توقع مدير الثروة الزراعية في وزارة الزراعة سمير الشامي تأجيل تنفيذ اتفاقية التيسير العربية بسبب الخلاف على تطبيق قواعد المنشأ بين الدول العربية، وأكد قدرة القطاع الزراعي اللبناني على مواجهة الآثار السلبية لهذه الاتفاقية "إذا اتخذت بعض الإجراءات الضرورية".
وأشار الى إجراءات اتخذتها الوزارة خلال السنتين الماضيتين "لا سيما مراقبة المواصفات أدت الى مضاعفة صادرات التفاح اللبناني الى مصر، وخفض المستوردات الزراعية المصرية".
وقال الشامي لـ"المستقبل" "كذلك فإن الروزنامة الزراعية الأخيرة مع الأردن قد حلّت المشاكل التي كان القطاع الزراعي يعانيها جراء التبادل مع المملكة".
ولفت الى أن التوجه العام يقضي بزيادة التعاون والتنسيق مع سوريا لا سيما في المجال الزراعي، مشيراً الى عقد ورشة عمل مشتركة في أيار المقبل في سوريا لوضع البرنامج التنفيذي لخطة التكامل الزراعي بين البلدين.
وأشارت دراسة وضعتها وزارة الزراعة عن اتفاقيات التبادل الزراعي بين لبنان والدول العربية الى "ارتفاع الصادرات الزراعية اللبنانية الى سوريا وبدرجة أقل الى مصر والأردن"، وبيّنت الدراسة أن اتفاقية التيسير لم تساعد لبنان على إيجاد أسواق عربية جديدة لمنتجاته الزراعية.
وسألت "المستقبل" الشامي عن آثار الاتفاقيات الثنائية مع عدد من الدول العربية على القطاع الزراعي، فقال "اليوم، هناك تركيز كبير من قبل كل من يتعاطى العمل الزراعي، على ضرورة معالجة عدم التوازن في التبادل التجاري مع الدول التي وقّع لبنان معها اتفاقيات في هذا الإطار، لا سيما في مجال المنتجات الزراعية".
وأضاف "لكن في ظل الاتجاه العالمي نحو تحرير التبادل، هل يستطيع لبنان أن يتقوقع على نفسه، أم يجب القبول بالأمر الواقع والعمل على تحسين الظروف المحيطة بالزراعة لزيادة قدرتها التنافسية".
وأشار الشامي الى أن الاتفاق مع مصر يعطي حرية تصدير التفاح الى مصر خلال مدة معيّنة من دون تحديد الكمية "لذلك يجب التركيز على زيادة كميات التفاح المصدّرة الى مصر لا سيما أن عدد الشعب المصري يزيد على 70 مليون شخص، وهو يرغب في التفاح اللبناني لنكهته المميزة، لذلك يجب معالجة الخلل القائم في هذا الإطار، خصوصاً أن الكميات المصدّرة في الماضي من التفاح لا تتجاوز 10 آلاف طن سنوياً".
وقال "بعدما شددت الوزارة على مراقبة جودة المنتجات الزراعية المصدرة تضاعفت كميات التفاح المصدرة الى مصر مرتين، كما أن كميات البطاطا التي استوردت من مصر هي أقل من السابق، وضمن الشروط المطلوبة، وهذا سيحد من الآثار السلبية على هذا القطاع".
أما بالنسبة الى الأردن فقال "ان المعاناة من الاتفاق مع الأردن هي في الزراعات المحمية (البندورة، الخيار والبطيخ)، لكن بعد وضع الروزنامة الزراعية الأخيرة تبيّن عدم وجود آثار سلبية على الزراعات المحمية، ولن يكون أي مشكلة في البطيخ، وهذا يدفعنا لاعتماد نفس الروزنامة مع الأردن مستقبلاً".
وأشار الشامي الى سعي دائم لزيادة التعاون والتنسيق بين لبنان وسوريا في جميع القطاعات لا سيما الزراعي، ومنع انعكاس ذلك سلبياً على أحد الطرفين، خصوصاً أن هناك جهوداً تبذل لتحقيق توازن حقيقي يحد من الضرر على القطاع الزراعي في البلدين.
ولفت الى أن اللجنة الزراعية المشتركة اللبنانية السورية ستعقد ورشة عمل خلال هذا الشهر في دمشق، لوضع البرامج التنفيذية لخطة التكامل الزراعي.
وأكد الشامي "أن طرح تعديل أي اتفاق ثنائي مع أي دولة عربية لن يؤدي الى أي نتيجة في حال عدم تجميد أو إيقاف اتفاقية التيسير العربية، التي ارتبط لبنان بتنفيذ مقرراتها وهي ستحرر كل السلع من الرسوم الجمركية بداية العام المقبل".
