مازن_عبّود
اعتبر Dani Rodrik في ( 2025,Project Syndicate) انّ السرديات سلاح قوي بقدر المصالح في دفع الاجندات. فالسردية تشكل الرؤى والأيديولوجيات للنخب والناخبين. ومن يمتلك السردية يقنع الناس باتخاذ خيارات احيانا تكون مناقضة لمصالحهم الاقتصادية.
فالمصالح تتشكّل بالأفكار. والأيديولوجيات تقدّم طرقاً مختصرة لعمليات معقدة. تتخذ شكل قصص وسرديات حول كيفية عمل العالم. فحتى مفهوم "المصلحة الذاتية" وفق رودريغ يعتمد على فكرة ضمنية عن ماهية "الذات"(من نحن، وما الذي يميزنا عن الآخرين، وما هو هدفنا). الأفكار ليست ثابتة ولا فطرية بحسبه. الاقتصاد السياسي يعتبر بأنّ المصالح اجتماعية البناء وليست محدّدة فقط بالظروف المادية. فإذا عرّفنا أنفسنا باننا "موارنة" مثلا، فسوف نرى مصالحنا بشكل مختلف عن الأرثوذكس او سائر المكونات. في لبنان سرديات مختلفة وافكار مختلفة. فسردية انّ أي اصلاح اقتصادي يأتي على حساب المودعين يعطل الإصلاح ويعمل بعكس مصالحهم. فإيداعاتهم التهمتها التدابير بالمفرق. ويستكمل الزمن التهامها. فلا لزوم لاي خطة مستقبليا لانّ ديون المصارف ستزول. اجمالي ودائع الناس انخفض من 173.2 مليار دولار (2018) الى 87.9 مليار دولار (2024). تقلّصت ودائعهم ب85.3 مليار دولار، وفق التقديرات. ستتمكن المصارف والدولة من التخلص من الديون لكن كيف سيستعيدون الثقة؟ ما حصل منعطف لا يتم التعاطي معه بواقعية.
ثمة من يمتلكون آليات تسويق الأفكار ويتحكمون باللعبة، يحركون الناس. سردياتنا حول كيفية عمل العالم لا تتوافق غالبا مع الحقيقة. مفاهيمنا لذاتنا ولمصالحنا غير موائمة.
ازمة الحوكمة والاقتصاد باننا نستهلك سرديات وأفكارا غير ملائمة. لا ننظر الى أنفسنا كلبنانيين بل كمجموعات بمصالح تمليها أفكار لا تتوافق مع مصالحنا. وهذا ما يعطل انتظام السوق. نحن لا ننظر الى الفاسد كفاسد بل كشيعي وماروني وسني مستهدف. واي آدمي من غير جماعة ما يمسي تحديا لها لإنه يعزز الفريق المقابل. ماهية تحديدنا لذاتنا وهويتنا والآخرين لب المشكلة. نعيش في فقاعات ولا نتعاطى مع الواقع الجيوسياسي او المالي بواقعية بل كما نتمنى. وهذا ما يفسر تقهقرنا.
ان لم نستطع كجماعة تحرير السوق ومصالحنا من سردياتنا المتناقضة، فإنّ اسواقنا لن تتعافى.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.