30 تموز 2025 | 08:11

أخبار لبنان

لا.. لست كافرًا!

مازن عبود


بادرني صديق بالسؤال، ثم تبعه آخر باتصال، وسرعان ما توالت الاستفسارات: لماذا لم تكتب عن زياد؟ كأنّ الصمت عنه محظور، وكأنّ الغياب عن الكتابة فيه ضرب من النكران. فالرجل شارع بكل تفرعاته، صرخة تغيير لا تفتر.

دفنك يا زياد اظهرك ممثلا لتمرد أجيال متعاقبة ابتداء من حروب لبنان وصولا الى اليوم. اظهر انّ فنك هوية والهوية ليست معطى ثابتًا، بل مشروع مستمر في التكوين. فنك يا زيادا مختبر للهوية وتطورها.

لغتك البسيطة التي تبهر بعمقها خرجت من الناس وصارت لغتهم. عبرت خنادق الشرقية والغربية بسخريتك السوداء التي تجعلنا نحتقر كل صغير فينا. لا اكتب عنك لإنك ابن فيروز وعاصي بل لأنك زياد.

استلقيت في نعش وانت لم تكن فيه كما قال أحدهم "هو ليس ها هنا". بل كنت في الوجوه وبين الايقونات.

زياد يا متمردا على كل شيء من اجل كل شيء، انت "مش كافر". لا بل في صلب الايمان أكثر من أي منّا. فالجوع والفقر والمرض والعوز كافر ولست انت الكافر. بل انت الحالم والفاعل في ضمير الناس.

قبالة نعشك جلست أمك كجبل صمت مختبئ وراء نظارتين تخفيان اكوام المصائب تتأمل مدهوشة في سر الموت العظيم.

زياد يا هوية تمردنا الصوتية. جازك الشرقي ليس الا تمردا. علّ الناس التي مازالت على رغم من ادمانها على القهوة تنام تستفيق فتتغيّر وتغيّر.

في اعمالك حنين إلى دولة عادلة تحفظ كرامة الإنسان، وهذا ما ننشده. رصدت التحولات في الشارع وترجمتها صرخات سحر اسود.

تمضي اليوم غريبا وعاجزا وقلق الحضاري صار جازا شرقيا. و"كيفك انت ملا انت".

زياد يا صوت جيل انهزم في الحرب ولم يستطع تغيير البلد في السلم. فغرق بالإحباط، مازلنا نحلم معك ببلد للجميع تسوده العدالة!

لست كافرا ولن يعطيك أحد شهادة مطلقا في الايمان. فالديّان يدين وفق معايير المحبة (المتروبوليت بلوم،1972) والحب ليس مشاعرا ذابلة، بل فعل معاش ومنجز. المهم عنده "مدى الحب في الاعمال". وفي اعمالك حق وحب!

تستلقي اليوم وسيبقى مسرحك كاشفا لزيفنا السياسي والاجتماعي وستبقى ضمير الناس التي تعيش على الهامش، وستبقى حواراتك رمزا للتغيير من داخل الألم الى حد الموت. لا لست كافرا ولن تكون يا زيادا يا ابن البلد!

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

30 تموز 2025 08:11