أكد رئيس مجلس تنمية الصادرات في جمعية الصناعيين اللبنانيين محمد الرفاعي "إن زيادة الصادرات الصناعية في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي رغم الظروف السياسية والأمنية في البلاد، تؤكد أهمية هذا القطاع كصمام أمان للاقتصاد الوطني والمجتمع اللبناني"، فيما حذر من مشاكل كبيرة قد تتعرض لها المصانع التي تنتج للأسواق المحلية بسبب تراجع الطلب والانكماش الكبير الذي تعانيه السوق الداخلية نتيجة الأزمة السياسية الحادة بعد حرب تموز (يوليو).
وقال الرفاعي "إن هذه الأوضاع تضغط بشدة على أصحاب رأس المال في قطاعات الإنتاج الصناعية والسياحية والتجارية والخدماتية وغيرها، لا سيما أن جميع المؤسسات تقريباً لم تعد لديها مؤونة لتجاوز المرحلة الحاضرة، بعدما خسرت كل ما جنته منذ مطلع العام خلال حرب تموز وما تلاها من تشنج سياسي".
فقد تمكنت الصادرات الصناعية من العودة الى وضعها الطبيعي فحققت زيادة مقبولة في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي وزيادة كبيرة في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، فيما أدى تراجع صادرات الصناعة، في تموز (يوليو) وآب (أغسطس) الماضيين، نتيجة حرب تموز، الى امتصاص نمو النصف الأول من العام 2005، ويبلغ نحو 100 مليون دولار.
وبحسب الإحصاء الصادر عن وزارة الصناعة، بلغت قيمة الصادرات الصناعية في تشرين الأول الماضي 161 مليون دولار، في مقابل 154 مليوناً، في الشهر نفسه العام 2005.
أما في تشرين الثاني الماضي، فقد ارتفعت الصادرات الصناعية بنسبة 34.8 في المئة الى 182 مليون دولار، في مقابل 135 مليوناً في الشهر نفسه من العام 2005.
وبلغت قيمة صادرات الصناعة حتى تشرين الثاني من العام الجاري ملياراً و560 مليون دولار، فيما بلغت حتى تشرين الثاني 2005، نحو مليار و510 ملايين.
وبحسب إحصاءات وزارة الصناعة، إحتل قطاع الآلات والأجهزة والمعدات الكهربائية، المرتبة الأولى بين القطاعات المصدرة حتى تشرين الثاني الماضي، فبلغت قيمة صادراته 299 مليون دولار، وحلّ قطاع المعادن العادية ومصنوعاته ثانياً (282 مليون دولار)، وقطاع صناعة الغذاء ثالثاً (169 مليون دولار)، ومنتجات صناعة الكيمياء رابعاً (146 مليون دولار)، والورق ومصنوعاته خامساً (119 مليون دولار)، واللؤلؤ والأحجار الكريمة وشبه الكريمة والمعادن الثمينة سادساً (100 مليون دولار)، ومواد النسيج ومصنوعاتها سابعاً (80 مليون دولار)، والراتنجات واللدائن الصناعية ثامناً (78 مليون دولار)، والمنتجات المعدنية تاسعاً (77 مليون دولار)، ومصنوعات حجر الجبس عاشراً (44 مليون دولار).
وأظهر الإحصاء الصادر عن الجمارك أن قيمة الآلات الصناعية المستوردة في تشرين الثاني الماضي بلغت نحو 11 مليون دولار، فيما بلغت حتى تشرين الثاني من العام 2005 نحو 105 ملايين دولار.
وفي هذا الإطار، توقع الرفاعي أن ترتفع الصادرات الصناعية قليلاً في العام 2006 مقارنة مع ما حققته في العام 2005 والبالغ ملياراً و667 مليون دولار.
وشكا الرفاعي من بعض المشاكل التي تعانيها المصانع لا سيما عدم قدرتها على التزام خطة إنتاج معينة، بسبب التشنج السياسي، الذي بات يهدد بضرب القطاع الصناعي والاقتصاد الوطني برمته.
وأشاد الرفاعي بالنتائج التي حققها مؤتمر باريس3 والدعم الدولي الذي حصل عليه لبنان بحصوله على 7.6 مليارات دولار، وقال "يجب استثمار هذا الدعم الدولي بشكل جيد وإيجابي، وهذا يتطلّب إنهاء التشنج السياسي والخروج من الشارع والعودة الى الحوار، وتفاهم جميع الإفرقاء على رؤية موحدة لتوظيف الأموال التي حصل عليها لبنان بشكل يوفر النهوض الاقتصادي والأمن الاجتماعي.
وشدّد على ضرورة تطبيق البرنامج الإصلاحي للحكومة، "لأنه من دون الإصلاح فإن كل هذه الأموال لا تشكل سوى مسكن سينتهي مفعوله عاجلاً أم آجلاً، إنما المطلوب ترسيخ إصلاح اقتصادي يكون بمثابة قاعدة انطلاق نحو اقتصاد سليم ومعافى".
