كتب جورج بكاسيني
لم تكن إطلالة وليد جنبلاط مع الزميل مارسيل غانم أمس “انتخابية”، على طريقة من تبقى من السياسيين اللبنانيين، الذين حوّلوا شاشات التلفزة إلى متاريس يتراشقون من خلالها السباب والشتائم من أجل مقعد نيابي إضافي هنا أو هناك.
برَع في تقديم المشهد الداخلي، واستطراداً الإقليمي ، على نحوٍ مختلف.
جمَع بين حنينه إلى فلسطين مع ما يحمله من مخزون اعتراضي على مبدأ السلام مع إسرائيل، وبين واقعيةٍ استمدّها من تحولات غير مسبوقة في الإقليم.
كما نجح في تركيب معادلة رفضٍ لطرفين نقيضين : إسرائيل الطامحة إلى التوسع في لبنان وسوريا، وإيران الساعية إلى حوار مع الولايات المتحدة الأميركية عن طريق استخدام الورقة اللبنانية. ولعل هذه المعادلة خير وسيلة لمقاربة الوضع اللبناني من بوابة انتقاد "حزب الله " من جهة، والدفاع من جهة مقابلة عن دور الجيش في الجنوب وعدم التماهي مع الانتقادات الموجّهة إليه من خصوم الحزب، أي من حلفاء جنبلاط الإفتراضيين .
بهذه البساطة رسم وليد جنبلاط المشهد، بتضاريسه وتعرجاته من جنوب الليطاني وشماله مرورًا بتجربة أحمد الشرع وصولاً إلى “سياسات” الولايات المتحدة، التي لم يفهم زعيم المختارة ، ومعه اللبنانيون ، أيٌّ منها يعبّر عن موقف دونالد ترامب.
وببساطة مماثلة أعاد الروح إلى “لبنان الكبير” وسط المخاوف من تفكيكه ومخاوف متطابقة من تفكيك سوريا، في سياق ما يسمى “العصر الإسرائيلي” أو “الشرق الأوسط الجديد”، مخالفًا بذلك مزاج الأقليات في المنطقة الذي يطمح إلى التقوقع مع كل تهديد، بما في ذلك الأقلية التي ينتمي إليها .
مرة جديدة أثبت وليد جنبلاط مهارته في استحضار التاريخ والتعامل مع التحولات في آن .
صَدق من سمّاه "آخر العقول السياسية” في لبنان .




يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.