8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

مجلس الإنماء والإعمار يبدأ ورشة لتأهيله تنتهي العام المقبل

هل يعود الشارع الذي أسهم يوما في صنع تميز بيروت، الى سابق عهده، تنبض فيه الحياة من جديد، ويعود رواده من الشعراء والرسامين والصحافيين وسواهم من الذين كان شارع الحمراء مرتعهم ومصدر الهامهم وسلوكهم؟
يستقبل الشارع هذه الايام ورشة اعادة تأهيل ينفذها مجلس الانماء والاعمار في اطار تنفيذه مشروع تطوير البنى التحتية لمدينة بيروت.
مصدر مسؤول في المجلس شرح لـ "المستقبل" الالية المطروحة لاعمال تأهيل الشارع ومتفرعاته، موضحا ان ذلك يأتي في اطار تنفيذ مشروع تطوير البنى التحتية للعاصمة، وضمن المجموعة الأولى والبالغة كلفته 11 مليونا و 322 الف دولار، وان المجلس باشر بتأهيل شوارع الحمراء ومونو وسوق بربور والغابي والنهر ومنطقة الطريق الجديدة.
وأشار الى ان الاشغال ستقسم الى اربعة اجزاء وسيتم العمل على مراحل بغية تخفيف الضغط عن الشارع والمحافظة على الحركة الاقتصادية في السوق.
وأضاف المصدر انه من المتوقع انتهاء الاشغال من الشارع قبيل مطلع العام 2004. وستشمل اعمال التأهيل شارع الحمراء ومتفرعاته على ان تشمل الشارع نفسه امتدادا من تقاطع شارع روما حتى شارع السادات بطول 950 مترا تقريبا، ومن ثم نزولا نحو شارع التنوخين (نزلة فندق فرساي) وشارع نجيب عرداتي من تقاطعه مع شارع بلس قرب السفارة السعودية قديما وصولا حتى موقع الحمام العسكري على الجادة البحرية (جادة شارل ديغول) بطول 500 متر تقريبا، ومن ثم حتى المصب البحري بمحاذاة المنارة الجديدة على الشاطئ.
وأوضح المصدر ان بنود الأعمال سوف تشمل تأهيل الارصفة ببلاط من نوعية عالية الجودة، 17 الف متر مربع، وغرس نحو 390 شجرة واعادة زرع 200 شجرة أخرى موجودة، وتركيب انارة جديدة تشمل نحو 85 عمودا من نوع تزييني مع شبكة كهربائية لها. واضافة الى تأهيل مياه الشفة بطول نحو 2000 متر طولي قطر 3 الى 8 سم وانجاز شبكة تصريف مياه امطار قطر 40 و120 و150 سم بطول 2525 مترا تقريبا مع مداخل ومصارف للمياه وغرف تفتيش.
كما تشمل الاعمال ايضا انجاز جزء من شبكة المجاري قطر 40 سم بطول نحو 2025 مترا مع وصلات جديدة للابنية.
اضافة الى رصف الشارع بنوعية بلاط عالية الجودة (Block Paving) ونزع الزفت على مساحة 13 الف متر مربع تقريبا وتزفيت مساحة 7 الاف متر مربع تقريبا، ووضع اشارات عمودية وأفقية جديدة بعدد 85 وحدة ومساحة 2350 مترا مربعاً.
توسعة الارصفة
وتابع المصدر انه اضافة الى بنود الاعمال هذه، سوف يتضمن تأهيل الشارع توسعة الارصفة الحالية (60 سم من كل جهة)، لتستوعب عددا اكبر من المشاة مع حظر اي استعمال غير صحيح لها، وتركيب البلاط الاسمنتي (Block Paving) قياس 10* 10سم، بدلا من الاسفلت على الطريق، وذلك في المنطقة الواقعة بين شارع روما وشارع السادات، على اساس امكانية تحويله الى شارع مخصص للمشاة عند الحاجة الى ذلك وفتحه للسير خاصة في ساعات الذروة.
وحدد المصدر الكلفة الاجمالية للاعمال بما يقارب الثلاثة ملايين و 316 الف دولار اميركي.
شارع للمشاة
في انتظار اعادة تأهيل الشارع وظهوره بحلة جديدة تمكنه من التحول الى شارع مخصص للمشاة في اي وقت لاحق تتكثف الجهود وعلى اكثر من صعيد لتحقيق هذا الهدف المنشود من قبل معظم تجار شارع الحمراء خصوصا بعد الصعوبات التي باتت تواجههم بسبب افتقار السوق الى رواده واصحابه وانتقالهم الى شوارع واسواق اخرى مجاورة.
ثمة مشروع خطة لتخصيص شارع الحمراء للمشاة في الفترة الممتدة ما بين الحادية عشرة ظهرا ومنتصف الليل تدرسه الان جمعية تجار الحمراء مع عدد من المعنيين.
