هذه المرة صدق القول المأثور بأي حال عدت يا عيد، فحكومة اللون الواحد كانت كفيلة في نحو عشرة أشهر من توليها الحكم، بتدمير كل المناعة الاقتصادية الاجتماعية للبلاد.
فلا وجع العمال والسائقين وذوي الدخل المحدود وأصحاب المهن الحرة ولا صرخاتهم كانت كافية لتحريك الحس الاجتماعي لدى هذه الحكومة وضمائر وزرائها، لاعطاء الملف الاجتماعي الاهتمام اللازم لتخفيف الاعباء المعيشية والحياتية الضاغطة عن المواطنين.
لقد اتخذت الحكومة قرارا بتصحيح الاجور الذي جاء بعد مخاض طويل استنزف كل طاقات الدولة وأهلها، الا ان تقاعس الحكومة بمواكبة ذلك باجراءات داعمة لجهة ضبط الاسعار وتحفيز الانتاج، وتلهيها في المناكفات على الصفقات بين افرقائها، جعل هذه الزيادة تتبخر قبل ان تصل الى جيوب العمال.
اليوم ماذا تبقى للعامل كي يعيّد؟ فصفيحة البنزين لامست الـ40 الف ليرة، وربطة الخبز خفض وزنها الى 900 غرام، والخدمات على انواعها متردية، ما يرغم المواطن على دفع فاتورتي هاتف وكهرباء ومياه، أما النقل فحدث ولا حرج.
والاسوأ، عدم حصول موظفي القطاع العام على زيادة الرواتب بعد مرور 3 اشهر على قرار التصحيح، فيما جزء كبير من اجراء القطاع الخاص لا يزال على الرواتب القديمة.
هذا الوضع المأسوي والمرشح للتدهور، لم يبق لسان حال المعارضة التي حملت الحكومة مسؤولية مرارا وتكرارا تردي الوضع الاجتماعي والاقتصادي، انما ايضا نالت الحكومة نصيبها من قوى سياسية حليفة، معتبرة اياها مقصرة وبعيدة كل البعد عن هموم الشعب اللبناني.
ان تردي الاوضاع المعيشية والحياتية واستفحال الغلاء ترافق هذه المرة مع تدهور اقتصادي خطر، إذ أظهرت كل المؤشرات الاقتصادية الصادرة حتى اليوم تراجع نتائج كل القطاعات بالاضافة الى عودة الحديث عن ارتفاع الدين العام نسبة الى النتاج الوطني، وهذا يؤكد ان جميع افرقاء الانتاج باتوا غير قادرين على تحمل مزيد من الاعباء.
إزاء هذا الوضع، ماذا يمكن ان تفعل الحكومة؟ ليس أمام الحكومة الا طريق واحد هو الاستقالة افساحا في المجال امام قيادة سياسية جديدة لادارة الازمة المستفحلة، وهذا الامر حصل في ايطاليا واليونان، حيث تم اجراء تغيير سياسي في هاتين الدولتين بعد فشل حكومتيهما في معالجة الازمة الاقتصادية.
ان تردد الحكومة في الاستقالة والاستمرار في لعبة اضاعة الوقت والهروب الى الامام، ينذر بمستقبل مأسوي، فالاقتصاد ينزف والمجتمع ينزف، والانهيار قد يأتي في اي لحظة.
لكن في كل الاحوال، فان الحكومة ومن فيها لا يسمعون ويديرون الاذن الصماء على كل من يريد خيرا للبلد، لذلك فان هذه الحكومة ستبقى رابضة على صدور اللبنانيين، لانه لا يعنيها سوى الصفقات وتحقيق مكاسب سياسية، خصوصا ان موسم الانتخابات قد اقترب، والاهم من ذلك تنفيذ اجاندات تعني اولياء امرها من خارج الحدود.
فرص الخلاص تتضاءل، والاتجاه الذي نسلكه، مع حكومة القمصان السود، سوداوي. وفي ظل انسداد الافق، فان الخوف من مصير مأسوي يهدد بحصول موجة اقفال مؤسسات، وهذا بدأ يحصل، مع ما يستتبع ذلك صرف آلاف العمال.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.