لم تعد خافية على أحد التحوّلات الخطيرة التي شهدها الإتحاد العمالي العام في الفترة التي تلت تولّي حلفاء سلطة الوصاية مقاليد الحكم في لبنان، بفعل أدوار الوزراء المتعاقبين على وزارة العمل، ما أدّى الى سحق بنيته التنظيمية والسيطرة على قراره، وتحويله أداة طيّعة لدى هذه السلطة وأتباعها تستخدم غب الطلب لتحقيق مصالح سياسية.
بالتوازي مع ابتعاد الإتحاد العمالي العام التدريجي عن دوره النقابي المدافع عن قضايا الناس ومطالبهم الحياتية والمعيشية أثناء فترة الوصاية، تعاظَمَ دوره السياسي خلال هذه المرحلة وفي الفترة التي تلت اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وما نتج عن ذلك من انسحاب للجيش السوري من لبنان، إذ بات الإتحاد يشكّل حاجة ملحّة وعصباً ضرورياً لدى قوى الثامن من آذار التي أفرطت في استخدامه ضد الحكومات الاستقلالية وصولاً الى دوره المشبوه في أحداث السابع من ايار.
وكان أبرز نتائج هذه التغيّرات، ضرب كل الإنجازات التي حقّقتها الحركة النقابية، خلال حقبة طويلة من النضال، بدأت منذ مطلع القرن العشرين، استطاعت خلالها أن تنجز الكثير على المستوى النقابي والعمل الديموقراطي والمطلبي. فيما لمعت أسماء الرؤساء المتعاقبين للاتحاد على المستوى الوطني والعربي، منذ إنشائه العام 1958 وحتى مرحلة الوصاية. وليس التفكير باسم انطوان بشارة من قبل الإدارة الأميركية لتولّي رئاسة الجمهورية كحلّ وسط لإنهاء الحرب الاهلية، إلا دليلاً قاطعاً على أهمية هذا الإتحاد وأهمية دوره في تلك المرحلة.
فمن يتابع سلوك الإتحاد العمالي العام منذ أن قبضت سلطة الوصاية على قراره بشكل نهائي ، والممارسات الكيدية بعد العام 2005، يكاد أن ينسى أن ثمة حركة نقابية لديها تاريخ عظيم حافل بالانجازات في لبنان.
يؤكد النقابيون الذين ناضلوا في صفوف الإتحاد في أيام عزّه ومنهم النقابي أديب أبو حبيب أن الحركة النقابية في لبنان تميّزت منذ تأسيسها في العام 1907، انها حركة مستقلة، بعكس الإتحادات العمالية العربية التي قامت على وحدانية التنظيم والتبعية للأنظمة السياسية الحاكمة. إلا أنها عانت في الفترات اللاحقة للتأسيس الكثير من الانقسامات الحادة، ورغم ذلك حققت إنجازات كثيرة لاسيما إقرار قانون العمل في العام 1946 الذي اكد استقلاليتها وسمح بتأسيس نقابات واتحادات عمالية متعددة تمثّل مختلف الاتجاهات. ونتيجة ذلك أعيد تنظيم العمل النقابي وتأسيس الإتحادات والنقابات العمالية على أساس القانون الجديد.
لكن الانقسام الذي شهدته الحركة النقابية بعد العام 1949، تحوّل في معظم الاحيان الى صراع جدّي حول استقطاب العمال وتمثيلهم وتحقيق مطالبهم، الأمر الذي يعتبر أبو حبيب أنه يشكّل بحدّ ذاته جوهر العمل النقابي الحقيقي.
الى جانب ذلك كان للحركة النقابية تأثير كبير في الحياة العامة للبلاد، مثل الدور الهام الذي لعبته في إطار النضال من أجل تحقيق الاستقلال. وانطلاقاً من ذلك تمت تسمية رئيس الإتحاد العمالي آنذك مصطفى العريس والمستشار القانوني للاتحاد ألبير شاهين في عداد الوفد المفاوض الى فرنسا، من أجل المطالبة بالاستقلال.
