8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

"العمالي" ينحرف عن دوره النقابي دعماً للحركة الانقلابية

دخل الاتحاد العمالي العام معترك العمل السياسي من بابه العريض، داعماً الحركة الانقلابية في الشارع، تحت شعار رفض ورقة الحكومة الإصلاحية، فيما ارتفعت أصوات نقابية معارضة لتصعيد الاتحاد، ورأت أن حركة الاعتصام المتنقلة التي ينفذها، مكشوفة الأهداف، وتأتمر بأمر صادر عن جهات سياسية معروفة، وهي ليست إلا جانب من الصورة الكاملة لاعتصام المعارضة في الوسط التجاري. ويعقد الآن قادة بعض النقابات العمالية اجتماعات جانبية لدرس خطوات الاتحاد العمالي العام، لا سيما أثرها الضار بالحركة النقابية برمتها، وما يمكن أن تنتجه من انقسام عمودي حاد يصيب كل الجسم العمالي، وتطرح هذه النقابات بجد إنشاء اتحاد عمالي ثانٍ، وتستكشف إمكان هذا الأمر، ضمن معايير تضمن حسن التمثيل وتحريك العمل النقابي.
وأكد رئيس التكتل النقابي المستقل جورج علم لـ"المستقبل" أن الاتحاد العمالي العام ينفذ جدولاً سياسياً وضعته له بعض القوى السياسية، ورأى في مؤتمر باريس ­3، حاجة أساسية للاقتصاد الوطني ومنع الانهيار، فيما رأى أمين اتحاد نقابات قطاع الطباعة والإعلام العام ياسر نعمة، أن تحرك الاتحاد العمالي يدرج في سياق الانتظام في مهمته الأساسية السياسية التي نشأ على أساسها "وما نراه اليوم هو فصل جديد من فصول الدور المرسوم لهذه القيادة".
وأيد رئيس اتحاد نقابات موظفي المصارف جورج حاج تأييداً مطلقاً إنشاء اتحاد عمالي ثانٍ، ضمن ضوابط معينة. وقال علم: "كان يفترض ألا يشارك الاتحاد العمالي العام في أي تحرك الآن، لأنه لا يخدم مصلحة العمال، ، وينفذ لمصلحة سياسية، فضلاً عن أن هذا الموضوع لم يُبحث على مستوى الاتحادات والنقابات العمالية".
وأضاف: "كان الأجدى بقيادة الاتحاد أن تدرس ورقة الإصلاح وتبلغ الحكومة موقفها منها من خلال تصور واضح وشفاف".
وعما يجري داخل الاتحاد العمالي قال علم: "هناك 16 اتحاداً عمالياً يعارض القيادة الحاضرة في الاتحاد العمالي العام"، وأشار إلى سياسة اتبعت منذ العام 1990 حتى 2005، أدت إلى إفراغ الاتحاد من مضمونه النقابي، "لأن الترخيص الذي أعطي لنقابات، أدى إلى هيمنة موصوفة ومعروفة بالأسماء والمواصفات، لفئة سياسية معينة، وهي أدت إلى إفراغ الاتحاد العام وجعلته مطية لبعض القوى السياسية".
وفيما أشار إلى مشاركة العمال شبه المعدومة في اعتصام الاتحاد العمالي، سأل علم: "هل يعقل أن يعتصم الاتحاد العمالي أمام مؤسسات عامة ووزارات، يرفض عمالها هذه الاعتصام في المبدأ؟". وحذر من أن استمرار الوضع على هذا المنوال سيؤدي إلى انقسام عمودي على صعيد الاتحادات والنقابات والعمال، "لأن قرار الاعتصام قرار سياسي".
ولفت إلى أن التكتل النقابي المستقل والتحالف النقابي الديموقراطي، سيصدران موقفاً من ورقة الإصلاح. وقال: "في المبدأ نرى أن باريس ­3 حاجة أساسية للاقتصاد الوطني، لمنع الانهيار، فالبلد مدين وإذا لم يكن هناك باريس ­3، فما هو الخيار الآخر، أكيد الإفلاس والانهيار".
ورأى أن ورقة الإصلاح جيدة في معظمها "لكن لبعض النقاط علاقة بمواضيع الضريبة، يفترض بحثها بجد، وهذا ما نفعله".
وعن التداول في إنشاء اتحاد عمالي ثانٍ، قال علم: "تلقينا اتصالاً من كثر في هذا الموضوع، لكننا حتى الآن لا نزال نأمل الجلوس على طاولة مع قيادة الاتحاد العمالي، للبحث في إعادة التوازن الوطني إلى هذا الاتحاد، فإذا كان هذا، تكون الأمور قد حلت، وإذا لم يكن، فإن ما كتب قد كتب، وسنمشي في إنشاء اتحاد عمالي ثانٍ".
