شكّل كلام وزير العدل القاضي ألبرت سرحان عن ملف المدرسة الحربية، قبل يومين، مفاجأة كبيرة على المستويَين السياسي والقضائي، وقد فتح مدخلاً لتخفيف حدة التشنّج الذي نتج عن الخلفيات الكيدية لفتح هذا الملف "بالطريقة التي فُتح فيها"، والتي لم تكُن ترمي أصلاً لأي محاسبة لا للملاحقين، ولا لكشف أية حقائق بدليل اصرار البعض على تجاهل كل ما تمّ عرضه من مستندات، بل كل ما كانت ترمي اليه هو تشويه سمعة القاضيَين هاني حلمي الحجار وآلاء الخطيب، وفق ما يظهر من اصرار بعض المواقع حتى بعد كلام وزير العدل على تجاهل كل ما تم نشره من مستندات، ومواصلة حملتها على القاضيَين، لا بل انتقالها أيضاً الى مهاجمة وزير العدل بعبارات عادة ما نسمعها في "أزقة الشوارع" ولم تعتَد على سماعها أروقة قصور العدل.
وفي الوقت الذي لم يوضح فيه وزير العدل الاسباب التي حملته على الخروج عن صمته ووضع الامور في نصابها الصحيح و قوله "ما في شي ضد الحجار والخطيب" و أن التفتيش يِحدّد من هو "المقصّر"، اعتبرت أوساط متابعة ل"مستقبل ويب" أن خطوة وزير العدل جاءت على خلفيَتَين، أولهما قضائية وثانيهما سياسية.
فعلى الصعيد القضائي أتت خطوة وزير العدل بعد اجتماع جمعه مع أحد المرجعيات القضائية حصل في سياقه تداول في الجانب القانوني من الملف، سيّما أن مجلس القضاء الاعلى كان سبق وتمّ اطلاعه على تفاصيل مسار ملف المدرسة الحربية بأجزائه الثلاثة، المنفصلة عن بعضها البعض، وهو الملف الذي ينظر به الحجار والخطيب، والملف الذي أحاله القاضي بيتر جرمانوس الى مديرية المخابرات وملف تبييض الأموال الموجود لدى النيابة العامة التمييزية بحسب الاختصاص. وتؤكد مصادر مطّلعة أن الملف الذي أحاله القاضي بيتر جرمانوس الى وزارة الدفاع لم يتضمّن هذه التفاصيل بل تضمّن فقط الجزء الأول منه الذي كان ينظر فيه القاضيَان الخطيب والحجار، من أجل أن يتم تصوير الأمر على أنه تغاضي منهما عن متابعة ملف الحسابات المالية.
أما على الصعيد السياسي، فقد بدا لافتاً أن وزير العدل إلتقى في ذات اليوم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي عرض معه "عمل الوزارة وأوضاع قصور العدل، اضافة الى مواضيع تتصل بوضع القضاء واستقلاليته" بحسب ما ورد على الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية، في وقت يعرف فيه الجميع موقف الرئيس عون وتأكيده في عدة مناسبات على أنه "لا حصانة لأحد في معركة مكافحة الفساد" وأن "المتهم يذهب إلى القضاء، ومن خلال القضاء فقط تثبت التهم أو تؤخذ البراءة"، وهو المنطق الذي يبدو أنه ازعج البعض الذي كان يحاول " الاتهام عبر الاعلام والادانة المسبقة في محكمة "الرأي العام".
وأمام الواقع المتقدّم تضع أوساط سياسية ل"مستقبل ويب" خطوة وزير العدل في خانة التموضع الواضح الى جانب ثوابت رئيس الجمهورية ظفي مكافحة الفساد، رافضاً محاولة البعض جرّه الى تحويل هذه المعركة الى معركة كيدية أو لتصفية الحساب، سيّما أن وزير العدل و قبل دخوله المعترك السياسي كان قاضياً ادارياً في مجلس شورى الدولة لمدة جاوزت الاربعين عاماً وهو بعد تقاعده في ٢٠١٨/١/١٨ أصبح قاضياً في منصب الشرف برتبة رئيس غرفة لدى مجلس شورى الدولة.
وفي الوقت الذي علم "مستقبل ويب" أن الحملة على وزير العدل اثارت استياءً في الاوساط السياسية والقضائية، بالنظر لمسيرته القضائية المشرّفة وأدائه السياسي المسؤول، توقّفت اوساط قانونية عند توجّه أحد المواقع الالكترونية الى وزير العدل بعبارة "يلحس مطالعته"، و اعتبرت أنه كان الاجدر بهذا الموقع الذي استخدم هذه العبارات "السوقية" مناقشة المستندات التي تمّ نشرها بشكل كامل عبر عدة وسائل اعلامية ومواقع الكترونية، ومنها ما يتعلّق بإحالة ملف شبهة تبييض الاموال والمستندات المصرفية الى النيابة العامة التمييزية، بدل الاستمرار في حملة التشويه وتكرار تسريب الاشاعات عن اغفال هذا الموضوع من قبل القاضيَين هاني الحجار وآلاء الخطيب، و تباهيه بأنه أول من كشف خبر "احالتهما الى التفتيش القضائي"، في حين تبيّن أن هذا الخبر هو مجرد "اشاعة كاذبة" وأنه "أوّل من روّجها".
ودعت هذه الأوساط، عبر "مستقبل ويب"، كل المهتمين بملف المدرسة الحربية، وتحديداً أحد المواقع الالكترونية، الى فتح ومناقشة الملف بالمستندات، وليس بالمطالعات "السياسية" التي حسناً فعل وزير العدل بتوضيحها بمنتهى الحكمة والمسؤولية، اذ لا يجوز ابداء الاراء المسبقة في اي ملف، لا في السياسة لأنه تتأكد عندها خلفيات الحملة بأنها إستهداف "بالسياسة "، ولا في القانون الذي يفرض على القضاة ألا يعطوا أي رأي مسبق في أي ملف ينظرون فيه.
وتختم هذه الاوساط أنه أصبح واضحاً للرأي العام عبر سلسلة التقارير التي تمّ عرضها على شاشة " تلفزيون المستقبل" ونشرها على "مستقبل ويب" ان خلفيات فتح الملف كانت للتشهير بقاضيَين وليس لتمكين التفتيش القضائي من التحقيق في الملف، على قاعدة أن "إثبات صحة النسب عبر فحص ال dna لا يُعيد الشرف متى تم السكوت عن التطاول عليه".




يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.