فهذا المشروع القديم الجديد، هو مطلب لجميع تجار شارع الحمراء ورواده منذ العام 1961 الذين عملوا على تحقيقه في ذلك الوقت ولكن من دون جدوى، وكذلك في العام 1974، الى ان بدأ شارع الحمراء يشهد سلسلة من المهرجانات مع مطلع كل صيف بدءاً من العام 1983، ولاقت هذه المهرجانات صدى ملموسا لدى الجميع وأعادت احياء فكرة تخصيص الشارع للمشاة من جديد.
الخطيب
يقول رئيس جمعية تجار الحمراء محمد الخطيب انه عقد سلسلة من اللقاءات مع عدد من المعنيين وعلى رأسهم رئيس مجلس الوزراء رفيق الحريري واطلعهم على المشروع الذي نال تأييدا من قبل الرئيس الحريري ومن قبل مجلس الانماء والاعمار والمحافظ والبلدية ووزراء ونواب من بيروت.
وأضاف: "ان امكانية تخصيص شارع الحمراء للمشاة، بعد انجاز مجلس الانماء والاعمار مهمة اعادة تأهيله، باتت شبه واقعة وتنتظر الانتهاء من العمل ودراسة اتجاه السير تسهيلا لوصول السيارات الى مستشفى الجامعة الاميركية وغيرها من المرافق المهمة الأخرى في المنطقة".
وتابع: "لا بد من التحرك للقيام بعمل ما لاعادة الحياة الى الشارع العريق"، موضحا ان تخصيصه للمشاة قد يستقطب الرواد اليه من جديد، فيعود ذلك الشارع الذي طبع كل بيروت بطابعه قبل نشوب الحرب.
نعوشي
رئيس جمعية تجار الحمراء سابقاً وليد نعوشي، رأى أنه من المجدي تخصيص وقت للمشاة في الحمراء مطالباً بإعادة احياء معالم الشارع السياحية، ولا سيما دور السينما والمسارح. وأوضح ان شارع الحمراء يحتاج الى ترميم معالمه الثقافية ليتحول الى شارع سياحي أكثر مما هو تجاري.
وتقول مصادر في مجلس بلدية بيروت انه وان كان لم يبتّ نهائياً في هذا المشروع الى الآن، الا انه حظي بالتأييد المشروط في كل ما يخدم المواطن والقاطن في شارع الحمراء.
وأشارت المصادر الى أن المجلس البلدي كلف كلاً من الدكتور سليم عيتاني والدكتور كمال بخعازي (عضوان في المجلس) متابعة موضوع تخصيص شارع الحمراء للمشاة، ولفتت الى أن مسألة تأمين الدخول والخروج والمواقف العامة والخاصة ضمن المنطقة المقفلة سوف تؤمن من خلال اقتراح مداخل جديدة لبعضها، وأكدت انه وفي اطار هذا المشروع من المقرر توسعة الأرصفة وتأمين خطة سير جديدة تستوعب زحمة السير المتوقع حصولها وقت اقفال المنطقة المحددة من ضمنها احتمال ابقاء جميع التقاطعات مفتوحة للسيارات وتغيير وجهات السير الوافد إليها لكي تصبح وجهة واحدة.
عيتاني
الدكتور سليم عيتاني عضو مجلس بلدية بيروت، رأى أنه من حق التجار خصوصاً بعد اعادة تأهيل شارع الحمراء البحث عن حل للركود الذي يعانيه السوق. وأضاف ان "في نية البلدية المساهمة في تحقيق مطلب التجار، وفي نيتها أيضاً التعاون مع لجنة شؤون السير المكلفة من قبل وزارة الداخلية تركيب مواقف عدادات تخفيفاً لأزمة السير"، مشيراً الى أن 80 في المئة من العدادات هذه ستكون في بيروت.
وشرح عيتاني أن المنطقة المقترح تخصيصها للمشاة هي الممتدة ما بين "الهورس شو" سابقاً من الشرق وصولاً حتى مفرق ABC غرباً (صيدلية المدينة).
بخعازي
وعلى مبدأ "جرب وشوف" يلخص الدكتور كمال بخعازي عضو مجلس بلدية بيروت موقفه من تخصيص الشارع للمشاة، فيوضح انه مكلف من قبل المجلس بعقد اجتماعات متتالية في الأيام المقبلة مع تجار من الشارع لمناقشة الموضوع والاستماع الى مطالبهم.
وفي وقت أوضح بخعازي ان موقف البلدية ايجابي لجهة تنفيذ المشروع خصوصاً اذا كان ذلك لمصلحة المواطن، قال "لا بد من ايجاد حل لإزالة ظاهرة المتسولين قبل كل شيء وهذا واجب الدولة".
ولفت الى ضرورة التنسيق وتضافر الجهود على أكثر من صعيد، ما بين بلدية بيروت والادارات الرسمية الأخرى، تحاشياً لأي مماطلة تؤخر تنفيذ كل ما يخدم المواطن، مبدياً ارتياحه للفكرة من منطلق "جرب وشوف" وادخال التحسينات على كل عمل غير موفق بعد ذلك.
