14 تشرين الأول 2025 | 20:23

عرب وعالم

غياب نتنياهو عن قمة شرم الشيخ للسلام.. "الأسباب المحتملة .. المكاسب والخسائر"!

غياب نتنياهو عن قمة شرم الشيخ للسلام..

بعد يوم من عقدها والتوقيع على اتفاق لوقف الحرب في غزة، تناولت الصحافة الإسرائيلية غياب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن "قمة شرم الشيخ للسلام"، مشيرة إلى "المكاسب والخسائر".

وحسب ما ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية في تقرير لها، "كان هناك زعيم واحد غاب بشكل لافت عن الصورة الجماعية في ختام القمة السياسية التي عُقدت في شرم الشيخ: رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. على الرغم من أنه تلقى دعوة رسمية وبدأ التحضيرات للسفر، بعد تدخل من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلا أنه تراجع في اللحظة الأخيرة واختار عدم الحضور. لهذا القرار - الذي قد لا تكون دوافعه واضحة بالضرورة - تداعيات سلبية وإيجابية، خاصة على الصعيدين السياسي والدبلوماسي".

ووفقا لـ"يديعوت أحرونوت"، "يسود بالفعل إحباط في صفوف اليمين المتطرف داخل الائتلاف بسبب انتهاء الحرب في غزة دون تحقيق الوعود بتفكيك حماس وإعادة بناء غزة دون تدخل السلطة الفلسطينية. كان من الممكن أن يؤدي حضور نتنياهو للقمة، خاصة إلى جانب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إلى أزمة داخلية جديدة. تجدر الإشارة أيضا إلى أن حضور نتنياهو إلى شرم الشيخ، رغم تزامن ذلك مع العيد اليهودي، كان من الممكن أن يسبب له أزمة مع اليهود المتشددين (الحريديم)، على الرغم من أنه كان من المحتمل أن يتفهموا الضرورات. لقد سافر رئيس الوزراء سابقا في يوم السبت وخلال الأعياد، ولم تقع السماء على الأرض".

ورأى التقرير أنه "من ناحية أخرى، لم يخدم الغياب عن هذا الحدث - الذي شارك فيه قادة المنطقة وقادة أوروبا - مكانة إسرائيل في العالم، التي أصبحت معزولة بشكل متزايد في العامين الماضيين. في نهاية المطاف، وضع غياب نتنياهو، إلى جانب حضور "أبو مازن"، إسرائيل في موقف يوازي حماس - فهما الوحيدان اللذان لم يحضرا. كان حضور نتنياهو للقمة في دولة عربية كفيلا بأن يوضح للعالم: من هو المنتصر الحقيقي في الحرب"، حسب التقرير.

وورد في التقرير أنه "في نهاية المطاف، قلص قرار عدم الحضور مكانة إسرائيل بطريقة ما. السبب الرسمي الذي قدمه مكتب نتنياهو لإلغاء الحضور إلى القمة - بعد أن لم تتم دعوته إليها في البداية - كان قرب موعد العيد، لكن من الواضح أن رئيس الوزراء كانت لديه اعتبارات إضافية على الأقل. من بين أمور أخرى، ربما خشي أن يتم جر إسرائيل إلى مسار ينتهي بدولة فلسطينية أو حل آخر غير مرغوب فيه من وجهة نظره".

وأشارت "يديعوت أحرونوت" إلى أنه "قد يكون أحد الأسباب المحتملة الأخرى للغياب هو رغبة نتنياهو في تجنب الإحراج على الساحة السياسية. سواء كان ذلك خوفا من مواجهة علنية مع قادة يحتقرونه - مثل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أو الملك عبد الله الثاني، عاهل الأردن - أو من احتمال أن يرفض القادة مصافحته أو الاقتراب منه علنا. لكننا شاركنا بالفعل في مؤتمرات دولية لم يصافح فيها القادة رئيس الوزراء الإسرائيلي - ولم يحدث شيء".

وجاء في التقرير، "كما كان سيناريو التقاط صورة إلى جانب أبو مازن أمرا لا يطاق سياسيا بالنسبة له، ولن يبدو جيدا في قاعدته الانتخابية. فالسلطة الفلسطينية هي التي تقود المعركة الدبلوماسية ضد إسرائيل في الأمم المتحدة والمحاكم الدولية - ولم يكن بإمكان نتنياهو أن يصافح زعيم السلطة الفلسطينية "الفاسدة" (وفق التقرير). بالإضافة إلى أن هذا الأمر لم يكن ليتقبله الكثيرون في اليمين - كان سيذكر بما يريد الكثيرون نسيانه: أن حل الدولتين لا يزال مطروحاً على الطاولة".

وعلى الرغم من أن ترامب امتنع عن اتخاذ موقف واضح بشأن هذه القضية، فإن جميع القادة الذين حضروا القمة يرون في الدولة الفلسطينية الحل الوحيد - عاجلا أم آجلا. وكان حضور نتنياهو للقمة "سيخلق انطباعا بأن إسرائيل تتبنى هذا الاتجاه بطريقة ما".

ووفقا لـ"يديعوت أحرونوت"، في النهاية، كان قرار نتنياهو بعدم الحضور إلى قمة شرم الشيخ "خطأ جسيما. فمع أن المؤتمر بأكمله كان عرضا منفردا لترامب، الذي كال المديح ووزع الشكر على جميع الأطراف - إلا أن حضور رئيس الوزراء كان يمكن أن يضعه كشريك رئيسي وأن يشكل بداية لاستعادة العلاقات مع الدول الأوروبية مثل فرنسا وبريطانيا وغيرها. اختار نتنياهو البقاء في الداخل لتجنب دفع ثمن سياسي - لكن الثمن السياسي والدبلوماسي على المدى الطويل قد يكون باهظا، ويظهر هذا القرار بدقة أولوياته. أضاع نتنياهو فرصة الظهور كجزء من الحل - لكنه بدلا من ذلك ترك انطباعا بأن إسرائيل ربما تكون جزءا من المشكلة".

