#مازن_عبّود
احتُفل العالم في 24 تشرين بيوم المتحدة، التي تشكل أهم محاولة إنسانية لدرء الحروب وصون السلم. غير أنّ الذكرى لهذا العام أتت لبنانيا ثقيلة، وذلك لانّ مجلس الأمن كان قد صوّت على إنهاء مهمة اليونيفيل في الجنوب، بعد أن أدّت منذ عام 1978 دورًا محوريًا في مراقبة وقف الأعمال العدائية على طول الخط الأزرق.
قرار المجلس اتى استجابةً لمطالب الولايات المتحدة وإسرائيل، في خطوة تعكس تراجعًا بنيويًا في أدوار المنظمة الدولية نتيجة التحولات العميقة التي شهدها العالم والنظام الإقليمي بعد الحروب المتلاحقة والتبدلات الجيوسياسية الكبرى. تحوّلات ادّت إلى إضعاف تفويض الأمم المتحدة وقدراتها التنفيذية((Hellmüller & Badache,2025. فالمنظمة الأممية تفقد تدريجيًا صلتها بالأرض وفعاليتها. لكن تحدينا ان نبقيها فاعلة وليس فولكلورا.
اعتبر Ogunnoiki (2018) بأنّ فشل الأمم المتحدة في إصلاح مؤسساتها، وعلى رأسها مجلس الأمن، جعلها خارج دائرة التأثير. فمجلس الامن يعكس توازنات منتصف القرن العشرين، لا واقع القوى الراهنة، في عالمٍ تتزايد فيه أدوار الدول المتوسطة مثل تركيا وإسرائيل، وتتآكل فيه مظاهر الإجماع الدولي. فثمة قيود بنيوية تحدّ تطورها وعملها، وعلى رأسها نظام الفيتو للدول الخمس الكبرى. مما يجعل إصلاحها سرابا. اعتقد بانّ التغيير الحقيقي لا يتحقق إلا جراء حروب كبرى جديدة. ما يؤلم تراجع الثقة بأدوارها.
الرئيس ماكرون (2025) نبّه من مهاجمة الأمم المتحدة. واعتبر مهاجمتها تمهيدا لهيمنة الأقوياء و"انتصار أنانية القلّة"، فيما أكّد غوتيريش أنّ المنظمة ما زالت "وعدًا حيًّا". أما الرئيس ترامب فوصّفها "بأداة تشجّع الغزو عبر الحدود". انقسام حولها قبيل عيدها يعكس عمق أزمتها البنيوية.
نهاية، قرار إنهاء مهمة اليونيفيل في مناخات غير ملائمة مقلق. لإنه يعكس تعريفا جديدا للسلام، ويؤشر الى تداعي التزامات صون الأمن الدولي الجماعية. إنهاؤها اختبار صعب لقدرتنا في ظل تداعي مظلّة دولية وفّرت لنا حماية. فهل سنملك القدرة على رسم قواعد تضمن بقاءنا كبلد، وهل ستشكل الازمة مفتاحا للتطوّر؟ ثمة عجقة اعتداءات ومواقف ومفاوضات تتظهّر معالمها. بدأنا نعمل لكن بدون أمم متحدة، وفي هذا امتحان صعب!




يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.