كذلك قال رئيس الحكومة الراحل رياض الصلح في مقالة له العام 1927 نشرت في مجلة اليقظة التي كانت تصدر عن نقابات العمال ان هذه المجلة ليست منارة للعمال اللبنانيين وحسب، إنما للعالم العربي. وكذلك الرئيس سامي الصلح إبان تولّيه رئاسة الحكومة في نهاية الثلاثينيات حيث دافع في خطاب له في مهرجان الأول من أيار في مقهى الباريسيانا في البرج عن قضايا العمال، وأطلق يومها عليه اسم أبو الفقراء.
في العام 1965 ومع انفجار قضية بنك إنترا، كما يضيف أبو حبيب، بدأت مرحلة جديدة في الحياة النقابية، ساهم فيها بشكل كبير وزير العمل آنذك جميل لحود، إذ اعطى لأول مرة تراخيص لانشاء نقابات عمالية للقوى اليسارية، ومنها الإتحاد الوطني لنقابات العمال، واتحاد المصالح المستقلة، واتحاد المؤسسات العامة، واتحاد نقابات الجنوب. في حين ساهم انعكاس أزمة بنك إنترا على الوضعين الاجتماعي والاقتصادي في لمّ شمل القوى النقابية التي تداعت الى العمل المشترك تحت إسم المجلس الاعلى للاتحادات وتمثّل كل اتحاد بشخصين في المجلس، فخاضوا تحرّكات مطلبيية متعددة منها: تصحيح الاجور، وتنفيذ الضمان الصحي، وغير ذلك.
وشهد عام 1971 نقطة تحوّل أساسية في مسار وحدة الحركة النقابية، إذ سمّي الاحتفال بعيد العمال في تلك السنة بعيد وحدة الحركة النقابية، وانضمّت في هذه الفترة كل الإتحادات والنقابات الى الإتحاد العمالي العام، الذي أنشئ عام 1958، وكان يضمّ ثلاثة اتحادات، هي: اتحاد النقابات المتحدة، اتحاد جامعة النقابات، واتحاد نقابات الشمال.
ويعزو أبو حبيب أهمية هذه المرحلة الى أنها حقّقت مكتسبات كبيرة للعمال من تصحيح للأجور ودعم المزارعين والفلاحين والايجارات والى أمور اقتصادية واجتماعية أخرى، كما مكّنت الحركة النقابية من لعب دور أساسي في الحياة الديموقراطية وفي الحياة السياسية في البلاد.
من أهم التحركات المطلبية التي قامت بها الحركة النقابية، في تلك الفترة، التظاهرة التي نظّمها الإتحاد الوطني للنقابات في 23 آذار 1974 وسمّيت حينها تظاهرة الرغيف، كانت رفضاً لزيادة سعر ربطة الخبز من 40 الى 45 قرشاً، وصفيحة البنزين من 7 الى 7,25 ليرات. تجمّع المتظاهرون في ساحة بشارة الخوري في الرابعة والنصف من بعد الظهر، بمشاركة نحو 50 الف متظاهر من كل المناطق الصناعية في لبنان، وتميّزت بحسن التنظيم وانضباط المتظاهرين، حتى وصفت التظاهرة بـالراقية.
كما شهدت هذه الفترة إنشاء نقابات عمالية على أساس قطاعي، ومنها اتحادات البترول والمصارف والبناء والأخشاب والصناعات الغذائية والطباعة والاعلام، وأصبح عدد الإتحادات المنتسبة الى الإتحاد العمالي 23 اتحادا.
هذا الاتجاه التنظيمي الجديد الذي بدا أكثر صلابة وتماسكاً وتمثيلاً للعمال دَفَع القيّمين على الحركة النقابية الى التفكير في كيفية تنظيم الإتحاد العمالي على أساس قطاعي.
وكانت العلامة الفارقة، بقاء الإتحاد العمالي العام موحّداً، مع بداية الحرب الاهلية، رغم اختلاف الانتماءات السياسية والايديولوجية، للقيادات النقابية والإتحادات المنضوية تحته.
كما خاض الإتحاد نضالات واسعة تحت شعارات موحّدة للجميع وهي: تحرير أرض الجنوب والبقاع الغربي، وقف الحرب، وحدة الأرض والشعب والمؤسسات، بسط سلطة الدولة على كامل أراضيها، الدفاع عن المطالب الاقتصادية والاجتماعية للعمال.