ودعا الرفاعي الى تضمين الورقة الإصلاحية للحكومة بعض القضايا الأساسية التي تدعم الصناعة الوطنية وتنميها، مشيراً الى ضرورة تبني خطة الوزير الشهيد بيار الجميل الصناعية، وجعلها جزأ لا يتجزأ من ورقة الحكومة، "وهذا كان قد وعدنا به رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة".
وقال الرفاعي "اليوم مطالبنا وحيد ككل اللبنانيين، وهو وقف التشنج السياسي وعودة الهدوء الى البلاد من خلال إعادة الاعتبار للمؤسسات الدستورية، لأنه إذا تطوّرت الأوضاع بشكل سلبي لا سمح الله، فإننا ذاهبون نحو الخراب، ولم يعد يجدي نفعاً أي شيء".
وقال الرفاعي: "كنا نتمنى بعد حرب تموز أن تتضافر جهود جميع اللبنانيين لاستعادة لبنان عافيته، وإعادة دورة الاقتصاد الى طبيعتها، وبناء ما هدمته الحرب، لا سيما أنه لا يمكن لدولة مثل لبنان أن تستوعب هذه الخسائر الهائلة. لكن للأسف لم يمض وقت قليل حتى شهدنا أزمة سياسية وتصعيداً في الشارع أكملا على ما تبقى من الاقتصاد".
وحذر من إفلاس كثير من المؤسسات الخاصة "مع ما يتبع ذلك من أزمة اجتماعية كبيرة، تطال كل الفئات الاجتماعية، من دون تمييز بين لبناني وآخر".
وأضاف "عندما نذهب الى الخارج للمشاركة في المؤتمرات أو الاطلاع على التكنولوجيا الحديثة وفرص الاستثمار، أو عندما تأتي الى لبنان وفود من الخارج، لعرض الفرص الاقتصادية المتاحة في بلادهم، نرى الفارق بين هذه البلدان ولبنان".
وتابع "للأسف، لم يتعظ اللبنانيون من تجارب الماضي، فبقيت السياسة مسيطرة على حياتهم العامة، وبقي الاقتصاد على الهامش، فيما تسعى كل الدول جاهدة للنمو الاقتصادي، وتطوير كل البنى الاقتصادية لمواكبة التطور العالمي السريع، ولا نزال نحن في لبنان نختلف على جنس الملائكة، ونعطل المحاولات الحثيثة للسير في هذا الطريق، الذي شقّه الرئيس الشهيد رفيق الحريري".
وأوضح "إن انكماش السوق الداخلية أدى الى تراجع طلب منتجات الصناعة، وضاعف خسائر القطاع وقلّص إمكان تعافيه السريع، وسيدفع هذا الأمر معظم المؤسسات الصناعية الى تعديل خطتها وتوقعها تعديلاً جذرياً".
ولفت الرفاعي الى أن عدداً كبيراً من الصناعيين يفكرون بجد في نقل معاملهم الى الخارج، أو إنشاء مصانع جديدة لتلبية حاجة الأسواق الخارجية، وترك المعامل في لبنان لتلبية حاجة السوق الداخلية، وهذا يضر في المستقبل بحجم صادرات لبنان.
وعن مطالب الصناعيين، أكد الرفاعي ضرورة توفير الاستقرار السياسي في البلاد "وقد بات شرطاً أساسياً لاستمرار كل قطاعات الاقتصاد"، وطالب باتخاذ خطوات سريعة تمكن القطاع من استعادة نشاطه. ورأى "أن إعادة إطلاق عجلة الصناعة تحتاج الى خطة متكاملة، تبدأ بتعويض المصانع المهدمة، وتوفير تمويل للمديين الطويل والمتوسط، بشروط معقولة للصناعة التي توقفت عن الإنتاج مدة تزيد على شهر ونصف الشهر، بالإضافة الى المطالب الواردة في ورقتنا التي سلّمناها الى المعنيين، لا سيما فرض رسم إعمار نسبته 20% مدة سنتين، على كل الأصناف المستوردة الى لبنان ويصنع مثيل لها في لبنان، وتأجيل الأقساط المستحقة من القروض الصناعية غير المدعومة لدى المصرف المركزي، ودعم الفوائد بالنسبة نفسها للقروض المدعومة، وإعفاء المصانع المدمرة من الضريبة مدة لا تقل عن 10 سنوات، وبقية المصاع التي عانت أضراراً غير مباشرة 5 سنوات، وإعفاء المصانع المتضررة من رسوم رخص البناء والمحافظة على عامل الاستثمار على التسويات، وتقسيط اشتراك الضمان وضريبة القيمة المضافة والكهرباء والماء التي تستحق من تموز (يوليو) حتى كانون الأول (ديسمبر) 2006، وجدولتها من دون فوائد 12 شهراً، بدءاً من 1/1/2007، وإعفاء المصانع المدمرة والمتضررة من ضريبة الأملاك المبنية ورسوم البلديات 5 سنوات، فضلاً عن إقرار مطالب قطاع الصناعة العالقة منذ سنوات".
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.