28 أيلول 2025 | 08:13

عرب وعالم

الأمم المتحدة تُعيد فرض عقوبات على إيران بعد 10 سنوات من رفعها

الأمم المتحدة تُعيد فرض عقوبات على إيران بعد 10 سنوات من رفعها

أُعيد في ساعة متأخرة من مساء السبت تفعيل عقوبات أممية شاملة ضد إيران للمرة الأولى منذ 10 سنوات، بعد تعثّر المحادثات بين الجمهورية الاسلامية والقوى الغربية بشأن البرنامج النووي الإيراني

ودخلت العقوبات التي تحظر التعاملات المرتبطة ببرنامجَي إيران النووي والصاروخي إلى جانب تدابير أخرى، حيّز التنفيذ تلقائيّاً الساعة الثامنة مساء بتوقيت نيويورك السبت (12,00 بتوقيت غرينتش الأحد)، بعد عشر سنوات من رفعها، ومن المتوقّع أن يكون لها تأثيرات أوسع على الاقتصاد.

 

وأبرمت إيران والقوى الكبرى اتفاقاً بشأن برنامجها النووي في العام 2015، أتاح رفع عقوبات اقتصادية كان مجلس الأمن الدولي يفرضها عليها، لقاء تقييد نشاطاتها النووية.

إلّا أنّ مفاعيل الاتفاق باتت في حكم اللاغية بعدما انسحبت واشنطن أحاديّاً منه عام 2018، ما دفع طهران الى التراجع تدريجاً عن تنفيذ بنود أساسية فيه.

وحدّد اتفاق 2015 تحت اسم خطة العمل الشاملة المشتركة سقف مستوى التخصيب عند 3,67 %. إلّا أنّ إيران باتت الدولة الوحيدة غير المسلّحة نوويّاً، التي تُخصّب اليورانيوم بمستويات عالية (60 %)، قريبة من الحدّ التقني اللازم لانتاج القنبلة الذرية (90 %)، بحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وتملك إيران، وفق الوكالة، حوالي 440 كيلوغراماً من اليورانيوم المخصّب بنسبة 60 %، وهو مخزون يكفي في حال تخصيبه إلى 90 % لإنتاج ما بين 8 إلى 10 قنابل نووية، بحسب خبراء.

وأجرت الولايات المتحدة وإيران مباحثات بشأن اتفاق جديد في وقت سابق من هذا العام. إلّا أنّ طهران انسحبت منها بعد شنّ إسرائيل هجوماً واسعاً عليها في حزيران/يونيو، تدخلت فيه واشنطن باستهداف منشآت نووية أساسية.

 

 

وقال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، أمس السبت، إنّ واشنطن طلبت من طهران تسليمها "كلّ" مخزون اليورانيوم المخصّب لقاء تمديد رفع العقوبات.

وصرّح لصحافيين في نيويورك حيث شارك في الجمعية العامة للأمم المتحدة، بأنّ الولايات المتحدة "تريدنا أن نسلمها كلّ اليورانيوم المخصّب لدينا في مقابل إعفاء من العقوبات لمدة ثلاثة أشهر... ذلك غير مقبول بأي شكل من الأشكال".

وأردف قائلاً: "بعد بضعة أشهر، سيكون لهم مطالب جديدة وسيقولون (مجدّداً) إنهم يريدون تفعيل آلية العقوبات".

"تخريب" غربي 

أواخر آب/أغسطس، أطلقت بلدان الترويكا الأوروبية (أي بريطانيا وفرنسا وألمانيا) ما يُعرَف بـ"آلية الزناد" التي تُتيح إعادة فرض العقوبات التي رفعت عن الجمهورية الإسلامية بعد اتفاق العام 2015.


ومنح مجلس الأمن الضوء الأخضر لهذه الخطوة، وفشل مسعى روسي-صيني مشترك ليل الجمعة، في تمديد المهلة. ونتيجة ذلك، أعيد ليل السبت الأحد فرض العقوبات.


واحتجاجاً على هذه التطوّرات، استدعت طهران سفراءها في فرنسا وألمانيا وبريطانيا "للتشاور"، وفق ما أفاد الإعلام الرسمي الإيراني السبت.

والسبت، اتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الدول الغربية بـ"تخريب" المساعي الدبلوماسية.


وقال من على منبر الأمم المتحدة إنّ رفض مجلس الأمن المقترح الروسي الصيني الجمعة "أظهر سياسة الغرب الهادفة الى تخريب مواصلة الحلول البناءة"، منددا بما اعتبره "ابتزازاً".