سيّرت تظاهرات وعقدت عدة مؤتمرات نقابية تبنّت هذه المطالب، وصولاً الى التظاهرة الكبرى التي نظّمت ضد الحرب العام 1987، بمشاركة كل المناطق من الضفّتين الشرقية والغربية رغم التهديد العسكري للمتظاهرين، الذين بلغ عددهم نحو 300 ألف شخص، وقد حاولوا إزالة السواتر الترابية بين المنطقتين بالرفوش.
أما مرحلة ما بعد اتفاق الطائف، وعلى اثر انخفاض القدرة الشرائية وارتفاع الاسعار وبلوغ سعر صرف الدولار 3 آلاف ليرة، خاض الإتحاد العمالي العام سلسلة من النضالات، ونظّم عدة تظاهرات، كان أبرزها العام 1992 ضد حكومة الرئيس عمر كرامي، إذ دعا الإتحاد العمالي الى التظاهر والاضراب لمدة ثلاثة ايام احتجاجاً على الاوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة، وتدهور سعر صرف الليرة.
خدام للاتحاد: لا معنى لإضرابكم
ويجب أن يُلغى
هذه التظاهرة التي أطاحت حكومة كرامي، يروي قصتها لـالمستقبل رئيس الاتحاد العمالي العام آنذاك انطوان بشارة: في تلك المرحلة سجل الوضع الاقتصادي انهياراً غير مسبوق، فيما عرف الوضع المالي تدهوراً هو الأول من نوعه أيضاً، حيث بلغ سعر صرف الدولار 2200 ليرة. ورغم ذلك لم نلمس أي تحرك جدي من حكومة كرامي، عندئذ قررنا كاتحاد تنظيم اضراب لثلاثة أيام، وقبل التنفيذ توجهت مع وفد من الاتحاد الى رئيس الحكومة، حيث طلبت منه ايجاد حل للأزمة المعيشية، فأجابني أنت أعطني الحل، فقلت له هذا الأمر ليس من اختصاصي.. غادرنا الاجتماع وقررنا تنفيذ الاضراب مهما كان الثمن.
في الفترة الفاصلة بين لقاء الاتحاد بكرامي وبين موعد تنفيذ الاضراب، حضر وفد من اتحاد عمال سوريا الى لبنان حيث زار انطوان بشارة في منزله في جونيه برفقة النقابي الياس الهبر، من دون موعد مسبق، ونقل الوفد لبشارة دعوة من رئيس اتحاد عمال سوريا لزيارة دمشق والاجتماع به، وبالفعل حدد موعد الزيارة، فشكل بشارة وفداً من الاتحاد وتوجهوا معاً الى مقر الاتحاد السوري حيث يقول بشارة التقينا قيادة الاتحاد هناك لكن من دون أن يتم التطرق الى أي موضوع جدي حتى العاشرة مساء عندما قلت لرئيس الاتحاد السوري نحن ماذا نفعل هنا؟ وإذا لم تكن هناك مواضيع للنقاش فلماذا نحن هنا؟ إلا أنه تعمّد المزيد من المماطلة المقرونة بطلب القهوة والشاي في شكل متواصل، الى أن فوجئنا بوصول نائب الرئيس السوري عبد الحليم خدام، الذي اعتذر عن التأخر بسبب انشغاله باستقبال رئيس جمهورية أرمينيا كما قال.
وعلى الأثر دخل خدام مباشرة في الموضوع وقال هذا الاضراب الذي تعدّونه ليس له معنى ويجب أن يُلغى. وإذا كان موجهاً ضد الحكومة فإنها باقية حتى موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة، لذلك من الأفضل إلغاؤه خصوصاً وأنه يأتي نتيجة أوامر من السفارات الأجنبية. أجابه أمين سر الاتحاد حبيب زيدان قائلاً وصلتنا الرسالة، فقال خدّام لو كنت أريد توجيه رسائل لكنت أرسلتها مع خفير من الجيش السوري.
