8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

الحادث المأسوي يفضح الفوضى والاستهتار بحياة الناس

أثار الحادث المأسوي الذي أودى بحياة النائب الراحل علي الخليل وزوجته اثر انشطار سيارته منتصف ليل الاحد الماضي، أكثر من سؤال ورد فعل، وسط معلومات عن استيراد سيارات مغشوشة تخضع للتلحيم والتركيب في لبنان بصورة غير قانونية، فضلاً عن توقع انشطار الجزء الخلفي من السيارة قبل ارتطامها بالحائط على طريق خلدة أثناء الحادث.
ففي وقت تواصل فيه الأجهزة الأمنية المختصة بإشراف القضاء المختص تحقيقاتها في الحادث وتكليف لجنة خبراء الكشف على السيارة والاستعانة بخبير من شركة "المرسيدس" لإعداد تقرير حول سبب الحادث.
فيما أكد المدير العام لشركة "المرسيدس" في لبنان جوزف الزغبي عدم شراء سيارة النائب الخليل من شركته أو معاينتها في يوم من الأيام.
وشدد نقيب خبراء السير عفيف عبود، على أنه لا يمكن لسيارة من نوع "مرسيدس" أن تُصب بهذا الانشطار إلا إذا كانت خاضعة للتلحيم والتجميع، في وقت سارع رئيس لجنة الأشغال النيابية العامة النائب محمد قباني الى الدعوة الى اجتماع عاجل يعقده لبحث موضوع الحادث مع أعضاء اللجنة.
فقد أكد المدير العام لشركة "مرسيدس" في لبنان جوزف الزغبي أن سيارة النائب الخليل لم تبع من شركة "مرسيدس" اللبنانية ولم تخضع فيها لأي فحص دوري على الاطلاق مستنداً بذلك الى معلومات الحاسوب التي لا يتوافر فيها على الاطلاق اسم علي الخليل، لافتاً الى أن ثمة معلومات من الأجهزة الأمنية أكدت هذه الناحية.
وتوقع الزغبي، وبحسب الصور التي ظهرت في وسائل الإعلام، أن تكون السيارة من نوع مرسيدس (E class) المعروفة بـ"النملة" لافتاً الى أن ملايين من صنف هذه السيارة أخضع الى تجارب عالمية وأمنية في كل من المانيا وأوروبا ونالت بموجبها هذه السيارة (النملة) شهادات أمان بامتياز من الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية وألمانيا وبناء على ذلك تعتمد كسيارة للأجرة في الدول الأوروبية كلها.
وعن تدخل خبراء شركة مرسيدس في معاينة الحادث بحسب ما ورد في الصحف أشار الزغبي الى أن الشركة لا تضم خبراء محلفين في هذا المجال إنما لديها خبراء تقنيون وفنيون وقررت إرسال أحد هؤلاء التقنين للمشاركة في التحقيق.
وأشار الى أنه ومن خلال متابعته لصور الحادث، يرى أن السيارة تعرضت للانشطار قبل ارتطامها بالحائط.
وختم مشيراً الى أن مقابل كل سيارة تباع من الشركة في لبنان يباع ست سيارات مستعملة ومستوردة من الخارج، وذلك بسبب تفاوت نسبة الأسعار بين الجديد والكسر (الملحم).
عبود
أما نقيب خبراء السير عفيف عبود، فقد استغرب في البداية عدم استشارته كمسؤول عن نقابة خبراء السير في لبنان حيال هذا الحادث المروع، مشيراً الى أنه لم يتلقَ أي اتصال من أي معني بالأمر لا من جهة الرسميين ولا المسؤولين عن الحادث، لطلب الاستشارة، على الرغم من وجود ما يقارب 600 خبير سير منتسبين الى النقابة من قبل مجلس القضاء الأعلى.
وعلق عبود على تفاصيل الحادث الذي لم يعاينه على الأرض واكتفى بما شاهدته عبر وسائل الإعلام فقال: "انطلاقاً من خبراتنا في حوادث السير أرى أنه من المستحيل على سيارة وخصوصاً من نوع "مرسيدس" أن تتعرض لهذا الانشطار".