من جهته، قال وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول إنّ بلاده التي بادرت إلى إعادة فرض العقوبات إلى جانب بريطانيا وفرنسا "ليس لديها خيار" لأنّ إيران لم تمتثل لالتزاماتها.

أضاف: "لكن دعوني أؤكد: ما زلنا منفتحين على المفاوضات بشأن اتفاق جديد. ويمكن، بل ينبغي، أن تستمر الدبلوماسية".

ودعا وزراء خارجية دول الترويكا الأوروبية في بيان مشترك إيران إلى "الامتناع عن أي عمل تصعيدي" مع إعادة فرض العقوبات.

أما وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو فقد دعا إيران السبت إلى الموافقة على إجراء محادثات مباشرة مع الولايات المتحدة.

وقال روبيو، في بيان، إنّ "الدبلوماسية لا تزال خياراً (...) والتوصل لاتفاق يظل النتيجة الأفضل للشعب الإيراني والعالم".

صعوبات متزايدة 

في طهران، تُثير عودة العقوبات خشية من صعوبات اقتصادية إضافية.

وقال داريوش، وهو مهندس في الخمسين، لوكالة "فرانس برس": الوضع صعب للغاية حاليا، لكنه سيسوء"، مضيفاً أنّ "تأثير عودة العقوبات ماثل أمامنا: سعر صرف (الريال إزاء الدولار) ارتفع، وهذا يؤدي الى زيادة في الأسعار".

ووصل سعر الصرف، السبت، إلى مستوى قياسي هو 1,12 مليون ريال للدولار. ولاحظ صحافي في "فرانس برس" إقبالاً يفوق المعتاد على شراء الذهب في بازار طهران.

وأضاف داريوش: "تخشى غالبية الناس حرباً جديدة بسبب" إعادة فرض العقوبات، في إشارة الى ما جرى في حزيران/يونيو.

وشهدت أروقة الأمم المتحدة اجتماعات مكثفة هذا الأسبوع بحثاً عن حلّ، خصوصاً عبر لقاء بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وبزشكيان. غير أن الأوروبيين اعتبروا أن إيران لم تتخذ "الإجراءات الملموسة" المطلوبة منها.

ووضعت الدول الأوروبية ثلاثة شروط تشمل مطالبة الجمهورية الإسلامية بمنح مفتّشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية وصولاً كاملاً إلى المنشآت النووية الأساسية، واستئناف المفاوضات لا سيّما مع واشنطن، فضلاً عن اعتماد آلية لضمان أمن مخزون اليورانيوم المخصّب.

وبعد تعليق العمل مع الوكالة الأممية إثر هجمات حزيران/يونيو، قبلت إيران مجدّدا مطلع أيلول/سبتمبر بإطار جديد للتعاون مع الوكالة.

وأفادت الوكالة ليل الجمعة عن استئناف عمليات التفتيش في بعض المواقع النووية هذا الأسبوع.

واتّهم وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الأميركيين والأوروبيين بـ"سوء النيّة"، مؤكّداً أنّ طهران "لن ترضخ" أبداً للضغوط في ملفها النووي.

من جهته، أكّد الرئيس الإيراني أنّ طهران لن تنسحب من معاهدة حظر الانتشار النووي ردّاً على العقوبات.

ويعتبر الإيرانيون، كما الروس والصينيون، إعادة فرض العقوبات على دولتهم غير قانونية.

"لا زناد"

في ظلّ هذه التطوّرات، يخشى مراقبون أن تقرّر بعض البلدان، وأبرزها روسيا، النأي بنفسها من قرار مجلس الأمن إعادة فرض العقوبات، وهي فرضية لمّح إليها الجمعة نائب السفير الروسي في الأمم المتحدة دميتري بوليانسكي.

وقال بعد تصويت المجلس "لا زناد ولن يكون هناك زناد. وكلّ محاولة لإعادة إحياء القرارات المناهضة لإيران... المعتمدة قبل 2015 هي لاغية وباطلة".

ومنذ سنوات، يُشكّل الملفّ النووي مصدر توتّر بين طهران والدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة وإسرائيل، التي تتّهم الجمهورية الإسلامية بالسعي إلى التزوّد بالقنبلة الذرّية، وهو أمر تنفيه إيران.

وكرّر بزشكيان هذا الأسبوع من على منبر الجمعية العامة أنّ "إيران لم تسعَ يوماً ولن تسعى أبداً إلى تصنيع قنبلة ذرية. ونحن لا نريد أسلحة نووية".

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

28 أيلول 2025 08:13