هنا تدخّل انطوان بشارة: لا أحد من الاتحاد له علاقة بالسفارات وإذا كانت لديك لائحة بأسماء من يتعاملون مع السفارات فأرجو يا سيادة النائب أن تزوّدنا بها. فنفى خدام وجود أي اسم لديه. بقي السجال دائراً بين قيادة الاتحاد العمالي وبين خدام حتى بعد منتصف الليل، وتحديداً حتى الثالثة فجراً من دون أي نتيجة، ورغم عقد لقاء ثانٍ صباحاً بين الجانبين حيث اقترح الاتحاد العمالي مشروع حل وسط، كما يقول بشارة، يقضي بإجراء مناقلات بين الوزراء لتفعيل الوزارات التي لها علاقة بالأمور الاقتصادية والمعيشية، إلا ان خدام رفض ولم نتوصل الى أي تفاهم، وعدنا بعدها الى بيروت أكثر تصميماً على تنفيذ الاضراب. وهكذا كان.
نجح الاضراب، وعكس ثقة الناس بالاتحاد العمالي وقيادته في ذلك الحين، إلا أن دخول مفاجآت غير متوقعة على خط التحرك لا علاقة لقيادة الاتحاد بها، مثل حرق الدواليب وأعمال الشغب والتكسير، دفع القيادة الى الاجتماع بصورة طارئة واتخاذ قرار بوقف الاضراب في يومه الأول، خصوصاً بعد أن كان الرئيس كرامي أعلن استقالة حكومته.
في تلك الفترة اتُّهم رفيق الحريري بأنه موّل وحرّض ودعم هذه التظاهرة للإطاحة بحكومة كرامي تمهيداً لتعيينه هو رئيساً للحكومة. الأمر الذي نفاه الحريري يومذاك تماماً كما ينفيه اليوم أنطوان بشارة بقوله ان لا علاقة للحريري بتظاهرة 1992، لا بل لم يكن لدينا أي اتصال به لا قبل التظاهرة ولا بعدها، أول اتصال جرى بيننا كان بعد توليه رئاسة الحكومة حيث اتصل بي ذات يوم في منزلي في الخامسة والنصف صباحاً وتمنى عليّ بإلحاح الحضور الى منزله في قريطم لتناول طعام الفطور معه. بادرني بالقول لدى وصولي الى هناك أن بناء البلد يتطلب تعاون الجميع وأنا جاهز دائماً للتعاون. وطلب مني ان لا اتخذ أي موقف متسرّع متمنياً عليّ الاتصال به فور وقوع أي ضرر بالعمال، وعندها إذا لم تصطلح الأمور افعل ما تشاء.
بعد سقوط حكومة كرامي شُكّلت حكومة جديدة برئاسة الرئيس رشيد الصلح. المفاجأة الوحيدة في هذه الحكومة كانت تعيين الأمين القطري لحزب البعث العربي الاشتراكي آنذاك عبد الله الأمين وزيراً للعمل. كانت الرسالة واضحة، ولعلّها الأكثر وضوحاً في أعقاب تمرّد الإتحاد العمالي على الوصاية في عزّ أيامها في لبنان. فور تسلّمه مهامه، طرح الأمين مشروع هيكلية نقابية جديدة، الأمر الذي رفضه الإتحاد العمالي العام، لأنه كان يتألف من 96 مادة منها 36 مادة تسمح لوزارة العمل التدخّل بالشؤون الداخلية للنقابات، الأمر الذي يتعارض مع المادة 56 من قانون العمل والمواثيق الدولية التي تضمن الحريات النقابية، وكذلك مع مقدمة الدستور اللبناني وشرعة حقوق الانسان.
يضيف أبو حبيب: في المقابل كان لدى الإتحاد العمالي مشروع هيكلية نقابية على أساس التمثيل القطاعي، ويتضمّن إعطاء الحق لموظّفي الدولة بانشاء نقابات خاصة بهم.
بداية وضع اليد على الإتحاد
بعد معارضة الإتحاد مشروع وزارة العمل، شكّل الأمين لجنة من الإتحاد العمالي ووزارة العمل، لمناقشة الهيكلية النقابية، إلا أنه عاد وحلّها بعد اجتماعات عدة، لأنها تعارضت واتجاهاته.
