لم يدرك الجنرال الفرنسي هنري غورو الذي تولى إعلان دولة لبنان الكبير في العام 1920، بأن "دويلة" سوف تقام على أرض الثكنة التي أنشئت في العام 1943 وتحمل اسمه غرب قلعة بعلبك، بدءا من العام 1976 تاريخ إستيلاء ثم إحتلال نحو 130 عائلة لبنانية ونحو 30 عائلة فلسطينية مباني الثكنة التي يحدها من الشرق أحياء مدينة بعلبك ومن الجنوب قلعة بعلبك ومن الشمال حي الشراونة على مساحة 25 ألف متر مربع مؤلفة من عشرة أبنية وباحة كبيرة وصالة سينما ومطبخ.
هذا الوضع المتمرد دفع بمحافظ بعلبك الهرمل بشير خضر بحسب ما كشف لـ"مستقبل ويب"، إلى" تقديم كتاب قريبا إلى وزيرة الداخلية ريا الحسن يقترح فيه ثكنة غورو واحدة من الأماكن المقترحة لإقامة سرايا بعلبك"، هذا توازياً مع المطالبة التاريخية لنواب بعلبك وبلديتها بالإخلاء وقد جرى التقدم بأكثر من بلاغ الى الجهات المعنية من أجل المباشرة بإنهاء القضية.
أعداد المهجرين تضخمت على امتداد أكثر من أربعة عقود ليصل الرقم التقديري المقيمين الى 300 عائلة بحسب مصادر رسمية ل "مستقبل ويب" ، أي ما يقارب 3 آلاف شخص، الامر الذي انعكس سلبا على أحوال الثكنة الصفراء ذات الأبنية والجدران المتهالكة والتخاشيب المغطاة بالألواح الحديدية، ليغدو المكان المظلم أقرب الى بقعة خارجة عن قرارات الدولة منذ تقاضى العديد من القاطنين تعويضات من صندوق المهجرين في مدنهم وقراهم (الفنار والنبعة وتلّ الزعتر وبرج حمّود والمتن ) التي هجروا منها، ومع ذلك فإنهم استمروا في شغل المبنى أو استثمار الشقق من خلال البيع أو التأجير ، ضاربين بعرض الحائط القرارات الرسمية.
وأفاد شهود عيان لـ"مستقبل ويب"، انه على الرغم من تركهم لبيوتهم إلا ان البعض أجرى تعديلات على تلك الأبنية (حمامات، مطبخ..) وتم إشادة ثلاث محال بأحجار الخفان وسقفها بألواح التوتيا وجميعها معدة لبيع السمانة بالإضافة إلى تأجير محال أخرى لتصليح السبارات.
وكانت توالت القرارات الصادرة بدءا من القرار رقم 6217 تاريخ 8/8/1994 الصادر عن وزارة المهجرين بضرورة إخلاء جميع المؤسسات الرسمية على كافة الاراضي اللبنانية من ساكنيها من المهجرين، الى قرار مجلس الوزراء بتاريخ 24 /5/2001 ويتضمن الموافقة على إخلاء ثكنة غورو وتحويلها بعد تأهيلها الى سرايا لمنطقة بعلبك الهرمل وتخصيص ربع مساحة العقار لإقامة ثكنة بديلة للجيش (عقار خارج الثكنة)، الى مطالبات البلدية المتكررة بضرورة إخلاء العقارات التابعة للثكنة، علما بأنه جرى توقيع اتفاقية قرض مع البنك الدولي من أجل تشييد مشروع الإرث الثقافي والتنمية المدنية .
وتشمل الاتفاقية تمويل دراسة تأهيل واعادة استعمال كل ثكنة "غورو" وتنفيذ تأهيل الجزء الاول لاستعماله كمركز إداري لمحافظة بعلبك الهرمل، إضافة الى استعمالات ثقافية وسياحية وتربوية للجزء المطل على قلعة بعلبك.
وكان نفذ الجيش اللبناني في السنوات المنصرمة مداهمات بحثا عن مطلوبين ، فضلاً عن الريبة من تحول الثكنة الى "مكان مشبوه يأوي المطلوبين أو يحتضن الممارسات اللاأخلاقية من الدعارة الى المخدرات وغيرها"، بحسب مصادر رسمية، التي شددت على ان الأمر "يحتم تضافر الجهود من أجل إنهاء الحالة غير الشرعية للثكنة التي باتت تضم محلات لبيع السمانة وكاراجات لتصليح السيارات موصولة بالكهرباء وشبكات المياه، مع الأخذ بالاعتبار بأن العائلات المقيمة بمعظمها مسالمة يهددها تردد عدد من المطلوبين وممن يسعون لخلق بؤرة خطرة في مكان مسيج بالأرواح التي ثمة من يقدر أعدادها بأكثر من المعلن بأضعاف".
وبانتظار أن تطوى صفحات "انتداب" الثكنة من زمن الفرنسيين الى المهجرين الى "وضع اليد " عليها ، فإن المشروع الثقافي الذي يتوقع أن يقوم على أنقاض مصادرة القرار اللبناني وحريته، يعد بصفحة جديدة تحتفي بها مدينة الشمس التي ينتظرها وعود ومحطات سياحية مشرفة، ولاسيما أن الثكنة تقع في قلب مدينة بعلبك وتبعد عن السوق التجاري والقلعة نحو 200 متر فقط.




يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.