وتمت الإشارة في التقرير إلى أن "خطاب ترامب في الكنيست أمس أوضح المشكلة جيدا: فمن ناحية، كان هناك "احتضان دب" لنتنياهو مع إطراءات مثل "قائد حرب ممتاز" - لكن من ناحية أخرى، نقل رسالة حادة وواضحة - "حان الوقت للتوقف عن الحروب، وأن نكون أكثر لطفا ونتجه نحو السلام". عرض الرئيس الأمريكي رؤية للتطبيع الإقليمي، ولكنه أشار أيضاً إلى أن نتنياهو سيُطالب بدفع أثمان لا يريد دفعها على الإطلاق".

وبيّن التقرير أن "ترامب يتطلع إلى توسيع اتفاقيات أبراهام خلال فترة ولايته، ويعمل وفق مبدأين إرشاديين فقط: الاحترام والمال. تحتل المملكة العربية السعودية صدارة أولوياته - بسبب قوتها، وتأثيرها الإقليمي الهائل - وأيضا بسبب الأهمية التجارية للولايات المتحدة بشكل عام ولعائلة ترامب بشكل خاص".

لكن المشكلة، حسب التقرير، هي أن "السعودية تنظر إلى نتنياهو بحذر. ولن تمضي قدما في التطبيع دون صيغة تضمن حل الدولتين - ولو غامضة - وهو ما تجنبه نتنياهو حتى الآن".

وليس من قبيل المصادفة أن ترامب قرر التوجه أولا إلى إندونيسيا - أكبر دولة إسلامية في العالم - والتي بدت له الأكثر استعدادا. فحسب الصحيفة، "تم التنسيق سرا خلف الكواليس لتدبير زيارة رئيس إندونيسيا إلى إسرائيل، وهو الذي كان قد أدلى مؤخرا بتصريح إيجابي في الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح الاعتراف بإسرائيل واحتياجاتها الأمنية، بل ووجه تحية للإسرائيليين باللغة العبرية - "شالوم" (سلام)، لكن في اللحظة الأخيرة، تراجعت إندونيسيا - وليس للمرة الأولى. فدولة يعيش فيها 240 مليون مسلم لا يمكنها أن تسمح لنفسها بتدفئة العلاقات مع إسرائيل بهذه السهولة، وقد فضلت أن تكون السعودية هي الأولى - لكن الرياض، كما ذُكر، تحتاج إلى مزيد من الوقت وربما تغيير في القيادة في إسرائيل للمضي في هذا الاتجاه".

وأضاف التقرير: "المرشحتان التاليتان هما سوريا ولبنان. تجري إسرائيل وسوريا اتصالات منذ فترة بخصوص اتفاق أمني - ويتحدث ترامب علنا عن اتفاق سلام. إنه يعتقد أن هذا أمر واقعي، وفي خطابه أمام الكنيست تحدث عن ربط الطرق بين القدس ودمشق وبين حيفا وبيروت. قد لا يجلب السلام مع هاتين الدولتين مكاسب اقتصادية لترامب، ولكنه يمكن أن يضيف له الكثير من الاحترام". وهناك "مرشحات أخريات: موريتانيا، الصومال، عُمان ودول أخرى". حتى أن ترامب أشار، ربما كحلم طوباوي، إلى إمكانية التوصل إلى اتفاق مستقبلي مع إيران - لكن مع قيادة المرشد علي خامنئي فرص ذلك ضئيلة جدا.

وتابع التقرير: "ترامب لم يعد شابا، وهو يركز على الإرث الذي يسعى لتركه كشخص "أنهى بالفعل ثماني حروب". وقد وجه بالفعل رجاله للتركيز على إنهاء الأزمة بين روسيا وأوكرانيا، ومن ثم الانتقال إلى اتفاق مع إيران. الحلم بالفوز بجائزة نوبل للسلام لم يُهمل - بل تم تأجيله فقط للعام القادم".

"وعندما يتحدث ترامب عن الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، فإنه يتحدث عن 3000 عام من الحرب، وليس لديه في الحقيقة أي فكرة عن تاريخ المنطقة، لكن هذا الأمر غير مهم بالنسبة له. كما أنه لا يهتم بالتفاصيل الصغيرة، وليس من المستغرب أنه قال إن حماس وافقت على اقتراحه على الرغم من أن الحركة ردت بـ "نعم ولكن". الآن، ليس من المستغرب أن ترفض حماس نزع سلاحها وتثير صعوبات في إعادة جثامين المحتجزين القتلى - لكن المهم هو أنه يريد حل النزاعات ويريد أن يتذكره الناس بهذه الطريقة".

وخُتم التقرير بأن "إسرائيل ستكون حكيمة إذا سمحت لترامب بالمضي قدماً قدر الإمكان - لأن هذه ستكون الخطوة الصحيحة بالنسبة لها. كانت اتفاقيات أبراهام ممتازة لإسرائيل وتم التوقيع عليها بفضل ترامب في ولايته الأولى. يجب السماح له بالعمل، وأن نكون شركاء في الخطط لضمان الحفاظ على المصلحة الإسرائيلية، وإظهار أقصى قدر من المرونة - وعدم إعاقة العمل. عندها سنكون المستفيدين".

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

14 تشرين الأول 2025 20:23