ورجح أن تكون سيارة الخليل "انشطرت بسبب تلحيم مسبق غير دقيق في لبنان أو خارجه، وذلك من خلال المشهد المصور الذي لفت انتباهه والذي يتمثل بانشطارها وانخلاع العمود الخلفي لها (قرب الباب) وكأنها قالب "من الجبنة" "قطع".
موضحاً أن "تجميع هذه الأنواع من السيارات يتم من نقطة العمود الخلفي عادة في مثل هذه الحالات".
وأوضح عبود أن 95 في المئة من السيارات التي تسير في لبنان "مقصوصة" وتعرض الكثير منها لحوادث مماثلة.
ولفت الى أن ثمة دولاً يتم فيها تلحيم هذه السيارات لكن بطريقة مدروسة وبتقنية عالية مخالفة للأساليب المتبعة بتجميع هذه السيارات في لبنان والتي يعتمد فيها على مادة "الاسيتيلين" بينما تعتمد مادة أقوى في الخارج تعرف "بالأرغون".
وعلى الرغم من ترجيح عبود احتمال تعرض سيارة الخليل لصدمة بالحائط فهو لا ينفي إمكان انشطارها قبل ارتطامها بالحائط. لافتاً الى أن تلحيم السيارة الفوضوي يجعلها غير متماسكة ويعرضها للانشطار لمجرد أي ارتطام بسيط.
وشدد عبود على ضرورة خضوع هذه السيارات المستوردة للمعاينة الميكانيكية والتأكد من أنها غير ملحمة.
وطالب مصلحة الجمارك بإعطاء شهادة سلامة عامة لهذه المركبات وضرورة معاينتها على الأرض قبل دخولها خصوصاً وأن سيارات الـ "بي.ام.في" و"مرسيدس" التي تستورد من المانيا وسويسرا وبلجيكا تخضع لعملية توليف في تركيا.
وأكد عبود عدم وجود تشريع لبناني يمكنه منع عملية "القص" و"اللصق" و"التلحيم"، لافتاً الى أن محال التلحيم تنتشر في مختلف المناطق وخصوصاً الصناعية منها.
قباني
من جهته، بادر رئيس لجنة الأشغال النيابية العامة النائب محمد قباني الى الدعوة الى اجتماع عاجل لأعضاء اللجنة يعقد صباح اليوم، بحضور مسؤولين في القطاعين العام والخاص ومعنيين وخبراء في حوادث السير، يخصص موضوعه "لطرح الفلتان الذي لا يجوز أن يبقى مستمراً".
ورأى قباني "ان حجم هذا الحادث يساعد في اطلاق صرخة التحذير" مشيراً الى "ان السيارات المستوردة الى لبنان بعد تجميعها في تركيا وسواها يجب أن تخضع لرقابة، أما إذا كان هناك ثمة من يقوم بتجميعها وتلحيمها في لبنان بعد استيرادها قطعاً منفصلة، فهنا تقع الكارثة".
وحمل قباني مسؤولية الاستهتار في هذا الموضوع الى أكثر من جهة منها وزارتا المالية والداخلية اللتان تهتمان بمعاينة الميكانيك وبالجمارك.
يازا
رئيس تجمع الشباب للتوعية الاجتماعية "يازا" زياد عقل، أوضح من جهته أن عشرات الحوادث تقع في لبنان كل اسبوع بسبب انشطار السيارات.
ورد عقل الذي يرأس جمعية تعنى بشؤون حوادث السير في لبنان المسؤولية في مراقبة استيراد السيارات على الدولة وعلى وزارة الداخلية تحديداً، مشيراً الى أن مئات السيارات وقطع السيارات تدخل المرافئ اللبنانية من دون معاينة أو تدقيق فيها.
ودعا المسؤولين الى ضرورة ضبط محال التلحيم المخالفة للقوانين والمنتشرة بكثرة في مختلف المدن والمناطق اللبنانية.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00