في أي حال لم يخف الأمين توجّهاته إزاء الحركة النقابية، وهو قال في ندوة عقدت في مقر الجامعة اللبنانية، مخاطباً القيادات العمالية: اذا لم توافقوا على مشروع الهيكلية النقابية الذي طرحته، سأنشئ اتحادات ونقابات عمالية لكل الطوائف والأحزاب. فُهم من هذا الطرح، أنه إما أن يضع الأمين يده على الحركة النقابية وقرارها المستقلّ عن طريق الهيكلية النقابية، أو أنه سيلجأ الى تفتيت الحركة النقابية ووضع اليد عليها، وهكذا كان. إذ بدأ تأسيس الإتحادات والنقابات على أساس حزبي وطائفي وأصبح هذا النهج سياسة رسمية لكل الوزراء الذين تناوبوا على الوزارة من أسعد حردان وعلي قانصو وعاصم قانصوه وطراد حمادة ومحمد فنيش.
ذروة هذا التدخّل برزت في التحضير لانتخابات هيئة مكتب الإتحاد العمالي في العام 1997، حيث تم إنشاء عدد من الإتحادات العمالية للقوى الموالية لسلطة الوصاية، وأقدم وزير العمل حينها أسعد حردان على فرض الإتحادات العمالية التي رخص لها حديثا خلافا للقواعد التنظيمية على لوائح الانتخابات، كما منع ممثلي الإتحاد الدولي للعمال العرب ومنظمة العمل الدولية ورئيس مجلس المندوبين من الدخول الى مقر الإتحاد العمالي الذي طوّق من قبل القوى الامنية والعسكرية.
أدّى هذا التدخّل الى ضرب الحركة النقابية وانتخاب قيادتين للاتحاد العمالي، واحدة برئاسة الياس ابو رزق عن الإتحادات الأصلية، وأخرى برئاسة غنيم الزغبي عن الإتحادات المنشأة حديثاً من قبل وزارة العمل.
تقدّم أبو رزق والامين العام ياسر نعمة بشكوى الى منظمة العمل الدولية استنكارا لتدخل السلطة في الشؤون الداخلية للنقابات، واعتبرت السلطة أن ذلك يشكّل تشويهاً لصورة لبنان وسمعته الخارجية، وبسبب تمسكّه برئاسة الإتحاد اعتقل أبو رزق وأمين سرّ الإتحاد ياسر نعمة وتمّت احالتهما الى المحاكمة.
ويعتبر أبو حبيب أن هذه الأرقام المتدنية تدلّ على أن التوسّع الأفقي لتأسيس النقابات والإتحادات العمالية لم يكن حاجة نقابية إنما سياسية. وما يبيّن هشاشة الوضع التنظيمي للاتحاد هو عدم استجابة العمال لدعوات التحرك التي أطلقها لتحقيق مطالب اجتماعية، فهذه القيادة دعت أكثر من مرة الى الاعتصام امام الضمان الاجتماعي دفاعاً عنه، إلا أن عدد المشاركين لم يتعدّ الـ50 شخصاً. كما لم يشارك العمال في دعوات مماثلة للاعتصام ضد غلاء البنزين. وهذا دليل إضافي على سقوط مصداقية الإتحاد بين العمال الذين لم يعد لديهم ثقة بهذه القيادة لشعورهم أنها تعمل ضمن أجندة سياسية بعيدة كل البعد عن القضايا النقابية والمطلبية، بدليل إحجام العمال عن الانتساب الى النقابات والمشاركة في تحركات الإتحاد العمالي، أو دعوة القيادة الى الاضراب ثم الرجوع عنه استناداً الى المواقف السياسية وليس الى الاعتبارات النقابية، التي تبقى من دون حل.
وقال ابو حبيب من الملفت أنه في بعض الانتخابات التي كانت تجري لعدد من الإتحادات والنقابات، ان نفس الاشخاص صوّتوا لأكثر من نقابة مهنية. وأضاف أليس من المستغرب أن قيادة الإتحاد العمالي بقيت متفرّجة منذ آخر تصحيح للأجور العام 1996 حتى العام 2008، حيث استخدم الإتحاد كمطيّة لتحقيق أهداف سياسية بحتة بعيدة كل البعد عن القضايا المعيشية والمطلبية، رغم الشعارات التي رفعت، وهو الأمر الذي يتكرر الآن.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.