رواد
يقول الفنان التشكيلي فوزي البعلبكي وهو من رواد الشارع منذ عقد، ان خبر تحويل الشارع الى ساحة للمشاة أثار سعادته: "كانت مقاهي شارع الحمراء ـ قبل الحرب ـ برلماناتنا نحن الهامشيين، ففيها تبلورت فرديتنا، ونضجت شخصيتنا، واستقرت رؤيتنا على افق الديموقراطية وقبول المختلف، بصريح العبارة اصبحنا مدنيين حتى وان كانت هذه المدينة ممزوجة، احيانا، بالاعتراض الميتافيزيقي، وذلك نتيجة التنشئة الريفية المتشنجة وبخاصة، المناطق الهامشية من لبنان. كان شارع الحمراء، يشكل الخلطة المناطقية والطائفية والسياسية ليس للبنان وحده بل لكثير من رجالات العالم العربي، لم يجانسنا لنصبح كدجاج المزارع بل نمّى فينا الاحساس بالمسؤولية وعدم الخوف من حريتنا؛ فضلا عن تنمية الحس الجمالي الذي كانت توفره لنا واجهات محاله "وكاليرياته" التي استضافت الكبار من فناني العالم العربي، كان السير على ارصفة الحمراء متعة من المتع، لانه حيثما التفت المرء يطالعه الجمال بأشكاله العديدة.. الجمال بالأشياء والجمال بالخلق والجسم بالشم.
... ثم جاءت الحرب ومعها ادواتها لتحمل للشارع التبدي بدل الفردية، والتريف بدل التمدن، والبشاعة بدل الجمال، والذوق المتدني بدل الذوق الرفيع، والاحساس الكوارثي وكأن الدنيا على كف عفريت بدل التشبع بالثقة بالنفس وبالمستقبل، بالاجمال بدأ الشارع يشيخ ويذوي شيئا فشيئاً، ليتهاوى دفعة واحدة في اعقاب 6 شباط، فتحول الى ساحة من ساحات الضيع وتناقضاتها الاجتماعية، ولترفع الحواجز والمتاريس لتشين وجه الجمال في شارع الجمال بامتياز، ولتكسر الوجه الحضاري القدوة للبنان والعالم العربي.
الان اشعر مع الخبرية القائلة بأن شارع الحمراء سيتحول الى شارع مشاة، انني سعيد لعودة تقاليد تليدة لشارع حملناه ملء الروح، كما اشعر انني استعيد حريتي المصادرة، وفرديتي المغلولة بالطوائف والعشائر والبطون، اشعر ان الحلم المزمن الذي راود الكبار من رجالنا على قاب قوسين او ادنى من التحقيق، لقد أُكلنا جميعا يوم أُكل شارع الحمراء، وبعودة الروح اليه احس بأن قيافة اجسادنا ستهزم تكرشنا وستهزم بلادة ابداننا وكثافة ارواحنا ايضا، لنعيد على كبر، ما هشمته الحرب فينا من شموخ الحب، ومن صحوة الذهن والرجاء والامل بالمستقبل المتجدد".
وقالت الفنانة عايدة سلوم، انه آن الأوان لاحياء شارع الحمراء "نحن مع كل احياء لشارع من شوارع بيروت وليس الحمراء فحسب، نظرا لما له من عودة للامل في نفوسنا".
وأضافت: "اما بالنسبة الى تحويله الى شارع مخصص للمشاة فهذا يجعلنا مشدودين اكثر اليه خصوصا اننا اصبحنا بحاجة الى شارع بعيد عن المنحى الاستهلاكي والتجاري".
استاذ مادة الفلسفة في الجامعة اللبنانية موسى وهبة عبر عن سعادته للفكرة فقال: "هذا هاجس قديم يعيش مع رواد شارع الحمراء ونطالب بالاكثار من مناطق المشاة في بيروت بعد ان اصبحت حقوق المشاة مهدورة في ظل اشغال الارصفة بالسيارات والمواقف وغياب الحدائق العامة".
واعتبر وهبة تحويل شارع الحمراء الى شارع مخصص للمشاة انتصارا لهواة المشي ولجعل الحمراء منطقة سياحية بامتياز خصوصا اذا اعيد لها طابعها الاصلي بأسرع وقت ممكن.
الفنان التشكيلي عارف الريس ابدى سروره لسماع الخبر وأوضح انه "يجب ان يعود شارع الحمراء ليكون متنزها للتلاقي البشري من دون تكليف او ازعاج".
وأضاف: "ليس عدلا ان يتحول شارع الحمراء الى "دكاكين" تجارية في بلد سياحي بعد ان كان يحمل طابعا عائلياً".
واعتبر الريس "ان المشروع اذا نجح سيخدم المشاة في البلد الذين يفتشون عن مكان يبعدهم عن تلوث السيارات وعوادمها".

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00