها البلاد سنصل حتما الى الانهيار.
ولكن ما هو تعليقك على ما اعلنه رئيس الحكومة من ان النمو في العام 2011 بلغ 5 في المئة؟ هز برأسه قائلا يتبجحون ويقولون ان النمو 5 في المئة، أين هي نسبة الـ5 في المئة، ومن اين اتوا بها؟ فالسنة الماضية النمو كان أكثر من 1 في المئة بقليل، في حين ان هناك احتمالا كبيرا في هذه السنة الا يكون لدينا اي نمو. وتابع سائلاً أين النمو، فالمؤسسات بدأت تصرف موظفيها، وهمها الوحيد هو كيف يمكن ان تعمل كي لا تخسر، وهذا الامر يشمل المصارف أيضا.
اضاف المصارف اليوم ونظرا للاوضاع الاقتصادية العالمية مجبرة على ابقاء نسبة سيولة كبيرة لديها، في حين لا يتوافر لها توظيفات جديدة في لبنان، في ظل تخوف الناس من الاستثمار في بلدنا، وهذا أمر خطر على المصارف. ونبه الى ان المصارف لا توجد في جزيرة معزولة عن القطاعات الاقتصادية الاخرى، فنحن نعمل في قلب الاقتصاد، فإذا انهار الاقتصاد لا سمح الله فالمصارف ستلحقه. وكشف تراجع ارباحها بشكل ملموس، وقال لا ننسى ان المصارف لديها في محفظتها سندات خزينة بفوائد عالية، في حين ان الفوائد اليوم على انخفاض، وهذا وحده يشكل عبئا كبيرا عليها.
لسنا مستعدين
لتمويل الدولة
بالنسبة الى باسيل، فان الدولة زبون متعثر ولا يقوم باي جهد لتحسين وضعه فهل من المنطقي ان نكمل بمده بالاموال حتى يتعثر أكثر؟ وحمّل الهيئات مسؤولية كبيرة لجهة حماية القطاع المصرفي بالطلب من المصارف عدم تمويل الدولة طلما لا تقوم الاخيرة بالاجراءات أو الاصلاحات المطلوبة لتحسين ادائها .
ويحذر باسيل من انعكاس عدم الاقبال على الاستثمار في لبنان، ليس على المصارف فقط بل على الاقتصاد ايضا، فمن دون الاستثمار لا وظائف للجيل الجديد الصاعد، الذي اقفلت ابواب الوظائف امامه ايضا في الخارج جراء الازمة الاقتصادية العالمية.
مشروع موازنة 2012
بالتأكيد، لا يرفض باسيل وضع موازنة لكن ليس بهذه الطريقة. فبنظره، مشروع الموازنة المقدم حاليا انتخابي وهو مدمر اقتصاديا ويهرب المستثمرين، واي موازنة يتم وضعها يجب الا تتضمن قوانين لزيادة الضرائب، فالضرائب تتطلب دراسة معمقة، لأن خفضها او رفعها يجب ان يرتبط بالوضع الاقتصادي. ومن الضروري الا تأتي فقط لسد العجز الذي يجب ان يتم عبر خفض النفقات العادية وضبط الهدر، وترشيد الانفاق.
وحول الاعتراضات على المشروع، استغرب وضع ضريبة بالشكل الوارد في المشروع على الربح العقاري وشغور الشقق. وسأل عندما لا يتمكن صاحب المشروع من بيع شققه هل من المنطق فرض ضريبة بنسبة 50 في المئة من الضريبة على القيمة التأجيرية على الشقق الشاغرة؟ وهل بامكان القطاع العقاري الاستمرار بهذا الشكل؟.
ووصف بـغير الدستوري تضمين مشروع الموازنة زيادة ضريبة دخل على المصارف فقط من 15 الى 20 في المئة، محذرا من انه إذا تم هذا الامر، لن نلتزم وسنرفع دعوى امام مجلس شورى الدولة في هذا الخصوص.