وأشار الى وجود جدل حتى الآن في المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي حول تطبيق قواعد المنشأ والذي من شأنه عدم تنفيذ الاتفاقية في موعدها.
وعن الإجراءات الواجب اتخاذها للحد من آثار تحرير التجارة على القطاع الزراعي قال "ان السياسة التي اعتمدها لبنان في دعم الصادرات الزراعية عبر برنامج "اكسبورت بلاس" الذي تنفذه المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمار "إيدال" كان لها دور أساسي في زيادة الصادرات الزراعية".
ودعا الى تشديد الرقابة على الصادرات الزراعية، وإقامة مشاريع مشتركة مع منظمات دولية وأهلية لرفع جودة الانتاج اللبناني ومتابعة مشاريع أخرى حول المكافحة المتكاملة، والزراعة البيولوجية واستبدال الزراعات التقليدية بزراعات مرغوبة في الأسواق الداخلية والعربية والدولية.
وحول الاتفاق الزراعي بين لبنان ومصر تشير الدراسة الى أنها وضعت موضع التنفيذ اعتباراً من 1/1/1999، وتقضي بتبادل بعض السلع بدون أي رسوم جمركية خلال فترة معينة من السنة مما أعطى لبنان فرصة لتصريف كميات من التفاح والاجاص والكرز والعنب مقابل استيراد كميات من البطاطا والبصل والثوم في فترات محددة.
وحددت الاثار الايجابية للاتفاقية بتصريف 42 في المئة من صادرات التفاح، والآثار السلبية بالتأثير على إنتاج البطاطا (البقاعية المخزنة، والإنتاج المبكر في عكار) وعلى إنتاج البصل والثوم.
أما الاتفاقية مع الأردن فتعتمد على تصدير الفاكهة اللبنانية والبطاطا دون رسوم جمركية خلال فترات معينة مقابل استيراد الخضر (وخاصة البندورة خلال فترات تدني انتاجها في لبنان (فصل الشتاء) وقد تحولت هذه الاتفاقية لوضع روزنامة سنوية تحدد الاعفاء عند التبادل لبعض السلع الزراعية والفترات المحددة لذلك وتجدد سنوياً.
وحددت الآثار الايجابية بتصريف 17 في المئة من صادرات التفاح وتصريف 16 في المئة من صادرات البطاطا، والآثار السلبية بالتأثير على إنتاج البندورة في البيوت المحمية خلال شهري شباط وآذار وعلى إنتاج الخيار في البيوت المحمية.
ووضعت الاتفاقية مع سوريا موضع التنفيذ بناء على القرار رقم 1097/1 تاريخ 31 كانون الأول 1998، ويقضي بأن تستفيد المنتجات الصناعية اللبنانية والسورية المنشأ من تخفيض سنوي قدره 25 في المئة من معدل الرسم الجمركي النافذ في 31 آب 1998 حتى الغائه بالكامل بعد أربع سنوات، وقد بوشر العمل بها اعتباراً من 1/1/1999.
أما بالنسبة للاتفاق الزراعي فقد وقع في 11/10/1999.
وحددت الآثار الايجابية بتصريف 99.9 في المئة من صادرات الموز. وتصريف نحو 27 في المئة من صادرات البطاطا والآثار السلبية بالتأثير على انتاج الخضر والفواكه في لبنان.
اما بالنسبة لانعكاسات الاتفاقيات على التبادل الزراعي فقد حددتها الدراسة بالآتي:
ـ تعززت الصادرات الزراعية اللبنانية الى الدول التي تربطها بلبنان اتفاقيات ثنائية ولا سيما سوريا وبدرجة أقل مصر والأردن، وقد يعزى ذلك لاعتماد لبنان دعم النقل.
ـ ارتفاع كميات صادراتنا الزراعية الى سوريا.
ـ ان وارداتنا من جمهورية مصر العربية قد ارتفعت بنسبة 60 في المئة.
ـ اتفاقية التيسير لم تساعد لبنان على إيجاد أسواق عربية جديدة لمنتجاته الزراعية، فما زالت عملية التبادل الزراعي تقتصر على الأسواق العربية التقليدية (دول الخليج العربي خاصة السعودية، الكويت والإمارات بالإضافة الى أسواق مصر، الأردن وسوريا).
ويعزى ذلك الى:
أ ـ ارتفاع تكلفة إنتاجه بالمقارنة مع الدول العربية الأخرى.
ب ـ نتيجة للتباين بين النظم الاقتصادية والاجتماعية والمالية لهذه الدول، خاصة في مجال التقديمات التي تخصصها هذه الدول للمزارعين والمستثمرين في القطاع الزراعي.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.