وقال: "لن نقبل أن نبقى مهمشين، تحت سيطرة بعض القوى السياسية على الاتحاد العمالي، لا سيما أن هذه القوى نفسها تطالب بحقها في الثلث المعطل في الحكومة".
وقال نعمة: "إن تحرك الاتحاد العمالي يدرج في سياق انتظامه في مهمته الأساسية السياسية التي أنشئ على أساسها". وأضاف يقول: "هناك فرق كبير بين التظاهرة التي نظمتها هيئة التنسيق النقابية في 10 أيار/ مايو، وضمت عشرات الألوف من الناس، لأنها عبرت تعبيراً صادقاً عن قضايا نقابية حقيقية، وما تقوم به القيادة الحاضرة في الاتحاد العمالي، إذ لا نرى سوى عدد قليل من المتظاهرين فضلاً عن أن معظمهم ليسوا عمالاً".
وأوضح نعمة أن سياسة اتبعت منذ مطلع التسعينيّات (من القرن الماضي) تجاه الاتحاد العمالي، عملت لتفريغه من دوره النقابي، ورهنته لبعض القوى السياسية المعروفة لخدمة مصالحها. "وما نراه اليوم هو فصل جديد من فصول الدور المرسوم لهذه القيادة".
وإذ أشار إلى اعتراض نقابي على بعض القضايا الواردة على ورقة الإصلاح الحكومية، قال نعمة: "يجب درس الورقة درساً معمقاً، ومناقشة الملاحظات مع المعنيين، قبل التحرك في الشارع والتصعيد. لكن قيادة الاتحاد العمالي استعجلت أمرها، وذهبت فوراً نحو التصعيد، دون الرجوع إلى القواعد، والنظر فعلاً في مصلحة العمال".
وأوضح رئيس اتحاد نقابات موظفي المصارف جورج حاج، أن اتحاد المصارف قاطع اجتماع الاتحاد العمالي العام منذ نحو 3 سنوات، بسبب الخلاف العميق مع قادته والسياسة التي لعبتها خلال المدة الماضية، وحالت دون تطوير الحركة النقابية، فضلاً عن خروجها في معظم الأمور على أصول العمل النقابي".
وقال: "في وقت ما، ركبت قيادة للاتحاد تنتمي إلى توجه سياسي معين، وعندها شعرنا أن الأمور تتجه من سيئ إلى أسوأ، لذلك فضلنا أن نخرج، والاكتفاء بالتفاهم والتحالف مع بعض النقابات العمالية التي تنسجم مع رؤيتنا النقابية"، وأشار إلى السياسة التي اتبعها عدد من وزراء العمل بإنشاء نقابات جديدة من توجه سياسي معين وتنسيبها إلى الاتحاد العمالي العام".
وأكد حاج ضرورة أن يكون الاتحاد العمالي على مسافة واحدة من جميع القوى السياسية، وأن تأييد موقف أي قوى أو رفضه، يجب أن ينطلق من انسجام هذا الموقف مع رؤية الاتحاد العمالي العام أو عدمه "فهل هناك رؤية للاتحاد العمالي؟ أكيد لا".
وأشار حاج إلى أن تحرك الاتحاد العمالي لمعارضة ورقة الإصلاح، هو أسرع تحرك منذ إنشائه على الإطلاق، وأكد أن سبب ذلك يعزى إلى جهة سياسية معينة طلبت منه هذا التحرك.
وقال: "كان الأجدى بالاتحاد أن يستشير مجموعة الخبراء الاقتصاديين المحايدين، ويستمع منهم إلى ملاحظتهم على الورقة، ثم تعرض الملاحظات على القاعدة العمالية خلال مؤتمر نقابي عام، فليس ثمة حاجة إلى العجلة، لأن إقرار الورقة يتطلب وقتاً ومراسيم وقوانين، ويمكن أن تقر أو لا تقر".
وأكد حاج تأييده المطلق لإنشاء اتحاد عمالي ثانٍ، ضمن ضوابط معينة، لا سيما عدم خضوعه للسلطة ولا المعارضة، فيعمل لتطوير العمل النقابي من خلال وضع هيكل نقابي قطاعي، وتحديث قانون العمل.
وعن ورقة الإصلاح قال حاج: "الورقة في ذاتها تعد إنجازاً لأنها تعبر عن خطة متكاملة، وهي خطوة جيدة وضرورية للنقاش، أما في المضمون، فثمة مواضيع تتطلب نقاشاً جاداً، ويجب أن تعدل، وثمة قضايا اجتماعية يجب أن تبت بسرعة، لا سيما الضمان الاجتماعي وقانون العمل، ومجالس العمل التحكيمية، والكهرباء والمحروقات".

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00