وبالنسبة الى رفع الضريبة على فوائد الودائع فـهو امر سلبي.. هناك اشخاص كثر يعتاشون من فوائد اموالهم، الا انه في الوقت نفسه طمأن الى عدم وجود خوف من هروب الودائع الى الخارج جراء هذا الامر لان الناس لم يعد لهم ثقة بالمصارف الاجنبية.
ووجه نقدا قويا ايضا لزيادة النفقات العادية للوزارات، ورأى انها غير مبررة، ففي هذه الضائقة الاقتصادية التي تمر فيها البلاد من المفترض خفض النفقات العادية وضبط الهدر.
وفي المقابل، شدد على ضرورة وضع موازنة متوازنة، تأخذ في الاعتبار عصر النفقات وضبط هدر المال العام. وقال من غير المقبول ان يبقى جيوش من الموظفين المنتشرين في الوزارات ومؤسسات الدولة يقبضون معاشاتهم من دون المجيء الى العمل. كما ان هناك مدارس بنيت حديثا بشكل ضخم ومكلف ولا يوجد فيها أي تلميذ. وسأل لماذا يتم رفع موازنة وزارة الشؤون الاجتماعية من نحو 140 مليار ليرة الى 200 مليار؟ أكثر من نصف هذه المبالغ تذهب الى جمعيات وهمية واخرى لا داعي لوجودها وهي انشئت من اجل افادة القائمين عليها، وكل ذلك لمصالح سياسية. كما سأل لماذا 30 وزارة؟ .
اما الخروج من هذه الدوامة، فتتطلب اصلاحا جذريا، على ان يبدأ بتشكيل حكومة تكنوقراط مع اعطائها صلاحيات تامة. وتوجه الى مجلس النواب قائلا إذا كنتم تريدون لبنان فعليكم تشكيل حكومة تكنوقراط مع اعطائها صلاحيات كاملة، والا ذاهبين الى الانهيار.
الرسائل الأميركية
وعن مضمون رسائل المسؤولين الاميركيين للمصارف خلال زياراتهم المتكررة لمقر جمعية المصارف وآخرها زيارة السفيرة مورا كونيللي، قال الرسالة واحدة ومفادها: انتبهوا، انتم بالمرصاد، ولن نرضى بخرق العقوبات والحظر المفروض على سوريا، ونحن نعلم ان لبنان ومصارفه يعتبران المفتاح الاساسي لحياة سوريا ومعيشتها، لكنكم بالمقابل لا يمكنكم ان تعيشوا من دون ان يكون لديكم حسابات بالعملات الاجنبية ان كان في اوروبا او في اميركا، ونحن لدينا كل الاستعداد لتجميد هذه الحسابات إذا عرفنا انكم تمولون مباشرة او غير مباشر المحظور، اي الاشخاص المحظور التعامل معهم، وأكد باسيل في هذا الاطار ان المصارف اللبنانية ملتزمة بشكل مطلق بتنفيذ العقوبات كاملة. وقال الجانب الاميركي ليس لديه اي ملاحظة على المصارف اللبنانية، لكنهم يحذرون من انهم دائما يرصدون اي خرق للعقوبات المفروضة على سوريا.
بالنسبة لوضع المصارف السورية التي تساهم فيها المصارف اللبنانية، قال باسيل كل هذه المصارف خفضت ميزانيتها وودائعها وتسليفاتها. فمن تاريخ الازمة حتى الآن انخفضت ميزانياتها أكثر من 50 في المئة لا سيما التسليفات، واوضح ان حجم الميزانيات كنت نحو 7 مليارات دولار، اما الآن فاصبحت نحو 3،5 مليارات دولار، وهي على انخفاض، مشيرا الى ان وضع هذه المصارف صعب، وهي تمتنع الآن عن اعطاء اي تسليفات جديدة. وأكد ان لا نية لاغلاق هذه المصارف لأن السوق السورية مهمة بالنسبة لنا، لكن الاتجاه الآن هو للعمل في الحدود الدنيا.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00