تشهد منطقة اقليم الخروب (قضاء الشوف)، نقصا حادا بمياه الشرب، بعد انخفاض منسوب المياه الجوفية، وجفاف الينابيع التي تغذي المنطقة بالمياه، كنبع «الرعيان» و«القاع» في عين زحلتا، ونبع الباروك، والتي تدنى منسوبها إلى نسبة 25%، فيما الآبار الارتوازية المساندة للينابيع، تترنح وبات العديد منها خارج الخدمة.
هذا الواقع، انعكس سلبا على المواطنين، حيث زاد من معاناتهم ونفقاتهم، لاسيما في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة. وأصبح شراء صهاريج المياه كالخبز اليومي للمواطنين، وتسعيرتها بالدولار، حيث وصلت «النقلة» الواحدة لـ 20 برميلا (20 الف ليتر) إلى 15 دولارا وما فوق، فيما تنشط حركة صهاريج الشاحنات بشكل لافت، والتي تسعر بـ 70 و80 دولارا سعة 100 برميل، وهذا ما دفع بعدد من أصحاب الشاحنات و«البيك اب» (شاحنات نقل صغيرة) إلى وضع خزانات المياه في كابينات شاحناتهم، لاستثمار رواج بيع المياه.
وبحسب رأي عدد من الخبراء، وتبعا لإحصائيات مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان، قدرت حاجة إقليم الخروب من المياه بحدود 16 ألف متر مكعب يوميا، ازدادت مع النزوح السوري بأكثر من 5 آلاف متر مكعب. إلا أنه لا تؤمن مصادر المياه من نبع القاع المخصصة للإقليم في الأحوال العادية، أكثر من 10 آلاف متر مكعب يوميا في الشتاء، وتنخفض إلى أقل من نصفها في الصيف، حيث يتم الاستعانة بمجموعة من الآبار المحفورة في الإقليم تؤمن حوالي 4500 متر مكعب يوميا في حال توافر الكهرباء والمحروقات.
وأكد الخبراء أنه في السنة الحالية التي تشهد شحا في المياه، أمن نبع القاع حوالي 4000 متر مكعب يوميا في الشتاء و1500 في الصيف، بينما تؤمن الآبار حاليا حوالي 2500 متر مكعب فقط.
وفي هذا المجال، أكد النائب السابق محمد الحجار، المتابع لموضوع المياه في الإقليم، لـ «الأنباء» أنه «كان طالب بإعداد خطة متكاملة لتأمين مصادر إضافية من المياه، تؤمن احتياجات المواطنين والمقيمين في قرى وبلدات الإقليم للمرحلة المقبلة»، وأشار إلى «ان هذه الجهود تركزت على تأمين المياه من مصدرين أساسيين، اولهما سد بسري في حال إنشائه، وثانيا حفر أربع آبار أرتوازية في حوض نهر بسري».
ولفت إلى انه «بعد تأمين الأموال اللازمة لحفر 4 آبار في حوض بسري من خلال هبة كويتية مقدمة من الصندوق الكويتي للتنمية، باشر مجلس الإنماء والإعمار بتنفيذ المشروع، وكان من المفترض الانتهاء منه في شهر سبتمبر من العام 2019، إلا أن صعوبات كثيرة ومتعددة أخرت التنفيذ وأوقفت المشروع».
وأكد الحجار على «أنه تمت متابعة الموضوع وتذليل العقبات أمام تنفيذه بالتعاون مع المسؤولين في مجلس الإنماء والإعمار، وتم الاتفاق بين المجلس والمتعهد على إجراء تعديلات على المشروع، قضت بحفر وتجهيز بئرين من الآبار الأربعة، وحفر وتجهيز بئر ثالثة دون تجهيزه. ثم عملنا على تأمين تمويل من هبة ألمانية لتجهيز البئر الثالثة وحفر وتجهيز البئر الرابعة».
وأضاف: «انقسم تنفيذ هذا المشروع بين مجلس الإنماء والإعمار، ومؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان لجهة مد أنابيب جر المياه من الآبار إلى خزان التوزيع الذي كانت المؤسسة قد أنشأته في بلدة بسابا (الشوف)، ومنه إلى قرى وبلدات الإقليم كافة في مرحلة أولى، وفي مرحلة ثانية سيتم تجهيز البئر الثالثة وحفر وتجهيز البئر الرابعة».
من جهته، قال رئيس مصلحة مياه بيروت وجبل لبنان في عاليه يونس جرماني لـ «الأنباء»: «هناك أزمة كبيرة في المياه، نتيجة الشح الكبير في فصل الشتاء». ولفت إلى «ان هذه الأزمة لم يشهدها لبنان منذ ما يزيد على 80 عاما».
وأشار إلى «أن المؤسسة تتعامل مع هذه الأزمة، عبر الاستفادة من كل مصادر المياه، وتقوم بحصرها لإيصالها إلى المواطنين، حيث تم إتمام العديد من الأعطال التي تسبب هدر المياه، بالإضافة إلى حملة تغيير لضبط وصول المياه إلى المشتركين ليكون انطلاقا من عدالة التوزيع».
وأكد «أن مستوى الينابيع أصبح دون 25 في المئة، لاسيما ينابيع الباروك والرعيان والقاع، وبالتالي يتم سد العجز بالمياه عن طريق الاستفادة من الآبار الارتوازية الموجودة والتي تزيد على 35 بئرا في منطقة إقليم الخروب»، معتبرا «انه نتيجة الاستعمال المفرط لهذه الآبار، تعرضت لبعض الاعطال ما أخر في عملية الاستفادة من المياه. وعملت المؤسسة عبر الهيئات المانحة على الاسراع بإصلاح هذه الاعطال، لكن المشكلة الكبرى كانت بجفاف بعض الآبار نتيجة انخفاض منسوب المياه الجوفية، والذي انعكس عجزا إضافيا بكمية المياه المستعملة».
وأشار إلى «أن المؤسسة قامت بتجهيز عدد كبير من الآبار التي لم تكن مستثمرة، وإصلاح المولدات الكهربائية عليها، بالإضافة إلى تأمين مادة المازوت، اذ ان الكميات مضاعفة عن العام السابق في ظل الانقطاع شبه المستدام للتيار الكهربائي»، آملا «أن يحمل فصل الشتاء المقبل الأمطار والثلوج التي تغذي باطن الأرض بالمياه، وعندها تتدفق الينابيع والأنهر وتحل المشكلة..».
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.