رولا عبدالله
22 تشرين الاول 1989. الطائف مدماك أول في مسيرة إعمار بلد تكبد نحو 25 مليار دولار أميركي،أي ما يفوق ثمانية أضعاف إجمالي الناتج القومي.
وحده رفيق الحريري آنذاك صنع من كسور الرقم "جبيرة" لاعادة الثقة بالاقتصاد اللبناني والانفتاح على الخارج، فكان أن ربح الانماء لتبدأ مسيرة الحكم والمسؤولية على مدى خمس حكومات ، مسجلا منذ دخوله على خط الوساطة لانهاءالحرب اللبنانية في الثمانينيات ومن ثم العمل الفعلي على الارض منذ أولى حكوماته في العام 1992 إنجازات أسهمت في تحقيق التوازن والسلم الاهلي واطلاق عجلة النمو الاقتصادي وترسيخ العلاقات بين لبنان والمحيط والعالم الخارجي.
وكان أدرك الرئيس الشهيد رفيق الحريري منتصف التسعينيات بأن ورشة الاعمار الداخلية لابد من أن يواكبها دعم خارجي، فجاءت الدعوة لانعقاد مؤتمر اصدقاء لبنان في واشنطن في العام 1996 بدعم من الرئيس الاميركي بن كلنتون، ومن أبرز نتائجه مساهمات بقيمة 3 مليار دولار، إضافة الى رفع الحظر الاميركي عن لبنان. كما أسهم كل من مؤتمر باريس (1) وباريس (2) بتقديمات بلغت 500 مليون أوروومن ثم 4.4 مليار دولار.
أما في الداخل، فكان الحرص على ثبات الليرة اللبنانية مقابل الدولار الاميركي لتنخفض القيمة من 2800 ليرة وتستقر على 1500 ليرة لبنانية للدولار الواحد. وقد أسهمت السياسات المالية في ارتفاع الناتج المحلي ثلاثة أضعاف وزيادة القطاع المصرفي من 7 مليار عام 1992 الى 30 مليار عام 1998، واعادة افتتاح بورصة بيروت للأسهم في العام 1995،مع تعديل النظام الداخلي في العام 2000 لادراج وتداول صكوك مالية جديدة مصممة من قبل البورصة الاوروبية، لتبلغ القيمة السوقية في العام 2006 نحو 8 مليار دولار.
وفي سياق مواز شهد وسط بيروت ورشة اعمار ضخمة تولتها شركة "سوليدير"، ليغدو الاخير أكبر مشروع إعماري في الشرق الأوسط بمساحة 135 هكتار، و63 مليون دولار أرباح صافية، و1.7 مليون متر مربع مخزون الاراضي المعدة للاستثمار بقيمة 6 مليار دولار، وأملاك مبنية بقيمة 1,5 مليار دولار. واهتمت الشركة بإعادة ترميم السراي الكبير الذي أعيد افتتاحه في العام 1998، وبطلب من الرئيس رفيق الحريري علقت لوحة على المدخل الرئيسي تقول:لو دامت لغيرك لما وصلت اليك".
ومنذ البدء بورشة الاعمار، حظيت البنى التحتية المدمرة باهتمام خاص، من مثل تأهيل الحدائق العامة: السيوفي ،الصنائع ، حوض الولاية ،تلة الخياط، ومراكز الاطفائيات والجسور المعدنية والوصلات والانفاق ومداخل بيروت: نفق ساسين ونفق فؤاد الاول، تنفيذ وصلة الاشرفية-النهر-سن الفيل،تنفيذ طريق الكوكودي-الكولا،جسر السلطان ابراهيم ، نفق سبينس،نفق عدنان الحكيم، المدخل الجنوبي والجنوبي الغربي لمدينة بيروت،تجديد جسور البسطة،البربير، الفيات، إضافة الى تنظيف شبكات تصريف مياه الامطار وإنشاء خطوط جديدة وصيانة نحو 300 شارع.
وكان رافق ورشة الاعمار،خطة طوارئ لانشاء مركزين لمعالجة النفايات بسعة 1700 طن يوميا، وتكليف شركة سوكلين كنس ومعالجة وطمر النفايات ضمن بيروت و225 بلدة وقرية في محافظة جبل لبنان. وتولت فرق الصيانة: زيادة انتاج الكهرباء بنحو 950 ميغاواط ، تمديد الشبكات الكهربائية، إنارة شوارع بيروت،تجهيز معملي البداوي والزهراني بكلفة 536 مليون دولار أميركي، وتجهيز المجموعات الغازية في بعلبك وصور بكلفة 60 مليون دولار، وتجهيز محطات وخطوط نقل وكوابل متطورة بكلفة 282 مليون دولار. وعلى صعيد الهاتف الثابت، أضيف مليون خط هاتفي جديد.أما في قطاع الهاتف الخلوي، فبلغت الاشتراكات نحو مليون ومئة ألف ليتوج ضمن القطاعات الاكثر ريادة في المنطقة العربية أواسط التسعينيات.
وعلى الصعيد التربوي والاكاديمي، اهتمت مؤسسة الحريري بتقديم المنح التعليمية لنحو أربعين ألف طالب وجامعي ممن تابعوا دراساتهم في لبنان والخارج.فكان المشروع الضخم الذي تمثل ببناء مجمع رفيق الحريري الجامعي في الحدث على مساحة 700 ألف متر مربع، ليضم 9 كليات و70 ألف طالب. وأخذت حكومات الرئيس الشهيد على عاتقها مهمة تأهيل 1280 مدرسة رسمية و بناء 25 مدرسة جديدة وتأهيل معاهد ومباني تابعة لوزارة التعليم المهني والتقني والموافقة على بناء 31 مدرسة مهنية وتقنية.
في القطاع الصحي، أنجز العمل في مستشفى الرئيس الشهيد رفيق الحريري في العام 2005، لتغدو نموذج القطاع الاستشفائي الرسمي في لبنان والشرق الاوسط، ضمن 3 مباني و4 فنادق صغيرة و544 سريرا.وجرى
تأهيل أكثر من 26 مركزا صحيا.
وضعت الحكومة الاولى للرئيس الشهيد مخططا توجيهيا لاستقبال 6 ملايين مسافر من خلال مطار رفيق الحريري الدولي ، ومن ثم عشرة ملايين، لترتفع أرباح الميدل إيست الى نحو مليار دولار .وأعيد افتتاح قصر الأونيسكو في العام 1998، وكان تعرض للقصف الاسرائيلي في العام 1982.كما افتتح المتحف الوطني في العام 1999 بعد ترميمه نتيجة تعرضه للدمار خلال الحرب الاهلية اللبنانية. وأعيد تأهيل 35 هكتارا من حرج بيروت . وتسهيلا لعمليات عودة المهجرين وطي صفحة الحرب وتبعاتها، اقترح الرئيس الشهيد تأسيس وزارة تعنى بشؤون المهجر في العام 1993 ، على أن تكون مهمتها عودة المهجرين وتحصين أوضاعهم وتمكينهم من الاستقرار.
وفي غضون نحو عشر سنوات من البدء بخطة الاعمار، استعاد لبنان وجهه المشرق مستقبلا رؤساء الدول وكبار الشخصيات، فكانت زيارات للرؤساء: الجزائري الشاذلي بن جديد،أمير الكويت الشيخ جابر الاحمد الصباح،ولي العهد السعودي الامير عبدالله بن عبدالعزيز،وزير خارجية مصر عمرو موسى، الماليزي مهاتير محمد، إضافة الى زيارة قداسة البابا يوحنا بولس الثاني في العام 1997،الرئيس الفرنسي جاك شيراك في العام 1998، الرئيس الإيطالي أوسكارو سكالفارو، الرئيس الأرجنتيني كارلوس منعم،وزيرة خارجية الولايات المتحدة مادلين أولبرايت.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.